بقلم غالب قنديل

الأسد واستقلال سورية

assad123

غالب قنديل

الفكرة المحورية حول الوضع السوري التي شدد عليها السيد حسن نصرالله في حديثه إلى قناة «الإخبارية السورية» هي أن ضرب استقلال سورية هو الهدف الرئيسي للعدوان الكوني الذي استهدفها قبل أربع سنوات .

نوه السيد نصرالله بالحقيقة التي أبرزتها أحداث خمسة عشر عاماً مضت، وهي أن الرئيس بشار الأسد يمتلك إرادة وطنية وقومية حازمة دفاعاً عن هذا الاستقلال، وهو بات اليوم كزعامة شعبية وكرئيس للجمهورية العربية السورية رمزاً لاستقلال سورية ولدورها القومي الفاعل انطلاقاً من صمودها ضد الحلف الاستعماري الصهيوني الرجعي.

ما لفت إليه قائد المقاومة أن سورية بقيادة الرئيس بشار الأسد عبرت عن تمسكها باستقلالها تاريخياً في التفاوض وفي إدارة الصراع، فهي رفضت الرضوخ للترغيب والترهيب وتناول السيد نصرالله ما تلقته القيادة السورية من عروض وتهديدات منذ احتلال العراق عام 2003. وقد بات معلوماً كيف واجه الرئيس الأسد الجنرال الأميركي كولن باول حين جاء إلى دمشق مذكراً بوجود قوات الغزو الأميركية على الحدود الشرقية لسورية طالباً الإذعان لشروط حكومته وعاد بخفي حنين.

وأشار قائد المقاومة إلى أن خطة الحرب الأميركية «الإسرائيلية» في تموز 2006 كانت تقضي باستهداف سورية بعد تدمير المقاومة في لبنان، وهو الهدف الأول الذي أعلنته قيادة العدوان الذي مني بالهزيمة والفشل بفضل صمود المقاومة التي دعمتها سورية بلا حدود. ولمّح السيد نصرالله إلى الفخ الاستراتيجي الذي نصبه ثلاثي فرنسا وقطر وتركيا بين العامين 2006 و2011، ويمكن بالعودة إلى وقائع تلك السنوات استرجاع ما دبرته تلك الحكومات بكل دهاء وخبث متلبسة محاولة التقارب مع دمشق والتوسط بينها وبين واشنطن وتل أبيب في سعي مدروس لاختبار فرص جر سورية إلى تقديم تنازلات عن استقلالها السياسي والاقتصادي وعن ترابها الوطني.

أراد ناصبو الفخ لسورية دفعها إلى الالتحاق بمنظومة الهيمنة الغربية الصهيونية في المنطقة مقابل وعود مالية واقتصادية وسياسية على حد التهديدات المبطنة والصريحة التي تلقتها القيادة السورية مباشرة ومداورة ورفضتها بحزم المقاومين الأباة.

بعد إحباط سورية لمؤامرات الاستدراج وصدها للضغوط اتخذ القرار الأميركي بالتخطيط للعدوان بواسطة تنظيم الإخوان المسلمين وجيش من المرتزقة الذين تم تجنيدهم واصطيادهم من خلال برامج الشراكات الأوروبية والدولية تحت يافطات المجتمع المدني، وحيث نظمت دورات التدريب لآلاف العناصر على تحريك الجموع عبر مواقع التواصل الاجتماعي وعلى إعداد التقارير وفبركة الأخبار وبثها مباشرة إلى قناتي الجزيرة والعربية لخدمة الحملة الإعلامية الهادفة للإيحاء بوقوع ثورة شعبية في موسم «الربيع العربي». وبعد فشل تلك المحاولات سرعان ما جرى تحريك الجماعات المسلحة المجهزة مسبقاً التي هاجمت مؤسسات الدولة وأطلقت النيران على أفراد الشرطة والجيش العربي السوري.

خرجت الملايين تأييداً للدولة الوطنية وللرئيس المقاوم الذي لم يتردد في إطلاق مبادرات الحوار الوطني، واتخذ خطوات إصلاحية لم تكن تخطر ببال معارضيه الواقعيين. فجرى منع الحوار السياسي بقرار أجنبي استجابت له الواجهات المرتبطة بالخارج تحت يافطات ومسميات معارضة متحولة قادتها الاستخبارات الأميركية وائتلاف مرتزقة الخليج وتنظيم الإخوان المسلمين، فجاهرت أبواق المعارضات بطلب العدوان الأطلسي المباشر، وأقام بعضها علاقة بالكيان الصهيوني تجد صداها العملي في جبهة الجولان.

مع انقضاء العام الرابع منذ انطلاق العدوان على سورية لا تزال الدولة السورية الوطنية المقاومة متمسكة باستقلالها، ولم تخضع لمشيئة المعتدين. وهي في أحلك الظروف صاغت مواقفها الإيجابية من المبادرات والمساعي وفقاً لمصلحة الشعب العربي السوري وبشروطها الاستقلالية وبمقاومة صريحة لجميع أشكال الهيمنة والتدخلات الأجنبية في شؤونها الوطنية والسيادية.

ثبات الرئيس بشار الأسد وصموده والتفاف الشعب العربي السوري حول زعامته هو العلامة الفارقة التي أتاحت لسورية حماية استقلالها الوطني وصمود قواتها المسلحة وتماسكها. وبعد هذه السنوات بات الجيش العربي السوري في مجابهة عارية مع إرهابيي جناحي «القاعدة»: «داعش» و«جبهة النصرة» الذين بات هاجس الخوف من ارتدادهم وخروجهم عن السيطرة يشغل قادة حلف العدوان وقد بات على الجميع أن يختاروا بين الدولة الوطنية السورية وجحافل الإرهاب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى