في الاول من ايار
غالب قنديل
يدفع العالم المعاصر غاليا كلفة التوحش الرأسمالي الذي بلغ في توسعه المعولم درجات عالية من تعميم البربرية وتدمير ما راكمته الانسانية من مكتسبات اجتماعية وثقافية وذلك عبر مجموعة من الظواهر الاقتصادية والاجتماعية المرتبطة بالهيمنة الكونية للولايات المتحدة وسيادة النمط السياسي الاجتماعي القبيح والفاسد المجبول بالدم وبالدمع الذي تطلقه السياسات الاميركية لحماية نمطها الفاجر في النهب والسيطرة والتحكم بالموارد والاسواق في كل مكان من الكرة الارضية .
الارهاب التكفيري الوهابي الذي يضرب الشرق العربي ويحرق بلدانا عديدة وينذر بارتدادات خطرة وواسعة لعقود مقبلة في اسيا واوروبا وافريقيا وفي الدول الصناعية الكبرى بما فيها الولايات المتحدة.
ذلك الارهاب ليس سوى منتج اميركي ينذر بالخروج عن السيطرة وهو ما يزال في حضن الامبريالية الاميركية ودول الغرب والحكومات التابعة في منطقتنا وفي العالم رغم الحصاد الكارثي لاستعماله منذ ثلاثين عاما ورغم انكشاف خصائصه التكوينية من خلال الارتداد والخروج عن السيطرة كحال الاوبئة المتمردة على قواعد العمل في المختبرات الخاصة بالأسلحة الجرثومية التي يقودها الاميركيون في افريقيا.
ومن ناحية اخرى تتفاقم اخطار الصهيونية التي انتجها الغرب الاستعماري لاخضاع الشرق العربي ولتحويل يهود العالم الى قوة استعمار ومذابح مستمرة ضد العرب ماتزال الى اليوم حركة عنصرية مهيمنة في النظام الرأسمالي العالمي وقوة قيادية محركة في قلب النظام الاميركي .
في الغرب والشرق وفي كل مكان من العالم المأمرك يهيمن التوحش الرأسمالي وينتشر العنف وتدوم الحروب ويتضاعف المهمشون ليكونوا قوة العمل الاحتياطية في خدمة جيش العبيد المعاصر الذي تستخدمه الشركات العملاقة في مصانعها المنتشرة على وجه الارض .
ما تشير اليه الاحداث والتطورات هو عهد قادم من الحروب والاضطرابات والشقاء والفقر والارهاب قبل ان تستسلم الولايات المتحدة للحقائق الجديدة وتفسح المجال لانبثاق نظام عالمي اكثر توازنا واقل توحشا ورأسمالي كذلك لكنه غير احادي فقط لا غير .
مسيرة الانسانية الى العدالة الاجتماعية لا تزال طويلة وشاقة والاشتراكية التي ابدعتها التجربة التاريخية للفكر التقدمي ستبقى افقا يستدعي الابداع والنقد لإنتاج نظريات ثورية معاصرة تتجاوز التكلس والتحجر لكن الراهن هو الكفاح ضد البربرية والعنصرية والارهاب التي تعمل الامبريالية لنشرها حيث تعجز عن اخضاع الشعوب والامم.
في الاول من ايار تستحق التحية للكادحين ولجميع المناضلين في سبيل الحرية في كل مكان من هذا العالم الذي نتطلع لجعله اقل توحشا وبربرية وهو ما لا يعني سوى النضال لعالم اقل خضوعا لهيمنة التوحش الاميركي بكل آفاته القاتلة .