بري وعزمي بشارة إبراهيم عوض
لا يختلف إثنان على أن الرئيس نبيه بري رجل دولة من الطراز الأول. ولا أبالغ إذ قلت بأنه والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، الأكثر حرصاً على إستقرار البلد وأمنه وسلامته وتعايش أبنائه، ولطالما غضا الطرف عن كثير من التجني والإتهامات التي طاولتهما وآثرا «العض على الجرح» والمضي قدماً في سبيل إنقاذ ما يمكن إنقاذه وتجنيب الوطن مخاطر «داعش» على الحدود و«دواعش» الداخل الذين أشار إليهم الرئيس بري في حديث له قبل أيام.
كلام بري هذا لم يأت عن عبث بالتأكيد. وهو وليد قراءة متأنية لمواقف أطراف لبنانية وإستشراف ما هو آتٍ. وله في ذلك محطات لا تحصى ولا تعد أخيرها وليس آخرها ما سمعه في عطلة الأسبوع الماضي زوار العاصمة السورية من وزير الإعلام الدكتور عمران الزعبي الذي كان يتحدث عن غصة في القلب لا بل عن غصات جراء قلة الوفاء التي ظهرت من كثيرين سبق لسوريا أن إحتضنتهم وحفظتهم برموش العيون ومن بينهم «المناضل» عزمي بشارة الذي كانت دمشق تستقبله بالترحاب وتخصه بإهتمام يماثل إهتمامها لكبار الضيوف والزائرين.
عند عزمي تحديداً توقف الوزير الزعبي ليروي أنه في العام 2001، لم يكن حينها وزيراً للإعلام، بل محامياً يمارس مهنته في بلده، تملكه الغضب من إقدام إسرائيل على ملاحقة بشارة (العضو السابق في الكنيست) لقيامه بالجلوس الى جانب السيد حسن نصر الله في مناسبة وطنية كان الرئيس الدكتور بشار الأسد متحدثاً فيها.
ويقول وزير الإعلام السوري إنه قام بتشكيل هيئة ثلاثية سورية، تضمه مع محامين سوريين، أطلقت على نفسها إسم «هيئة الدفاع عن عزمي بشارة». وقد إنطلقت في عملها بحملة إعلامية في سوريا وحراك شعبي، أتبعتها بزيارة الى البرلمان اللبناني، حيث إستقبلها يومها على ما يذكّر رئيس لجنة الإدارة والعدل النيابية مخايل الضاهر والنائب رشاد سلامة والوزير كريم بقرادوني ونواب من كتلة الرئيس رفيق الحريري والرئيس بري وغيرهم كثر عقدوا العزم على دعم الهيئة، ثم قاموا بعدها بزيارة الرئيس بري في مكتبه المجاور لمبنى مكاتب النواب.
هناك – والكلام للوزير الزعبي – كانت المفاجأة «إذ لمست منه عدم حماسة للمهمة التي نقوم بها. وقد تجلى ذلك في سؤال وجهه لي طالباً شرح الأسباب التي حملتنا على تشكيل الهيئة فتوليت الرد بإسهاب منوهاً بالمواقف الوطنية والقومية لعزمي بشارة، وأهمية صوته الفلسطيني العربي داخل الكنيست الإسرائيلي، أي في عقر دار العدو، لافتاً في الوقت نفسه الى أن الرئيس الراحل حافظ الأسد كان يولي إهتماماً خاصاً لفلسطينيي العام 1948».
إزاء ردة فعل الرئيس بري «الفاترة» بعض الشيء تحرك كل من الضاهر وبقرادوني وسلامة لمساندتي، يتابع الزعبي قائلاً : «أن اللقاء مع الرئيس بري إستغرق أكثر من ساعة ونصف طلب في نهايته أن نعد له تقريراً مفصلاً يتضمن كل الشروحات التي أوردناها أمامه. وقد نفذنا الطلب بعد أيام وعدنا اليه فأمسك بالتقرير ليبلغنا بأنه، وعلى الرغم من عدم إقتناعه الكامل بالأمر إلا أنه سيعرض الموضوع أمام مؤتمر البرلمانيين العرب في المغرب وهذا ما حصل بالفعل».
ويختم وزير الإعلام السوري حديثه لزواره اللبنانيين بالقول : «كم كان الرئيس بري محقاً في وجهة نظره ولا غرابة في ذلك على من يعرف الناس جيداً».
(الديار)