مقالات مختارة

أوباما: جزرة بدون عصا: ابراهام بن تسفي

 

رغم أن ضباب كثيف من عدم التيقن ما زال يلف مصير اتفاق المباديء مع إيران، فقد سارع رجال البيت الابيض ومؤيدوه في وسائل الإعلام إلى تتويجه ووصفه كتعبير نقي لنظرية سياسية جديدة ألا وهي «نظرية اوباما». وهكذا بالتوقيع على اتفاق مؤقت، الذي من المشكوك فيه أنه في صيغته الحالية يمكنه شق الطريق لاتفاق دائم، تم وضع الرئيس الـ 24 في نفس المستوى مع الرؤساء ترومان، آيزنهاور وجورج بوش الابن الذين وضعوا بصمات حقيقية على الواقع بروح الاستراتيجيات التي شكلوها والمسماة بأسمائهم. ولكن في الوقت الذي أرادت فيه تلك النظريات التاريخية أن تنقل للعدو الكبير في الحرب الباردة رسالة اصرار واستعداد لاستخدام القوة العسكرية ايضا اذا لزم الامر، فان النظرية التي هي أمامنا منزوعة من كل بُعد لاستخدام القوة.

في السياق الحالي يدور الحديث عن نظرية نباتية تناسب في الحقيقة رؤية وسياسة الحاصل على جائزة نوبل للسلام، لكنها منفصلة تماما عن الواقع الدولي المليء بالاحتكاكات والانقسامات في هذه الايام وخاصة في جبهة الشرق الاوسط.

إن محاولة الرئيس اوباما تبني نظرية روزفلت في بداية القرن العشرين، تبدو مثيرة للسخرية. الرئيس المشهور ثيودور روزفلت أعلن أنه في المجال السياسي من الواجب الحفاظ على حديث ليّن ومسالم، ولكن في نفس الوقت يجب أن تحمل عصا ردع وعقاب طويلة. ولكن حسب تفكير وتصرف الرئيس الحالي يوجد فقط الجزء الاول من المعادلة. حديثه تجاه آيات الله هو بالفعل معتدل ومسالم جدا، ولكن السوط المهدد الذي كان بالنسبة لروزفلت مدماكا مركزيا في ترسانته وتم اعداده للتأكد من أن البلاغة الودودة لا يتم تفسيرها من قبل الطرف الآخر كضعف، تحول إلى ـ بطريقة اوباما ـ ليس أكثر من عصا صغيرة ورمزية في الاساس.

الفكرة الاساسية في المقابلة الشاملة التي أجراها اوباما مع الرجل المخلص له في وسائل الإعلام، توماس فريدمان، كانت فكرة الالتقاء ومد اليد للنظام الإيراني. هكذا وبواسطة شبكة كاملة من النوايا الحسنة والخطوات المعززة للثقة (يقف في مركزها الرفع الجزئي، على الاقل من العقوبات الاقتصادية مع دخول الاتفاق إلى حيز التنفيذ)، يأمل البيت الابيض التغلب على عقبات الشكوك والكراهية الموجودة تجاه الغرب من جانب إيران ووضعها على طريق الاعتدال السياسي. اوباما يواصل الادعاء بأنه لم يتخلَ عن استخدام القوة تماما، ولكن تلك القوة موجودة في الخلفية، ولكن أي ثقة توجد في هذا الخطاب الفارغ بعد امتناعه الفضائحي عن القيام بعملية عسكرية في الساحة السورية خلال «الازمة الكيميائية» في نهاية 2012، وبعد أن أصبحت الادارة اليوم موجودة في ذروة التقليصات البالغة في ميزانية الدفاع؟.

ازاء الحماس الواضح لواشنطن للتوصل إلى اتفاق تقريبا بأي ثمن وتسويقه كجوهرة في تاج انجازات الرئيس في الساحة الدولية وكجزء أساسي من ميراثه، هل ما زال قائما بالفعل أدنى احتمال لأن يتم استلال السيف من غمده ايضا في اليوم الذي يتضح فيه نهائيا أن إيران تقوم بتضليل المجتمع الدولي وزعيمته الولايات المتحدة. ليس من المستغرب اذا أنه ازاء التنازلات الكبيرة لإيران التي يتضمنها اتفاق لوزان تواجه جهود التسويق في الوقت الراهن انتقادا جماهيريا شديدا سواء من الداخل أو من جانب حلفاء تقليديين وعلى رأسهم إسرائيل.

إن المبادرة الجديدة للكونغرس لتقييد الادارة في هذا المجال تعبر بأمانة عن الرأي العام، الذي تجاوز منذ فترة الحدود الحزبية. ليس من المستبعد أن تحدي أساس «نظرية اوباما» عديمة الأسنان سوف يغلق الدائرة على احتمالات اتفاق دائم مع إيران، أو سيفرض على اوباما أن يسحب من جعبته عصا رادعة حقيقية وضمها في تفاوضه مع رزمة الاغراءات والمحفزات التي استند عليها حتى الآن.

في بلورة عصا من هذا النوع تختفي ايضا الاجابة على استغراب وتساذج الرئيس اوباما، الذي يدعي أن رئيس الحكومة نتنياهو لم يعرض بديلا عمليا مناسبا لـ «اتفاق لوزان». هذا هو بالضبط البديل ـ الرجوع إلى نظرية ثيودور روزفلت.

إسرائيل اليوم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى