مقالات مختارة

يوم الأرض . . . الصراع والتحدي: د . فايز رشيد

الأرض هي عنوان الصراع بيننا . . بين شعبنا وأمتنا وبين العدو الصهيوني . نعم الأرض هي عنوان تحدينا للعدو الغاشم الذي حاول تزوير التاريخ والوقائع واعتبر فلسطين “أرضاً بلا شعب لشعب بلا أرض” سمّى فلسطين: “أرض الميعاد” و”أرض إسرائيل” وبغيرها من الأضاليل والأساطير الزائفة . يوم الأرض الفلسطينية هو ذكرى خالدة في تاريخ شعبنا: إنه عنوان التصاقه بأرضه الطيبة وبوطنه المحتل من قبل العدو الصهيوني . صادف أمس الثلاثين من مارس/آذار، الذكرى التاسعة والثلاثين ليوم الأرض، يوم تنادى الفلسطينيون في منطقة 48 في عام 1976 إلى تنظيم تظاهرات حاشدة في كل المدن والقرى الفلسطينية، احتجاجاً على مصادرة السلطات الصهيونية ل(31) ألف دونم من أراضي الجليل: في عرّابة وسخنين ودير حنا، وغيرها . قامت التظاهرات الفلسطينية وجاء الجيش والدبابات “الإسرائيلية” وحرس الحدود، لقمع هذه التظاهرات بالقوة وبالرصاص الحي، الأمر الذي أدّى إلى استشهاد 6 من أبناء شعبنا وجرح المئات .

لم تكتف سلطات الاحتلال بذلك، بل فرضت حظراً للتجول في قرى الجليل والمثلث، وذلك في اليوم التالي، وقامت بحملة اعتقالات واسعة بين الفلسطينيين في منطقة 48 طالت المئات .

لقد أصبح هذا اليوم منذ تلك الحادثة، يوماً للمحافظة على الأرض الفلسطينية من التهويد، ورمزاً لوحدة الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات، ودليلاً حياً على انتماء شعبنا إلى أمته العربية التي تشكل عمقه الاستراتيجي . فجماهير شعبنا وفي كل أماكن وجودها إضافة إلى قطاعات واسعة من أمتنا، جعلت من هذا اليوم مناسبة من أهم مناسبات التاريخين الفلسطيني والعربي، تعلن فيه تمسكها بكل الأرض والوطن الفلسطيني، مناسبة تؤكد فيها التزامها بتحرير فلسطين وأن “إسرائيل” الغازية إلى زوال، مناسبة تؤكد فيها حق العودة لكل اللاجئين من منطقة ،48 الذين أجبرتهم الدولة الوليدة والعصابات الصهيونية، على الخروج من أراضيهم عبر ترحليهم، وقامت باقتراف المذابح والمجازر الجماعية لإرهاب أهل فلسطين وإجبارهم على الرحيل، وذلك في مخطط مدروس لهدم ما يزيد على 500 قرية فلسطينية فيما بعد، مسحتها بعد تدميرها في محاولة واضحة لتزييف تاريخ الأرض كي يتلاءم مع الأضاليل والأساطير الصهيونية .

لقد استولت “إسرائيل” على 92% من أراضي فلسطين في عام 1948 بموجب قوانين أساس للسلب والنهب،سنّتها الكنيست الصهيوني . لم تكتف الدولة الصهيونية بهذا، بل أصبحت تصادر بشكل دوري المزيد من الأراضي الفلسطينية مرّة بحجة: لزوميتها للأمن والجيش الصهيوني، وتارةً لأهميتها لبناء المستوطنات والمستعمرات الجديدة للقادمين الجدد إلى دولتها المسخ, ولمحاولة تهويد الجليل بغض النظر عن الشعار الزائف الذي طلع به الكيان وهو “تطوير الجليل” وبموجبه قام بمصادرة جديدة لأراضي الشمال . في عام 1976 تنادى أبناء وطننا المحتل أرضهم في عام 1948 ومن خلال مؤتمر عقدوه في الناصرة، وكان من أبرز قراراته: تنظيم احتجاجات بأشكال مختلفة في 30 مارس/آذار 1976 احتجاجاً على مصادرة أراضيهم، وكان ما كان، الدولة الصهيونية تتغنى دوماً “بديمقراطيتها”، وأن العرب في أراضي 48 لهم نفس حقوق اليهود . جاء يوم الأرض ليكشف زيف حقيقة “الديمقراطية” الصهيونية، فالاعتداءات التي تمت على الفلسطينيين آنذاك بدت وكأنها حملة لمقاتلة جيش آخر، مسلّح بأحدث الأسلحة، وليس حملة لمقاومة أناس يتمسكون بأرضهم ووطنهم بشكل سلمي وليس لديهم من الأسلحة شيئاً غير إيمانهم بعروبتهم وحقوقهم في هذه الأرض، والحجارة فقط هي التي قذفونها على المعتدين .

لقد تمثلت المعادلة “الإسرائيلية” في التعامل مع أهلنا في أراضي 48 ب”أرض أكثر وعرب أقل” . لذلك حرصت الدولة الصهيونية منذ إنشاء كيانها حتى اللحظة، على اتباع سياسة التضييق والخنق على أهلنا في كل المجالات، هذا عدا سياسات التمييز العنصري، الفاشي بحقهم، في محاولة واضحة لدفعهم دفعاً للخروج من وطنهم وأرضهم، بخلق واقع مادي حياتي صعب لهم، بحيث يصبح من المستحيل عليهم البقاء فيها . بالرغم من ذلك صمد أهلنا وما زالوا صامدين في وطنهم .

لقد قامت الكنيست الصهيوني في السنوات الأخيرة بسن المزيد من القوانين العنصرية بحق أهلنا الذين يعانون مدى يقارب السبعة عقود، .كان عنوان كل الحكومات الصهيونية (بخاصة الحكومة الفاشية المنحلّة) المزيد من مصادرة الأراضي الفلسطينية سواء في المنطقة المحتلة عام 1948 أو في الضفة الغربية المحتلة عام 1967 حيث تزايد الاستيطان الصهيوني العام المنصرم 2014 بنسبة 134% عن العام الذي سبقه 2013 . وقد وقعت الحكومة الصهيونية المؤقتة، مخططاً لبناء الآلاف من الوحدات الاستيطانية الجديدة خلال العام الحالي 2015 . الشهية الصهيونية لابتلاع الأرض الفلسطينية مفتوحة دائماً ولا تشبع، وكأنها تريد محو تاريخ الأرض الفلسطينية مثلما تاريخ الوطن الفلسطيني المنزرع عميقاً في التاريخ العربي – الإسلامي لهذه الأرض .

لكن بئس هذه المحاولات الفاشلة التي لم ولن يكتب لها النجاح . لقد آن الأوان للسلطة الفلسطينية مغادرة مربع المفاوضات والتسوية بشكل نهائي وإعادة الاعتبار للكفاح المسلح، فهذا العدو لا يفهم إلا لغة القوة . نعم أرض فلسطين لا يمكنها قسمتها على اثنين . أرض فلسطين من النهر إلى البحر كانت وستظل عربية خالصة .

في يوم الأرض كل التحية لأبناء شعبنا الفلسطيني في أراضي 48 وحيثما يوجد، والنصر لقضيتنا وشعبنا ووطننا الفلسطيني الذي هو جزء لا يتجزأ من الوطن العربي الواحد والموحد من المحيط إلى الخليج .

(الخليج)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى