مقالات مختارة

تحدي المبادرة الفرنسية: زلمان شوفال

 

النصر المقنع لتحالف احزاب الوسط ـ يمين في فرنسا (يو.ان.بي) لنكولاي ساركوزي في الانتخابات المحلية هو تمهيد لفشل متوقع لليسار ايضا في الانتخابات الرئاسية بعد سنتين. ليس هذا مفاجئا. فليس فقط أن الاقتصاد الفرنسي بالادارة الملتوية لليسار لم يُصلح، ولكن تحليل الانتخابات للرئاسة في 2012 أظهر بوضوح أن فرانسوا أولاند فاز بفضل ظاهرتين كما يبدو لن تتكررا: أولا، اليمين المتطرف برئاسة السيدة لوبين في الجولة الثانية قرر دعم ساركوزي. ثانيا، الناخبون المسلمون تدفقوا بجموعهم للتصويت لليسار.

بناءً على ذلك، فمن الممكن أن الرئيس اولاند يعتقد أن اتخاذ مواقف مؤيدة للعرب في الموضوع الإسرائيلي الفلسطيني لن يضر به على المستوى المحلي، خاصة اذا كانت تلك تتساوق مع المقاربة التقليدية لباريس منذ 1967 في هذا الشأن. في نهاية المطاف في 1980 كانت فرنسا هي التي صاغت «اعلان فنيسيا» للسوق الاوروبية الذي دعا إلى اعطاء «حق تقرير المصير»، أي اقامة دولة فلسطينية بمشاركة م.ت.ف. في 1967 عارضت فرنسا الصيغة البريطانية لقرار 242 لمجلس الامن، الذي اشترط انسحاب إسرائيلي من مناطق محددة بتحديد حدود آمنة ومعترف بها، وطالبت مقابل ذلك انسحاب «من كل المناطق». واستمرارا للخط المذكور أعلاه حاولت فرنسا في الخريف الماضي المبادرة بقرار جديد في مجلس الامن، الذي كان من شأنه اعطاء تعبير ملموس لمقاربتها، سواء بالنسبة للدولة الفلسطينية أو بالنسبة لحدودها، ولكن هذه المبادرة صُدت من قبل الولايات المتحدة.

في الآونة الاخيرة تتزايد الأنباء بأن فرنسا ستجدد مبادرتها التي ستتضمن هذه المرة اشارة محددة لحدود 1967 وللقدس كعاصمة لدولتين. الغاء حق العودة غير موجود في مشروع القرار وكذلك الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية. الفرنسيون يعتقدون كما يبدو أنه في أعقاب ما قالته الادارة الامريكية عن الحاجة إلى اعادة تقييم الاسلوب للوصول إلى دولتين، يوجد احتمال أن تُمكن واشنطن في هذه المرة من تمرير مشروع قرارهم، حتى اذا كانت الولايات المتحدة نفسها لم تؤيده. ومع ذلك، يبدو أن باريس لم تقرر بعد بصورة نهائية حول هذا الموضوع، وذلك بسبب أنها غير مقتنعة تماما بخصوص الموقف الامريكي.

كما أن إسرائيل غير مقتنعة، ولهذا فان اغلبية نشاطاتها الدبلوماسية والسياسية يجب أن تتركز في الايام القريبة في الجهود لتأمين استمرار المعارضة الفعالة للولايات المتحدة للمبادرة الفرنسية المقلقة، وربما أن الموضوع الإيراني يمكن أن يشكل رافعة ايجابية من جانب إسرائيل لتحقيق هذه الغاية. الميزان تجاه فرنسا غير سلبي تماما، حيث أن الاستقامة تقتضي الاشارة إلى أنه في النضال ضد النووي الإيراني تجاه إسرائيل فان الموقف الفرنسي متصلب ومسؤول أكثر من موقف الولايات المتحدة. لكن يبدو أن الفرنسيين يعتقدون أنه لا يوجد تناقض بين دعم السير في المجال الفلسطيني وبين المسار الإيراني رغم أن هذا ايضا من شأنه أن يقرر حقائق سياسية يمكن أن تضر بأمن إسرائيل ومستقبلها.

إسرائيل اليوم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى