تقارير ووثائق

النص الكامل لكلمة سماحة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله مساء الجمعة 27-3-2015:

sayyed223

السيد نصرالله: اليمن سينتصر على العدوان و الذرائع السعودية واهية

بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسىلام على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه المنتجبين وعلى جميع الانبياء والمرسلين.

السلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته.

في الحقيقة قبل أيام كنت أحضّر لحديث تلفزيوني معكم بعد غياب لأسابيع وكان هدفي استعراض بعض القضايا المحلية وإطلالة عامة على وضع المنطقة. ولكن لا شك أن التطور الخطير الذي حصل في المنطقة من خلال بدء حرب عدوانية على اليمن سيطغى على حديثي كما طغى على الاهتمامات السياسية في المنطقة والعالم، ولذلك أنا في الموضوع الداخلي والمحلي سأكتفي بنقطتين وباختصار شديد وأدخل إلى الوضع المستجد الذي يتطلب موقفاً وتحديد مسؤوليات.

بطبيعة الحال، لكل لبناني كما لكل عربي كما لكل إنسان في العالم أن يحدد موقفه من تطور بحجم العدوان على اليمن. في لبنان نحن أتينا متأخرين أيضاً، لأنه كي لا يأتي أحد ويعتب ويقول أنتم تعبّرون عن مواقف ولبنان يتحمل أو لا يتحمل. أنا بالصدفة كنت أحضر في منتصف الليل، أرى آخر الأخبار فأول خبر عاجل على قناة العربية الذي أعلن بدء العدوان تقريباً منتصف الليل على اليمن وبدأت تتتالى المواقف، ويمكن بعد أقل من ساعة من بدء العدوان رأيت الرئيس سعد الحريري يحكي ويعقّب، وأيّد العدوان السعودي وأدان الجماعة في اليمن وحكى عن تدخل إيراني وقال ما قال.

حسناً، في لبنان كذلك، كل الناس “لحّقت حالها” وأخذت مواقف وهذا حق طبيعي، مؤيّد، معارض، ضد، مع، ليس هناك مشكلة. أيضا لنا حقنا أن نعبّر عن موقفنا وعن رؤيتنا المختلفة، وكما نحترم حق غيرنا في التعبير عن رأيه وموقفه، وبالأدبيات التي يراها مناسبة وهي أدبيات تستفزّنا بالتأكيد، وكذلك من حقنا ولا يجوز من أحد أن يصادر لنا هذا الحق في أن نعبّر عن موقفنا، وبالأدبيات التي نراها مناسبة. لكن ما أتمناه أن لا يؤدي هذا الاختلاف الجديد أو الانقسام السياسي الجديد من هذا التطور في الخليج لأن يوتّر البلد عندنا في لبنان أو يؤدّي لانعكاسات على مستوى موضوع الحكومة. طبعاً الحكومة يجب أن تراعي مختلف الاتجاهات والآراء اللبنانية في هذه المسألة وأن لا يأخذ البلد إلى احتقان جديد أو يؤثر على الأوضاع العامة .

نقطتان سأتحدث بهما النقطة الاولى في الوضع المحلي سريعاً

النقطة الأولى: الحوار والمحكمة وما يقال فيها: منذ البداية نحن اخترنا الحوار لمصلحة وطنية، لمصلحة بلدنا، أن يجلس (مسؤولو) حزب الله وحزب المستقبل ويتكلموا مع بعض والمصلحة أن يجلس كل الناس ويتحدثوا مع بعضهم في لبنان، كل القوى السياسية والاتجاهات السياسية والسقف كان منطقياً وواقعياً وهو تخفيف الاحتقان المذهبي خصوصاً ومنع انهيار البلد وبالملفات التي نستطيع أن نتعاون وأن نتفاهم وأن ننجز، فليكن ذلك .

منذ البداية، كان هناك جهات سياسية في لبنان، قوى سياسية خارج تيار المستقبل وداخل تيار المستقبل، كان هناك شخصيات ترفض هذا الحوار وتعارضه بشدة وتعمل على تخريبه، منذ اللحظة الأولى لانطلاق هذا الحوار وما زالت تعمل وتستغل كل فرصة في سبيل هذا الهدف، ومنها مجريات ما يُدلى به من شهادات في المحكمة الدولية .

بالنسبة إلينا نحن لا نعير هذه الاصوات وهذه المواقف أي اهتمام، نحن سنواصل هذا الحوار طالما أنه يمثّل مصلحة وطنية وليس حاجة فئوية في الحقيقة، ونتحمل كل هذه الاستفزازات وصدرنا رحب ونستطيع أن نتحمّل كل هذه الاستفزازات. ولذلك أنا أدعو خصوصاً جمهور المقاومة إلى الصبر والتحمّل وعدم الاعتناء بهذه الأصوات، لأن هدفها إعادة التحريض الطائفي والمذهبي وإحياء الفتنة، ولأن هؤلاء لا مكان لهم إلا في ظل الفتنة، في ظل الانقسامات الحادة، في ظل الصراعات الداخلية، لذلك نحن لا نريد أن نحقق لهم ما يريدون. الأمر يحتاج فقط إلى بعض التحمّل وتجاهل كل هذه الاستفزازات التي تحصل .

وأما فيما يتعلق بالمحكمة الدولية وما قيل ويقال على منابرها فالكل في لبنان والعلم يعرف أننا قبل سنوات تحدثنا بوضوح وأعلنّا موقفاً واضحاً وحازماً ونهائياً من موضوع أصل المحكمة وتركيبة المحكمة وأهداف المحكمة وأداء المحكمة وقوانين المحكمة ونتائج المحكمة، وهذا محسوم بالنسبة لنا، ولذلك لا يعنينا ما يجري في هذه المحكمة وإن كان قد تابع اللبنانيون الشهادات المطولة وسمعوا الكثير من القَصص ولم يلحظوا حتى الآن أي كلام له قيمة قانونية.

أنا لست معنياً لا بالدخول في النقاش أو التعليق على هذا الأمر ولكن أود أن أذكر فقط أننا لا نعلق على كل ما يقال في المحكمة لأن المحكمة أصلاً وتفصيلاً وفرعاً وابتداء اًو نهاية، موقفنا منها حاسم وواضح. وعندما يكون الشيء بأكمله مرفوض بالنسبة إلينا، نحن لسنا بحاجة إلى أي تعليق، ولذلك “ما حدا يطلع ويقول”: قال الشاهد الفلاني كذا، ولكن حزب الله لم يعلق، وقال الشاهد الفلاني كذا وحزب الله ما قال شيئاً. لا يعنينا كل ما يقال في هذه المحكمة وهذا أمر منتهٍ .

النقطة الثانية المحلية أنه خلال الأسابيع الماضية أيضاً شهدنا حملة جديدة أو مستجدة في موضوع توجيه اتهامات بالنسبة لتعطيل انتخابات الرئاسة.

لا شك أن الفراغ الرئاسي أمر مؤذٍ للبنان وأن إجراء انتخابات رئاسية أمر مهم جداً، ولكن البعض يحب أن يحيل المسؤولية على الآخرين. ما يعنيني هنا ما قيل خلال الأيام القليلة الماضية من اتهام لإيران وبالتالي لحزب الله ـ لكن الاتهام موجه لإيران ـ بأنها هي التي تعطل الانتخابات الرئاسية في لبنان. بكل صراحة أكتفي بالقول إن إيران لا تتدخل في الانتخابات الرئاسية في لبنان ولم تتدخل ولن تتدخل.

الفرنسيون اتصلوا بالإيرانيين وحثّوهم كثيراً، والإيرانيون أحالوهم على اللبنانيين وقالوا لهم إن هذا شأن لبناني داخلي وإيران لا تضع أي فيتو على أي شخصية لبنانية للوصول إلى الرئاسة. لمعلومات الجميع، هي لم تسمّ أحداً ولم ترفض أحداً ولم تناقش معنا اسماً. ولذلك هي ليست مسؤولة عن التعطيل. المسؤول عن التعطيل – الآن اليوم صار يجب أن نحكي الأمور كما هي – الذي يعرفه اللبنانيون كثيراً وجيداً وفي الإعلام وفي الكواليس وفي الدوائر السياسية أن هناك دولة معينة سأحكي اسمها بعد قليل تضع فيتو على المرشح الأقوى والطبيعي والمنطقي الذي يمكن أن يحقق التوازن والاستقرار في لبنان ويمثل الحيثية المسيحية والوطنية الكبرى. هي تضع فيتو وتمنع الانتخاب وهي المملكة العربية السعودية وبالتحديد وزيرالخارجية سعود الفيصل، وهذا كل الناس تعرفه. أنا شخصيا استنتاجي ان قيادة تيار المستقبل في مكان ما قد لا تمانع، رئيس تيار المستقبل في مكان ما في المناقشات الضمنية هنا وهناك أو في قناعاته الذاتية قد لا يمانع بهذا الخيار. لكن المشكلة عندنا في لبنان أن هناك دولة وضعت فيتو على رئيس.

جيد، أنتم تعرفون ان الذي يعطل الانتخابات الرئاسية في لبنان هي السعودية. لماذا تحمّلون ايران التي لا علاقة لها بهذا الملف لا من قريب ولا من بعيد بالانتخابات الرئاسية اللبنانية. نحن نقرر ونحن ننتخب ونحن نحدد ولا يملي أحد علينا شيئاً لا من أصدقائنا ولا من غير أصدقائنا. اذهبوا أولا فليصبح قراركم ملك أيديكم دون أن تصغوا إلى فيتو من هنا وفيتو من هناك. حينئذٍ يمكن أن تصل الانتخابات الرئاسية في لبنان إلى خاتمتها الطبيعية والمنطقية.  

أكتفي بهاتين النقطتين في الموضوع اللبناني لأدخل إلى الموضوع الكبير والمستجد..

عندما سمعنا في الأخبار في منتصف الليل أن الحرب السعودية بدأت على اليمن وشنت الغارات وعمليات قصف واسعة، وبعد ذلك قيل إن هناك عشر دول وما شاكل، وتحالف تشكل، وسمّيت الحملة بـ “عاصفة الحزم”.. دعونا نتكلم في البداية وجدانيات وندخل على السياسة، ولم يخطر ببالي أنا، أنا واحد من الناس خطر ببالي، منذ تلك اللحظة إلى الآن وأنا أتابع الأخبار والتعليقات، وجدت أن الكثيرين يقولون هذا. الذي خطر في البال هو التالي: ما الذي حصل حتى هبّت عاصفة الحزم عند النظام السعودي وعند حلفائه، وأصبحنا نرى وجود حزم عربي وشهامة عربية وشجاعة عربية وبطولة عربية وإرادة عربية، ما شاء الله، شيء ملفت حقيقةً. ولكن المؤلم أننا على مدى عقود نحن في فلسطين وشعوب المنطقة التي تعيش في جوار فلسطين وتكابد منذ 1948 إلى اليوم معاناة ومصائب وجود الكيان الاسرائيلي في فلسطين لم تهبّ علينا لا عاصفة حزم ولا نسمة حزم، كنا نحلم بنسمة عربية من هذا النوع، للأسف الشديد لم يحصل شيء من هذا.

حسناً، إذا الموضوع استصراخ، فإن الشعب الفلسطيني يستصرخكم منذ عقود وما زال يستصرخكم. في لبنان، في العام 82 نعم الشعب اللبناني استصرخكم لكن بعدها يئس منكم، في العام 2006، أنا قلت لا نريد منكم شيئاً فقط “حلّوا عنا”، لكنّ الشعب الفلسطيني ما زال يستصرخكم ويناديكم ويستغيث بكم، في الحرب الأخيرة، حرب 51 يوماً على غزة، بيوت آلاف الغزاويين تدمّر وتقصف، نساؤهم وأطفالهم تذبح وهؤلاء مسلمون سنة “بالاذن نحكي هذه اللغة”، وكانوا يستغيثون ويستصرخون وينادون ملوك العرب وأمراء العرب والزعماء العرب ولم تحركوا ساكناً، فمن أين جاءت هذه الهمّة والحميّة وهذه الشجاعة وهذه الشهامة والحزم. هذا طبعاً أمر يستحق التفاجؤ ويستحق التألم بنفس الوقت، وأكيد هناك شيء مهم وكبير وخطير أهم من كل ما جرى على منطقتنا خلال عقود من الزمن كل ما حصل في منطقتنا من حروب ومن مظالم ومن ومن ومن ومن.. لم يستدعِ تدخلاً عسكرياً سعودياً وعاصفة حزم سعودية، صار شيء استدعى هذا الأمر، دعونا نرى ما هو هذا..

إذا كان الهدف هو إنقاذ الشعب اليمني، فلماذا تركتم الشعب الفلسطيني عقوداً من الزمن ولم تحركوا ساكناً، بل تآمرتم عليه ومزّقتموه وخذلتموه وبعتموه للاسرائيليين والاميركيين.

ثانياً: إذا كان الهدف إعادة السلطة الشرعية متمثلة بحسب ادعائكم بـ عبد ربه منصور وحكومته فلماذا لم تبذلوا جهداً لاستعادة ما هو أهم من سلطة وهي أرض فلسطين ومقدسات الأمة في فلسطين وقبلة المسلمين الأولى في فلسطين.

ثالثاً: أنتم تقولون إنّ الوضع الجديد في اليمن يهدد أمنكم وأمن منطقة الخليج وأمن السعودية، مع أنه وضع جديد وبعد ما اتضح ما هي إمكاناته وقدراته، لم يتشكل بشكل نهائي وتقولون إنكم استشعرتم الخطر وبادرتم إلى هذا العدوان.

حسناً، ألم تستشعروا خطر وجود إسرائيل وهي تمتلك أقوى جيوش العالم وهي على حدود موانئكم وبحاركم ومحيطاتكم وبلدانكم. هذا يعني أيها العرب أيها المسلمون هذه شهادة عربية جديدة أن اسرائيل ليست الآن عدواً، وهي ما كانت عدواً، لم تكن في نظر هؤلاء في يوم من الأيام عدواً أو تهديداً يستدعي أو يستلزم همة وعاصفة من هذا النوع.

على كل حال، تعالوا لنناقش الحجج. أنا طبعا مسؤوليتي أن أشرح هذا الموضوع لنختم بموقف ودعوة.

لنرَ هذه الحجج التي أُطلقت، هل تسوّغ، هل تجوّز لهم أن يشنوا حرباً قاسية ومدمّرة؟ الآن بيوت تهدم وبنية تحتية تدمّر، مدنيون يقتلون، نساء وأطفال، هل هناك داعٍ، هناك سبب، هناك حجة؟

وهذا ينسحب أيضاً حتى على تلك الجهات العلمائية التي تريد أن تُضفي شرعية على هذه الحرب،

ما هي الحجج التي طرحت حتى هذه اللحظة للعدوان على اليمن وعلى شعب اليمن ؟

هي ثلاث حجج بشكل أساسي، سأترك الحجة الكبيرة لآخر الكلام لأنها تتطلب تعليقاً واسعاً.

الحجة الاولى: أنه يوجد رئيس شرعي منتخب باعتقادهم، مع أن الرجل استقال ثم عاد عن الاستقالة، مع أن مدته انتهت بحسب المبادرة الخليجية.. حسناً، بدون هذا النقاش، لنفترض أنه ليس هناك مشكلة، لا هو مستقيل ولا مدته انتهت ولا أي شيء، هناك رئيس شرعي كامل وطلب منهم: ساعدوني لتعيدوني رئيساً، لتعيدوا حكومتي لحكم البلد. هذه هي الحجة، هل هذه حجة كافية لتشنوا حرباً على اليمن.

أنتم سابقا لم تفعلوا شيئاً من هذا. مثلاً عندما قام الشعب التونسي على زين العابدين بن علي وهرب إلى السعودية وهو ما زال في حماية السعودية، وغضب في ذلك الوقت الملك السعودي وكان له مواقف وللسعودية مواقف قاسية جداً وحادة جداً من ثورة الشعب التونسي وحاول أن يعيد الرئيس زين العابدين بن علي ولكنه فشل أمام الإرادة التونسية ولم ينشئوا تحالفاً ولا ائتلافاً عربياً ودولياً و”أن قوموا إلينا نريد أن نشن حرباً على الشعب التونسي من أجل أن نعيد الرئيس الشرعي والحكومة الشرعية” .

مثل آخر وأكتفي بالأمثلة.

في مصر كلنا يعرف أن موقف المملكة العربية السعودية من ثورة الشعب المصري التي أطاحت الرئيس حسني مبارك موقف معادي وسلبي جداً وموقف علني وقيل إنه حصل سجال بينهم وبين الأميركيين، لأنهم اعتبروا أن الأميركيين متهاونون ومتساهلون أو متواطئون، وأقاموا الدنيا ولم يقعدوها من أجل حسني مبارك. وهذه مصر إلى جواركم ومهمة جداً لكم، ولم تنشئوا تحالفاً دولياً ولم تقولوا “قوموا الينا نريد أن نعتدي على مصر ونضرب أولئك المتمردين” على الرئيس الشرعي بحسب اعتقادكم حسني مبارك، لم تقوموا بشيء كهذا.

لماذا في اليمن؟ معناها ليست هذه هي القصة. هذه الحجة غير صحيحة، هذه مجرد حجة واهية، ذريعة، كذبة من الأكاذيب لشن الحرب. بعدها لماذا فعلوا هذا؟ إذا كانوا يريدون إعادة الرئيس الشرعي فإن الأمر يبدأ بالعقوبات وبالضغوط السياسية والضغوط المالية والضغوط الاقتصادية ويستدعون الناس إلى الحوارات ويستفيدون من كل الصداقات والعداوات الموجودة في العالم، وفي آخر المطاف يلجأون إلى هذا الخيار. ما هو سر هذه المسارعة الغريبة العجيبة المفاجئة لعمل عسكري بهذا الحجم؟

إذاً ليست المسالة مسألة رئيس وحكومة يريدون إعادتها إلى اليمن بل المسألة أعمق من هذا بكثير.

الحجة الثانية أن الوضع الجديد في اليمن، يعني هذا الوضع الجديد حتى لا أستخدم كثيراً من الأسماء سأقول الوضع الجديد في اليمن، المقصود فيه هذه الثورة الشعبية العارمة التي تتقدمها حركة أنصار الله وبالتعاون والتآزر والتكافل مع الجيش اليمني وكثير من شرائح وقبائل الشعب اليمني على اختلاف اتجاهاته ومذاهبه، هذا الوضع الجديد.

إن الوضع الجديد في اليمن يهدد أمن السعودية وأمن دول الخليج وأمن البحر الأحمر! حسناً، هل هذا صحيح؟ هل لديكم دليل تقدمونه للمسلمين وللشعوب الإسلامية وللسادة العلماء وللمفتين الذين يفتون لكم، دليل قطعي، لأنك أنت تبني حرباً، حرباً فيها سفك دماء. مرة أنت تريد أن تحاسب الناس على نواياها التي تفترضها أنت، فهذا ليس من الانسانية بشيء، ولا من دين الله بشيء. هذا دين جورج بوش، الذي يحاسب على النوايا. ألديكم دليل أن هذا الوضع الجديد في اليمن يهدد السعودية ويهدد دول الخليج أولا، لا يوجد دليل.

ثانياً، الكل يعرف أن مشاكل اليمن الداخلية مشاكل كبيرة، الأمنية، داعش والقاعدة، المشاكل الجهوية، المشاكل المناطقية، موضوع التنمية، الموضوع الإقتصادي، الموضوع الإجتماعي، الموضوع المعيشي، المالي، السياسي، إعادة تكوين السلطة والنظام ووضع دستور جديد. هذا يعني أن الشعب اليمني والقوى السياسية في اليمن لديها عمل من الآن إلى 20 – 30 سنة “يالله تخلص فيه”. والمقدرات العسكرية اليمنية واضحة كم هي، وأكثر أناس يعلمون المقدرات العسكرية في اليمن هم السعودية.

هذا اليمن، هل بدر منه ما يفيد بأنه يهدد أمن السعودية أو يهدد أمن الخليج!؟ الأكثر من ذلك، ما أعرفه أنا، ولا أدري إذا كان طرح في الإعلام أم لا، أن الإخوة في حركة أنصار الله كان لديهم اتصال مع المملكة العربية السعودية ومع قطر ومع دول الخليج، كان هناك اتصالات وكان هناك مفاوضات، وعشية وفاة الملك عبدالله بن عبد العزيز كان هناك وفد من أنصار الله في الرياض، وجلسوا هم والمخابرات السعودية “عم يأخذوا ويعطوا ويتكلموا”.

مات الملك، جاءت تركيبة جديدة، انقطع الإتصال. حسناً، يوجد أناس يقولون نحن حاضرون أن نجري حواراَ سياسياً. ذهبوا إلى الحوار السياسي في صنعاء، لم يقبلوا أن يذهبوا إلى عدن. قلتم الرياض، قبلوا أن يذهبوا إلى مسقط، لماذا رفضتم مسقط؟ إذاً هناك جماعة أولويتهم اليمن، ولم يصدر منهم أي شيء، ومستعدون أن يجروا اتصالات ويعقدوا حواراً سياسياً حول مستقبل اليمن في مسقط أو في دولة محايدة، ولم يعتدوا عليكم بشيء، ولم يبدأوكم بقتال، ولم يعلنوا عليكم حرباً، بل كانوا دائماً يخاطبونكم بودّ، ويقولون لكم: ما يجري في اليمن من تهديد داعش والقاعدة يطال الأشقاء في السعودية كما يطال الشعب اليمني. ماذا بدر من هؤلاء حتى تعلنوا الحرب عليهم وتحكموا عليهم بأنهم يهددون أمن السعودية وأمن الخليج وأمن باب المندب وأمن البحر الأحمر وما شاكل؟

أيضاً هذه الحجة حجة واهية وكاذبة ولا أساس لها من الصحة. أنا أتمنى أن يسمعني الناس حتى بعد ذلك كل واحد يضع عصبيته جانباً، عصبيته المناطقية، وعصبيته الحزبية، وعصبيته الطائفية، وعصبيته المذهبية ليحاول أن يفهم. أنا أقدم مشهداً وناقشونا بهذا المشهد، أقدم وقائع، وقائع معلنة وبعضها غير معلن. عندما تريد أن تؤيد حرباً، عندما ترضى، أي إنسان في العالم يرضى بهذه الحرب هو شريك فيها، شريك في إثمها يوم القيامة، لكل مسلم يفتش عن براءة الذمة، مطلوب أن يجلس ويدقق، ليس أن السعودية أخذت قراراَ فيجب على المسلمين كلهم أن يلحقوا بها! لماذا هذا القرار؟ وقرار على من؟ لو كان على إسرائيل نحن حاضرون أن نكون جنوداً في هذه المعركة، لكن على شعب عربي وشعب مسلم، لا. كل واحد يجب أن يجلس ويفكر قبل أن يقول كلمة يتحاسب عليها في يوم القيامة، في الدنيا يمكن أن لايحاسب أحد أحداً .

الحجة الثالثة وهي الأهم، وهي حجة واهية أيضاً بالمنطق، لاحقاً سأقول لكم السبب الحقيقي ماذا هو، السبب الحقيقي لهذه الحرب.

الحجة الثالثة وهي الأكثر إعلاناً الآن وتسويقاً في الإعلام السعودي والخليجي والعربي وكل الإعلام الممول سعودياً ومن حلفاء السعودية أنه لماذا هم ذاهبون ليشنوا حرباً في اليمن، الحجة هي أن اليمن أصبحت محتلة من إيران، الهيمنة الإيرانية على اليمن، التدخل الإيراني في اليمن، اليمن أصبحت إيران وهذه يمن عربية ويجب أن نستعيدها وهذه جزء من شبه جزيرة العرب التي طبعاً ولا يوم قبلوا أن يدخلوها إلى مجلس التعاون الخليجي، لأنهم يعتبرونها دولة صنف ثاني ودرجة ثانية وشعب فقير وعبء، ماشي الحال، أنه يجب أن نستعيدها من الإحتلال الإيراني والهيمنة الإيرانية والسيطرة الإيرانية. وهذه من أكبر الأكاذيب التي يعمل على إشاعتها اليوم من خلال هذه الهجمة الإعلامية الشرسة الأقوى من الهجمة العسكرية.

حسناً، أيضاً نتكلم قليلاً بهدوء وبمنطق، ومن هذه النقطة في الحقيقة أنا سأوسع الإطلالة قليلاً على المنطقة وأعود إلى اليمن في آخر الكلام. أين هو الدليل والشاهد على أن اليمن محتل من إيران؟ الإحتلال له وجوه، لكن أهم وجه من وجوه الإحتلال الأبرز هو وجود جيوش إيرانية تحتل اليمن، قواعد عسكرية إيرانية موجودة مثلاً في بلد ما فنتهم إيران باحتلال البلد، هل هناك جيوش إيرانية في اليمن؟ هل هناك قواعد عسكرية إيرانية في اليمن؟ هل حقيقة إيران تحتل اليمن عسكرياً؟ هذه من الأكاذيب الواضحة جداً جداً جداً جداً، والتي لا تحتاج إلى نقاش.

حسناً، يقول لك إنه ليس إحتلالاً بالمعنى العسكري، هناك هيمنة إيرانية وسيطرة إيرانية على اليمن. جيد، هذه نقطة جديرة بالنقاش ليس فقط من أجل اليمن بل من أجل فهم كل ما يجري في منطقتنا.

اسمحوا لي هنا أن أطرح مشكلة جوهرية في عقل النظام السعودي ومن معهم، هناك مشكلة بالعقل، وهي عدم الإعتراف بشيء إسمه شعوب، شعب، شعب تونسي، شعب مصري، شعب يمني، حتى شعوب خليجية، حتى شعب سعودي، شعب عراقي، وحركات شعوب، وإرادة شعوب، وقضايا شعوب، ولذلك هم يمكن أنهم ملوك وحكام و(مقتدرون) بين هلالين، هم ينظرون إلى الناس كلهم رعايا، بالتالي الرعية لا يمكن أن يكون عندها إرادة مستقلة أو قضية مستقلة أو ماهية مستقلة أو هوية مستقلة وإذا في يوم من الأيام تمردت فإذاً هي جزء من المحور المقابل وتصنف في الصراع الإقليمي أو الدولي، هكذا يعني هذه المشكلة جوهرية. ولذلك هم تعاطوا مع موضوع تونس كذلك، وتعاطوا مع موضوع مصر بالطريقة نفسها، ومن الأول يتعاطون مع اليمن ومع ليبيا ومع العراق ومع سوريا ومع كل المناطق بنفس الأسلوب. هذا الفهم، هذا العقل إلى أين يوصل؟ يوصل إلى مواقف خاطئة، سياسات خاطئة، وبالتالي إلى نتائج خاطئة، وإلى فشل متراكم. يعني إذا أخذنا من 20-30 سنة إلى اليوم، نأخذ مثلاً السياسة الخارجية السعودية، لا أريد أن أتكلم في الشأن الداخلي، ونأخذ الديبلوماسية السعودية، أتوا لي بنجاحات، أتوا بإنجازات ونجاحات؟ فشل متراكم. الآن أيضاً يأتي في السياق، لماذا؟ الفشل نتيجة سياسات خاطئة، السياسات الخاطئة نتيجة قراءة خاطئة، القراء الخاطئة نتيجة عقل يفكر بشكل خاطئ أو لديه تعقيدات غير صحيحة. في الأصل، هذه السياسات وهذه الطريقة الخاطئة هي التي توصل إلى..، فلنتكلم بصراحة، أن تصبح المنطقة مفتوحة أمام إيران، حتى لو إيران لم تبذل جهداً ضخماً وكبيراً. أنتم، والآن سأذكر شواهد، أنتم الذين تدفعون شعوب المنطقة إلى إيران، المشكلة عندكم ليست عند إيران، المشكلة عندكم، فشلكم، بعقلكم، بإدارتكم، بطريقتكم، بإسلوبكم، بخططكم، بفهمكم.

حسناً، سأعطي أمثلة قليلة، أعيد من خلالها قراءة المنطقة. في لبنان، نأخذ لبنان، نبدأ بلبنان، عام 1982 عندما احتلت إسرائيل أجزاءً كبيرة من لبنان ودخلت إلى العاصمة بيروت، تخلى العرب كلهم عن لبنان إلا سوريا، بعض الدول العربية كان لها موقف سياسي مشكورة عليه، الجزائر، السودان، على ما أذكر، بعض الدول الأخرى، لكن عموماً العرب الذين لديهم فلوس ولديهم مال ولديهم نفوذ والذين يشترون بمئات مليارات الدولارات سلاح وطائرات ومدافع، تخلوا عن لبنان، وكان من حق اللبنانيين أن يقاوموا الإحتلال الإسرائيلي، وبحثوا عن من يساعدهم ومن يساندهم ومن يتعاطف معهم، كانت سوريا وكانت إيران. حسناً، إيران جاءت من آخر الدنيا وكانت هناك حرب مفروضة عليها، أنتم لكم علاقة بهذه الحرب المفروضة على إيران، إيران لم تقف وقالت نظام صدام حسين يحاربني وبدعم عربي ودعم خليجي إذاً فليقلع اللبنانيون شوكهم بأيديهم، لا، لبت استغاثتنا وإستصراخنا، وجاءت وساعدت اللبنانيين، ونقلت إليهم الخبرة والتجربة، وقدمت إليهم المشورة وأعطتهم المال والسلاح والتقنيات ووو.. ولكن المقاومة في لبنان كانت لبنانية، رجالها، نساؤها، قادتها، شهداؤها، أسراها، أبطالها، جرحاها، أيتامها، عوائل شهدائها، قضيتها، حركتها، قرارها، كان لبنانياً مئة بالمئة، لم تكن مقاومة إيرانية. لكن لأنكم لا تعترفون بشعب إسمه لبنان، شعب لبناني ومقاومة لبنانية وحركة لبنانية وإرادة لبنانية، وصفتم هذه المقاومة منذ البدايات إلى اليوم أنها مقاومة إيرانية أو مقاومة تابعة لإيران وهي ليست كذلك وليس لديكم دليل أنها كذلك، ولدي ألف دليل أنها ليست كذلك، ولكن تتصرفون أن المقاومة في لبنان هي مقاومة إيرانية، ليست مقاومة لبنانية وليست مقاومة عربية، حتى عندما جئنا بالنصر لنهديه للعرب وللأمة العربية لم تقبلوا، وتعاطيتم أن هذا نصر إيراني وهذا نصر مذهبي ونحن أردنا هذا النصر لكل العرب ولكل المسلمين ولكل شرفاء العالم.

حسناً هذا مثل. تقول لي: إيران لها إحترام في لبنان، طبعاً، عند فريق واسع ووازن وكبير ولها تأثيرها ولها نفوذها، هذا صحيح، لكن إيران تحتل لبنان؟ لا. إيران تهيمن على لبنان؟ لا. إيران تفرض خياراتها على لبنان؟ لا، أبداً، وأعود إلى هذه النقطة بعد قليل.

هذا لبنان. أما فلسطين، أنتم الحكومات العربية وبالتحديد النظام السعودي ودول الخليج تخليتم عن شعب فلسطين، كما تحدثنا في البداية، وخذلتموه، وتركتموه لإسرائيل، تقتل وتذبح وتشرد وتقصف وتدمر وتنتهك وتأسر وتعتقل، وتركتموه لأميركا تعمل له حل سياسي، من خلال المفاوضات التي لم تؤد إلى نتيجة على الإطلاق ويبحثون فيها عن سراب. لم تفعلوا شيئاً للشعب الفلسطيني. يا أخي، لا تحاربوا من أجل الشعب الفلسطيني، أليس لديكم فلوس! مليارات الدولارات لديكم! لماذا يعيش الشعب الفلسطيني بهذا البؤس في المخيمات، في الشتات، في داخل فلسطين؟ لماذا الشعب الفلسطيني غير قادر حتى الآن أن يعيد بناء ما هدمته الحروب على غزة، ليس الحرب الأخيرة فقط؟ لماذا يضطر المقدسيون إلى الهجرة من القدس والضفة الغربية، إلى الهجرة من الضفة الغربية؟ لماذا، لماذا، لماذا؟ وأنتم لديكم فلوس، لا نريدكم أن تقاتلوا، ولا نريد ضباطكم ولا جنرالاتكم ولا جنودكم ولا طائراتكم ولا عاصفة الحزم “تبعكم” ضد إسرائيل، القليل من الفلوس التي تصرفونها في أوروبا وبأميركا، كل العالم يعرف أين، أعطوها لهذا الشعب الفلسطيني، تتحننوا عليه. لم تتحننوا عليه، تركتموه ليس فقط للاحتلال وإنما للفقر وللجوع وللمهانة وللشتات أيضاً. حسناً إن هذا الشعب الفلسطيني إستنجد بإيران، وعلى الرغم من أن إيران مفروض عليها حرب أيضاً من جنابكم، حرب ثماني سنوات، وبعدها مفروض عليها عقوبات وحصار أيضاً بفضل جنابكم. إيران أغاثت الفلسطينيين، وقدمت ما تستطيع أن تقدمه لهم من المال والسلاح والمساعدات، ونقل الخبرة والتدريب، وانتقال التجربة والتقنيات، وفي الموقف السياسي العالي الحاسم الجذري. إذاً لماذا الشعب الفلسطيني لن يتعاطف مع إيران ويحب إيران؟! لأنها تعاطفت معه وأحبته وساعدته وأعانته بالرغم من كل مشاكله.

تأتون وتقولون: النفوذ الايراني في فلسطين، أصبح الملف الفلسطيني ملفاً ايرانياً، يجب أن نعمل لاستعادة الملف الفلسطيني ليكون ملفاً عربياً.

من هو الذي أخذه منكم؟ من الذي نافسكم عليه؟ من صارعكم من أجله؟ أنتم تركتموه وخذلتموه وأهنتموه، وجاءت إيران وطبعاً سوريا كان لها دائماً موقف سياسي ومادي ومعنوي وميداني ومشرّف في الموضوع الفلسطيني، ولكني الآن أتكلم عن موضوع إيران لأن سوريا ليست متهمة باليمن.

من بعدها، نريد أن نستعيد الملف الفلسطيني، أصبح ملفاً ايراني، لكن إيران لا تهيمن على الفلسطينيين، ولا تسيطر عليهم، ولا على قرارهم، ولا على حراكاتهم، ولا على قياداتهم، على الإطلاق، أيضاً أعود اليها في خاتمة واحدة للكل.

نذهب إلى العراق، هذا العراق، تقولون النفوذ الإيراني في العراق، الهيمنة الإيرانية في العراق، الاحتلال الإيراني.

أولاً: لا يوجد احتلال إيراني في العراق

ثانياً: النفوذ والتأثير والحضور (الإيراني) في العراق ..  

لنرَ ماذا فعلتم أنتم بالعراق، ماذا فعلت السعودية ومن معها؟

أولاً صدام حسين كان لديه كل الحوافز والدوافع الكافية للاعتداء على ايران، ولكن أنتم شجعتموه وموّلتموه بحسب اعتراف الأمير نايف لأحد المسؤولين الإيرانيين وجهاً لوجه. قال له: نحن أعطينا لصدام حسين 200 مليار دولار، ولو كنا قادرين لأعطيناه أكثر، عندما كان المليار دولار مبلغ كبير في وقتها، وأنتم تعرفون كيف كانت أسعار النفط وما هي إمكانات السعودية في ذلك الوقت، 200 مليار دولار فقط من السعودية، وحرّضتموه على الحرب وذهب إلى الحرب فدُمرت ايران ودُمر العراق وما زال البلدان والشعبان يعانيان من آثار تلك الحرب الظالمة التي هي من بركاتكم أيها النظام السعودي.

من بعدها أنتم شجعتم وحرضتم وساعدتم ودعمتم جورج بوش من أجل احتلال العراق، جاء الجيش الأميركي واحتل العراق، وأنتم كنتم جزءاً من هذه العملية العسكرية والأمنية والميدانية واللوجستية والسياسية، طبعاً من باب التسهيل، أنتم لم تقاتلوا، لم يكن عندكم لديكم عسكر ليقاتل، ولم يكن المطلوب منكم عسكر يقاتل.

جاء الأميركي واحتل العراق، حينما بدا أن الشعب العراقي لن يستسلم للاحتلال الاميركي ويستغل فرصة التخلص من نظام صدام حسين لاستعادة قراره ومكانته وموقعه وسيواجه الاحتلال سواء بالسياسة أو بالمقاومة، أدخلتم عليه كل جماعات القاعدة والجماعات التكفيرية. وأنا أعرف، والعراقيون يعرفون، وبعضهم قال هذا في وسائل الاعلام وأنا دائماً كنت أطالب ولا زلت أطالب الآن العراقيين بأن يملكوا شجاعة أن يظهروا الحقيقة للشعب العراقي ولكل الشعوب العربية وشعوب العالم أن الذي كان يرسل الانتحاريين إلى العراق وكان يدير إرسال السيارات المفخخة إلى العراق والذي كان يموّل عمليات القتل في بغداد وفي المدن العراقية في الشمال وفي الجنوب وفي الوسط، لا فرق بين كرد وعرب وتركمان وسنة وشيعة ومسلمين ومسيحين هي المخابرات السعودية، وجنيتم على هذا الشعب العراقي، وآخر جناياتكم كانت داعش التي أتيتم بها أنتم وحلفاؤكم وأتيتم بهم من كل أنحاء العالم من أجل أن تسقطوا نظام الرئيس بشار الأسد وحكومة المالكي.

هل هذا أمر مخبأ؟ كل العالم يعرف ذلك.

لا أريد أن أقول الحكومة الفلانية فيه، سأقول عداؤكم كان في العراق مع شخص (ماشي الحال).

آخر الأمر جلبتم لهم داعش، ومخابراتكم و”بندركم” هو الذي جاء بداعش وموّل داعش وسلّح داعش، ثم انقلب السحر على الساحر وأرعبتكم داعش التي خرجت من قبضتكم ومن سيطرتكم كما خرجت القاعدة في السابق. هذا العراق.

ماذا رأى الشعب العراقي منكم؟ من النظام السعودي؟ ماذا رأى على مضى عقود من الزمن عندما كان صدام حسين يذبح الشعب العراقي، ويرتكب مجازر عامة بالشعب العراقي ويبيد أهل الشمال وأهل الجنوب، ويعتدي على أهل الوسط، ألم تكونوا تدعمون صدام حسين ونظام صدام حسين؟

هذا الشعب العراقي المظلوم، منذ بداية الاحتلال الاميركي، رأى أن هناك أناساً يقفون بجانبه اسمهم ايران، يقفون إلى جانبه بالسياسة، يقفون إلى جانبه بالموقف الدولي، بالموقف الاقليمي، وحتى في المقاومة، وهذه كانت جرأة وشجاعة ايرانية بالغة ومنقطعة النظير.

لأنها تدعم مقاومة في العراق ضد الجيش الاميركي وليست فقط تدعم مقاومة في لبنان وفي فلسطين ضد الجيش الاسرائيلي.

والأميركيون هددوا، هددوا بقصف إيران وهددوا بقصف قوة القدس ـ التي باتت الآن مشهورة ـ وهددوا بقصف ثكناتها وكانوا يعرفون أين يتدرب المقاومون العراقيون في إيران.

وأخيراً عندما هجمت داعش وانهارت أمامها المحافظات، وكادت أن تسقط بغداد وأن تسقط أربيل وأن يسقط الجنوب وأن يصلوا إلى حدود السعودية والكويت وغيرهم، مَن أول من بادر لمساعدة الشعب العراقي؟ وأرسل فلذات أكباده وأرسل المال والسلاح والذخيرة والخبراء ولم ينتظر أحداً في هذه الدنيا، ولم يفرّق، مثلما دعم شيعة في الجنوب دعم الكرد في الشمال، وكانت لهفته على كل الشعب العراقي، شيعة، سنة، كرد، تركمان وغيرهم. أليست إيران؟

ماذا فعلتم أنتم لتدافعوا عن الشعب العراقي في مواجهة داعش؟ بل ماذا فعلت أميركا التي جاءت فيما بعد وأنشأت تحالفاً دولياً وائتلافاً وجلبوا الطائرات؟ وإلى الآن اللعبة واضحة.

لأي سبب لن يحترم الشعب العراقي إيران ويحب ايران ويصبح لإيران حضور وتأثير في العراق؟ وهي التي وقفت إلى جانبه وهي التي ساعدته وهي التي ساندته وهي التي دافعت عنه في الأشهر القليلة في المعركة التي كادت أن تستأصل وجوده وكيانه ببركة دعمكم لداعش.

من بعدها تخرج قناة العربية والجزيرة والمسؤولون العرب ويقولون: النفوذ الإيراني في العراق.

أنتم “تنابل”، أنتم كسالى، أنتم فاشلون، أنتم لا تتحملون مسؤولياتكم تجاه الشعب العراقي، ويوجد أحد ما موجود ونشيط ولديه همة ويتحمل مسؤولية وسريع الحضور، رغم أن الايرانيين بالعادة هادئون وباردون.

مع ذلك لماذا لا يكون لدى الإيراني حضور ونفوذ وتأثير.

كذلك في سوريا، عندما أتيتم بكل وحوش الأرض، ليس لنصرة الشعب السوري، وإنما لإسقاط النظام وللهيمنة على سوريا، أنا أعرف التفاصيل ولكن الآن لا يوجد وقت، ربما بعد أسبوع أو عشرة أيام نتكلم. إن الهدف الحقيقي كان أن تصبح سوريا تابع، أن الرئيس بشار الاسد رئيس شاب وبوضع معين ويريد أن يحكم ويوجد وضع اقتصادي، أنا أعرف ماذا بذلت السعودية وقطر وتركيا وما كانت السياسة المعتمدة مع الرئيس الأسد من أجل استيعاب الرئيس الاسد لتصبح سوريا تابعاً للسعودي أو للقطري أو للتركي، ولكن سوريا أرادت أن تبقى دولة مستقلة، تعتقد بقيمتها الإقليمية وبقوتها وتأثيرها الإقليمي.

جمعتم كل الدنيا لتقاتل سوريا من أجل إسقاط الرئيس الأسد والنظام، دمرتم سوريا وقتلتم سوريا وذبحتم سوريا وترفضون الحل السياسي في سوريا.

يا أخي كل الناس في سوريا، الناس الناس، أهل سوريا، شعب سوريا، اذهبوا وأجروا الآن استطلاع رأي في الداخل والخارج، ستجدون إجماعاً لدى الشعب السوري أن الجميع يريدون حلاً سياسياً، كفى، وأن هذه الحرب لن تؤدي إلى إسقاط النظام بل إلى مزيد من الخراب والدمار.

من الذي يمنع الحل السياسي في سوريا؟ من الذي يحرق ويزيد الحريق في سوريا؟ المملكة العربية السعودية وحلفاؤها، لأن الهدف لم يتحقق.

من الطبيعي أن يصبح هناك احترام لإيران في سوريا، لأن إيران جاءت في سوريا ووقفت وساعدت وساندت، ولا يوجد جيش إيراني، عدد الإيرانيين في سوريا هو عدد محدود جداً، لا أعرف 20، 25، 30، 40، على ذمتي لا يصلون إلى الخمسين، على ذمتي، عداً ونقداً يعني، أنا أعرف أنهم على الأكيد ليسوا أكثر من خمسين نفراً، ومن بعدها يخرج سعود الفيصل ويقول: سوريا محتلة من إيران، الأمر المضحك أكثر، محتلة من حزب الله!

إيران دولة إقليمية، ممكن، ولكن حزب الله هل يستطيع أن يحتل سوريا؟

هذه عقلية التجاهل بأن هناك شعب سوري ويوجد جيش سوري ويوجد نظام له حاضنة شعبية كبيرة، تجاهل. أن الذي يقاتل في سوريا هم الإيرانيون، والذي يقاتل في سوريا هم حزب الله! ما شاء الله، حزب الله يقاتل من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، من الشرق للغرب، أو الإيرانيون. ما هذا الكلام؟ هذا تلفيق وتزوير وكذب.

لنعد إلى اليمن.

هذا لبنان، أنا أدّعي أننا نحن حزب الله منذ الـ 1982 عندنا علاقة مع إيران وصداقة ومحبة، بل أنا لا أخفي هذا: أنا أؤمن بأن سماحة الإمام السيد علي الحسيني الخامنئي إمام المسلمين وولي أمر المسلمين، إنه إمام المسلمين وولي أمر المسلمين، ومع ذلك أقول لكم وبكل صدق، و”إذا أردتم أن أحلف يمين، أحلف يمين” أن إيران لم تأمرنا بأمر، ولم تبلغنا بقرار، ولم تطلب منا أي طلب، لا في الشأن المحلي ولا في الشأن الإقليمي، أبداً. نحن قيادة مستقلة، نحن ندرس، نحن نقرر، نحن أحياناً نسترشد بآرائهم وبخبرتهم، ولكن لم يعطونا في يوم من الأيام قراراً: إفعل، لا تفعل، إقبل لا تقبل، كما تتعاطى السعودية مع أصدقائها أو أحبائها في العالم، لا أريد أن أتكلم عن لبنان.

انا اتمنى من الإخوة في حماس والإخوة في الجهاد الاسلامي والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والجبهة الشعبية ـ القيادة العامة وبقية الفصائل الفلسطينية التي لديها علاقات قديمة مع الجمهورية الاسلامية فليقولوا لنا، هل طلبت منكم إيران في يوم من الأيام قراراً، أملت عليكم موقفاً “افعل لا تفعل قاتل أوقف القتال اعترض ناقش” أبداً، كذلك الأمر في سورية وفي العراق.

حسناً، هذه هي الحقيقة ولكن أنتم لا تستطيعون أن تستوعبوا هذه الحقيقة، وهذا طبعاً شيء ليس غريباً، لأن إيران ليست الإمبراطورية الفارسية، لأن إيران ليست دولة الشاه محمد رضا بهلوي حليفكم وصديقكم بل سيدكم في الماضي، لأن إيران الجمهورية الاسلامية، دولة الإسلام، دولة الإمام الخميني، دولة الشعب المسلم المناضل والمجاهد، والذي عنده الاسلام يعلو على كل اعتبار قومي وفارسي وعرقي وطائفي وما شاكل. لأن إيران هي كذلك نعم تستغربون، كيف أن إيران تساعد لبنان وفلسطين وتساعد سورية والعراق وتساعد في أماكن أخرى وهي لا تملي ولا تقرر ولا تتدخل ولا تهيمن.

لا تريدون أن تصدقوا؟ حسنا لا تصدقوا، لأنكم غير قادرين على أن تستوعبوا هذا النوع من العقل أو الأخلاق أو الفكر أو المسار.

حسناً، نأتي هنا إلى اليمن، نعود في خاتمة المطاف إلى اليمن.

في يوم من الأيام كان هناك وفد من قيادة حماس بالرياض، وهم قالوا لي هذا ونحن ليس لدينا مشكلة في هذا الكلام، عندما طالبهم سعود الفيصل بالعلاقة مع ايران قالوا له بصراحة: إيران تقدم لنا المال وتقدم السلاح والتدريب، قدموا لنا ما تقدمه إيران نقطع علاقاتنا مع ايران، وهم قالو لي هذا وهذا الموضوع ليس معيباً.

ولكن هم يريدون محاربة النفوذ الإيراني في فلسطين، هذه حماس وقتها قالت لكم، لم يقدموا لها وقتها لا المال ولا السلاح ولا التدريب ولن يجرؤوا أن يقدموا لها، لأن في الموضوع إسرائيل، في الموضوع أميركا. ولذلك أنا قلت للكثير من القيادات الفلسطينية في أجواء الربيع العربي، قلت لهم يا إخوان يا أحباء ويا أعزاء: شرّقوا غرّبوا و”افتلوا الدنيا” كلها، اذهبوا الى المريخ، انزلوا إلى الأراضين السبع، لن تجدوا في الكرة الأرضية أحداً يقدّم لكم السلاح والذخيرة والخبرة والتقنية العسكرية، من الممكن أن تجدون أحدا يقدم لكم المال لتبنوا بيوتاً، هذا ممكن، ولكن لن تجدوا من يقدم لكم السلاح على وجه الكرة الأرضية من الدول إلا إيران وسورية، والآن وصلوا إلى هذه النتيجة ويصلون.

حسناً في اليمن، ماذا فعلتم أنتم في اليمن؟ هل ال’ن هناك جريمة ترتكبها قوة وازنة ووطنية في اليمن، وانتم اتيتم لتعاقبوها؟ حسنا أنتم ماذا فعلتم؟ المملكة العربية السعودية ماذا فعلت في اليمن؟ هي تهيمن على اليمن منذ عشرات السنين، تتدخل في كل شيء في اليمن، في الإدارة والسياسة والأمن والاقتصاد وفي الجيش والقبائل وحتى بالمذاهب، ألم تعملوا وتنفقوا أموالاً طائلة لتحويل قبائل من مذهب إلى مذهب؟ دون أن ندخل في الأسماء، ألم تلعبوا على كل التناقضات اليمنية من أجل أن تُبقوا هيمنتكم وسيطرتكم على اليمن؟ ماذا فعلتم بعد عشرات السنين من سلطتكم؟ أين الاقتصاد في اليمن؟ أين البنية التحتية وأين الاستقرار في اليمن؟ كيف تتعاملون مع اليمن، رفضتم أن تضموا اليمن إلى مجلس التعاون الخليجي، اعتبرتوه عبئاً، ألم تتعاطوا ـ ويقولها اليمنيون انفسهم ـ دائماً مع الشعب اليمني باستعلاء وباستكبار وبإهانة؟ حسناً، وبالنسبة لأنصار الله، للحوثيين كما تقولون، ألم تدعموا أنتم، المملكة العربية السعودية، ستة حروب على هؤلاء المظلومين المستضعفين المحاصرين في محافظة صعدة لإفنائهم وأبادتهم واستئصالهم؟ ألم تهجموا أنتم عليهم وهُزمتم؟ وبعد أن أصبح هؤلاء لهم كلمة كبيرة وأولى في البلد، أتوا إليكم وتجاوزوا كل الماضي وقالوا تعالو لنتفاهم ونتحاور ونحكي، هذا لم تعملوه؟ ألم تفعلوه أنتم في اليمن؟ ماذا قدمتم لليمن وللشعب اليمني؟ نعم انفقتم مليارات الدولارات على اليمن، ولكن على شراء الذمم وتغيير المذاهب، ودعم الجماعات التكفيرية وشراء الولاءات. هذا الذي فعلتموه في اليمن.

في نهاية المطاف، بعد عقود من الزمن، هذا الشعب اليمني وصل إلى مكان من الوعي، من الارادة، من العزم، لانه كل شعوب المنطقة لم تعد تقاس كما كانت عليه في الماضي، وهو أخذ قراراً أن يستعيد بلده ودولته وحدوده وسلطته وكيانه ووجوده وكرامته.

حسناً، بالمقابل، سوف أتكلم تفاصيل، لأنها حرب كبيرة الآن، الإخوة الحوثيون أو أنصار الله سموهم ما شئتم، لم يكن لديهم علاقة مع إيران إلى ما قبل الحرب السادسة أي ما قبل سنوات قليلة، كانت لديهم علاقات مع دول عربية، ومن جملة الدول العربية قطر، وهذا قاله لي مسؤولون قطريون.

حتى أنا لم يكن لدي اتصال مع الحوثيين، ولا حزب الله ولا أحد حتى الحرب السادسة لم نكن نعرفهم ألا بالاعلام، ومتعاطفون معهم إعلامياً، نراهم مظلومين ولكن لم يكن يوجد اتصال، ولم يكن هناك معرفة قريبة.

حسناً هؤلاء المظلومون تعاطفت معهم ايران ووقفت إلى جانبهم، واعترفت بحقهم ولذلك هم يحبون إيران ويحترمونها، نعم ولكن ايران لا تتدخل في اليمن ولا في قرار اليمن. اليوم اليمنيون هم الذين يقررون وقرروا كيف يتعاطون مع هذه الحرب، بل أقول لكم أكثر من ذلك، الجمهورية الاسلامية لا تملي ولا تتدخل، وحتى إذا أراد أحد أن يسألها لا تجيب، وتقول للكل، في اليمن، في لبنان، في العراق، في كل مكان، في سورية، هذا القرار لكم. لا يوجد هيمنة ولا تدخل فيه. نعم يوجد احترام لإيران في اليمن، بعد كل هذه العقود من المصائب التي شاهدها الشعب اليمني بسبب أدائكم وسياستكم. نعم أنتم الآن تدفعون كل اليمن إلى حضن إيران، كما فعلتم بالعراق، كما فعلتم بسورية، كما فعلتم بجزء كبير من الفلسطينيين. استعادة اليمن ليس بشن الحرب على اليمن، استعادة اليمن باستيعاب اليمن، بالتعاطي بأخوّة مع اليمن، بالحوار مع اليمنيين، بالتواضع لليمنيين، بالتعاطي العاقل مع اليمنيين، وليس بـ”عاصفة الحزم” وإنما بالحلم، بالعطف، بالمحبة. أما “عاصفة الحزم”، سأقول إلى أين تصل.

الحقيقة، السبب الحقيقي أيها العرب، أيها المسلمون، يا شعوب العالم وأيها اليمنيون وأيها الشعب السعودي، أيتها الشعوب العربية التي تريد بعض حكوماتكم أن ترسل أبناءكم ليقاتلوا هناك، السبب الحقيقي أن السعودية فشلت في اليمن وخسرت في اليمن، وفقدت الهيمنة والسيطرة على اليمن، ويئست من خياراتها الداخلية ومن جماعاتها في اليمن، ومن الجماعات التكفيرية في اليمن، وشعرت بأن اليمن أصبح ملك شعبه، ملك قوى وطنية حقيقية سيادية مستقلة لا تخضع لوصاية أحد.

هي السعودية لا تتحمل ذلك. هدف الحرب هو استعادة السيطرة والهيمنة على اليمن، نقطة على أول السطر، والذي لديه كلام اخر يتفضل للنقاش، هذه هي أهداف الحرب، واليوم المطلوب من أجل أن يستعيدوا ـ واسمحوا لي بهذا التعبير، أنا أقول السعودية والمملكة السعودية والنظام السعودي، لمرة واحدة اليوم في الخطاب أريد أن أقول ـ من أجل أن يستعيد أمراء آل سعود الهيمنة على اليمن المطلوب أن يسفك الدم السعودي من أبناء وضباط الجيش السعودي ومن أبناء الشعب اليمني ومن أبناء الشعوب العربية ضباطا وجنود، فقط لأن الملك فلان والأمير فلان فقدوا السيطرة والهيمنة على اليمن.

هذه كلمة حق لله سبحانه وتعالى، وأعرف أن هذا القول الحق له تبعات، وأنتم تعرفون أنه سيترتب عليه تبعات، ولكن كان يجب أن يقال في هذا الموقف وفي هذه الساعة.

بناءً على ما تقدم:

أولاً: نحن ندين العدوان السعودي الأميركي الظالم على اليمن وشعبه وجيشه ومنشآته وحاضره ومستقبله.

ثانياً: ندعو إلى وقف هذا العدوان من الآن. في كل لحظة ندعو إلى وقف هذا العدوان.

ثالثاً: ندعو إلى استعادة مبادرات الحل السياسي في اليمن وهو أمر ممكن.

قبل العدوان وبعد العدوان، قال الإخوة في اليمن إنهم يقبلون الحوار في مسقط أو في دولة محايدة، تفضلوا إلى الحوار. أنا لا أعرف قرارهم الآن، هل يقبلون الذهاب، ولكن هذا ما أسمعه في الإعلام، عندما يذهب الناس إلى الحوار ويصلون إلى نتيجة، بعدها يصلون إلى ترتيب العلاقات الإقليمية وأخذ كل الضمانات التي تطمئن دول الخليج إلى وضعها مع الوضع الجديد في اليمن.

رابعاً: دعوة شعوب الدول التي تشارك حكوماتها في العدوان إلى مراجعة ضمائرهم ودينهم وعقلهم ومصالحهم، هل تقبلون أن يسفك دماء أبنائكم من أجل أن يستعيد أمير مرفّه مترف سلطانه وسيطرته على شعب مظلوم عزيز فقير مناضل كادح؟ هذا سؤال للأردنيين وشعوب دول الخليج وللشعب السعودي وللشعب المصري وللشعب السوداني وللشعب المغربي وللشعب الباكستاني. بالحد الأدنى هذه هي الأسماء التي هي الآن تتداول من الدول. هل هي مصالحكم؟

ولندع كل الدول جانباً، أنا متفاجىء جداً من موقف السلطة الفلسطينية في رام الله، من موقف الرئيس محمود عباس، هل مصلحة الشعب الفلسطيني يا أبو مازن أن تدعم حربا على شعب؟ أن تدعم عدواناً على بلد؟ ما هو منطقك من الآن الذي ستكلم به الناس؟ في المستقبل إذا عاد الإسرائيليون ليعتدوا على الضفة وعلى غزة، ليس لديك منطق، أنت دعمت حرباً على شعب، “خلص” فلتذهب إلى منزلك، لم يعد لديك منطق بعد.

أما الدول الأخرى، فلتفكروا بمصالحكم ومصالح شعوبكم، هل هذه هي المصلحة؟ فقط من أجل فلوس السعودية ومجاملة السعودية تذهب المنطقة كلها إلى حرب، من أجل أمر يمكن أن يُعالج بالسياسة وبالمفاوضات وبالوسائل الممرحلة؟ مبادرة إلى الحرب!

خامساً: من حق الشعب اليمني، من حق الشعب اليمني المظلوم والمضطهد والعزيز والشريف والشجاع والحكيم وصاحب العزم والإرادة، من حقه أن يدافع وأن يقاوم وأن يتصدى وهو يفعل ذلك وسيفعل ذلك ـ وأنا أقول لكم ـ وسينتصر.

هذا الشعب اليمني المظلوم المجاهد المقاوم سينتصر لأن هذه هي سنن الله وقوانين الله وسنن التاريخ.

هل الجيش السعودي ومن سيلحق به أقوى من الجيش الأميركي، أين هو الجيش الأميركي في العراق؟ أين هو في أفغانستان، أين هو في لبنان عندما جاء بـ 82، هل الجيش السعودي أقوى من الجيش الإسرائيلي، أين هو الجيش الإسرائيلي في كل معاركه الأخيرة؟

على طول التاريخ الغزاة يهزمون، والغزاة تلحق بهم المذلة. والسعودية، الحكام في السعودية، ما زال لديهم فرصة أن لا تلحق بهم هزيمة وأن لا تلحق بهم مذلة وأن يعيدوا النظر بسياساتهم الخاطئة وأن يتعاطوا كأخوة مع اليمنيين ويذهبوا إلى الحوار وهذه الأبواب كلها مفتوحة.

وهذه هي عاقبة هذه المعركة، من الآن معروفة، يعني لا تفرحوا ببعض غاراتكم الجوية، في العراق سابقاً ولاحقاً وفي أفغانستان وفي غزة وفي لبنان وبتموز وقبل تموز، كل الدنيا الآن، المدارس العسكرية في الدنيا، تعرف أن القصف الجوي لا يصنع نصراً ولا يحسم معركة. حسناً، تفضل، أين الجيش السعودي، طبعاً الجيش السعودي لا يريد أن يقاتل، يريد أن يأتي بالباكستانيين ليقاتلوا عنه، يريد أن يأتي بالمصريين ليقاتلوا عنهم، يريد أن يأتي بالأردنيين ليقاتلواعنه.

هنا الشعوب لها مسؤولية كبيرة وحاسمة، مدعوة للتضامن، مدعوة لوقفة، مدعوة لمنع حكوماتها من التورط والولوغ في دماء اليمنيين، ومدعوة للابتعاد عن معركة مصيرها حاسم وواضح:؛ هزيمة السعودية النظام، الشعب السعودي نحترمه ونعزّه ونجلّه وهو من الشعوب المظلومة في أمتنا، والإنتصار القاطع والحقيقي للشعب اليمني لأن هذه هي سنن التاريخ، ومن يعرف هذا الشعب يعرف أن هذا الشعب لن يتحمل هذا العدوان وهذا الإذلال وهذه الإهانة وسيقاتل دفاعاً عن كرامته ووجوده وأرضه وعرضه.

لكن ما زال الأوان متاحاً والفرصة قائمة، الدول العربية غداً، جامعة الدول العربية، بدل أن يتحول رؤساء الدول العربية إلى شركاء في سفك دماء الشعب اليمني وتدمير اليمن فليتحملوا مسؤوليات تاريخية ولتكن مبادرة عربية ومبادرة إسلامية أو دولية لوقف العدوان والذهاب إلى الحل السياسي وإلا الهزيمة والعار مصير الغزاة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى