رد الأسد وحلف الخائبين
غالب قنديل
بكلمات بسيطة وواضحة علق الرئيس الدكتور بشار الأسد على تصريحات جون كيري وأبرز ما فيها ان سورية تنظر للأفعال ولا تأخذ بالأقوال وان ما قامت به الدولة الوطنية في مواجهة العدوان خلال أربع سنوات كان دفاعا عن الوطن وتجسيدا لإرادة الشعب العربي السوري التي هي الأصل والمرتكز في صياغة الموقف السوري .
أولا لم يلبث كيري يعلن ما اعلنه عن حتمية التفاوض مع الرئيس الأسد حتى انهالت التصريحات العاتبة والغاضبة من شركاء الولايات المتحدة في حلف العدوان وسمع فحيح لبناني لأيتام جيفري فيلتمان الذين أصابتهم هستيريا الخيبة المتوقعة منذ انطلاق العدوان على سورية .
أبرز ما يميز منهجية الرئيس بشار الأسد هو اعتبار الإرادة الشعبية مصدرا حاسما لصياغة الخيارات الرسمية للدولة وهو سبق له ان ربط عودة أي علاقة مع أي دولة او جهة تورطت في سفك دماء السوريين وساهمت في آلة العدوان بموقف السوريين وإرادتهم وقد أكد جوهر هذه الفكرة في تعليقه على تصريحات وزير الخارجية الأميركي ولذلك تحدث عن الأفعال والوقائع العملية كمعيار في التعامل مع مواقف الدول وانطلاقا من الإمبراطورية الأميركية نفسها فالمعيار السوري واحد ودمشق تتمسك بعزتها وكرامتها ولا تبني على الأقوال إلا إذا صارت أفعالا واضحة وحاسمة تستحق النظر فيها ويقينا فإن أي سورية او سوري ليس لديهم غير تعابير الرئيس في التعقيب على كلام وزير الخارجية الأميركي.
ثانيا الدولة الوطنية السورية المقاومة المتمسكة باستقلالها وسيادتها تتعامل بندية مع جميع الدول كبيرها وصغيرها وتقيس مواقفها بمعايير مبدئية لا مجال فيها للمخاتلة والمداورة وفي ظل العدوان الاستعماري الذي تتعرض له بقيادة الولايات المتحدة تشهر إرادة الصمود والمقاومة ولو أراد رئيس الجمهورية العربية السورية ان يساوم على حرية بلاده وحقوقها لقبل عروض الصفقات التي حملها إليه قادة قطريون وسعوديون واتراك وفرنسيون وبريطانيون وقد استهدف بشراسة غير مسبوقة لثباته وصلابته الوطنية والقومية وجميع من فاوضوه عشية العدوان وخلاله لم يكونوا سوى خدم لإسرائيل التي تكشف حجم دورها المركزي في العدوان على سورية الدولة التي يحملها الصهاينة منذ ثلاثين عاما تبعات الشراكة المبدئية والسياسية واللوجستية مع إيران في رعاية قوى المقاومة اللبنانية والفلسطينية التي كسرت هيبة الردع الإسرائيلية .
أيقنت الولايات المتحدة بمؤسستها الحاكمة ان الهزيمة واقعة في سورية وما راهنت عليه إدارة اوباما تكشف عن مستحيل رغم كل ما قام به حلف العدوان الغارق في مأزقه وعجزه عن التكيف ومجاراة السيد الأميركي ولو في الأقوال ولذلك خرجت امس العربدات من باريس ولندن وانقرة واوحت بها تعليقات مصادر حكومات دول الخليج المعتدية على الجمهورية العربية السورية اما بعض الدمى اللبنانية الحاقدة فتفاصيل سقط المتاع التي باتت أجراسا على أقفية الهاربين من هزيمتهم امام الأسد.
ثالثا استغرق التحضير للتصريحات الأميركية والأوروبية حول حتمية التفاوض مع الرئيس الأسد أكثر من سنة ونصف وبالذات منذ اندحار ضربة اوباما اواخر صيف 2013 وبعد تدفق الوفود والوسطاء الغربيين إلى دمشق وجاء توقيت الاعتراف النظري متأخرا سياسيا وبعد اختبار وتجريب جميع ادوات العدوان وآخرها ما شهدته الجبهة الجنوبية السورية بجهود مشتركة بين سائر الدول والجهات الإقليمية المتورطة بقيادة إسرائيل.
القيادة لإسرائيل في حلف المفجوعين فنهوض الدولة الوطنية السورية وانتصارها يخيف إسرائيل قبل أي جهة اخرى وهو يخيف أيضا حكومة الوهم العثماني اما حكومات الملحقات العربية والتابعان الفرنسي والبريطاني فكل يبكي خيبته الخاصة في فشل الرهان على النيل من الدولة الوطنية السورية ومن رئيسها المقاوم وهم جميعا يبكون فرص التراجع التائهة التي ضيعوها لأجل صرف أحقادهم ولخدمة مصالح إسرائيل وتلبية أطماعهم الموهومة في سورية وما على خشاخيش الخرج الصهيوني العثماني في لبنان إلا التباكي على ورطتهم وخيبتهم المدوية يتقدمهم مهرجو الحرية والديمقراطية التي يمنعونها عن انصارهم وداخل احزابهم وحاشياتهم المستعبدة.
القائد العربي المقاوم والزعيم الشعبي الذي صمد في وجه العدوان وظل ثابتا راسخا بين أهله يقاوم ويتصدى للحرب الكونية بكل الوسائل دفاعا عن الوطن وعن استقلاله وسيادته يتعامل من موقعه الوطني والقومي مع المواقف والسياسات الدولية والإقليمية وهو يحوز تفويضا شعبيا كاسحا برهنت عليه الانتخابات الرئاسية وقد توسع ذلك التفويض السوري مع التطورات والاحداث التي ترد مزيدا من المضللين والتائهين والمتورطين إلى “حضن الوطن” كما يعبر السوريون وبالتاكيد لا يحظى بل لا يحلم بمثل ذلك التفويض وما يختزنه من ثقة ومحبة واحترام أي من خصوم الأسد ولا سيما في الممالك والمشيخات والمحميات المتربعة على الزيوت والرمال والقواعد الأميركية.
الرئيس الأسد هو من يضع الشروط لقبول التفاوض مع هذه ام تلك من عواصم الغرب وحكومات العدوان التي تشهد بام العيون خسارتها وانهزامها امام الشعب العربي السوري والجيش العربي السوري وامام هذه القامة العربية التاريخية الكبيرة التي هي اليوم عنوان نهوض سورية وعزتها وكرامتها ورمز العروبة والمقاومة ، هذا الرئيس المناضل المتواضع والمثقف الذي صان وحدة الشعب العربي السوري والدولة الوطنية العلمانية السورية التي هي نموذج فريد حقيقي لمجتمع متنوع متعدد ومندمج في إطار الهوية العربية وعلى عهد خيار المقاومة والتحرر .