بقلم ناصر قنديل

على طريقة حرب غزة: نهاية «عاصفة الحزم» بتحقيق أهدافها؟

nasser

ناصر قنديل

– قبل أن ينتهي الشهر الأول من الحرب، وقبل أن يضع السيد عبد الملك الحوثي خياراته المفتوحة على الطاولة، في ما بعد الشهر الأول، وقبل أن يتحقق ما أعلن من أهداف، قبل تحقيق «الأمن القومي العربي» في باب المندب بمنع إيران من دخوله، بل بعد إثبات إيران لعرض قوة في باب المندب انتهى باعتذار أميركي والإعلان عن أنّ السفن الأميركية ليس من مهامها اعتراض السفن الإيرانية، وقبل تحقيق «حماية المقدسات الإسلامية من خطر الحوثيين»، الذين لم يبدأوا هجومهم البري، بل تفادياً وتهرّباً واستباقاً لقيامهم به، وعودة عسير ونجران وجيزان إلى أصحابها اليمنيين على أبواب الكعبة، وقبل أن يجري «القضاء على النفوذ الإيراني في اليمن»، بل بتكريس شراكة إيران في حلّ سياسي، أعلن نائب وزير خارجية إيران حسين عبد اللهيان أنه يتوقع وقف العمليات العسكرية السعودية في اليمن قبل أن يعلن أحمد العسيري قرار ملكه وقف العاصفة، وقبل أن تتحقق «عودة شرعية منصور هادي» لتسلم مرافق الدولة اليمنية، بل قبل أن يجد له موطئ قدم في اليمن من صنعاء إلى عدن، أوقفت العاصفة بتحقيق أهدافها، حسناً، علينا أن نصدّق ما أعلنه العميد أحمد العسيري بلسان ملكه سلمان بن عبد العزيز أنه أوقف عاصفته لأنها حققت أهدافها.

– ماذا جرى حتى توقفت الحرب؟

– تحقق الفشل الكامل بتحقيق أيّ هدف من أهدافها، مع نهاية الأسبوع الأول من الحرب، الذي يشكل فرصة النصر لكلّ حرب، وتمّت مواصلة التراكم السلبي بعناوين الصمود لثوار اليمن، فحدثت خمسة تطوّرات، أعلن السيد عبد الملك الحوثي أنّ الخيارات المفتوحة للثوار ستكون على الطاولة ووصلت الرسالة مع موعد هو يوم الجمعة، ينتهي الشهر الأول ويبدأ الردّ، بمعادلة مطاراتكم مقابل مطاراتنا وموانئكم مقابل موانئنا وانظروا إلى البارجة إنها في عرض البحر تحترق، ثانياً وضع السيد حسن نصرالله معادلة الحرب الإعلامية والنفسية بين يديه واستدرج السعوديين وجماعاتهم بلا استثناء إلى ملعبه ليتلقى نيابة عن اليمن الحرب الإعلامية والنفسية، فتفرّغ اليمنيون للميدان وحققوا الإنجازات على الأرض على رغم أنّ الجو بيد السعوديين ولم يخرج إلى القتال مع عواصف الوهم إلا تنظيم «القاعدة»، وحدث ثالثاً أنّ السفن الأميركية الحربية أرادت تحقيق مكسب للسعودية يغطي فشلها فحاولت إخراج السفن الإيرانية من باب المندب، لكنها اضطرت إلى الاعتراف بتكريس الحضور الإيراني هناك، فتبلغ السعوديون النتيجة، ومن ضمنها أنّ السفن الإيرانية لن تسمح لأحد باعتراضها ولا بتفتيشها، أبلغ الرئيس الأميركي باراك أوباما الملك السعودي أنّ الوقت ينفذ وأنّ فطور كامب ديفيد الذي سيضمّه مع قادة الخليج سيؤجل لمنح السعودية فرصة إنهاء الحرب ويتمّ اللقاء وقد توقف إطلاق النار، حدث رابعاً أن الحلف السياسي للحرب تفكك بخروج باكستان وتركيا، وأنّ الحكمة والذكاء الإيرانيين استقطبا تركيا وباكستان وروسيا وعمان إلى صيغة حلّ سياسي، تضمّنت حواراً بعد وقف النار وحكومة يمنية توافقية، وحدث خامساً أن السعوديين كما سلّموا منصور هادي الرئاسة مكان الرئيس السابق علي عبدالله صالح، سلّموا خالد بحاح منصب نائب الرئيس اليمني تمهيداً لإزاحة منصور هادي، استرضاء للحوثيين الذين يرفضون هادي ويقبلون ربما ببحاح، مع العلم أنّ الحوثيين يفترض أن يكونوا قد هزموا وفقاً لتحقق أهداف الحرب، وهنا وفي التوقيت النهائي ارتكب السعوديون مجزرة تشبه قانا، ليقول لهم العالم، ما طلب السيد نصر الله أن يُقال لهم، كفى، فاتصل الملك سلمان بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين ليتولى جدولة الخطوات وتقديم الضمانات لمخرج مشرّف بعد الحرب الفاشلة.

– الإعلان السعودي عن نهاية الحرب بتحقيق أهدافها يشبه الإعلان «الإسرائيلي» بعد حرب غزة أنها حققت أهدافها، والحديث نفسه عن تدمير منظومات الدفاع والصواريخ والسيطرة والاتصالات، والنهاية بمجزرة، واستنفاد الوقت المتاح لتحقيق الأهداف قبل أن يبدأ التآكل.

– سيفتح الباب لحلّ سياسي يكون المؤتمر الإسلامي عنوانه على الأرجح، وتكون الشراكة السعودية الإيرانية فيه الأساس في صناعة توازن يضمن معادلة يمنية تضع إعادة تكوين السلطة مرة أخرى، على الطاولة، بتنحية منصور هادي وتشكيل حكومة جديدة يتمثل فيها الجميع كما تضمّن الإعلان الدستوري للثوار، تشرف على انتخابات برلمانية ورئاسية خلال سنة، وإعادة بناء المؤسسات العسكرية والأمنية، ووضع مسودة دستور توافقي جديد يطرح على الاستفتاء.

– انتصار تاريخي لثوار اليمن، وانتصار تاريخي لمحور المقاومة، وانتصار تاريخي للحكمة والشجاعة لشباب اليمن وثواره، وللذكاء الاستراتيجي الإيراني.

– مهلة الشهور الثلاثة لتوقيع التفاهم النهائي، حول الملف النووي الإيراني، تبقى منها شهران، ستكون لإعادة التموضع التركي في جبهتي سورية والعراق، ولبدء مفاوضات إيرانية سعودية بشراكة روسية لبحث الملفات الخلافية في المنطقة، وفي المقدّمة سورية… نحو حسم عسكري ضدّ «النصرة» و«داعش» وعقد مؤتمر جنيف بشراكة واسعة، سيعود العنوان الأول في المنطقة قبل إعلان «القاعدة» ببركة عاصفة الوهم إمارتهم في حضرموت، هو مواجهة متفرّعات «القاعدة» في المنطقة.

– قلنا إنّ عام 2015 عام السياسة وإنّ من يذهبون فيه للحروب ينتحرون، هذا ما حدث لـ«الإسرائيلي» في غارة القنيطرة، وها هو يحدث للسعودي في عاصفة الوهم.

– يا فؤادي لا تسل أين الهوى… كان صرحاً من خيال فهوى… مهداة إلى الوزير نهاد المشنوق والوزير الأردني السابق صالح القلاب، والمفكر العربي فوق العادة عزمي بشارة… مبروك هزيمة عروبتكم الجديدة.

(البناء)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى