دمشق: نجاح مهمة دي ميستورا مرهون بالآخرين زياد حيدر
أعلن المبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا موافقة الحكومة السورية على تعليق القصف على حلب، وفق خطة تمتد لستة أسابيع، وذلك في حال نجح في الحصول على موافقة الطرف الآخر المتمثل بالمعارضة المسلحة التي قالت مصادر سورية لـ «السفير» إنها تتعاطى معها باعتبارها «أذرع دول إقليمية، أكثر منها مجموعات داخلية مسلحة».
وقالت مصادر سورية مسؤولة لـ «السفير» إن دمشق مستعدة لتسهيل وصول فريق دي ميستورا إلى حلب لمعاينة ميدانية لما يمكن أن يكون «القطاع رقم واحد» لتجريب تطبيق خطة المبعوث الدولي، التي من المرجح أن تبدأ من حي صلاح الدين الذي تسيطر عليه مجموعات تابعة لـ «الجبهة الشامية»، والتي تخوض معارك حتى اللحظة مع الجيش السوري وحلفائه في ريف المدينة.
وقدم مسؤولون لهجة «محايدة» تقريبا تجاه تصريحات المبعوث الدولي أمس الأول من على إحدى منصات الأمم المتحدة، وذلك بعد أن قدم تقريره خلال جلسة مغلقة لمجلس الأمن.
وقال أحدهم لـ «السفير» إن «مدة الأسابيع الستة تبدأ من وقت إعلانها من دمشق، إلا أنه يشترط أن تكون مرفقة بموافقة الطرف الثاني عليها»، وهي موافقة أبدى معظم من تحدثت إليهم «السفير» قناعتهم بصعوبتها إن لم يكن استحالتها، خصوصا أن «المشكلة أساساً هي في تركيا، وبقية الدول الداعمة» للمسلحين.
وبالرغم من أن عملية «طوق حلب»، التي تستهدف تشكيل طوق شبيه بالذي جرى في حمص، ستترك المقاتلين في الداخل من دون عمق وإمداد لوجستي، إلا أن موافقتهم على خطة التجميد قد تأخذ وقتاً.
وتوجد داخل حلب فصائل مقاتلة عدة ذات طابع إسلامي بشكل أساسي، بينها كتائب «نور الدين الزنكي»، و «جيش المجاهدين»، و «جبهة النصرة»، فرع تنظيم «القاعدة» في سوريا.
وسبق لوزير خارجية سوريا وليد المعلم أن أعلن، في وقت سابق، أن أية موافقة على تجميد القتال يجب أن تحصل بالتزامن بين الطرفين. واشترطت دمشق على دي ميستورا، وفقا لما اطلعت عليه «السفير»، إعلان المسؤولية الكاملة للطرف الذي افشل جهوده في هذه الخطة، والذي تراهن دمشق على أنه سيكون الطرف الآخر. وقال مسؤول: «نحن في حل من التزاماتنا بهذا الخصوص، في حال لم يبدِ الطرف الآخر موافقته، وفي حال لم يلتزم أيضاً».
ومن الصعب بناء توقعات حول قدرة المبعوث الدولي على إحداث اختراق لدى الجماعات المسلحة، وهي في حلب من بنية إسلامية متطرفة، ومدعومة بشكل أساسي من الأتراك والسعوديين وقطر، وهي دول لا تبدي حماسا لجهود دي ميستورا.
وتجنب دي ميستورا التفاؤل حيال مخاطبته للمعارضة. وقال، أمس الأول، إن البعثة جادة في «الانخراط أيضا مع المعارضة للوصول إلى نتيجة مشابهة، تتضمن وقف الهجوم بالهاون والصواريخ على المدينة»، لكنه أكد أنه «ما من أوهام لدي، لكن بصيص أمل».
واهتزت صورة الوسيط دي ميستورا لدى خصوم دمشق، حين أعلن من فيينا أن الرئيس السوري بشار الأسد «جزء من الحل»، فاضطر لاحقا لاستكمال وجهة نظره، بالتأكيد على «أهمية انخراط الحكومة السورية في الجهود الرامية» لتطبيق خطة التجميد. وقال، في مؤتمره الصحافي في نيويورك، إن ما كان يلمح إليه حينها «هو اعتقاده بأن الحكومة السورية، التي تمتلك قدرة مدفعية وجوية، يجب أن تشارك في أي حل يقضي بوقف العنف على المدنيين»، وأنه، لهذا السبب، طلب من دمشق «تسهيل تحديد فريق مهام من الأمم المتحدة لمنطقة معينة في حلب، بهدف استخدامها كمثال للفوائد التي سيجنيها المدنيون في حال حصل تجميد»، مؤكدا انه لم يقصد مطلقاً استشراف دور الرئيس السوري في أي تسوية سلمية للنزاع.
ويقصد دي ميستورا، وفقا لفهم السوريين، استعادة الخدمات العامة في المدينة بإشراف حكومي، وعودة بعض الحياة إلى طبيعتها، بطرق شبيهة بما جرى في حي الوعر في حمص، عبر هدنة موقتة، تسمح بإدخال المساعدات الإنسانية، وتؤسس لحالة عيش طبيعي يمكن أن يبنى عليها.
وأكد دي ميستورا أن «الحكومة السورية أعلمته بنيتها وقف كل القصف الجوي، كل القصف الجوي، وبكل أنواعه، بما يعنيه ذلك من وقف القصف المدفعي لمدة ستة أسابيع في كل مدينة حلب، ابتداء من تاريخ سنعلنه من دمشق».
ولن تعني جهود المبعوث الدولي بأي شكل من الأشكال وقف العمل العسكري في ريف حلب الشمالي الذي يستهدف استكمال طوق المدينة وعزلها عن مرافق دعمها في تركيا وفك الحصار عن نبل والزهراء.
وأعرب دي ميستورا عن قناعته بأن «هذه المهمة ستكون صعبة الإنجاز، وأن الحقائق على الأرض ستثبت ما إذا كان التجميد سيصمد، وهل سيتكرر في أماكن أخرى». وأعلن انه ينوي السفر إلى دمشق، متأملا زيارة حلب أيضا في أقرب وقت ممكن، ومشيراً إلى إرسال وفد تحضيري لحلب أيضاً.
ونفت دمشق وجود موعد محدد حتى الآن لزيارة دي ميستورا، وإن أكدت أنها «ستسهل مهمته في الوصول إلى حلب، ومعاينة أي حي يقع تحت سيطرتها ميدانيا».
من جهته، أكد دي ميستورا أن «مهمة البعثة تتمثل أولاً في حماية المدنيين في ظل الانفتاح على تحقيق حل سياسي». وشدد على أن تطبيق القرارات 2170 بخصوص وقف دعم الإرهاب، و2178 بخصوص المقاتلين الأجانب، و2139 لتسهيل المهام الإنسانية «مهم جداً لجهة إنجاح التجميد والحفاظ عليه في حال جرى، ومن أجل الوصول إلى نتائج».
وقالت مصادر أخرى، لـ «السفير»، إن دمشق شجعت دي ميستورا على إبداء حماس أكثر حيال «العملية السياسية» التي تخطط لها موسكو، فيما قال المبعوث الأممي، في نيويورك، إن البعثة «تتابع العملية السياسية التي نشأت عن مشاورات القاهرة وموسكو، والتي بنيت على مبادرة الأمم المتحدة»، معتبرا «أن الجهد السياسي يبنى على بيان جنيف، لكن استنادا إلى خطوات عملية يمكن أن تثمر عن نتائج».
(السفير)