مقالات مختارة

غضب الأتراك: تسفي بارئيل

 

«لدي اخبار جيدة من أجلكم». هذا ما كتبه كاتب الرأي التركي بوراك بكديل لقراء «حريات ديلي نيوز»، «وصلتني من مصادر مقربة معلومات عن كيفية رد تركيا على السكين الذي طعن بظهرها من قبل البابا فرانسيسكو، حيث ان شركات السلاح التابعة للفاتيكان لن يسمح لها المشاركة بالعطاءات باهظة الثمن التي ستعلن عنها تركيا، وستقاطع الجمعيات التركية منتوج الملابس الداخلية للفاتيكان، وحسب تقديرات خبراء اقتصاديين فان صناعة السيارات التابعة للحبر الاعظم سوف تتأثر بسبب العقوبات التركية، ووكلاء السفر سيوقفون ارسال ملايين الحجاج إلى الفاتيكان، وبذلك يمنعون منها مرابح ضخمة، وسوف تستخدم تركيا نفوذها من اجل منع الفاتيكان من الترشح لمجلس الامن وتنوي ايضا تجميد القروض التي كانت تنوي منحها للفاتيكان بقيمة 52 مليار دولار. وقال رئيس الحكومة ايضا «ان ايام البابا معدودة مثل ايام الرئيس الاسد».

هذا التهكم الحاد لبكديل، والذي كتب ردا على تصريح رئيس الحكومة أحمد داوداوغلو والذي أكد ان تركيا سوف تتخذ خطوات واجراءات ضد الحبر الأعظم بالاضافة إلى اعادة السفير التركي من الفاتيكان. وهذا الكاتب ينضم إلى العاصفة السياسية والإعلامية والدولية باعقاب اعتراف الفاتيكان بالمجزرة ضد الارمن كتصفية لشعب، ومثل كل عام، فان الذكرى السنوية لبدء الحرب العثمانية ضد الارمن والتي بدأت بـ 24 نيسان، تؤجج المشاعر في تركيا، ويدخل وزارة خارجيتها إلى هزة كبيرة من اجل استيعاب الدول التي تعلن عن الاعتراف بالمذبحة كقتل لشعب، ويفتح رجب طيب اردوغان فمه ولسانه السليط.

هذا العام ستصادف الذكرى المئة للمجزرة، وقد تلقت تركيا حملات كبيرة، فقد قرر البرلمان الاوروبي ليس فقط الاعتراف بالمذبحة ضد الارمن، بل طالب تركيا بفتح علاقات دبلوماسية مع ارمينيا وفتح الارشيف من اجل مواجهة الماضي. والبابا قال ان المذبحة هي المذبحة الاولى في القرن العشرين ويوم الجمعة ستقطع تركيا انفاسها عندما سيتحدث براك اوباما في الامر، وهل سيعتبر اوباما هذا تصفية شعب أم سيكتفي مرة اخرى باللغة الدبلوماسية دون تبني هذا الوصف من اجل منع شرخ اضافي في العلاقات بين الدول.

اردوغان من جهته يطلق النار في كل الاتجاهات، وحول قرار البرلمان الاوروبي قال: «تدخل هذه الاشياء من أذن وتخرج من الاذن الثانية». وفي السياق اضاف ان تركيا قادرة على طرد الارمن الذين يسكنون فوق اراضيها، كونهم غير مواطنين. وهو يقصد 25 الف ارمني قطعوا الحدود بشكل غير قانوني من اجل العمل، صحيح ان اولادهم يتمتعون بالخدمات الصحية والتعليمية لكنهم لا يحصلون على شهادات عند انتهاء التعليم.

في نيسان/أبريل الماضي أبدى اردوغان الاسف على المجزرة امام أحفاد الارمن المقتولين. وكانت هذه المرة الاولى التي يبدي فيها زعيم تركي الاسف «عن النتائج التراجيدية لاحداث الحرب العالمية الاولى»، لكن هذا العام وعلى ضوء اقتراب موعد انتخابات البرلمان بعد شهرين يُسمع اردوغان اهازيج قومية من اجل استقطاب الجناح اليميني في تركيا.

من أجل حرف الانتباه عن الذكرى السنوية الارمنية، قررت الحكومة تقديم موعد الذكرى السنوية لدخول القوات البريطانية (بمساعدة فرنسا) إلى جليبولي من الموعد 25 نيسان إلى 24 نيسان بالاضافة إلى وقف اعمال المستشار للشؤون الارمنية لرئيس الحكومة، ايتان مهتسوبيان. وكان المبرر ان المستشار وصل إلى جيل التقاعد، ولكن يبدو أن السبب الحقيقي انه تجرأ على استخدام مصطلح المذبحة.

يبدو أنه وعلى عكس العام الماضي فان تركيا لن تدرس مسألة اعطاء المواطنة للسكان الارمن الاحفاد، حيث ان الارمن ومثل الفلسطينيين الذين لا يتنازلون عن حق العودة، فانهم يطالبون بالممتلكات التي صودرت أو دمرت. والعودة إلى بيوتهم التي انتقلت إلى تركيا، واعطاء مواطنة لجميع احفاد المقتولين، ومثل الحالة الفلسطينية فان المطالب الارمنية تعتبر غير واقعية في تركيا.

في الوقت ذاته، فان الجالية الارمنية في تركيا والبالغة بين 70 – 100 الف شخص، تخاف من النبرة الشديدة للارمن في الخارج والتي قد تتسبب بتأجيج المشاعر ضدها، وفي الصحافة الارمنية يتحدثون عن تخوف الجالية الارمنية في تركيا وان الكثيرين يخفون هويتهم الحقيقية وقد كتبت في الاونة الاخيرة شعارات ضد الارمن على جدران كنيسة أرمنية في اسطنبول.

وماذا عن إسرائيل؟؟ هل سيقرر الرئيس ان ينضم إلى البابا والبرلمان الاوروبي ام سيستمر بالارث القائل ان اليهود اصحاب الاحتكار لمصطلحات كارثة وتصفية شعب.

هآرتس

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى