ليس سوى عرض مسرحي: شلومو شمير
البروفيرا غدا في الاجتماع السنوي للوبي اليهودي «ايباك». الحفل الافتتاحي الرسمي سيحدث بعد غد في الجلسة المشتركة لمجلس النواب ومجلس الشيوخ.
بدون شك فان الظهور لرئيس الحكومة سيكون أفضل عرض في العاصمة الامريكية. الخطابان سيكونان مُعدان بصورة فخمة، بلغة انجليزية فصيحة، لغة الجسد مناسبة تماما، الشفتان تتحركان في اللحظة المطلوبة، وكما هو مفهوم ستكون توقفات للسماح بالتصفيق والقاء نظرة مُبهجة على الجمهور. هذه مسرحية بعد عرضين لها ستنتهي، حتى لو أنها أُعدت منذ البداية لأن تبقى في البرنامج الثابت ـ كما تسمى في اللغة السائدة في بوردوي. عرضا كهذا يعتبر فاشلا وخاسرا. في الحالة التي تتم مناقشتها، منذ اسابيع يحذر المخرجين من أن المشاهدين لن يحبوا هذا العرض الذي مضمونه أمر مختلف فيه، فالماكياج غير جيد والتوقيت غير مناسب.
في ظهوره الاخير أمام الجلسة المشتركة لمجلسي النواب والشيوخ في أيار 2011 تم قطع خطاب نتنياهو 29 مرة بالتصفيق، ضِعف المرات التي قوطع فيها الرئيس براك اوباما وهو يخطب خطاب الأمة. يمكن الافتراض أن رئيس الجمهوريين في الكونغرس، جون باينر، يهتم بأن يحظى رئيس الحكومة باستقبال حماسي وبتصفيق عاصف من اعضاء الحزب الجمهوري. في النهاية فان باينر الذي مكانته في اوساط الجمهوريين مهتزة، بل هناك مطالبة بازاحته، عليه الاثبات بأن مبادرته لدعوة نتنياهو قد أثمرت حادثا حماسيا.
النتائج معدومة. التصفيق والتأييد اللذين وعد نتنياهو بهما بما في ذلك ربع ساعة من الظهور أمام وسائل الإعلام، لا يستطيعان تغيير الحقيقة الكامنة في اختبار النتائج، من الناحية الجوهرية والعملية فان الظهور والخطاب في الكونغرس ومجلس النواب الذي يأمل ـ يتوقع منهما رئيس الحكومة ردا عمليا، لن يعطيا أي نتيجة بتاتا. من كل الردود والمحادثات والتصريحات في الايام الاخيرة التي تصدر عن اوساط في واشنطن وكبار الدبلوماسيين في نيويورك تظهر بصورة واضحة، يظهر بصورة واضحة استنتاج مشترك: لا احتمال لرئيس الحكومة للتأثير على المراحل الاخيرة من المفاوضات مع إيران أو لتغيير أي شيء في الاتفاق المتبلور بين الولايات المتحدة وحلفاءها الغربيين وبين إيران. عندما يتحدثون عن الخطاب المرتقب في الكونغرس فان الدبلوماسيين في نيويورك يتذكرون خطاب نتنياهو في الجمعية العمومية للامم المتحدة قبل سنتين. عندما عرض التوضيح الذي كان من شأنه التحذير من اقتراب إيران من تطوير القنبلة النووية. وقد قال دبلوماسي غربي في محادثة معه أمس ساخرا «في ذلك الوقت بدا للحظة أن العرض في الامم المتحدة كان دراماتيا وجديا، وبعد ذلك تحول إلى حادث هامشي يتم تذكره كعرض مضحك».
سيبدأ بالثناء على اوباما
من شبه المؤكد أن رئيس الحكومة سيبدأ خطابه في واشنطن بابداء احترامه للرئيس اوباما. سيثني نتنياهو ويمتدح الرئيس اوباما على دعمه للمصالح الاسرائيلية، وسيمتدح بشكل خاص التعاون الاستراتيجي والمساعدة التي تلقتها اسرائيل من البيت الابيض من خلال دعم الرئيس في المجالات الامنية. لكن هذه الاطراءات لا تغير الحكم الذي صدر مؤخرا في البيت الابيض والذي نص على الانفصال عن نتنياهو ـ هذا الحكم وجد تعبيره مؤخرا في تصريحات فظة وقاسية لم يسبق لها مثيل من الرئيس، ومن قبل المستشارة للامن القومي سوزان رايس ووزير الخارجية جون كيري. من جهتهم فان نتنياهو هو حالة ميئوس منها، فمعارضته للاتفاق مع إيران ليست فقط تحدٍ لرئيس الولايات المتحدة المصمم على التوصل إلى الاتفاق. الخطاب المرتقب هو تجاهل لمشاعر اغلبية الامريكيين وآرائهم.
الرئيس اوباما ليست له شعبية في اوساط الامريكيين، لكن سياسته التصالحية تحظى بدعم كبير بما في ذلك سعيه إلى الاتفاق مع إيران. بعد حربين في العراق وافغانستان قتل فيهما آلاف الجنود الامريكيين واستنزفت من الميزانية الفيدرالية ترليونات الدولارات ولم تحرز أي مكاسب سياسية للولايات المتحدة ولم تدفع قدما بالقيم الديمقراطية، فان الاغلبية الساحقة من الامريكيين ملت من التدخل العسكري في الصراعات الاقليمية وخصوصا الصراعات التي تحمل في طياتها امكانية اندلاع الحروب. حينما يرد الرئيس اوباما بغضب على جهود رئيس حكومة اسرائيل في محاولته لاحباط الاتفاق مع إيران فان اوباما يعرف أن اغلبية الشعب الامريكي تشاركه هذا الغضب.
الخطاب في «ايباك» ليس بالامر المؤثر الذي يبرر الانفعال. فهو بعيد جدا عن ذلك، اللوبي الاسرائيلي في واشنطن فقد في السنوات الاخيرة الكثير من شعبيته القديمة كمنظمة نوعية وحكيمة في آرائها. معارضة اللوبي لكل اتفاق مع إيران معروفة، قبل أكثر من سنتين نشر «ايباك» وثيقة تتضمن انتقادا حول الاتفاق المرحلي مع إيران الذي تم في جنيف. لكن زعماء يهود في نيويورك تحفظوا من وثيقة «ايباك» واطلقوا تصريحات انتقادية ضد موقف اللوبي المعارض للاتفاق مع إيران. اريك يوفا، رئيس الحركة الاصلاحية ونشيط في مجال العلاقات بين اسرائيل والولايات المتحدة، قال في مقابلة مع «معاريف نهاية الاسبوع»: «لا أعتقد أن الاتفاق (مع إيران) جيد إلى هذا الحد، ولدي مثل يهود كثيرين شك حول الاتفاق. لكن بالنسبة لي وليهود كثيرين فان هذا الشك لا يمس بدعمنا للرئيس اوباما. يعتقد اليهود في امريكا ويأملون أن يتوقف رئيس الحكومة نتنياهو عن الصراخ ويبدأ في العمل مع البيت الابيض».
«ايباك» لا تمثل الجالية اليهودية في الولايات المتحدة، ورؤساؤها لا يتفاخرون بالتحدث باسم الجالية. إن خطاب رئيس الحكومة في مناسبة لـ «ايباك» يهم القليل جدا من اليهود. إن وجود اللوبي في الخطاب اليهودي وجود قليل وتأثيره على برنامج العمل وأولويات الجالية معدوم. «ايباك» لا تخفي هويتها اليمينية وتماهيها الشديد مع حكومة اليمين في اسرائيل. لكن الحقيقة هي أنه في عمليتي الانتخابات الاخيرة في الولايات المتحدة، فان الاغلبية الساحقة، نحو 80 بالمئة من اليهود ذوي حق التصويت، أعطت اصواتها لاوباما الذي لا يعتبر الابن المحبوب لزعماء «ايباك». «اذا وجد دعم لاسرائيل في تلة الكابتول، فهو ليس بفضل «ايباك»، لكنه رغما عنها»، قال مؤخرا نشيط كبير في نيويورك شغل في الماضي منصب رئيس منظمة يهودية كبيرة. قبل بضع سنوات لم يكن يخطر بالبال اقامة لوبي منافس ومعادي لـ «ايباك». لكن في السنوات الاخيرة فان لوبي «جي ستريت» نشيط جدا ويقترب من مقدمة الساحة اليهودية. هذه المنظمة تُظهر بصورة خاصة نشاطا في الجامعات في الولايات المتحدة، ونجحت في أن تضم إلى صفوفها طلاب يهود ـ هذا المجال لا يعرف عنه شيوخ ونشطاء «ايباك».
الصوت اليهودي ضعف
في مؤتمر «ايباك» غدا سيلقي الخطب كل من مستشارة الامن القومي سوزان رايس، وسفيرة الولايات المتحدة في الامم المتحدة سمانثا باور وسياسيون امريكيون، لكن ظهور شخصيات امريكية بارزة ليس له أهمية خاصة منذ زمن بعيد، هذا الظهور فقط بحكم العادة وكتأدية واجب اجتماعي سياسي أكثر منه اظهارا لدعم المنظمة. في الماضي كان رجال الكونغرس يلاحقون «ايباك» كجزء من جهدهم لارضاء الناخب اليهودي في مناطقهم الانتخابية. في السنوات الاخيرة حدث انخفاض متواصل على قيمة الصوت اليهودي، وأخذ مكانه صوت الامريكيين اللاتينيين الذين تحولوا في ولايات مختلفة إلى قطاع مركزي و إلى خزان اصوات مطلوب ومؤثر. الخطاب في الكونغرس لن يدفع قدما بسعي نتنياهو لوقف الاتفاق مع إيران، والظهور في مؤتمر «ايباك» لن يفتح أمامه الطريق لقلوب اغلبية يهود أكبر جالية في الشتات.
معاريف