انتصار الخوف والكراهية: جدعون ليفي
لقد قال الشعب كلمته ـ ليس من المناسب نقاش ذلك ـ وكلمته حركها أمرين اساسيين حساسين: الخوف والكراهية اللذين يرتبط الواحد منهما بالآخر.
بنيامين نتنياهو هو الوكيل الشرعي والناشر الوحيد لكليهما ـ هو يفهم بالتسويق ـ لأنه طوال سنوات حكمه ذهب من بيت إلى بيت وباع للاسرائيليين هذين المنتوجين المطلوبين، انتاج السنة، حتى تحولا تقريبا إلى الوحيدين في السوق. سواء كان يؤمن فيهما أو كان يسوقهما باستخفاف، فقد قام في هذه الحملة الانتخابية بتسويقهما فقط. وحتى في يوم الانتخابات قام بذلك بواسطة تعبيره السافل عن «الحافلات الناقلة للعرب»، والذي ربما جلب له مقاعد أكثر ـ ولكنه جلب لنا تحريضا أكثر.
اعتاد السياسيون أن يؤسسوا الحكم على نشر الأمل، ليس في اسرائيل فقط. هنا الأمل هو أمر مهمل والتخويف هو المؤكد.
نتنياهو ليس الحاكم الاول والاخير الذي يقيم حكمه على نشر الخوف والكراهية، لكنه الوحيد الذي يقوم بذلك بهذا القدر، ايضا في حكم يعتبر ديمقراطي.
لا نريد نقاش النجاح: لقد نجح ذلك. صحيح أنه وقف قبالته مرشح رمادي، وصحيح أن نتنياهو حطم معسكره، لكنه في نهاية المطاف نجح. شكرا للفائز.
إن انتخابه كشف الصورة الحديثة لاسرائيل 2015. فقط مستوى عالٍ من الخوف والكراهية بامكانه تفسير نجاح نتنياهو، رئيس حكومة فاشل جدا وغير محبوب بصورة خاصة، اسرائيله خائفة، تخاف من العرب والإيرانيين والافارقة واليساريين. داعش وحزب الله وحماس وعباس، هذه اسماء ملاحقة. وتخاف ايضا من اللاساميين والاوروبيين والمسلمين، وفي الحقيقة تخاف من كل العالم، لهذا هي تكرهه. هكذا علمها نتنياهو، مع مضاربات المخاوف والكراهية الكبيرة ـ الإعلام الجماهيري. طوال سنوات علمت وسائل الإعلام مستهلكيها لغة التهديدات والمخاطر، المخاوف والخوف، والآن جزء منها يستغرب وحتى حزين على نجاح نتنياهو.
المنتوج ثار على منتجه. وسائل الإعلام هي التي تزرع بذور النكبات، لقد أخافت الاسرائيليين من كل شخص حاف في غزة ومن كل إمام في لندن، ومن كل ماكث فلسطيني غير شرعي، ومن كل طالب لجوء افريقي في المحطة المركزية.
عندما يصبح كل نفق تهديد وجودي وكل جهاز طرد مركزي كارثة، نحتاج إلى نتنياهو. وعندما يكون محظور المس بميزانية الامن، غواصاته وطائراته المفترضة، من الواضح أن هناك مخاطر مهددة كامنة لنا ـ يجب على شخص ما الوقوف أمامها، ومن إن لم يكن نتنياهو، المايسترو لاوركسترا التخويف، يستطيع القيام بذلك. هو الذي يلقي الحجارة على النوافذ وبعد ذلك يحضر من يصلح الزجاج. دولة عظمى اقليمية، لا يوجد سلاح في العالم غير موجود لديها، تُحرك بمخاوف وجودية، معظمها ليس له اساس أو مبالغ فيه فقط لأن هناك من يغذيها في وعي الجمهور المغسول عقله. حليفة الدولة العظمى الوحيدة في العالم ـ احيانا ليس واضحا من هي الدولة الراعية من بينهما ـ تبول في فراشها ليلا. أنقذونا، جميعهم يريدون القاءها في البحر. ماذا تبقى؟ علينا أن نخاف ونكره.
هذه هي النتيجة: اسرائيل في هذه الانتخابات ظهرت كاسرائيل الاكثر يمينية وقومية في تاريخها. يفضل أن نعترف بذلك. روفين أدلر يستطيع أن يتهم بقدر ما يستطيع المواجهة المرتجلة في التلفزيون، لكن هذه مبررات المستشارين. لزبونه لم يكن احتمال، لقد حاول بث الأمل، حتى لو كان متخيلا، في مجتمع تسيطر عليه المخاوف والكراهية.
الآن دولة اسرائيل تستحق حكومة على شاكلتها: أكثر يمينية، دينية وقومية. فقط تستطيع ان تحرك الاسرائيليين الذين انتخبوها: ان تنشر مخاوف اخرى وتزيد الكراهية. ان حافلات العرب بتمويل جمعيات اليسار في الطريق الينا ـ هناك من هو ملزم بوقفها قبل ان تحل بنا كارثة اخرى.
هآرتس