انطباعات ديبلوماسية متشائمة.. رئاسياً داود رمال
لسان حال السفراء المعتمدين لدى لبنان أن الأمور الرئاسية «ما زالت مقفلة». أحدهم، وهو صاحب هالة معنوية كبيرة، يضيف إلى اللازمة السابقة «أننا لا نعرف من أين نبدأ بعدما حاولنا وكرّرنا المحاولة».
إلا أن الموقف الجديد الذي يسمعه سياسيون ومتابعون هو «برغم أن أفق الاستحقاق الرئاسي مغلق، لكن يجب أن نفعل شيئا». وربطاً بانتظار اللبنانيين أكثر من عشرة أشهر لتأليف الحكومة الحالية، هناك من يقول إنه «يجب أن نفعل شيئاً، ونحن اقتربنا من استخدام أسلوب الحسم الشبيه بالأسلوب الذي استخدم في عملية تأليف الحكومة»، مع تلميح إلى أن الامر مرتبط «باقتراب ابرام التفاهم النووي بين ايران والغرب».
كيف سيكون ذلك؟ ينقل عن عدد من السفراء «مجموعة الدعم الدولية» أنه «اذا كان هناك مقاربة خارج ترشيح العماد ميشال عون، فإن الامور سهلة، أما إذا لم يفتح باب التفاهم بعيداً عن ترشيح عون، فإن الامور صعبة جداً».
يقول أحد السفراء إنه «في العام 2007، عندما طرحنا عليه ان ينتقل إلى المربع الثاني، أي أن يقبل بطرح أسماء معدودة ويتم اختيار أحدها، لم يقبل.. إلى أن كان مؤتمر الدوحة، حيث قبل حينها بالانتقال إلى المربع الثالث، أي إلى فرض اسم الرئيس عليه». ويضيف: «المعادلة التي ما زالت قائمة حتى الآن هي بين عون رئيساً وبين أن يُفرض عليه، لكن الحل الوسط يبقى أن يقدم عون أسماء مع سلّة متكاملة من الحلول لتفاهمات حول ملفات اساسية، من قانون الانتخاب الى التعيينات».
لا يخفي السفراء، الذين أتمّوا أكثر من جولة استطلاعية على كل الفرقاء والشخصيات اللبنانية، انهم سمعوا من أحد قيادات «8 آذار» من خارج الثنائي الشيعي، مقاربة قابلة للتقاطع مع «14 آذار» وتشير إلى أن «ما يهمنا أن البحث يجب ان يتركز على اختيار شخصية لا تنقلب عند وصولها الى الرئاسة، كرئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية، الذي يتمسك بثوابته ويمارس قناعاته من دون اي حساب لمبدأ الربح او الخسارة الشخصية. أما عون فهو خارج هذه التصنيفات له طريقته التي تجعل الجميع يبقى حذراً. وعلى سبيل المثال، فلا يمكن غضّ النظر عن تمريره في خطابه الأخير، بذكرى 14 آذار، عبارة النأي بالنفس».
يعود السفراء إلى طرح معادلة «هل ننجز الاستحقاق الرئاسي ومتمماته على البارد ام على الساخن؟». يقولون «انجاز الاستحقاق على البارد مقفل، اما على الساخن فتحدده نوعية الضغط الذي سيمارس على ايران والسعودية، وبالتالي معرفة قدرة المجتمع الدولي على تعجيل انتخاب رئيس جمهورية في لبنان. صار يقيناً أن اللبنانيين لا يستطيعون ذلك بالرغم من محاولات الرئيس نبيه بري والنائب وليد جنبلاط والكاردينال بشارة الراعي. كما أن السفراء يجولون من دون أن يحدثوا خرقاً، وإلى الآن يتجنّبون القول للعماد عون أن عليه التراجع لأنه يعمد فوراً إلى صدّهم. لكن يمكن القول إنهم أنجزوا عملهم وأكملوا مروحة اتصالاتهم وكل المعطيات صارت بعهدة الدوائر المعنية في بلدانهم التي على ضوئها تحدد طريقة ونوعية التحرك والضغط».
يتحدث السفراء عن «أن الموفد الفرنسي جان فرانسوا جيرو لم يأت الى لبنان بتفويض غربي إنما بـ «عدم ممانعة»، وتكلم مع الإيرانيين الذين قالوا له الملف الرئاسي عند «حزب الله»، وتكلم مع السعوديين وقالوا له لا مانع عندنا من اتمام الاستحقاق وانتهت الأمور عند هذا الحد من دون خطوة عملية، أي بقيت الأمور عند حدود الكلام، لعدم وجود وسيلة ضغط تسمح بالانتقال إلى التنفيذ. حتى ديريك بلامبلي، قبل انتهاء مهامه ممثلاً خاصاً للأمين العام للأمم المتحدة في لبنان، ذهب الى روسيا والسعودية وإيران ودول معنية أخرى وعاد الى لبنان ليقول لم أشعر أن الموضوع الرئاسي لديهم عاجل.
«الصورة ضبابية جداً»، يقول السفراء «وحتى تحل الأزمة الرئاسية فلا بد، إما من أزمة ساخنة توضع على أثرها أسماء للاختيار ويتم الحديث مع إيران والسعودية بإلحاح، أو أن يقولوا الأفضل أن تحل على البارد، وبالتالي علينا القيام بمبادرة استثنائية.. لكن الأمور غير واضحة».
(السفير)