مقالات مختارة

عن القنبلة الإيرانية: آري شافيت

 

ربيع 2015 كان عاصفا. بداية حملة الانتخابات، بعد ذلك نتائج الانتخابات، بعد ذلك صفقة لوزان، ولكن الصيف الذي بعد الربيع من شأنه أن يكون اصعب بكثير. اذا لم تنقذنا إيران من إيران في اللحظة الاخيرة، ففي تموز ـ آب من شأننا ان نجد أنفسنا في احد السيناريوهين: مس شديد بوضع إسرائيل الاستراتيجي بسبب التوقيع على اتفاق سيء مع إيران، او مس شديد بوضع إسرائيل الاستراتيجي لانها تتهم بانها أفشلت صفقة منشودة مع إيران.

مهما يكن من امر، لن يكون سهلا. المفترق الذي أمامنا هو مفترق خطير.

سيناريو الاتفاق: جون كيري، آرنست مونيز وويندي شيرمن (الذين اداروا مفاوضات واشنطن مع طهران) ارتكبوا خطأين اساسيين. خطأ واحد هو خطأ الساعات. صحيح، اذا كانت الصيغة الامريكية لتفاهمات لوزان ستكون الصيغة الملزمة ـ فان الساعة المتكتكة للمسافة بين إيران والقنبلة ستعاد إلى الوراء ببضعة اشهر. ولكن في نفس الوقت، فان الساعة الصدئة للمسافة بين الغرب وبين المواجهة مع إيران المتحولة نوويا ستعاد إلى الوراء ببضع سنوات. فقدرة الديمقراطية الكبرى في أمريكا والديمقراطيات المحبة للسلام في اوروبا على تجنيد العالم وتجنيد نفسها لعمل ضد إيران التي تندفع نحو النووي توشك على الضرر اكثر بكثير من قدرة إيران على الانطلاق. وكنتيجة لذلك، فان الحاجز الاساس الذي وقف في طريق إيران في السنوات الاخيرة سيضعف، سيتفكك وسيختفي.

اما الخطأ الثاني لكيري، مونيز وشيرمن فهو خطأ الصنارات. صحيح انه حسب الصيغة الامريكية لتفاهمات لوزان، سيضطر الإيرانيون إلى التخلي عن معظم الاسماك النووية التي اصطادوها (9.7 طن من اصل 10 أطنان من المادة المشعة)، ولكن الصنارات ستبقى في ايديهم. فأجهزة الطرد المركزي في نتنياز وفوردو وامكانية تطوير أجهزة طرد مركزي متطورة ستجعل من السهولة جدا امكانية الاستئناف في المستقبل لمخزون السمك ـ الذي في الجولة التالية لن يكون سردينا بل قرشا.

عندما ستنزل مرة اخرى الصنارات المتطورة للصيد في المياه المشعة ـ فان الفجوة بين الساعات ستتسبب في الا يكون هناك من يوقفها. فالتحول النووي لا بد سيأتي، وسيبكر في المجيء، وسيدهور بشكل دراماتيكي وضع إسرائيل الاستراتيجي.

اما سيناريو افشال الاتفاق: تفاهمات لوزان جعلت المصالحة مع إيران روحاني والاعتراف الرسمي ببنيتها التحتية النووية حجر أساس في السياسة الرئاسية ومفهوم الامن الامريكي. وعليه، فيخطيء من يشبه الازمة الامريكية الإسرائيلية الحالية بالازمات السابقة في 1948، 1967، 1973، 1981 (المفاعل في العراق) و 2007 (المفاعل في سوريا). هذه المرة إسرائيل لا تفعل كما تشاء في ساحتها، بل توجد في مسار صدام مع ما يعتبر في نظر البيت الابيض مصلحة جوهرية لامريكا نفسها.

لا يمكن التقليل من اهمية شدة الخطر الذي يأخذه راكب الدراجة الإسرائيلي حين يحاول وقف سائق القاطرة الامريكي ومنع راكبي القطار من الوصول إلى مقصدهم. اذا كان الانطباع الناشيء في واشنطن في اواخر الصيف هو أن إسرائيل منعت الولايات المتحدة من تحقي مبتغاها ـ فليرحمنا الله.

هكذا بحيث أنه اذا كان هناك سياسي في جفعات رام في القدس، فعليه أن يرى بوضوح السيناريوهين ـ وأن يبحث بالشموع عن سيناريو ثالث. الكثير جدا من الاخطاء ارتكبت هنا في العقد الاخير في الموضوع الإيراني.

من القيادات، وكذا من الاستراتيجيين ومن الصحافيين التهكميين الذين استخفوا بالمشكلة الوجودية واستهتروا بكل من حاول التصدي لها. في هذه المرحلة الحرجة لا يمكن لإسرائيل أن تسمح لنفسها بخطأ آخر. الصراع هو صراع في أعلى الجبل. ومع انتهاء عاصفة الربيع، مطلوبة استراتيجية إسرائيلية جديدة، ابداعية وذكية.

هآرتس

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى