المأزق الذي أرغم السعودية على وقف حربها على اليمن حميدي العبدالله
لا شك أنّ المأزق الذي دخلته السعودية بعد تعثر حربها هو الذي أرغمها على وقف الحرب، وهذا التعثر لا يكمن فقط في أنّ الحرب لم تحقق أيّ هدف من أهدافها المعلنة. إذ من المعروف أنّ السعودية وضعت هدفين علنيّين لحربها على اليمن، الهدف الأول القضاء على حركة أنصار الله، علماً أنّ ست جولات من الحرب قادها الجيش اليمني في عهد علي عبدالله صالح وبدعم أميركي سعودي، وكانت الجولة السادسة بمشاركة الجيش السعودي براً وجواً، فشلت في القضاء على أنصار الله عندما كان وجودهم محصوراً في محافظة صعدة، وليس على امتداد اليمن من عدن شرقاً وحتى الحديدة غرباً، إضافةً إلى صعدة والمحافظات الأخرى المجاورة لها.
الهدف الثاني، إعادة عبد ربه منصور هادي إلى السلطة بعد انسحاب اللجان الشعبية من صنعاء وتعز وبقية المحافظات الأخرى. إذن ليس تعثر الحرب في أنّ أيّ هدف من هذه الأهداف لم يتحقق، بل تحقق عكسها، أيّ سيطرة الحوثيين والجيش اليمني على المزيد من المناطق والمحافظات، بل إنّ هذا التعثر تكرّس أيضاً في تفكك تحالف الدول العشر الذي أعلنت الرياض باسمه «عاصفة الحزم» بعد انسحاب باكستان رسمياً، وبعد تردّد تركيا في الدخول إلى هذا التحالف.
وهكذا دخلت الحرب مفترقاً حاسماً، فإنْ أوقفت السعودية حربها الآن فإنّ لذلك تداعيات سلبية كثيرة عليها، أبرز هذه التداعيات تكريس فشل الحرب والتسليم بوجود نظام جديد في اليمن، بذلت الرياض كلّ جهد مستطاع وشنّت الحرب لكي لا يكون هذا النظام، كما أنّ مكانة السعودية الإقليمية والدولية ستتأثر جراء وقفها للحرب، أما إذا واصلت الحرب، فهي تواجه واحداً من احتمالين، أن تبادر السعودية ذاتها إلى شنّ حرب برية وستتكبد خسائر فادحة بالأرواح والعتاد والأموال، وقد تخسر الحرب، وتتحوّل الحرب إلى مطاردة لقواتها داخل المملكة، ولا سيما في المناطق المحاذية للحدود اليمنية، وهي مناطق متنازع عليها، وقد أرغم الرئيس علي عبدالله صالح في وقت سابق على اتفاقات تلزم اليمن بالتخلي عن المطالبة باسترداد هذه المناطق وتحديداً عسير ونجران. وحتى لو لم تبادر السعودية إلى شنّ الحرب البرية لا سيما بعد تخلي باكستان وتركيا عن التحالف لأسباب معروفة ومتوقعة، فإنه ليس هناك أية ضمانات في أن لا تبادر اللجان الشعبية والجيش اليمني بالردّ على استمرار العدوان الجوي في شنّ هجوم بري كان يتوقع أن تترتب عليه نتائج مشابهة لنتائج شنّ السعودية للحرب البرية.
أمام هذه الخيارات التي عبّرت عن مأزق الحرب على اليمن، اختارت السعودية وقف الحرب لأنه أقلها ضرراً.
(البناء)