بقلم ناصر قنديل

مثقف عربي ـ صالح القلاب نموذجاً

nasser

ناصر قنديل

– يتقدم وزير الإعلام الأردني السابق صالح القلاب، كوزير إعلام للتحالف الذي تقوده السعودية في حرب اليمن، والقلاب كما يقول اسمه تقلب في مواقعه ومواقفه منذ انتسابه لحزب البعث ومغادرته للمنظمات الفلسطينية إلى لندن، حيث صار موظفاً في مؤسسة الشرق الأوسط، ثم أحد إداريي قناة العربية، وبينهما وزير إعلام الملك الأردني ووادي عربة.

– ليس الأمر شخصياً يتصل بالقلاب، بل بشريحة من الذين تعلموا الكلمنجية كمصلحة ومهنة في صفوف الأحزاب القومية، وتقدموا بها كمهارة تصلح للتوظيف في سوق عربية يديرها مال النفط، والبراميل لا تتقن فن الكلام، فتحتاج في حروبها للألسنة.

– يتحدث القلاب عن ثلاث معادلات في قراءته لحرب اليمن، هي أولاً أن النظام العربي بقيادة السعودية كان متفرغاً لقتال «إسرائيل»، حتى جاءت إيران فاضطرته ليحرف انتباهه عن العدو الرئيسي نحو العدو الثانوي، والقلاب قرأها عند ماوتسي تونغ ليستخدمها في حضرة ملك وادي عربة ليستعرض بضاعته، والثانية أن السيد حسن نصرالله قاتل، وليس مقاتلاً، وقتاله ضد «إسرائيل» مسرحية، وأن الغباء والعمالة وجهان لعملة واحدة وجهنم مبلطة بأصحاب النوايا الحسنة، وهي جملة غوتة التي أوردها كارل ماركس فيقولها القلاب في حضرة ملك النوايا الطيبة ومملكة الخير، والثالثة أن العروبة الجديدة تولد من رحم حرب اليمن، تماماً كما قالت غونداليسا رايس أن الشرق الأوسط الجديد سيولد من رحم عدوان تموز 2006، والفكرة الجديدة تولد من رحم حرب قالها لينين عن فكرة الثورة من رحم الحرب العالمية الأولى، فروسيا الجديدة تولد من رحم هذه الحرب، يقولها القلاب في حضرة ملوك وأمراء مجلس التعاون الخليجي، عله يستحق التصفيق.

– يعرف القلاب أنه كما يقول نصف اسمه يقلب الحقائق، وأنه استوظف لاستحضاره ليلياً على قناة العربية براتب جيد ليكون كلمنجي التحالف، فهل هناك من يصدق أن النظام العربي، المتمثل بحكام الخليج وتوابعهم بالمال، خلال سبعين سنة منذ اغتصاب فلسطين حاول أو أراد أن يحاول الانهماك بفلسطين وقتال «إسرائيل»، أم تفرغ ربع قرن لإسقاط جمال عبد الناصر الذي هتف لاسمه القلاب قبل أن يتقلب في المناصب والمال الخليجي، وربع قرن آخر لتمويل حروب تصفية العمل الفدائي سواء بتمويل حرب الأردن عليها ومن ثم حرب لبنان، وصولاً لتمويل يأس المنظمات الفلسطينية وتمويل انعطافها نحو أوسلو، وصولاً للتصويب على المقاومة اللبنانية منذ ولادتها حتى اليوم، وهي مراحل عاش القلاب بعضاً منها في المنظمات الفلسطينية يقلب كفاً على كف، قبل أن يفتحها الله بوجهه براميل تحاكي براميل.

– هل يشك القلاب أن أمن «إسرائيل» في جزء منه هو مسؤولية مجلس التعاون الخليجي، وأنه مؤتمن على حماية هذه المهمة كوزير إعلام للنفط؟

– دور حزب الله والسيد حسن نصرالله، لا يحتاج كما دور حكام الخليج، إلا لقراءة ما يكتبه الإسرائيليون، والقلاب كان يقرأ، فيبقى في الذاكرة أن «إسرائيل» تعتبر استقرار أنظمة الخليج وحكامها مصلحة، ولا تنفك ترى مصدر الخطر الرئيسي عليها من حزب الله، ويقول هوشي منه قائد الثورة الفيتنامية الذي كان القلاب معجباً به ويحفظ أقواله عن ظهر قلب، إذا التبس الأمر علينا في تحديد بوصلة موقف كنا نتساءل عن الخيار الذي يجلب الفرح للعدو والخيار الذي يجلب الحزن له، فنعرف من اختبار ردود الفعل المتوقعة أين الصح من الخطأ، فليسأل القلاب نفسه إن وقف تحدث عن حكام الخليج كما يفعل وعن حزب الله والسيد نصرالله كما يفعل هل سيفرح «الإسرائيلي» أم يحزن، ويسال نفسه إن فعل العكس هل يفرح «الإسرائيلي» أم يحزن وسيعرف وهو يعرف، الصح من الخطأ، بالمناسبة هل يعرف القلاب بمن صدرت الآية عن الذين يحرفون الكلم، لو يخصص القلاب حلقة لبحث إسلامي يتقنه بعدما عرف القومية العربية بالمذهبية قبل يومين.

– أن يكون «الإسرائيلي» قد صنع ضفة سياسية يتموضع عليها بعض العرب فذلك شأنهم، لكن أن يسميها القلاب بالقومية العربية الجديدة، فذلك تجاوز لحدود المقبولية العقلية، فالقلاب يعرف ويعرف أننا نعرف أنه يعرف، أن الحرب على اليمن كما قال أصحابها وكما يقول القلاب هي حرب على إيران بالواسطة، حرب لم يكن وضع «إسرائيل» مؤاتياً لشنها فأوكلت المهمة لحكام الخليج، والهدف استدراج إيران لحرب تنسف التفاهم النووي، يفترض أن تتخذ الطابع المذهبي، وفوتت إيران عليهم الفرصة فضاقوا ذرعاً وخرجوا عن طورهم، فأخرجوا قلابهم ليشتم، أما أن تصير القومية العربية مذهبية، فليسمح لنا القلاب، ولو تعلم بعض مصطلحات القومية من تجربته الحزبية وقراءاته أيامها، فالقومية العربية كما يقول جمال عبد الناصر، هي المشاعر الواحدة للعرب بالتحرر من الاستعمار والتحكم بالموارد والثروات، وبناء أمن قومي عربي يعني أولاً وأخيراً تحرير فلسطين، إلا إذا أراد القلاب أن يحل اسمه مكان عبد الناصر كرائد للقومية العربية لاسترضاء تاريخ الذاكرة السعودية التي لا مكان فيها لعبد الناصر إلا بتاريخ الحرب على عبد الناصر، وفي اليمن أيضاً، ويومها، كانت القومية العربية تقاتل نظام الشاه الفارسي ومعه نظام الإمامة اليمني، ومعهما ملوك السعودية، وهذا يعرفه القلاب، كما يعرف تعريف عبد الناصر للقومية العربية يومها بكلام يشبه كلام هوشي منه، عن أن وحدة المشاعر هي القومية، ووحدة المشاعر اليوم مع «إسرائيل» تسمح بتعديل كلام القلاب ليصير، القومية العبرية الجديدة، وليس العربية، هي المذهبية وهذا صحيح صحيح صحيح.

– هذا نموذج كلمنجي عربي، اسمه مثقف، قلاب، كمثل مفكر عربي يكتشف لاحقاً أنه «مفكر حالو عربي».

(البناء)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى