مناورة لـ«أنصار الله» على الحدود السعودية: لا تجرّبونا! علي جاحز
صعّدت «أنصار الله» من تعاطيها مع السعودية يوم أمس، عبر تنفيذها مناورة ضخمة على الحدود اليمنية السعودية. بمشاركةٍ لألوية من الجيش اليمني، «خاطب» الحوثيون الرياض بلغةٍ مباشرة، مفادها أن أي محاولة للتدخل السعودي أو الخليجي ضدهم سيُرَدّ عليها وفقاً لقدرات الجماعة العسكرية، التي اختلفت كثيراً عن عام 2009، تاريخ الحرب الأخيرة للرياض ضد الحوثيين
صنعاء | قبل أن يخرج اجتماع وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي بدعوةٍ إليها للمشاركة في مؤتمر الحوار اليمني المزمع عقده في الرياض قريباً، كانت جماعة «أنصار الله» تنفّذ مناورة عسكرية في محافظة صعدة، شمالي اليمن، على الحدود مع السعودية. العملية العسكرية الأولى من نوعها منذ الحرب الأخيرة التي خاضتها الرياض ضد الحوثيين عام 2009، نُظّمت بمشاركة قوات عسكرية برية تابعة للجيش اليمني، إضافة إلى كتائب من «اللجان الشعبية» التابعة للجماعة، وسط تجمهر حاشد، استخدمت فيها دبابات وقاذفات صواريخ ومنصات كاتيوشا ومضادات الطائرات، إضافةً إلى استعراضات للكتائب العسكرية البرية المدربة.
المناورة الضخمة يمكن تفسيرها مبدئياً في ضوء توجه «أنصار الله» إلى «مخاطبة» السعودية التي تدعم قوى داخلية وترعاها، بصورةٍ مباشرة، بعدما أدركت «الجماعة» أن الحوار والتفاوض الداخليين لم يعودا مجديين في ظلّ إصرار تلك القوى على المراوغة والتملص من أي اتفاقات وتسويات تخرج من الوصاية السعودية الأميركية على اليمن، كما جرى مع اتفاقات سابقة، أبرزها «السلم والشراكة».
صعّدت الجماعة في تعاطيها مع الجارة التي لم تتوقف في الآونة الأخيرة عن التلويح بتدخلٍ عسكري في اليمن، حاولت أن تدفع باتجاهه عبر مجلس الأمن الذي رفض مشروع مجلس التعاون الخليجي المطالب بقرار التدخل تحت الفصل السابع.
تمكنت الجماعة يوم أمس، من توجيه رسائل عدة لم تخرج عمّا أكدته مراراً منذ أيلول الماضي، تاريخ سيطرتها على العاصمة صنعاء، ومفادها أن الجماعة تملك قوة عسكرية تتيح لها أن ترد على التهديدات السعودية خصوصاً والخارجية عموماً، و»بأننا بتنا أمام يمن جديد كلّياً»، وأن الجماعة التي خرجت من صعدة للتمدد في مختلف المحافظات، لا تزال رابضة على الحدود لتنبّه من وراء الحدود لعدم اختبار قوتها.
واستمرت المناورة العسكرية منذ الصباح حتى المغرب من يوم أمس، وشارك فيها الجيش و«اللجان الشعبية» في زيّ عسكري رسمي موحد، اتخذت من منطقة وادي آل أبو جبارة في صعدة ميداناً لها، وهو المكان الذي كان يسيطر عليه التكفيريون قبل حرب كتاف (شمال) التي انتهت بهزيمتهم، بحسب الجماعة، كذلك يعتبر أكثر نقطة حدودية استراتيجية مع السعودية.
عضو اللجنة الثورية العليا (التابعة للجماعة) في صنعاء، محمد المقالح، علّق في حديثٍ إلى «الأخبار» على المناورة بأنها رسالة إلى الخارج، وخصوصاً السعودية، لتقول لها إن اليمن لم يعد اليمن الماضي، وإنه أصبح يمتلك قراره المستقل. ولفت المقالح إلى أن الشعب اليمني والجيش جاهزان للدفاع عن البلد في مقابل التهديدات الخارجية، وأضاف بالقول «يجب أن يفهم الخارج أن اليمن لم يعد طفلاً قاصراً كما كان يجري التعاطي معه».
وحظيت المناورة بتداول إعلامي وسياسي واسع يوم أمس، فيما لم يعلن عنها كمناورة رسمية، رغم مشاركة الجيش فيها، وعلى الرغم من أن «أنصار الله» لم تصرّح بأي شيء حولها، غير أنها حضرت على طاولة مؤتمر وزراء خارجية الخليج الذي عُقد في الرياض التي قللت من تأثيرها، حيث علّق وزير الخارجية القطري خالد العطية، في ردٍّ على سؤال صحافي، «نحن غير قلقون كثيراً بشأنها»، مؤكداً أن دول الخليج «لديها إمكانية كافية لصدّ أي خطر قد يمسّ أي دولة من دول الخليج».
في المقابل، جدد المقالح التشديد على أن «الثورة جاءت لإسقاط الوصاية الخارجية ولقطع الطريق أمام تدخلات الخارج»، معتبراً الدعوة إلى عقد مؤتمر الرياض «محاولة لفرض خيارات معينة ولكسر فكرة الثورة تماماً»، بواسطة اللازمة نفسها، «لازمة المبادرة الخليجية التي كانت تقول لليمنيين صراحةً إنهم لا يستطيعون اتخاذ قرارهم بأنفسهم ولا يستطيعون تشكيل مؤسساتهم الا بوصاية خارجية». وأضاف المقالح: «لا يمكن أن ينجح حوار من دون أنصار الله والقوى الثورية الوطنية».
وفي هذا الوقت، دعا اجتماع وزراء الخارجية الخليجيين، يوم أمس، الحوثيين إلى المشاركة في الحوار اليمني المزمع عقده في الرياض قريباً، مع التشديد على أن مؤتمر الحوار سيكون تحت «سقف الشرعية».
وقال وزير الخارجية القطري إن الدعوة الى المؤتمر اليمني هي «دعوة للجميع»، موضحاً ان «الحوثيين معنيون بهذه الدعوة… فهم مكوّن من مكوّنات الشعب اليمني». وأضاف أن «مسألة قبولهم (الدعوة) هي شأن حوثي يعود لهم». من جهته، علّق المقالح على دعوة الرياض الجماعة إلى المشاركة في الحوار المذكور، قائلاً: «باعتقادي أن الهدف منها هو جرّهم إلى الدخول في جوقة القوى السياسية الخاضعة للوصاية الخارجية».
من جهةٍ أخرى، وفي مضيّ دولي لتضييق الخناق على اليمن بذريعة «سيطرة أنصار الله على الحكم في صنعاء»، أعلن مكتب البنك الدولي في اليمن أن البنك قرر يوم أمس «تعليق تمويل مشاريعه التنموية في اليمن حتى إشعار آخر، مع تصاعد الاضطرابات الأمنية والسياسية في البلاد». وفي سياق السعي الإقليمي والدولي لتأكيد الشرعية لهادي، التقى الأخير السفير التركي فضلي تشورمان في عدن يوم أمس. وقالت مصادر حضرت اللقاء إن المسؤولين «بحثا تداعيات الأحداث في اليمن»، وذلك بعدما كانت أنقرة قد أغلقت سفارتها في صنعاء بعد تسلم «أنصار الله» السلطة في العاصمة.
(الأخبار)