بقلم غالب قنديل

منطق نصرالله والردود الخاوية

nasrallah

غالب قنديل

تدير المملكة السعودية وأصدقاؤها حملة منظمة ضد السيد حسن نصرالله منذ خطابه الأخير حول العدوان على اليمن ويبدو بكل وضوح ان طلبات وإيحاءات منظمة حركت آلة سياسية وإعلامية مترامية الأطراف داخل لبنان وخارجه فانهالت التصريحات والمقالات التي تهاجم السيد وخطابه.

أولا  تركزت حملة المستكتبين والمستصرحين على محاولة الإيحاء بأن سماحة السيد نصرالله كان منفعلا والغاية إشاعة انطباع يحجب ما قدمه خطاب نصرالله من حجج منطقية قوية في وجه دعاية التسويق للحرب على اليمن والتهرب من النقاش الجدي تحت هذه التغطية طبع غالبية الردود التي لم يقدم أصحابها حجة واحدة مقابلة تدحض استنتاجا ورد في الخطاب .

فالسيد نصرالله قدم عرضا للوقائع يسقط فرضية أن الشرعية الدستورية اليمنية تتمثل بالرئيس السابق منصور هادي وهو ما تردده اطراف يمنية عديدة وليست حركة انصار الله بمفردها من يتبناه وقد استند إعلان الحرب على اليمن إلى هذه الذريعة في الشكل ورغم التشديد اللفظي المتواصل على هذه النقطة فإن من جادلوا في خطاب السيد تهربوا من النقاش في شرعية هادي المنتهية ولايته مرتين ومن ثم المستقيل رسميا والذي استحضر على عجل لتغطية قرار الحرب بعد تداعي تشكيله المسلح المشارك لجماعات القاعدة وداعش على الأرض اليمنية .

لم تقدم الردود جميعها أي دليل يثبت شرعية هادي وقد واصلت النسج على منوال الخطاب السعودي تكرارا لمزاعم الشرعية التي انتهت صلاحيتها في نظر اليمنيين منذ تبني الرئيس السابق لخطة تقسيم البلاد وتعطيله لتفاهمات الحوار الوطني .

ثانيا  قدم قائد المقاومة صورة مقارنة لمسار المواقف والأحداث بين الخيارين السعودي والإيراني خلال العقود الماضية وقدم تفسيرا علميا لما يسمى بتغلغل النفوذ الإيراني في المنطقة وحيث برهن خطاب نصرالله على ان ما قامت به المملكة السعودية منذ الثمانينات كان الرمي بثقلها السياسي والاقتصادي لتسويق مشاريع الاعتراف بإسرائيل وتقديم التنازلات عن الحقوق العربية والامتناع عن دعم قوى المقاومة في لبنان وفلسطين بينما اعطت المملكة الأولوية للحرب على إيران وشنتها بواسطة الرئيس الراحل صدام حسين تنفيذا للمشيئة الأميركية والغربية في حين كرست إيران جهودها لدعم المقاومة الفلسطينية بجميع تياراتها وأقامت مع سورية منظومة القوة الحاضنة لخيار الصمود والمقاومة في وجه الكيان الصهيوني.

طبعا ومن غير نبش دليل واحد يثبت عكس ما قاله السيد ركزت الردود على كلمة “تنابل” التي استخدمها في الدلالة على “قعود” الحكومات العربية عن واجباتها مقابل الدينامية الإيرانية الداعمة لقوى المقاومة في وجه العدوان الصهيوني وبالشراكة مع الدولة الوطنية السورية .

الحقيقة ان حكومات الرجعية العربية وقيادتها السعودية في المنطقة لم يكونوا تنابل وفي التعبير ظلم كبير بالإذن من سماحة السيد لأنهم في التعامل مع لبنان على سبيل المثال وظفوا جميع إمكاناتهم المخابراتية والمالية والسياسية في خدمة إسرائيل وأهدافها من دعم اتفاق 17 ايار والحكم الدمية الذي أبرمه حتى غرفة عمليات شرم الشيخ خلال عدوان تموز 2006 وقد كانت لأجهزة المخابرات السعودية يد طولى في العديد من الجرائم التي دبرها الحلف الأميركي الصهيوني في لبنان من متفجرة بئر العبد في الثمانينات حتى اغتيال القائد الشهيد عماد مغنية قبل سنوات وإلى اليوم يستمر التآمر الموصول وهم لم يتوقفوا لحظة واحدة عن استعمال التحريض المذهبي الذي تتقنه إمبراطورياتهم الإعلامية الضخمة لمحاصرة المقاومة ومحاولة خنقها .

ثالثا يتلطى الرداحون خلف كذبة رفض النفوذ الإيراني الذي خضعت له المملكة السعودية ورحبت به عندما كانت تستظل نظام شاه إيران حليف إسرائيل والدركي الوكيل حامل التفويض الأميركي وكانت إمبراطورية الشاه فارسية شيعية ببرنامج نووي مرحبا بها بضفة الآمر الناهي لحكومات الخليج والصديق الحميم لحكم كمب ديفيد فقوبل سقوطها بالعويل والنحيب والحداد الطويل في قصور السادات وفي جميع دواوين الخليج المفجوعة وهذه حقيقة تجنبوا المجادلة بشأنها لأنها صارخة وقوية مثلها مثل الهيمنة السعودية على اليمن الغاية الفعلية للعدوان وبغض النظر عن ذرائع الشرعية وغيرها .

عندما يخلو التصريح او المقال من المنطق يصبح التلاعب بالغرائز والتحريض الهمجي هو سبيل القائل او الكاتب خصوصا لو كان إغراء الفاتورة عظيما وهذا ما يصح في معظم ما قراناه وسمعناه ولم يقدم احد ما ردا على كلام السيد المشحون بالوقائع والأدلة المفحمة.

ان يكون خطاب قائد المقاومة مشحونا بعاطفة تضامن مع شعب مظلوم يقتل في البيوت والعراء عقابا على طلبه للسيادة والاستقلال وعلى طموحه إلى التغيير والتقدم فذلك أضعف الإيمان وان ترتفع نبرة السيد نصرالله في رفض الظلم فذلك يناسب موقعه كقائد لمقاومة هزمت الصهيونية وأذلتها رغم خنوع وتآمر الحكومات العربية “المعتدلة” وقد أبقى خطاب نصرالله مشروعية لعروبة مقاومة تناصر شعبا عربيا مظلوما تستباح حياة اطفاله ونسائه بأيد عربية حتى لا يلقي أجلاف العرب بأثقالهم على صدور الفقراء والمستضعفين الحفاة العراة من أحرار اليمن الأباة الذي ما هانوا لمستعمر او غاز على مر العصور.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى