سلة دي ميستورا المثقوبة
غالب قنديل
تحدث الموفد الدولي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا عن الإعداد لجولة جديدة من الحوار السوري في جنيف بمشاركة حكومات اجنبية وعربية تنتمي واقعيا إلى حلف العدوان وتساهم في فصوله الإجرامية المتمادية بواسطة دعم جماعات التكفير والإرهاب والمرتزقة بشراكة رئيسية مع كل من تركيا وإسرائيل .
اولا لا يحق للموفد الدولي ان يطوي مبادرته السابقة عن التجميد في حلب ويقفز إلى أفكار جديدة من غير ان يقدم جردة حساب بما جرى لمساعيه ومن غير ان يخبر الشعب السوري والرأي العام في المنطقة والعالم عن الجهة التي اعترضت طريقه عمليا ورفضت التجاوب مع مبادرته رغم موافقة الدولة الوطنية السورية فهو أجرى لقاءات مع المعارضات السورية في تركيا ومع بعض الجماعات المسلحة في حلب وتلقى اجوبة سلبية تمت ترجمتها بتصعيد عسكري ميداني لقطع الطريق على أي محاولة للتجميد الذي سعى عبره دي ميستورا إلى تحوير نموذج المصالحات المحلية الناجح الذي ابتكرته الدولة الوطنية السورية لتفكيك منصات الإرهاب ولعزل الجماعات الإرهابية بفرز سياسي وشعبي طبيعي .
المنظرون الغربيون لمبادرة دي ميستورا عن التجميد الذي أراد اختباره في حلب شطحوا في اتجاه استثمارها لزرع بذرة الفدرالية الطائفية تحت عنوان اللامركزية وتحويل قادة العصابات الإرهابية إلى إدارات محلية ودق الأسافين في هياكل الدولة المركزية السورية التي اظهرت قدرة عالية على العمل وضمان التزاماتها الاجتماعية والخدمية لجميع مواطنيها في أصعب الظروف وقد نشرت مقالات وتقارير كثيرة في الولايات المتحدة واوروبا تكشف الأهداف الخفية من تلك المبادرة التي تنبهت الدولة الوطنية لأفخاخها وأقامت بدقتها المعهودة تجاوبها الحذر مع الموفد الدولي فنجحت في فضح الجهات المعطلة.
ثانيا لم يتهرب دي ميستورا فحسب من مسؤوليته عن كشف دور المعارضات العميلة في إفشال مبادرته للتجميد في حلب بل هو يتهرب من مسؤوليته عن فضح الرفض التركي السعودي القطري الأردني تقديم أي التزامات بوقف إرساليات السلاح والمال والمسلحين إلى سوريا تمويلا وتسليحا وتدريبا فالتجميد يبدأ في المنابع كما قال له المسؤولون في دمشق عندما طرح أفكاره الانتقائية التي لم يحترم فيها حقوق الملكية الفكرية للرئيس بشار الأسد على الأقل بالنسبة لتجربة المصالحات المحلية وضماناتها .
يعلم دي ميستورا أكثر من سواه ان مربط القرار بهذا الشأن هو في واشنطن التي طلبت منه التحرك تحت عنوان جنيف الثالث وهو يعلم بالتأكيد ان واشنطن لو أرادت لفرضت على عملائها وشركائها وقف الإسناد والدعم عن جبهة النصرة وداعش وسائر مصنفات القاعدة وغيرها من جماعات المرتزقة والعملاء في سوريا ولأجبرت الدائرين في فلكها على وقف تدخلاتهم المفضوحة وهو ما يصح حرفيا على تركيا وإسرائيل والأردن وقطر والسعودية ولذلك يعرف الموفد الدولي بالتأكيد ان وظيفته تقضي بتغطية مواصلة الاستنزاف ومنع الدولة الوطنية السورية من الانتصار بعدما باتت هزيمتها متعذرة.
ثالثا جاء تحرك دي ميستورا بعد الإعلان عن نجاح منتدى موسكو التشاوري في التوصل إلى تفاهمات تنطلق من اولوية مكافحة الإرهاب والفضل فيه للمتحاورين السوريين وللمساعي الروسية التي منعت أي تدخل خارجي في الحوار السوري ووفرت ظروفا مناسبة لنقاش وطني صريح بين ممثلي الحكومة وبعض المعارضين الذين اظهروا مقدارا كافيا من المسؤولية عبر التجاوب مع مبدأ اولوية توحيد الجهود الوطنية لمجابهة الإرهاب التكفيري الذي يهدد سوريا.
الكلام المستجد عن صيغة جنيف وإحياء نصابها الدولي والإقليمي يعكس محاولة انقلاب على نتائج موسكو باستحضار الحكومات الأجنبية والإقليمية التي رفضت أولوية مكافحة الإرهاب في مباحثات جنيف السابقة حول سوريا وعلى الرغم من كلام دي ميستورا عن تعديل يتثمل بدعوة إيران بعد سحب الفيتو الأميركي فإن مبادرة دي ميستورا تبقى مفخخة ما لم يسبقها بإحكام تطبيق قرارات مجلس الأمن الدولي المتعلقة بحظر تهريب السلاح والمال والإرهابيين إلى سوريا التي شهدت مؤخرا دفع جماعات إرهابية متعددة الجنسيات بالآلاف من الحدود التركية والأردنية وعبر جبهة الجولان وبانخراط مباشر للمخابرات المشاركة في العدوان على سوريا بقيادة أميركية وبتمويل سعودي قطري.
تفكيك منصات العدوان على سوريا هو الشرط الذي يجب التمسك به والسعي لفرضه على الولايات المتحدة وسائر الدول المتورطة في العدوان على سوريا وهذا ما يجب ان تتكرس له جهود روسية وإيرانية لا بد منها في دعم الموقف السوري فلا جدوى من أي مبادرات لا تنطلق من تجفيف منابع الإرهاب ووقف العدوان التركي الإسرائيلي الأردني السعودي القطري فعندها فقط تستقيم شروط نجاح الحوار السوري .