السنيورة يهاجم طهران: «فزاعة الفرسنة» أم نسف الحوار؟ مارلين خليفة
لم تتوقف الهزات الارتدادية لخطاب الرئيس فؤاد السنيورة أمام المؤتمر الثامن لـ «قوى 14 آذار» في «البيال» قبل نحو أسبوع، خصوصاً في ضوء ما تضمنه من هجوم على طهران شمل 13 اتهاماً في بضعة أسطر، أبرزها أن إيران تورط لبنان واللبنانيين في حروب هنا وهناك وتطيل أمد الشغور الرئاسي وتفتعل الصدام بين السنّة والشيعة وتعمل على «مشروع فارسي» للمنطقة.
هذه الاتهامات، اعتبرتها أوساط ديبلوماسيّة متابعة للموقف الإيراني «منافية لمناخ الحوار الذي تدفع في اتجاهه طهران للخروج من الأزمة السياسية وللحفاظ على استقرار لبنان وعلى العلاقات المتوازنة بين أبنائه».
ولعلّ الموضوع الوحيد الذي تتوافق فيه الدولتان الإقليميتان الأشد تأثيراً في لبنان أي السعودية وإيران هو ضرورة الحوار بين اللبنانيين، «وهو جسر العبور الأكيد نحو التوافق السياسي على المواضيع الخلافية ولو طال الوقت»، كما حرصت أوساط ديبلوماسية على القول لـ «السفير».
وقد نقل مسؤولون لبنانيون مراراً عن مسؤولين إيرانيين سرور هؤلاء بالأجواء الوفاقية التي أسفرت عنها الجلسات الحوارية الدائرة والنتائج الإيجابيّة التي تمخّضت عنها وخصوصاً على صعيد الخطط الأمنيّة وإزالة الشعارات الطائفيّة ووقف الحملات الإعلاميّة والسياسية التي من شأنها زيادة الاحتقان المذهبي.
وبناء عليه، صُعقت الدوائر الديبلوماسية المعنية بتوقيت التصريحات «التصعيدية» التي وردت في بيان «قوى 14 آذار» وما تلاها من تعقيبات للسنيورة، واتهمت هذه الدوائر السنيورة بأنّه «أخذ على نفسه منذ بداية الحوار بين «المستقبل» و «حزب الله» اعتماد سياسة التوتير لتخريب التقارب بينهما واللعب على حبال الخلافات لتحقيق مكتسبات أملاً بإحياء شعبية مفقودة».
واعتبرت الأوساط الديبلوماسية أنه «ليس غريباً على من عمل على استهداف المقاومة سياسياً خلال حرب تموز 2006 مستغلاً الحرب العسكرية الصهيونية عليها، بأن يوغل الآن في التحرّيض عليها بالتناغم مع الحرب التي تخوضها ضد عصابات الإرهاب والتكفير التي تتهدد أمن لبنان ومستقبل أبنائه».
ووصفت ما قاله السنيورة بأنه «جملة من الافتراءات تجاه الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وخصوصاً لجهة حديثه عن أنّ إيران تخوض مشروع «تشييع» شعوب المنطقة وتارة أخرى مشروع «فرسنتها»، وهي جميعها مشاريع من نسج خياله ولا وجود لها على أرض الواقع، والغرض منها إثارة الخلافات والحساسيات الطائفية».
وتحرص الأوساط الديبلوماسية على التوضيح للسنيورة بأنّ إيران «ومنذ انتصار ثورتها رفعت شعار الوحدة الإسلامية وعملت لأجله كما من أجل نشر التقدم العلمي والمعرفي، ولأجل ذلك أعلن مسؤولوها مراراً عن وضع خبراتهم في تصرف البلدان الراغبة في تحقيق الاستقلال العلمي والتكنولوجي لما لهذا الأمر من أهمية على صعيد نهضة الشعوب والارتقاء بالأوطان».
وتضيف أن تاريخ إيران وسلوكها تجاه لبنان يشهدان لها أنها كانت وما تزال حريصة على استفادة شعوب المنطقة من مهاراتها ومنجزاتها في شتى المجالات، للتخفيف من وطأة التسلط السياسي والعسكري للدول المتقدمة على هذه المنطقة وشعوبها انطلاقاً من مبدأ التحرر المطلق من التبعية لأي شكل من أشكال الهيمنة الأجنبية».
ولفتت المصادر الانتباه إلى أن الأمر المطمئن أن هدف كلام السنيورة «بات مكشوفاً على الملأ ويتمثل بتخويف اللبنانيين من إيران، وهو لا يعبِّر عن حقيقة الموقف اللبناني ولا عن مواقف القيادات الوطنية الحكيمة الحريصة على نسج أفضل العلاقات مع إيران».
واستخدمت الأوساط الديبلوماسية كلاماً لا يقلّ قساوة عن كلام السنيورة، واصفة ما يقوم به بأنه عبارة عن «مساع تخريبية تعبّر عن مدى إفلاسه وخيبته من فشل رهاناته المحلية والإقليمية»، وأشادت في الوقت نفسه بإصرار القيادات السياسية اللبنانية الحكيمة وأصحاب القرار على المضي قدماً بالحوار والتمسّك بما حقق من إنجازات في هذا الإطار بعيداً عن أبواق التشويش».
وأشارت إلى أن «إيران هي جزء أساسي من محور يحقّق انتصارات مهمّة في مختلف الساحات الإقليمية، وهي «قوة إقليمية» كما أقرّ السنيورة نفسه».
وختمت الأوساط بالقول إنّ «العالم بأسره ومن ضمنه الأميركيون اعترفوا بحجم قوة إيران ومكانتها الإقليمية المرموقة والدور المفصلي الذي تلعبه مع حلفائها على صعيد مكافحة الإرهاب والتنظيمات الإرهابية في سوريا والعراق».
(السفير)