نظرة على السباق الرئاسي المحتمل مرشحو الحزب الجمهوري د.منذر سليمان
حسم التيار الاشد تطرفا في الحزب الجمهوري خياراته واعلن اثنين من رموزه ترشحهم عن قائمة الحزب الجمهوري، تيد كروز وماركو روبيو، وكلاهما من اصول كوبية؛ الاول اعلن رسميا والثاني من المقرر ان يعلن ترشيحة مطلع الاسبوع المقبل. ايضا انضم السيناتور راند بول للسباق، والذي يصنف كاحد المشاكسين في قيادات الحزب المتطرفة. آخرون سيعلنون تباعا عن ترشحهم رسميا للانتخابات الرئاسية .
في طرف الحزب الديموقراطي، لا زالت وزيرة الخارجية السابقة، هيلاري كلينتون، تتصدر قائمة المرشحين بفارق كبير. من بين الذين اعربوا عن نيتهم دخول السباق حاكم ولاية ماريلاند السابق، مارتن اومالي، الذي يتمتع بدعم القاعدة الانتخابية لنظافة يده، ويتربص الفرص لتراجع كلينتون استنادا الى مؤشرات هجوم الخصوم القاسية عليها لازاحتها من السباق.
سيتم تسليط الضوء في هذه المرحلة على مرشحي الحزب الجمهوري؛ على ان نتناول مرشحي الحزب الديموقراطي بتغطية منفصلة تباعا.
عدد المرشحين المحتملين عن الحزب الجمهوري وصل تعداده الى 10 مرشحين، بينهم امرأة واحدة وآخر من اصول هندية (اسيوية).
تصدر جيب بوش، نجل الرئيس الاسبق جورج بوش الاب، القائمة وكان اول من اعلن عن ترشحه رسميا مستندا الى حائط دعم قوي، سياسيا وماليا، مصدره نفوذ آل بوش لدى شركات النفط الكبرى وكبار شركات واستثمارات القطاع المصرفي. ايضا، لديه سجل شخصي معتبر اثناء توليه منصب حاكم ولاية فلوريدا لولايتين متتاليتين. تردد اسمه في الانتخابات الرئاسية لعام 2000 كمرشح مفضل قوي عن الحزب، واستبقه شقيقه الاكبر، جورج بوش، ليقطع الطريق عليه لكن الى حين.
سياسات المرشح جيب بوش لا تلقى اجماعا بين التيار الاشد محافظة وتطرفا في الحزب الجمهوري، خاصة فيما يتعلق برؤيته لمسائل شائكة، ابرزها تلك المتعلقة برفض الحزب استيعاب المهاجرين “غير القانونيين” ودمجهم في المجتمع. ايضا يعاني بوش من رفض المجتمع الاميركي بشكل عام مسألة “السلالات الحاكمة،” وقاعدة الحزب الجمهوري جزء من هذا التوجه. ما يضاعف من معدلات توجس القاعدة الانتخابية ان يسفر السباق الرئاسي عن منافسة نهائية بين جيب بوش وهيلاري كلينتون، الأمر الذي سيضع بوش في مرتبة ادنى من خصمه.
في مجال السياسة الخارجية، يفتقر جيب بوش الى الخبرة والحنكة المطلوبة، ويميل الى تأييد سياسات شقيقه الكارثية، في نظر الجزء الاكبر من القاعدة الانتخابية. واتساقا مع كافة المرشحين، يميل بوش الى تأييد اتخاذ اجراءات عسكرية اكثر صرامة ضد الدولة الاسلامية، مستدركا ان ذلك “لا يعني بالضرورة ارسال قوات اميركية برية.” فيما يتعلق بالاتفاق التمهيدي مع ايران، لم يبتعد جيب بوش عن زملائه في الحزب بمهاجمة “اتفاق الاطار،” واعتباره يشكل “تهديدا خطيرا لأمن اسرائيل.”
بيد انه مد غصن الزيتون للادارة الاميركية في ظل تنامي موجة تأييد المفاوضات قائلا ” يحسب للرئيس (اوباما) نجاحه في استقطاب اطراف اخرى لجانبه وتشديده القيود” المفروضة على ايران. واضح انه “ليس من انصار اوباما، لكن عندما يقدم على فعل ايجابي ينبغي علينا الاقرار بذلك.”
المرشح الثاني هو حاكم ولاية ويسكونسن، سكوت ووكر والذي سطع نجمه بين القاعدة المحافظة عقب فوزه بالتصدي للنقابات العمالية في ولايته والظفر بالانتخابات لولاية ثالثة. تعثر ووكر مرارا في مواقفه السياسية والتي تهم تيار المحافظين في الحزب الجمهوري، وذهب بعيدا في استرضائه حتى انه عقد مقارنة بين الدولة الاسلامية وموجات المتظاهرين في ولايته ويسكونسن؛ واصطف الى جانب شركات النفط بقوة واقدم على فصل احد موظفيه لشكوى قدمها يتحفظ فيها على مصادر تسييل وقود الاثينول، لا سيما ولاية ايوا، الغنية بمنتج الذرة المستخدمة في التسييل.
اشتهر سكوت ووكر بتأرجح مواقفه حول مسألة مركزية لقاعدة الحزب الجمهوري، المناهضة لمنح المهاجرين “غير الشرعيين” بطاقة جواز للاقامة الشرعية. واتخذ موقفا يؤيد فيه بلورة خطة لاستيعابهم وادماجهم تدريجيا في المجتمع، وسرعان ما انقلب على موقفه السابق طمعا في نيل دعم التيار المحافظ في الحزب.
من الخطأ استبعاد ووكر من المشهد السياسي برمته، اذ ينتظره مستقبل سياسي مؤثر، يعتبره البعض احد القلائل التي باستطاعتها تجسير الهوة القائمة بين تياري الحزب الجمهوري؛ فضلا عن بلورته بنجاح لآلية حديثة لجمع التبرعات تفوق فيها على اقرانه الآخرين. خبرته كحاكم ولاية “ناجح” تعزز من حظوظه لتبؤ مهام رئاسية بخلاف المنافسين الاخرين اعضاء مجلسي الشيوخ والنواب. تجدر الاشارة الى انه يتصدر ولاية تعتبر موالية بغالبيتها للحزب الديموقراطي، وبامكانه تسخير موقعه المحوري لجذب تيار الاغلبية لجانبه.
في مجال السياسة الخارجية يفتقر ووكر لتجربة تؤهله الافتاء بها، مما حفزه لتبني مواقف متطرفة في هذا المجال وانجراره غير المحسوب لمغامرة معسكر الحرب بين قيادات حزبه، اذ نقل عنه حماسته “واستعداده لانخراط قوات برية” في سورية لمقاتلة الدولة الاسلامية؛ ولم يسجل له او عليه موقف محدد بشأن المفاوضات النووية مع ايران. في مسألة الحقوق المدنية وسلطة الدولة الفيدرالية في التجسس ومراقبة مواطنيها، احجم ووكر عن اعلان موقف محدد مكتفيا بالقول “بكل امانة لا ادري ان كان بامكانكم تصنيفي في اي من المعسكرين.”
اتساقا مع صقور الحرب في حزبه، اعلن ووكر انه في حال فوزه الانتخابات الرئاسية سيقدم على وقف العمل بالاتفاق النووي مع ايران في اليوم الاول لرئاسته.
مرشح آخر مثير للجدل هو حاكم ولاية نيو جيرسي، كريس كريستي، الذي تبوأ مركز الصدارة بين المرشحين في بداية الأمر، قبل ان تلاحقه فضائح الفساد والرشوة. وتخلف كريستي عن استغلال بروز شعبيته في انتخابات عام 2012، مما وفر ذخيرة لهجوم خصومه عليه. نال كريستي تأييد القاعدة الانتخابية لتشبثه بعقيدة المحافظين، ويسعى جاهدا للخروج من تلك العباءة المتحجرة ليخاطب قاعدة انتخابية اوسع. بيد ان تقلبه، كمعظم السياسيين الرسميين، حاصره لا سيما في مناهضته لاقتناء السلاح الفردي الأمر الذي تدعمه الاغلبية الساحقة من قاعدة الحزب الجمهوري.
تصدر السيناتور المتشدد تيد كروز، لاقلية ذو اصول كوبية، مشهد الترشح للانتخابات الرئاسية، ليقينه ان سجله المتطرف داخل اروقة مجلس النواب وتصريحاته المتشددة المثيرة للجدل ستسعفه حتما، بل استطاع جمع نحو 30 مليون دولار تبرعات لحملته الانتخابية في غضون اسبوعين من اعلانه الرسمي. يزهو كروز بانه لا ينتمي لتيار “المؤسسة الحالكمة” في الحزب الجمهوري، واصطف الى جانبه شخصيات معروفة بهامشيتها وتطرفها مثل المرشحة لمنصب نائب الرئيس سابقا سارة بيلين. من غير المرجح ان يشذ كروز عن قناعاته المتطرفة في حملته الانتخابية.
يمتلك كروز خلفية قانونية وشغل منصب نائب المدعي العام في وزارة العدل الاميركية، الى جانب مناصب اخرى، ابان عهد الرئيس جورج بوش الابن. يعول كروز وامثاله على استقطاب الجالية اللاتينية التي يفتقدها الحزب الجمهوري، ونال تأييد عدد لا بأس به من اعضائها في ولاية تكساس.
ينبغي عدم الاستهانة بقدرات كروز الفكرية، وهو خريج كلية الحقوق في جامعة هارفارد العريقة، ونال مرتبة الشرف منها. وصف استاذ القانون في جامعة هارفارد، آلان ديرشوويتز، كروز بانه “عبقري خارج القيد.”
مواقف كروز السياسية يسيرة التنبؤ بها: فهو يعارض التدخل الخارجي بغرض بناء هياكل الدولة التي وصفها بمغامرات “مثالية لتحقيق الديموقراطية عبر العالم؛” يؤيد بشدة ملاحقة القوات المسلحة “للفتك باعدائنا؛” وطالب باتخاذ اجراءات اشد قسوة في محاربة الدولة الاسلامية، واستدراكه لعدم تأييد ارسال قوات برية اميركية؛ عارض التدخل العسكري الاميركي في سورية، وتخلف عن تأييد العدوان الغربي على ليبيا. اما في الشق الفلسطيني فيحسب كروز على اشد مناصري “اسرائيل” في الكونغرس؛ وكان احد الرواد لاستصدار قرار ينزل عقوبات اضافية بايران مطالبا الرئيس المقبل التخلي عن اي اتفاق يتم التوقيع عليه في الملف النووي.
لم يتزحزح كروز قيد انملة عن معارضته للاتفاق النووي، وحذر صناع القرار “كفى. الصفقة التي تعقدها ادارة (الرئيس) اوباما هي سيئة وتزداد سوءا. مراكمة ايران لبرنامجها النووي يهدد بشدة أمن الولايات المتحدة وحلفائها.”
بموازاة المرشح كروز، تقدم السيناتور ماركو روبيو، وهو ذو اصول كوبية ايضا، للترشح ويعتبره البعض افضل حظا من كروز نظرا لقربه من مركز صنع القرار في مؤسسة الكونغرس تحت سيطرة الحزب الجمهوري. تعثر روبيو مبكرا في موقفه السابق المؤيد لاستقطاب ودمج المهاجرين “غير الشرعيين،” مما قد يترك تداعيات على مستقبله السياسي، لا سيما في التيار الرئيس للحزب الجمهوري.
على الرغم من ان الحكم على حظوظ اي مرشح سابق لاوانه، الا ان روبيو لم يحقق نسبة تفوق 5% من التأييد في الجولة الاولى. من اقوى ميزات روبيو القادم من الاروقة الاكاديمية انه ملم بالسياسة الخارجية وفاز بعضوية لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، ويعد من ذوي الخبرة في مسائل تخص الشرق الاوسط وروسيا وكوبا. موطن ضعفه الابرز يكمن في تواضع تجربته اذ انه دخل مجلس الشيوخ لاول مرة في انتخابات عام 2010؛ بيد ان السيناتور اوباما عانى من ذات الداء آنذاك وفاز بالمنصب الرئاسي.
من المقرر ان يعلن روبيو ترشيح نفسه رسميا مطلع الاسبوع المقبل، وركيزته انه يعد من صقور الحزب الجمهوري المميزين بين اقرانه الاخرين. هو جاهز لدعم اي تدخل عسكري، من ليبيا الى سورية والعراق، ومن انصار”تسليح وتدريب المعارضين السوريين.” فيما يتعلق بالمفاوضات النووية، انتقد روبيو سياسة الرئيس اوباما “الفاشلة ديبلوماسيا” للحد من البرنامج النووي الايراني.
مايك هاكابي، مرشح يعود للمرة الثانية، المرة الاولى عام 2008، مستندا الى تجربته كحاكم سابق لولاية اركنساس، دائم الحضور على البرامج الدينية، يحظى بتأييد لا بأس به نظرا “لدماثته واستقامته،” ولتطرفه في تأييد القضايا الاجتماعية الهامة للمحافظين في الحزب الجمهوري والتي كلفته خسارته الترشح السابق امام خصمه جون ماكين.
برز كاحد اهم منتقدي سياسة الرئيس اوباما التفاوضية مع ايران، وكذلك انتقاده لوزير الخارجية جون كيري، لاعتقاده ان ايران “وبشكل يومي مستمر تقوض (أمن) حلفائنا وتهدد مصالحنا الحيوية وترتكب جرائم قتل ضد المدنيين الابرياء عبر العالم.” وطالب “بتشديد اجراءات العقوبات الجارية وعدم الامتثال لمصالح آية الله.”
انضم السيناتور راند بول الى جوقة المرشحين قبل ايام معدودة، وكان البعض يحتار في تصنيفه السياسي خاصة وانه يمثل تيار “انصار الحريات” في الحزب الجمهوري، بعد تسلمه راية التيار من ابيه، ويتخذ مواقف تصطدم احيانا مع المؤسسة الحزبية. قاعدة تأييده واضحة وان لم تكن عريضة في اوساط الحزب الجمهوري.
احد مباديء التيار هو معارضة التدخل الخارجي ومناهضة ميزانيات “الدعم الاجنبي” والحرص على “تأييد اسرائيل ودعمها.” حظي بول بعضوية لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ، 4 كانون الثاني 2013، وفي الثامن من ذات الشهر شد رحاله لزيارة “اسرائيل” والظهور امام حائط المبكى.
يتهم بول وتياره بسياسة “الانعزال” عن العالم؛ وفيما يتعلق بالمفاوضات النووية، اعرب المرشح بول عن شكوكه للاتفاق المزمع ابرامه، بيد انه رفض معارضته واتهم اقرانه في الحزب الجمهوري بانهم “يدقون طبول الحرب” في التهويل من الخطر الايراني. بول لا يعارض التدخل العسكري الاميركي من ناحية المبدأ، ويرفض الانجرار الى قرار الحرب “ان لم تتوفر خطة لتحقيق النصر .. ينبغي على اميركا شن حرب اينما استحقت العواقب – عن قصد او دونه – التضحية بشنها.”
اكد بول في خطابه السياسي ان “سياسة الحرب على الارهاب لم تنقضي بعد،” معلنا تأييده تخصيص مبلغ 160 مليار دولار اضافي لميزانية الدفاع التي لم تطلبها البنتاغون.
يلقى بول تأييدا بين صفوف الشباب ذوو خبرة سياسية محدودة، وترحيبا في صفوف بعض الاقليات التي برع في انتقاد السياسات الاقصائية الرسمية ضدها. مأزقه يتمحور حول خلو قاعدة الحزب الجمهوري من حضور معتبر للفئتين المشار اليهما. بيد ان تلك الخاصية قد تحيله الى المرتبة الاولى لاختيار مرشح نائب الرئيس لاحقا.
تجمع معظم اراء المراقبين والمحللين السياسيين على ضعف حظوظ بول الفوز بترشيح حزبه، لا سيما لخبرته المتواضعة في مجال السياسة الخارجية التي يعول عليها الحزب اهمية عالية.
الامرأة الوحيدة التي اعلنت عن نيتها دخول السباق الرئاسي، كارلي فيورينا، المدير السابق لشركة هيوليت باكارد العملاقة، ويشهد لها بمواهبها وانضباطها وثروتها الخاصة. المؤشرات المتوفرة لا تدل على استمرارها في السباق الرئاسي طويلا، لكنها قد تصبح احد اكفأ المرشحين لمنصب نائب الرئيس، ومواجهة هيلاري كلينتون بفعالية وحسن السيرة.
اتساقا مع موقف مصالح الشركات الكبرى التي يمثلها الحزب الجحمهوري، اعربت فيورينا عن تحفظها على الاتفاق النووي كونه “يهدد أمن الولايات المتحدة.” واتهمت ايران بان لديها خطة طويلة الامد، وبمعرفة المسؤولين الاميركيين، لانتاج سلاح نووي وزعزعة استقرار المنطقة. وذكرت انصارها بان الرئيس الايراني حسن روحاني لم يسبق له ان وافق بالكامل على منح مفتشي الامم المتحدة صلاحية تدقيق غير مقيدة لمنشآت ايران النووية. وحثت فيورينا الولايات المتحدة على عدم الوثوق باي وثائق توقعها طهران، نظرا لسجلها الطويل في المراوغة والخداع، كما وصفتها.
انضم ايضا للسباق الرئاسي الطبيب الجراح بن كارسون، حديث العهد بالسياسة، وما لبث ان ارتكب عددا من زلات اللسان تتعلق بقضايا “بديهية،” لا سيما في نشوء الدعوة الاسلامية وعدم معرفته بعضوية دول بحر البلطيق في حلف الناتو. مثلبه الاساسي بالنسبة للحزب الجمهوري انه لا يؤيد سياسة اقتناء السلاح الفردي، التي تعتبر بديهية بالنسبة للحزب. وعليه، من غير المتوقع ان يبقى كارسون طويلا في السباق الانتخابي.
في مستهل تصريحاته حول السياسة الخارجية، مال كارسون لتأييد موقف صقور الحزب، خاصة لعدم معارضته ارسال قوات اميركية لمحاربة داعش؛ فضلا عن تهديد ايران باستخدام القوة العسكرية “لازالتها” عن الكرة الارضية ان توصلت لانتاج سلاح نووي.
حاكم ولاية لويزيانا، بوبي جندال، ذو اصول شبه القارة الهندية، اعرب عن نيته دخول السباق الانتخابي مستندا الى “ارثه” في تطوير ميزانية ولايته، لا سيما وان كل مرشح طامع في المنصب يرى ان عليه لزاما لتمييز سجله وخبرته عن الاخرين، لا سيما في حال تحقيق بعض الانجازات. الأمر الذي سيعزز مكانة جيندال في حال اتخذ قرار الترشح، والمشهود له بمواقفه السياسية المحافظة. جيندال ايضا سينضم لاحقا الى قائمة المرشحين لمنصب نائب الرئيس اسوة بتجربة عام 2008 حين تردد اسمه لذلك المنصب.
جيندال كان من اشد المؤيدين لخطاب بعض اعضاء الكونغرس الموجه للقيادة الايرانية مؤكدا دعمه لجهود “توضيح المسألة لايران بأنها تخوض جولة مفاوضات مع رئيس نجمه في افول،” (بطة عرجاء) لن يحترمها الرئيس المقبل – على فرضية ان مرشح الحزب الجمهوري هو الفائز.
حاكم ولاية تكساس لنحو 14 عاما، ريك بيري، اعرب عن نيته الترشح رغم هزالة ادائه في انتخابات عام 2012 الرئاسية. وعمل بقوة على تطبيق نصائح معاونيه باعادة انتاج نفسه كشخصية “محببة، تراعي مشاعر الآخرين، تتخذ مواقف معتدلة لتنفيذ ما يبنغي القيام به.” من سوء حظ بيري ان النصيحه عينها تبناها جيب بوش في سعيه هو الآخر لاعادة انتاج نفسه كمرشح قابل للفوز.
يواجه بيري عقبات قانونية امام مدعي عام الولاية المنتمي للحزب الديموقراطي، والذي يقاضي بيري لاساءة استخدامه صلاحيات النقض – الفيتو. بصرف النظر عن فصل القضاء في تلك المسألة، ستشكل عقبة امامه في نظر القاعدة الانتخابية.
بيري ايضا لم يخرج عن خطاب حزبه الجمهوري في معارضة سياسة الرئيس اوباما واتهامه بتقديم تنازلات كبيرة لايران طمعا منه في التوصل لتوقيع اتفاق معها. ونقل عنه قوله ان “الاميركيين وحلفائنا محقون في حذرهم من الاتفاق النووي مع ايران المليء بثغرات التنازلات التي قدمتها ادارة الرئيس اوباما.” كما يعد بيري من مؤيدي تدريب وتسليح المعارضة السورية “باسلحة فتاكة.”
آفاق المستقبل
السباق لا يزال في بداياته، ومن المرجح دخول مرشحين آخرين على الخط. اما وان انعقد مؤتمر الحزب الجمهوري في الظروف السائدة سيفوز سكوت ووكر بترشيح حزبه لمنصب الرئاسة الاميركية.
فيما يخص جيب بوش، وبالرغم من سيطرة عائلته ونفوذها الواسع، الا انه لا يزال يقارع تداعيات الشهرة العائلية الى جانب الدفاع عن مواقف سابقة له لم تلقَ استحسانا في اوساط القاعدة الانتخابية. بل تتزايد الاصوات المناهضة لاعطاء آل بوش فرصة ثالثة في البيت الابيض.
تيد كروز هو المرشح المفضل والاقوى لتيار حزب الشاي، شديد التطرف، وسيستغل منافسوه تواضع خبرته السياسية في الكونغرس للنيل منه. بيد ان كروز يمتلك قدرة بلاغية وحوارية كبيرة الى جانب ذكائه العالي وفطنته السياسية، وسيمارسها لاقصى الحدود في المساجلات الانتخابية ضد منافسيه.
في حال قرر جيب بوش لاحقا الانسحاب من السباق الرئاسي، وهي فرضية غير مستبعدة، سيستفيد تيد كروز اكبر استفادة من الانسحاب، لا سيما في الحملات المالية. يشار الى ان كروز كان احد اعضاء طاقم الاستشارة القانونية لجورج بوش الابن، عام 2000، امتلك خبرة بلورة الاستراتيجية الانتخابية والمرافعة القضائية امام المحكمة العليا في قضية البت في اعادة حساب الاصوات بين المرشحين جورج بوش الابن وآل غور في ولاية فلوريدا. لتيد كروز الفضل في ترشيح جون روبرتس لرئاسة المحكمة العليا.
المرشح بول راند سيبقى على عهده وسمعته بالمشاكسة، ويستمر في السباق الرئاسي الى نهايته، على الرغم من ادراكه في تواضع حظوظه بالفوز.
المرشح الاقوى في المحصلة الحالية يبقى سكوت ووكر، حاكم ولاية ويسكونسن، الا ان ارتكب زلات سياسية قاتلة. ووكر مشهود له بالصلابة والثبات امام الصعاب، ويحظى باحترام كلا التيارين في الحزب، المحافظ والمعتدل (وفق تصنيفات الحزب الجمهوري). بقائه في السباق الرئاسي سيعزز من استمالة ولايته باغلبيتها لصالح الحزب الجمهوري.
اعضاء مجلس الشيوخ المنتهية ولايتهم
من ابرز الخارجين من السلك التشريعي زعيم الاقلية الديموقراطية في مجلس الشيوخ، هاري ريد، الذي اعلن عدم رغبته في تجديد ترشيحه عن تمثيل ولاية نيفادا نظرا لاعتبارات صحية، كما افاد. الا ان التدقيق في السجل الانتخابي يشير الى عاملين آخرين شكلا عامل الحسم لدى ريد: الاول، احساس ريد بصعوبة استرداد الحزب الديموقراطي اغلبية التمثيل في مجلس الشيوخ؛ والثاني عدم استبعاده هزيمته امام مرشح عن الحزب الجمهوري تمثيل ولايته في المجلس.
بالمقابل، جون ماكين اعلن عن نيته الترشح لمقعد تمثيل ولايته اريزونا في مجلس الشيوخ، على الرغم من تجذر رفض قاعدة الحزب الانتخابية في ولايته، وترقب عدد من اعضاء الحزب الترشح لذات المنصب وتحدي جون ماكين، برز اثنين منهم اعضاء في مجلس النواب حاليا.
يشار الى ان عدد من قادة الحزب الجمهوري، لا سيما اصحاب التمويل، ابلغ جون ماكين رغبته بسحب ترشيحه وتذكيره بانفراط عقد التأييد له في صفوف القاعدة الانتخابية. بل ان بعض انصاره القدامى افصح عن نيته بعدم تأييد ترشيح ماكين.
اوضح عدة اعضاء في اللجنة المركزية للحزب الجمهوري لولاية اريزونا عن ضآلة التأييد في دوائرهم الانتخابية لماكين. بعض الذين غادروا مركب ماكين كانوا على صلة وثيقة به ومنحوه تأييدهم لمدة زمنية طويلة، منهم مندوبين عن الولاية لدى المؤتمر السنوي للحزب عام 2008.
بعض ما تبقى من اصدقاء مخلصين لماكين وصفوا السيناتور بانه اضحى غير مبالٍ بالانتقاد، ومن غير المرجح انصاته لنصائح مستشاريه واعوانه الذين يحثونه على التقاعد من العمل السياسي مع انتهاء الدورة الحالية العام المقبل.
وعليه، ليس مستبعدا ان تلحق بماكين هزيمة قاسية داخل حزبه الجمهوري ان استمر في مقارعة رياح التغيير.