ادعاءات «التجسس»: وقاحة أمريكية: يعقوب عميدرور
أمس تم نشر اتهام امريكي حول أن اسرائيل ـ في اطار جهودها لمعرفة ما يجري في المفاوضات بين إيران والدول العظمى ـ أضرت بشبكة العلاقات مع الولايات المتحدة نظرا لأنها تجسست على الامريكيين. هذا الادعاء الذي نشر في «وول ستريت جورنال» يُذكرني بصديقين كانا شركاء في شركة تجارية واتضح أن شركة كبيرة أرادت السيطرة على شركتهما وطردهما منها.
أحد الشركاء وهو صديق لي منذ زمن سألني ما العمل. اقترحت عليه استئجار محقق خاص لمعرفة ما الذي تفعله الشركة الكبيرة ضد شركته، لأنه يشعر بأنه اذا خسر الشركة ـ سيخسر قدرته الاقتصادية، ولهذا فكل جهد من اجل أن يفهم ما يفعله خصمه، هو صحيح. بعد بضعة اسابيع توجه لي ذلك الصديق بذهول. فقد اتضح له من خلال المحقق الخاص أن من يدير الصفقة لتدمير الشركة من خلف ظهره ليس سوى شريكه. أشرت عليه التوجه مباشرة إلى شريكه، وهكذا فعل. شريكه قال له «نظرا لأنك تجسست علي ـ فان شراكتنا قد انتهت».
هذا بالتحديد هو ادعاء الامريكيين كما نشر. اسرائيل تتبعت آثار عدوتها الكبيرة ـ إيران. عندها تبين لها، لأسفها، أن الولايات المتحدة التي لها معها علاقات قريبة جدا، تخفي عنها حقيقة أنها تدير سرا مفاوضات مع إيران. اسرائيل توجهت إلى الكونغرس ومجلس الشيوخ في محاولة لفهم لماذا تتنازل شريكتها للإيرانيين وتدير من خلف ظهرها المفاوضات. عندها، بعد أن ضربنا الامريكيون سبقونا في البكاء والشكوى، وزعموا أنه كيف تتجرأ اسرائيل على التجسس علينا.
المحاولة الامريكية لادارة مفاوضات من خلف ظهر اسرائيل هي مس شديد بالعلاقات بين واشنطن والقدس، لكنها ايضا أمر مُهين. هل كان هناك أحد في الولايات المتحدة يصدق أنه يمكن اجراء مفاوضات كهذه من خلف ظهر اسرائيل – دون أن تعرف ذلك ـ بفضل اجهزة استخباراتها؟ إن حقيقة أنه كان هناك في الولايات المتحدة من اعتقد أن هذا الامر ممكن تشير إلى أي درجة لم يفهم الامريكيون قوة التهديد الإيراني على دولة اسرائيل ولم يفهموا كم هي اسرائيل مصممة على أن تعرف جيدا ما يفعله الإيرانيون.
النشر أمس الذي يشكل وقاحة حقيقية، هو جزء من عملية امريكية موجهة للمس بمكانة اسرائيل في اوساط الجمهور الامريكي ومنتخبيه بهدف اضعاف قدرة اسرائيل على ادعاءاتها ضد الاتفاق السيء الذي تنوي الدول العظمى التوقيع عليه برئاسة الولايات المتحدة. الحديث يدور من وجهة نظر اسرائيل عن نضال ملزم يتعلق بمجال حساس جدا لأمنها، الامريكيون يفهمون ذلك ويحاولون بشتى السبل المس بتصميم اسرائيل وبقدرتها.
الاشارة البشعة، وكأن اسرائيل تتجسس على الولايات المتحدة، هي جزء من العملية الامريكية. اسرائيل لا تتجسس على الولايات المتحدة وهم يعرفون ذلك. وكل ما تبقى هو حيل كل هدفها المس باخلاص اسرائيل في الرأي العام الامريكي. من المؤسف أننا تدهورنا إلى وضع كهذا ولكن التصميم الامريكي على التوصل إلى الاتفاق، أي اتفاق، مع الإيرانيين يقود إلى مواجهة لا مناص منها.
التحدي الإيراني والعلاقات بين اسرائيل والولايات المتحدة سيكونان الموضوعان الأكثر أهمية في مجال العلاقات الخارجية في المستقبل القريب. يجب علينا رؤية كيف يتم التصدي للاتفاق بدون أن نفقد الولايات المتحدة. ازاء التصرف الامريكي ـ لن يكون ذلك سهلا.
إسرائيل اليوم