عندما يُشيد الطبيب المعارض السوري بـ “إنسانية إسرائيل”! د. فايز رشيد
لبّى طبيب معارض (حرص على أن يبقى اسمه طيّ الكتمان وحظرت إسرائيل نشر اسمه وصورته!), وهو مسؤول كبير في شبكات المساعدة الإنسانية دعوة من معهد ترومان لـ دراسات الشرق الأوسط في الجامعة العبرية في القدس المحتلة, وقدّم محاضرة باللغة الإنجليزية أمام عشرات الطلاب حول أحداث سوريا بمناسبة اقتراب الذكرى الرابعة لما أسماه بـ “الثورة السورية”. مما قاله الطبيب في محاضرته : “أن النظام السوري استعمل الأسلحة الكيماوية 26 مرة .أن النظام يعتقل الجرحى ويقوم بتعذيبهم ومن ثم إعدامهم.أن السلطات السورية كشفت أمر شبكة المساعدات الطبية واعتقلت أفرادها, لكنه لحسن الحظ كان في الخارج ثم تحوّل بعد ذلك إلى لاجىء.الطبيب السوري قال أيضا: ” طالما اعتبرتُ إسرائيل الشيطان الأكبر ولم نقو على لفظ اسم إسرائيل بسبب ما تعلمناه وتلقيناه في سوريا , ولاحقا اكتشفتُ أن الإسرائيليين بشر مثلنا ويقدمون مساعدات إنسانية وطبية للآخرين بمن فيهم إلينا”.
الطالبة الفلسطينية الكفيفة ( تيجان الأفندي) كانت في المحاضرة ,تصدّت للطبيب وقامت بمقاطعته وذكّرته بأنه يزور دولة تضطهد الفلسطينيين. الأفندي هي التي كشفت أمر المحاضرة وفحواها وذكرت في مقابلة صحفية لها ( القدس العربي , الجمعة , 13 مارس الحالي) :حرص منظموا المحاضرة على إدخال الطبيب المحاضر إلى قاعة صغيرة مزدحمة لدواع أمنية, وأشارت إلى أن الحرّاس حظروا إدخال كاميرات أو هواتف محمولة إلى القاعة.
الطبيب السوري المعارض ونظرا لكونه صاحب مهنة إنسانية.. كان عليه دراسة تاريخ المعاناة الفلسطينية والعربية من الجرائم والمذابح الصهيونية ..من دير ياسين وكفر قاسم والطنطورة مرورا بمجزرة بحر البقر ومجزرة قانا وصولا إلى المذابح الأخيرة في غزة في العام 2014 الماضي!. كان عليه معرفة: أن من يشيدُ بهم دفنوا الجنود المصريين الأسرى أحياءأ في خنادق جماعية في رمال سيناء عندما احتلوها في حرب عام 1967!. ألم يعرف الطبيب عن تفجير الدولة التي يشيد بـ “إنسانيتها” لطائرة ركاب ليبية في الجو؟ ألم يع حجم الإستيطان الصهيوني؟ ألا يقرأ عن عذابات الأسرى الفلسطينيين في السجون الصهيونية؟ ألم ير على الفضائيات تدمير أحياء بأكملها على رؤوس ساكنيها في عدواني 2006 على لبنان و 2014 على غزة ؟. ألم يقرأ عن القرار الدولي باعتبار الصهيونية شكلا من أشكال العنصرية والتمييز العنصري؟. ألم يخجل الطبيب السوري من الإشادة بدولة اتخذت قرارا بضم هضبة الجولان العربية السورية وهي جزء من وطنه سوريا إلى الكيان؟ وهل وهل وهل؟.
من قبل إشادة الطبيب بالكيان ونسيانه لجزء رئيسي من أرض وطنه.. عرض الدكتور كمال اللبواني المعارض السوري وعضو الهيئة السياسية للائتلاف الوطني السوري( صحيفة العرب, 23 مارس 2014 ): إعطاء إسرائيل هضبة الجولان وتوقيع اتفاق سلام معها مقابل تدخلها لصالح المعارضة السورية وإسقاط النظام!. تساءل اللبواني يومها “لماذا لا نبيع قضية الجولان في التفاوض ,فذلك أفضل من أن نخسرها ونخسر معها سورية إلى الأبد، وقال:عندما أطرح موضوع الجولان فأنا أبيع ما هو ذاهب سلفاً”.اللبواني اتفق مع نتنياهو حينها بأهمية ضرب المشروع النووي الإيراني نظرا للتدخلات الإيرانية التي تصل إلى اليمن وسوريا والعراق والبحرين وبقية دول الخليج. كشف اللبواني أيضا: أنه اجتمع مرات عديدة مع كيري.
أما بالنسبة لشكل التدخل الإسرائيلي المباشرفي الأحداث الدائرة في سوريا ,يتصورها ويرسمها اللبواني من خلال القول:”تتدخل إسرائيل بفرض منطقة حظر جوي…وتُدخل طيرانها لضرب الأهداف السورية.”..ويستطرد (جناب )اللبواني (المفكر الاستراتيجي الفذ) في وصف التدخل الصهيوني في وطنه قائلا: ” ستدخل إسرائيل الحرب كقوة تحرير في سوريا لأنها والحالة هذه تمد يد الصداقع مع الشعب السوري وستقدم المساعدات لنا”.
ما قاله اللبواني قبلا والطبيب فيما بعد لم يكن باسميهما فقط .. بل باسم العديدين من أعضاء وقوى ما يسمى بـ “المعارضة السورية”!.إن هذا الطرح هو خيانة للوطن والشعب السوري وللأمة العربية من محيطها إلى خليجها.من قبل قلناها مراراً بأن المؤامرة التي تحاك ضد سوريا هي مؤامرة دولية (أمريكية-إسرائيلية-أوروبية بمساندة أطراف إقليمية ) ولكن بأيدي محلية , هدفها الأول والأخير هو:إزالة سورية كدولة مهمة في المنطقة تشكل تهديدا للكيان , من خلال تفتيتها إلى دويلات طائفية متحاربة فيما بينها. نعم ما يقوم به داعش يتماهى معما تقوم به معارضة فنادق السبع نجوم!.
نعم هناك إعلاميون صهاينة من دولة الكيان يقومون بتغطية عمليات المسلحين في سوريا، ولقد كُشف عنه من معالجة الجرحى من المعارضة في المستشفيات الصهيونية…. الإعلام الصهيوني غطى قبل بضعة أشهر زيارة لنتنياهو يرافقه وزير الصحة ( في الحكومة المنحلة) لجرحى المعارضة السورية في المستشفيات الإسرائيلية!. ايضا وبعد تعيين العميد عبد الاله البشير رئيساً لهيئة أركان الجيش الحر خلفاً للواء سليم إدريس كشفت صحيفة “معاريف الإسرائيلية” : بأن العميد البشير تدرب على أيدي خبراء عسكريين إسرائيليين بتنسيق مع الموساد الإسرائيلي ,وهو ما يؤكد الأنباء التي تسربت وأكدت تدريب إسرائيل لعسكريي ما يسمى بــ”الجيش الحر”وهو ما يُثبت حقيقة المؤامرة التي تتعرض إليها سوريا.
الطبيب كما اللبواني قدّما شهادة براءة للكيان الصهيوني ولكل المذابح التي اقترفها بحق الفلسطينيين والعرب بمن فيهم:الشعب السوري وقصف أهداف مدنية وعسكرية سورية.هذا في الوقت الذي تعترف به الأمم المتحدة بالاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية واللبنانية والسورية تأتي “المعارضة السورية” لتؤكد:”بأن التدخل العسكري الإسرائيلي في سوريا يأتي على قاعدة ” الإنسانية والصداقة” للشعب السوري ؟! ولطالما روجت هذه القوى من قبل : “بأن السكوت الإسرائيلي عما يجري في سوريا هو من أجل خدمة النظام السوري”!.الذي تبين وتأكد أن الكيان الصهيوني هو من يقف وراء هذه القوى،ويقدم إليها كافة أنواع الدعم اللوجستي والعسكري بالتنسيق مع الحليف الاستراتيجي للطرفين:الولايات المتحدة الأمريكية.
إنه الانحدار إلى أقسى مدياته في التعامل مع كرامة الأمة العربية وسيادتها , وكل ما تمثله القيم العربية الأصيلة القائمة على النخوة والتضامن مع الشقيق ومساعدته , في رد فعل الظلم القائم عليه من الغرباء وبخاصة من أعداء الدين والعقيدة والقومية،الذين يعربدون بصلف وعنجهية وصلافة وعنصرية ضد كل ما هو عربي…”والعربي الجيد بالنسبة إليهم هو العربي الميت” , والعرب بالنسبة إليهم ليسوا أكثر من”صراصير” ,”ويجوز قتل أطفالهم حتى الرّضع منهم”.
نعم ,نحن نعيش زمناً غير الزمن العربي الأصيل،فلا يُعقل أن قوى مُفترض أنها عربية تقوم بالاستقواء على وطنها بالعدو الصهيوني.. التي تتزايد مقاطعته عالميا يوما بعد يوم !. نعم لقد هزلت في زمن المهازل!؟.