قطر والتطاول على سورية
غالب قنديل
كرر امير قطر في واشنطن كلاما ضد الرئيس بشار الأسد لينفخ حجمه وحجم إمارته امام الرئيس الأميركي بالتباس الخصومة مع القائد الكبير الذي يثير عقدة الهزيمة المخزية والفشل الاستراتيجي عند جميع اركان الإدارة الأميركية السابقين واللاحقين بصموده الأسطوري ضد حرب كونية وهو صمود نسجته بطولات شعب سورية العظيم وجيشها الباسل وزعيمها الشجاع .
أولا على الأرجح لم يخبر الأمير مضيفه الأميركي عن موفده إلى بيروت الذي حمل رسالة إلى دمشق تعرض فيها الإمارة على الرئيس بشار الأسد مصالحة تضمن وقف جميع أعمالها العدائية من تمويل الإرهاب التكفيري ورعاية تنظيم الأخوان وواجهاته السياسية ومع ذلك العرض البند المعتاد في المداخلات القطرية أي بند الأموال المفتوح بلا أرقام ولم يخبر الأمير الفتى سيد البيت الأبيض بالتأكيد أن موفده ظل ينتظر أياما في بيروت ليحدد له موعد في قصر الرئاسة السورية قبل ان يجرجر خيبته إلى الدوحة.
موقف سورية الواضح والقاطع الذي تلقاه الحلفاء والشركاء الذين سألوا عن العرض القطري والرد السوري تضمن أمرين حاسمين :
الأمر الأول إن مشكلة جميع الحكومات المشاركة في العدوان على سورية هي مع الشعب السوري الصامد والدولة الوطنية السورية لن تصالح جهات معتدية ومجرمة لا يقبل بها الشعب العربي السوري وعلى دول العدوان ان تعرف كيف تخاطب هذا الشعب وتعتذر منه عن جرائمها في قتل السوريين وتدمير بلدهم إن كانت فعلا تسعى لمصالحة سورية ودولتها الوطنية كما على تلك الحكومات ان تفكك كل ما نصبته من منصات العدوان السياسية والإعلامية والمخابراتية وان تسلم مرتزقتها للدولة السورية قبل أن تسأل دمشق الغفران والمسامحة.
الأمر الثاني بات لدى الدولة الوطنية السورية ما يكفي من الخبرة والمعرفة بحقيقة ان الحلف الأميركي الصهيوني هو المحرك والقائد في المعسكر التركي الخليجي الذي يستهدف سورية وقرار سورية هو قطع الطريق على جميع المناورات التي يكلف بها التوابع والتعامل مع القوى الكبرى المقررة بفرض المعادلات التي ترغمها على التراجع وعندها ستخضع التفاصيل والأدوات الصغيرة إلى المنطق الكلي لميزان القوى فالأدوات المامورة تخضع لطلبات أسيادها وليست بجدارة التكافؤ والتخاطب مع الدولة الوطنية السورية التي هي رأس حربة كوني لتصحيح المعادلات الدولية ولإنهاء الهيمنة الأحادية ولصد الخطر الصهيوني التكفيري عن الأمة بأسرها .
ثانيا في خلفية الحساب السوري مع الإمارة المكلفة بتنظيم المساكنة بين تنظيم الأخوان وفصائل القاعدة وعملاء الموساد سنوات الخداع العثماني القطري الفرنسي التي مهدت طريق العدوان على سورية بين العامين 2006 و2011 حيث كانت الإمارة تلعب دور الكشاف الخادم للمخطط الأميركي الصهيوني الذي رسم لتدمير سورية وشرعت تنقلب من حماسة الشراكة إلى لؤم العداوة والطعن في الظهر مع سلطان الوهم العثماني أردوغان والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي وقد حشدت إمارة قطر في العدوان على سورية عدة الشغل الترويجية التي تضم كمية من المرتزقة والمأجورين يتصدرهم عزمي بشارة المكلف حديثا باصطياد صحافيين وكتاب لإمبراطورية إعلامية يملكها الشيخ تميم مهمتها ستكون التطبيع الصهيوني وترويج مشاريع الخراب الأخوانية القاعدية ومواكبة خطط السيد الأميركي بالإمرة سواء كان ديمقراطيا ام جمهوريا فالطاعة موجب الارتباط والتبعية وهذا سر كلام القائد بشار الأسد عن محاورة الأصيل حين الضرورة وعدم إلقاء بال للتابع الذي سيبقى صدى سيده.
ثالثا كلام الشيخ تميم عند أوباما هو تطاول الخائب الذي عجز عن قهر سورية ورئيسها بقيادة والده وتابع والده قبل تكليفه بمتابعة دور رأس الحربة في خطة تدميرسورية وقد عجز مرة أخرى عن خداع سورية وقيادتها عندما أرسل موفده بعروض سياسية ومالية فسورية مصممة بإرادة شعبها على محاسبة من تورطوا في هدر دماء أبنائها وتدمير صروح عمرانها وأرسلوا إليها جيوش الإرهابيين والمرتزقة من جميع انحاء العالم لقتل السوريين .
رحم الله ابن المقفع ولافونتين الذي استنسخه بالفرنسية فما يحضر في توصيف الموقف القطري من سورية يشبه حكاية الضفدع الذي غب ماء من البحيرة لينتفخ ويصارع متوهما ان ظله في الماء يعطيه حجما يناسب الخصومة التي تفترض التناسب فانفجر عجزا وانى لجميع المشيخات والممالك والإمارات وفوقها سلطنة الوهم العثماني ان تضاهي قوة سورية ووزنها في العالم والمنطقة مهما انتفخت واستعملت من مرايا التكبير الافتراضي ومزاعم الجبروت والقدرة … فالعبرة الأساس في العالم والمنطقة معا هي ان سورية تقارع الإمبراطورية الأميركية وخلفها كالقطيع جميع الباقين بتفاصيل أدوارهم ومواقفهم….
الدولة الوطنية السورية مقابل الإمبراطورية الأميركية ومعها إسرائيل وحلف الناتو وباقي الملحقات الاستعمارية من اسطنبول إلى الرياض والدوحة وغيرها ومهما انتفخ التابعون الصغار لن ينالوا شرف استحقاق الخصومة مع سورية الأسد لأن خصومة الكبار تفترض الندية السياسية والتاريخية والأجدى لهم ان يبرعوا بالألعاب الصغيرة التي تركها لهم أسيادهم الذين يملكون قرار نقلهم إلى ادوار اخرى وحين يأتي اوانها سيكون عليهم ان يعتذروا إلى الشعب السوري قبل ان يسمح لهم الأسد بزيارة الشام عاصمة العالم الجديد.