«أكناف بيت المقدس» بين جناحَي «حماس» السياسي والعسكري عامر نعيم الياس
كشف أمين عام الجبهة الشعبية ـ القيادة العامة أحمد جبريل عن العلاقة العضوية التي تربط حركة «حماس» الإخوانية الفلسطينية وميليشيا «أكناف بيت المقدس» المسيطرة بالتحالف مع «جبهة النصرة» ـ الذراع العسكرية لـ«القاعدة» في سورية، على مخيّم اليرموك قبل انقلاب الأخيرة عليها والتحالف مع تنظيم «داعش».
كشفت الحقيقة دفعةً واحدة. فالحركة الفلسطينية التي تتخذ من أنقرة مقراً لها، والتي حاولت اللعب على وتر الموقف السياسي من الأحداث في سورية، كونها تصطفّ إلى جانب «الربيع الأميركي»، تورطت بشكل مباشر بالقتال داخل سورية. وأدخلت المخيمات الفلسطينية في الشتات في دوامة الصراعات الداخلية، على غرار ما حصل في لبنان في الثمانينات من القرن الماضي، وحتى في الأردن في السبعينات. فما فشلت فيه حركة «فتح» في سورية، نجحت فيه «حماس» عبر مسارين متوازيين: الأول يتعلق بالتدريب ونقل تقنية حفر الأنفاق إلى الميليشيات الإسلامية الوهابية والسلفية في سورية. أما الثاني، فالاشتراك المباشر في الجهد الحربي الدولي لإسقاط الدولة السورية. فهل «أكناف بيت المقدس» استطالة للمكتب السياسي لحركة «حماس» في سورية؟ هل تشكّل جناح الحركة العسكري في سورية؟ أم أنها امتدادٌ لجناح الحركة العسكري في سورية؟
ما بين السياسي والعسكري، تقف «حماس» في مواجهة تساؤلات كبرى يشوبها الغموض، كون المواقف التي أطلقها محمد ضيف ـ قائد الجناح العسكري للحركة المسماة كتائب «عز الدين القسّام» ـ عشية العدوان الصهيوني على القنيطرة السورية، تناقض موقف الحركة السياسي الرسمي. حينذاك اعتبرنا، على صفحات «البناء»، أن الحركة تعمل على مسارين متوازيين ينفصل فيهما العسكري عن السياسي. فبينما الأول يؤيد خيار المقاومة ومحورها، يعمل السياسي على الالتصاق أكثر فأكثر بالموقف المعادي للمحور المقاوم على امتداد المنطقة. فهل لا يزال الموقف على حاله؟
التسريبات الإعلامية عن الشخصيات التي تقود ميليشيا «أكناف حماس» أبرزت مدى الترابط الشخصي بين القيادات ورئيس المكتب السياسي للحركة خالد مشعل. فرؤوس الميليشيا العاملة داخل مخيم اليرموك كانت من الحرس الشخصي لرئيس المكتب السياسي لحركة حماس. وبالتالي، لا يمكن ألا يكون هؤلاء أعضاء فاعلين في الذراع العسكرية للحركة، لا بل هم من نخبة كتائب «القسّام» المسؤولة عن العمل العسكري للحركة في قطاع غزة، وباقي مناطق فلسطين المحتلة. الأمر الذي يعيد طرح موقف الجناح العسكري للحركة وصمته المريب من التطورات الأخيرة سواء في سورية أو اليمن على طاولة البحث، في ضوء تأييد المكتب السياسي للحركة العدوان السعودي على اليمن، واصطفافه المطلق إلى جانب الخيارات الخليجية وبالتالي الأميركية في المنطقة. فهل الصمت دليل موافقة على ما يجري؟ هل تورّط الجناح العسكري لحركة «حماس» في الصراع في سورية؟ هل تعتبر «أكناف بيت المقدس» استطالة لكتائب «القسّام» في سورية، خصوصاً أن الحمساويين في قطاع غزة لم يتوانوا عن كشف «شهدائهم» من مقاتليهم ضدّ الدولة السورية!
الكرة في ملعب المحور المقاوم والدولة السورية. والسكوت عن هذا الأمر لا يفيد أحداً. فحركة الإخوان المسلمين الفلسطينية ليست الوكيل الحصري للمقاومة ومحورها في فلسطين المحتلة. والحرب على الدولة السورية لا تقل خطورة عن رفع الغطاء عن حركة «حماس» بجناحيها السياسي والعسكري، على رغم الاختلاف الظاهر والعلني حتى اللحظة في موقف جناحَي «حماس» في عدد من ملفات المنطقة، خصوصاً العلاقة مع محور المقاومة وتحديداً إيران. ربما يكون عدم قبول مشعل بزيارة طهران حتى اللحظة دليلاً لا يقبل الشك على حجم تورّط «حماس» في الحرب على سورية تحديداً، وكسرها كافة المحرّمات المتعلقة بهذه الحرب. فما الذي ننتظره؟ هل نريد معالجة جرحى «حماس» في مخيّم اليرموك تمهيداً لإعادة وصايتهم عليه تحت غطاء الفصائل الفلسطينية أو وكالة غوث اللاجئين؟ بسبب حرمة أراضي المخيّم الذي يتجاوز عدد سكانه من السوريين ثلاثة أمثال فلسطينييه.
(البناء)