دولتان لشعب واحد: بن كسبيت
اسرائيل منقسمة. تعادل سياسي مسبب للشلل. يوجد لدينا دولتان لشعب واحد. المخرج الوحيد هو حكومة وحدة بين نتنياهو وهرتسوغ. مشكوك فيه أن الظروف السياسية ستُمكن من اقامة حكومة كهذه. الرئيس ريفلين سيدفع نحو ذلك بقوة. هرتسوغ سيرغب في الانضمام لكن ذلك لن يكون سهلا عليه، ستُستل السكاكين عليه من البيت منذ الصباح. نتنياهو تعهد على مدى الحملة الانتخابية ألا تشكل حكومة كهذه.
التعهدات ليست الجانب القوي لنتنياهو، لكن هناك حدود. شخص ما عليه تربيع هذه الدائرة السحرية، يبدو أنه ريفلين ولست متأكدا من أنه سينجح. في هذه اللحظة توجد لنتنياهو احتمالات أفضل لتشكيل حكومة كهذه. مع الحريديين (الذين ضعفوا جدا) وكحلون وليبرمان وبينيت. حكومة يمين حريدية محدودة ومنعزلة ومتحجرة. حكومة يقف على رأس الجناح اليساري فيها كحلون، لست على يقين أن كحلون سيرغب في الانضمام إلى حكومة كهذه.
إذا من هو الفائز؟ هذا يتعلق من أين نبدأ العد. لقد قام نتنياهو بالركض بسرعة كبيرة جدا في الدورة الاخيرة وعاد من عالم الموتى. لقد افترس كل المعسكر من اجل البقاء. لقد التهم كل مقاعد بينيت وقضم من ليبرمان وقتل ايلي يشاي. كتلة اليمين دفعت ثمنا لكن نتنياهو بقي. طبول الكلام اشتغلت، فقد هب الليكوديون لانقاذ الوطن، وأغلق بيبي فجوة الاربعة مقاعد في اللحظة الاخيرة في نهاية السباق. اذا كانت هذه هي النتائج الحقيقية فان لديه أفضلية مفهومة لكنها هشة جدا على هرتسوغ.
الى جانب هذا علينا ألا ننسى نقطة بداية هذه الحملة: لقد بدأت بتبكير موعد الانتخابات بصورة متعجرفة من نتنياهو. من معرفة الجميع أنه سيكون رئيس الحكومة القادم. ليس له خصم. لكن في الطريق تشوش الامر، بيبي تحطم وتهاوى بسرعة وأصيب بالدوار. بماذا يختلف الوضع الآن عما كان عليه في الفترة السابقة (1999)، لقد نجح في الخروج منها في اللحظة الاخيرة.
المفاتيح لدى اثنين، ليبرمان وكحلون. كحلون هو الذي يُتوج الملوك. أمس تبلور نهائيا المحور بينه وبين ليبرمان. اذا اتحد الاثنان في كتلة واحدة لدى الرئيس فان السماء ستكون حدودهما. أمس كانت اتصالات مكثفة ايضا بين لبيد وكحلون وليبرمان. كان هناك حديث عن كتلة ثلاثية لديها نحو 25 مقعدا. هذا الحديث تلاشى الآن. الحديث الآن كحلون وليبرمان. سيطلبان المالية (كحلون) والدفاع (ليبرمان) مع حقيبة سمينة لـ يوآف غالنت. اذا قال لهم نتنياهو نعم خلال هذه الليلة فقد قُضي الأمر.
لقد اخطأ هرتسوغ أمام مرمى فارغ. فقد وصل إلى فترة تمديد المباراة ووقف ليركل ركلات الجزاء واخطأ في الضربة الاخيرة. في الاسبوع الاخير كان في متناول اليد وبدأ بحياكة البدلات وتشكيل الحكومات. ولكن ثانية الامر يتعلق من أين نبدأ العد. عندما بدأت الحملة لم يكن في الملعب ولم يحسب له أحد حسابا. إن عملية الاتحاد مع لفني كانت الورقة الرابحة التي حولته إلى اللاعب الأساسي. عملية الغاء المناوبة كان من شأنها أن تعطي الدفعة الاخيرة ولكن في نهاية المطاف لم يُفد ذلك.
بالنسبة لهرتسوغ المشاعر مختلطة. صحيح أن العمل لم يحصل منذ فترة طويلة على انجاز كهذا لكن من الجهة الاخرى لو كان للعمل مرشحا معروفا أكثر وكاريزماتي أكثر وهجومي ولديه قوة جسمانية، لكان نتنياهو سيُهزم بالضربة القاضية. نتنياهو وصل إلى الانتخابات وهو مصاب باصابة دائمة، مكروه، مطارد وتقريبا منعزل. كان الامر يحتاج فقط إلى طلقة الرحمة، لكن هرتسوغ لم يعرف كيف يطلقها.
مشاعر مختلطة ايضا لدى لبيد. هو ايضا عاد من القبر، هو الأكثر حماسة في هذه الحملة، وقد دفع ايضا ثمنا باهظا على حربه الندّية في الايام الاخيرة. ما فعله بيبي ببينيت فعله هرتسوغ بلبيد، لكن بصورة أقل تحطيما. لبيد واصل الحرب حتى الرمق الأخير لكن الطاقة السلبية ضد نتنياهو في الوسط ـ يسار لعبت في غير صالحه. الناس أحبوا لبيد وصوتوا لهرتسوغ. لو كان الامر معكوسا وكان لبيد هو من يقف في المقدمة لكان بيبي قد هُزم.
في هذه اللحظة هدف لبيد هو رئاسة المعارضة، وحلمه حكومة مكونة من هرتسوغ ـ نتنياهو. في وضع كهذا يستطيع اعداد نفسه لرئاسة الحكومة في المرة القادمة، لكنا ما زلنا بعيدين عن ذلك.
من استطاع النجاة كما يبدو هو ليبرمان. التحقيق قلص قوته إلى النصف الذي كان يتوقعه. حتى الآن ليس واضحا ما الذي سيفعله ليبرمان. اذا اتحد حقا مع كحلون وحصل على حقيبة الدفاع أو حقيبة اخرى، فهناك امكانية لبقائه.
لكن ليبرمان سياسي غير متوقع، وكل شيء لديه ممكن. كراهيته الشخصية لنتنياهو لم يسبق لها مثيل. بالمناسبة، ليس هو وحده. ايضا كحلون ولبيد ودرعي، كلهم يشاركون بنفس المحبة لنتنياهو. اذا شكل نتنياهو الحكومة فستكون حكومة اعضاؤها لا يطيقون رئيسها لكنهم مضطرون للتجمع حوله، ولن يكون أحد منهم راضيا.
النتائج الأولية التي ظهرت في التلفزيون أمس أعطتنا نتائج اشكالية. إذا حدث تغيير بسيط لمقعد هنا أو هناك فسيدعونا هذا إلى اعادة التفكير من جديد. المعسكرات تقريبا متساوية، والاحزاب تقريبا متساوية والكل يتعلق بتشكيل كتلة مانعة.
في النهاية عندما يتلاشى الدخان ويزول الغبار سنعود إلى افتتاحية المقال. اسرائيل منقسمة بين اليسار واليمين، بين بيبي وضد بيبي، بين التوق إلى الطبيعية والتطلع إلى المناطقية. أو اذا شئتم بين ميري ريغف وميراف ميخائيلي. دولتان، اسلوبان، وجهتا نظر، كلها ابتعدت ثانية. لا توجد نهاية للسيناريوهات. السيناريوهات الممكنة الآن ليست لها نهاية. التقدير في معسكر اليمين هو أن نتنياهو سيشكل بداية تحالف يمين حريدي وبعد ذلك يتوجه إلى هرتسوغ ويطلب منه الانضمام ويعرض عليه حقائب مهمة.
من اجل تشكيل الحكومة يحتاج نتنياهو إلى شيء واحد فقط هو توصية من كحلون لدى الرئيس. ستُمارس ضغوط كبيرة في الايام القادمة على كحلون وستكون من أقوى الضغوط التي مورست في يوم ما على سياسي في اسرائيل. هذا يُذكر بالمناورة النتنة لشمعون بيرس التي فيها تحول عدد من اعضاء الكنيست الحريديين إلى حاملي مفاتيح اسقاط حكومة اليمين لصالح حكومة اليسار. النهاية معروفة.
كحلون أراد تغيير نتنياهو، وحلم بحكومة اجتماعية برئاسة هرتسوغ. ومن اجل حدوث هذا كان كحلون يحتاج إلى مبرر للتغطية. إلى شيء آخر يُمكنه من القول لليمين، بيته السياسي، إنه لم يكن هناك خيار. هذا المبرر كان يمكنه أن يكون تقدم هرتسوغ بـ 4 مقاعد في الاستطلاعات. تقدم كهذا كان سيعطي هرتسوغ التفويض من الرئيس، وكان سيبدأ مشاوراته في تشكيل الحكومة ويعرض على كحلون ما يريد، وكان كحلون سينضم.
لكن هذا لم يحدث. لا يوجد تقدم، هرتسوغ لم ينتصر، لقد حصل على التعادل، كله خسارة. ما تبقى هو الحساب. العد يبدأ من التوصيات لدى رئيس الدولة. اذا لم يوصي كحلون بأي شخص لدى الرئيس فيمكن أن يكون لدينا وضع يكون فيه لدى هرتسوغ ونتنياهو عددا مشابها من الموصين. ليبرمان تعهد قبل الانتخابات بأن يوصي على نفسه. في وضع كهذا يكون لنتنياهو 28 مقعدا + 7 شاس و8 بينيت، المجموع 43. يوجد لهرتسوغ هو ولبيد وميرتس. والسؤال هو هل يستطيع تجنيد 8 إلى 9 من المصوتين العرب (القائمة المشتركة باستثناء «بلد»). باختصار، هذا ينقل عبء الاثبات والقرار إلى رؤوبين ريفلين. بكحلون وريفلين يتعلق مصير نتنياهو وهرتسوغ مع أفضلية معروفة لنتنياهو.
الامر الوحيد الذي يكسر التعادل ويغير الفرضيات الأساسية في الوضع الحالي هو حكومة وحدة لبيبي ـ هرتسوغ. في وضع كهذا سيطلب هرتسوغ التناوب، ويُشك أن يحصل على ذلك. نتنياهو تعهد بعدم تشكيل حكومة كهذه. فهو سيوافق على ضم هرتسوغ كشريك أخير وليس شريكا أولا. على هرتسوغ أن يتوقع حرب داخلية اذا حاول الزحف مثل اهود باراك من قبل، إلى حكومة نتنياهو.
نعم، هرتسوغ يستطيع نظريا تشكيل الحكومة. هو يحتاج كحلون وربما ليبرمان. كلاهما كان سيأتي لو كان لديهما زيادة بارزة يستندان اليها. لو كان هناك انتصارا، 3 ـ 4 مقاعد، هذا هو المطلوب. هذه المقاعد التي تنقص هرتسوغ موجودة لدى لبيد.
نتنياهو كان قاسيا ومفترسا لدرجة سحب المقاعد من بينيت. هرتسوغ لم يسحبها من لبيد، لقد تردد وتلعثم. صحيح أن هرتسوغ ألغى المناوبة مع لفني، لكنه لفني الجديدة. لقد كان هناك ايضا، لمس ولم ينجح في الأخذ. شاهد الارض الموعودة لكنه لم يدخلها. كما هو معروف كل ما قيل أعلاه صحيح بخصوص نتائج العينات فقط. فالنتائج الحقيقية في الطريق.
معاريف