واشنطن وطهران تلتقيان:ايال زيسر
إن الاتفاق بشأن الموضوع النووي بين إيران والولايات المتحدة وشركائها هو كما يبدو مسألة وقت، وحتى لو اقتضى أمر التوصل اليه عدة اسابيع اخرى، يبدو أن الطرفين يصممان على التوصل اليه ولن يسمحا لأحد – من الداخل أو الخارج ـ بوقفهما. في نهاية المطاف فان لكليهما، النظام الإيراني وادارة اوباما، مصلحة واضحة، وعندما توجد ارادة وتصميم سياسي فلن يسمح أحد للتفاصيل الصغيرة بأن تشوش عليه.
إيران تصل إلى الجولة الاخيرة للتسوية في محادثاتها النووية وهي متعبة من العقوبات الاقتصادية، بالنسبة للرئيس حسن روحاني الذي انتخب تحت شعار التغيير والاصلاح، فان الاتفاق هو مسألة أن تكون أو لا تكون. يدرك روحاني أكثر من أي شخص آخر في إيران أهمية الخروج من العزلة التي فرضت على بلاده، وهو يعمل لرفعها عنها.
هو يعرف أن الاتفاق المعروض يستجيب لحاجات إيران، ويمكنها من الاحتفاظ بانجازاتها في المجال النووي، والاهم من ذلك ـ من شأنه أن يعزز مكانة نظام آيات الله. في النهاية روحاني جزء لا ينفصل عن هذا النظام، كل جهوده تهدف إلى الحفاظ عليه، حتى من خلال تخفيف وتلطيف النغمة. اذا فشل روحاني في مهمة التوصل إلى الاتفاق فان معارضيه المحافظين سيضعون نهاية لحياته السياسية بحجة أن طريقه، طريق التنازلات للولايات المتحدة، لا تؤدي إلى أي نتيجة.
إذا روحاني معني بالاتفاق ولكن يتضح أن اوباما يحتاج إلى ذلك ليس أقل منه. وجهة الرئيس هي تشرين الثاني 2016، تاريخ انتهاء ولايته في البيت الابيض. كل سياساته في الشرق الاوسط، وليس فقط في الموضوع الإيراني، مثل الحرب الاهلية في سوريا والحرب ضد داعش، موجهة لهذا التاريخ. يسعى اوباما إلى الوصول إلى نهاية ولايته وهو صحيح وسليم بدون أن تسجل ضده مسؤولية تاريخية لانهيار النظام في الشرق الاوسط، أو ليس أقل سوءً ـ مسؤولية تاريخية عن توصل إيران للسلاح النووي. بعد 2016 ليحدث الطوفان.
من هنا يمكن فهم كيف نما الاتفاق النووي، اتفاق يؤجل النهاية ويزيح المشكلة إلى الاجيال القادمة. في اطار الاتفاق يطلب من إيران التصريح بأن ليس في نيتها تطوير السلاح النووي، وفي مقابل التصريح بشأن حسن النوايا يسمح لهم الامريكيون الاحتفاظ بقدرتهم التي طوروها في المجال النووي على مدى السنوات الاخيرة. هنا ثانية نجد الفجوة غير المعقولة بين النوايا والقدرات. النوايا هي مفهوم مشوش ومتملص وقابل للتغيير تقريبا مثل تغيرات الحالة الجوية. القدرات في المقابل هي أمر ملموس: اجهزة طرد مركزي، يورانيوم مخصب، مفاعلات نووية، خبرة علمية وما شابه.
يستطيع الامريكيون تعزية أنفسهم بتعهد الإيرانيين ألا يتحولوا إلى دولة نووية في العقد القادم، لكن لا يوجد للإيرانيين أي سبب لشد الحبل والتحول إلى دولة نووية. الوقت في صالحهم وهم يتمتعون بالحصانة وبالشرعية الدولية التي يحتاجها مشروعهم النووي. لا بأس، اذا برزت حاجة أو سنحت الفرصة في السنوات القريبة، يمكنهم أن يمزقوا الاتفاق، كما فعلت كوريا الشمالية، والوصول إلى الذرة.
لكن في ظل الاجواء الآن يمكن أن تحدث معجزة يوم المساخر «البوريم». يمكن أن يتم اغراء إيران على ضوء الضعف الامريكي وتقوم بشد الحبل أكثر من اللازم، وبهذا تُفشل المحادثات. ويمكن أن تستيقظ الولايات المتحدة من سباتها وتصغي إلى حلفائها في المنطقة الذين يحذرونها من هذا الخطر وإلا فان الاتفاق هو مسألة وقت.