ثلاثة عوامل تضبط الاستقرار.. والتحالف الدولي يساعد داود رمال
لا تعدو بعض المواقف الدولية المتصلة بالوضع الداخلي اللبناني أن تكون تذكيرا باهتمام مفقود يتصل بملفات حيوية اعتاد لبنان، منذ الاستقلال، أن يكون للخارج الرأي المقرر فيها، وأبرزها انتخاب رئيس جمهورية.
ما يؤكد عليه مسؤولون غربيون هو حرص مستمر على إبقاء لبنان ضمن دائرة مقبولة وقابلة للتحمّل، على حلبة محتدمة يطاله شررها منذ اللحظات الأولى لانفجار الساحات العربية. وعليه، فإن أموراً مختلفة تتحكم بالوضع اللبناني وتبقيه قادرا على السير بأقل الاضرار، مانعة أي تطورات دراماتيكية يعجز الواقع الداخلي عن استيعاب مخاطرها.
ويوجز هؤلاء هذه «العوامل المانعة للانفجار الكبير» بثلاثة:
ـ وجود سقف أمني لكل شيء، أي ما اصطلح على تسميته مظلة تمنع الانفجار، مع استمرار المناوشات على الحدود الشرقية، من دون حصول تطور كبير يؤثر في عملية إدارة الاستقرار.
ـ الانضمام إلى التحالف الدولي لمحاربة الارهاب، وتحديدا «داعش»، فلبنان عضو في هذا التحالف انما «على القطعة»، أي إذا كان هناك أمر يزعج لبنان ولا يقدر على تحمل مسؤولية الانخراط فيه لا يتبناه، أما كل ما يريحه ويصب في مصلحة سيادة منطق الاستقرار فيه فيوافق عليه.
ـ التغطية الدولية للبنان، ففي حال تعرض لهجوم ارهابي كبير بمقدور لبنان ان يطلب المساعدة، وهنا برزت مشكلة مفادها: ممن سيطلب لبنان المساعدة؟ إلا أن التحالف الدولي نفسه أوجد المخرج الملائم، إذ أبلغ لبنان أن لا مشكلة بالمساعدة العسكرية إذا طلبها، ولكن على أن لا تشمل الاراضي السورية، أي شن ضربات جوية أو صاروخية على المجموعات الارهابية المسلحة في الجهة السورية المقابلة للحدود اللبنانية.
يقرّ الغربيون بضرورة التنسيق اللبناني ـ السوري ببعده الامني والعسكري، ويُستدلّ على ذلك من قولهم: «لبنان لا يتواصل مع سوريا علناً، هناك تواصل ضمني، والثابت أن المعارك في القلمون وجرود عرسال ورأس بعلبك لن تنتهي إلا بعمل مشترك لبناني ـ سوري نابع من مصلحة لبنانية مطلقة. لذلك، ستستمر المناوشات إلى حين الاقتناع بالعمل المنسّق ببعده العسكري. وإلى حين تحقيق ذلك، لن يكون هناك تطور ضخم يغيّر المعادلة لمصلحة الارهابيين».
هل يستدعي ذلك اجتماعاً لمجموعة الدعم الدولية للبنان، في ضوء تسرّب أجواء عن إمكانية عقد اجتماع لها في بيروت؟ إذا تأكد ذلك، فإنه يعتبر تعزيزاً للمظلة الدولية الحامية للامن والاستقرار.
يبدو أن لا شيء واضحاً بهذا الخصوص، بالرغم من عدم استبعاد أي توجه يمكن أن يصب في مصلحة لبنان. وفي هذا السياق يقول السفير الروسي لدى لبنان الكسندر زاسبكين لـ «السفير»، ردا على هذه الاجواء، «لم نناقش حتى الآن إمكانية عقد اجتماع لمجموعة الدعم الدولية في لبنان، علماً أن جدول الاعمال بالنسبة إلى لبنان، دولياً، سيتناول قريباً التقرير الدوري المتعلق بتطبيق مندرجات القرار الدولي 1701. أما اجتماعات مجموعة الدعم الدولية، فهي تأتي في سياق مبادرات لمنسق الامين العام للامم المتحدة».
وإذا كانت كل دول العالم تركّز على مسار المفاوضات الغربية ـ الايرانية وتحديدا بين وزيري خارجية الولايات المتحدة الاميركية جون كيري وايران محمد جواد ظريف، فإن السفير الروسي يدعو إلى عدم المبالغة في ما يخص انعكاسات هذا الاتفاق النووي المحتمل على مجمل القضايا الاخرى، «لأن الاتفاق بحد ذاته هو أمر مطلوب، وسيكون مهماً لتصويب معاهدة حظر انتشار أسلحة الدمار الشامل مع تأمين حق إيران بتطوير برنامجها النووي للاغراض السلمية، أما ربط هذا الاتفاق بكل ملفات المنطقة فهو مبالغة ولعبة لا تفيدان في الوصول إلى هذا الاتفاق».
وإذ يؤكد «تأييد الدور الايراني على صعيد المنطقة»، يلفت زاسبكين الى ان «هناك ربطا غير مباشر لجهة انه اذا تم الاتفاق النووي الإيراني أو الاتفاق في سوريا او في اوكرانيا.. فهذا يؤثّر إيجاباً في الأجواء الإقليمية والدولية، اما اعتبار ان الامور تتم بالمقايضة وإبراز أن الحلول ستتم بمقايضة في ملفات المنطقة والعالم، فنحن لا نعتبر هذا مفيداً».
(السفير)