.. «داعش» و..la Bible Belt ثريا عاصي
وقعت في 10.02.2015 في الولايات المتحدة الأميركية جريمة قتل، إقترفها أميركي دخل منزل جيرانه وأطلق الرصاص على شاب وزوجته وشقيقة هذه الأخيرة فتوفي الثلاثة. هم من أصل سوري ـ فلسطيني. يبدو أنهم مسلمون، بدليل ان الزوجة لا تظهر سافرة في الصور التي نشرت لها. أما في التفاصيل فلقد سمعنا روايتين، إحداها تقول أن الشاب ركن سيارته في مكان لم يرق لجاره، فأراد هذا الأخير معاقبته، وأي عقاب!. أما الثانية فمفادها أن مشكلة الأميركي في الواقع هي ان جيرانه مسلمون، لذا كان يتحين الفرصة للتخلص منهم.
اللافت للنظر في هذه المسألة هو أنه من المحتمل أن كون الضحايا الثلاث مسلمون هو السبب الرئيسي الذي دفع القاتل إلى إقتحام منزلهم ورميهم بالرصاص تعبيرا عن كراهيته لهم. بناء عليه نكون حيال تصرف يتسم بالتطاول على حرية المعتقد وبالعنصرية على أساس الدين. إعتمادا على هذه الفرضية يحق لنا، قياسا على ردة الفعل التي تثيرها عادة الإعتداءات الإرهابية، على أماكن العبادة التي تخص المسيحيين أو اليهود، وهي على أية حال، إعتداءات ممجوجة، تحق الملاحظة أن أصداء الجريمة التي أسفرت عن موت ثلاثة أشخاص، مسلمين، كانت خافتة جدا، وأن الإدانات الرسمية في الولايات المتحدة الأميركية نفسها جاءت متأخرة، وتكاد أن تكون من باب رفع العتب، أما من خارج الولايات المتحدة الأميركية فلم يتناه إلى العلم أو السمع أن مسؤولا أوروبيا عبر عن تأثره واستقباحه لفعلة عنصرية بامتياز ضد جماعة من الناس.
أظن أنه لو وقعت جريمة مماثلة في فلسطين المحتلة، انا على يقين من أنها حدثت مرارا، أي لو أقدم مستوطن إسرائيلي على قتل ثلاثة فلسطينيين، لما علت في أوروبا الإحتجاجات والإدانات ضد جريمة المستوطن.
في السياق نفسه، بثت «داعش» أشرطة مصورة عن جرائم لا يضاهيها إلا الجرائم التي ارتكبها النازيون. لم يحرك أحد في بلاد الغرب ساكنا. من البديهي أن الإعلام يحكم سيطرته بحيث يقنن وينقي المعلومات والأخبار التي تؤثر في الرأي العام. ولكن هذا موضوع آخر يتطلب إيفاؤه تفاصيل لا يتسع لها هذا الموضع.
جملة القول، أن الناس العاديين، ليسوا بطبيعتهم مجبولين على الخبث والعنصرية والكراهية. ولكن بالإمكان بوسائط إعلامية ودعائية ونفسانية، أن يتحولوا إلى وحوش كاسرة تجاه شخص معين، إقتنعوا بأنه شيطان رجيم، أو ضد جماعة خيـّل إليهم أن وجودها يمثل خطورة عليهم يصعب التكهن بمداها. «المسلمون ليسوا إرهابيين، ولكن الإرهابيين إسلاميين» «لا يجوزالخلط بين المسلمين والإسلاميين» هذان نموذجان من المقولات التي يسمعها المواطن الغربي يوميا، في نشرات الأخبار ويقرأها في الصحف. فليس مستغربا أن يفضل الإبتعاد عن المسلم والإسلامي بما أن الإعلام بين له أن الإنتقال من المسلم إلى الإسلامي محتمل.
من البديهي أن جماعات من طينة القاعدة وفروعها «داعش» و«جبهة النصرة» وغيرها، تؤدي دورا كبيرا في زعزعة الإنسان من أصل عربي في كل مكان، في استقراره وإيمانه. ينجم عنه أن الرأي العام في البلاد الغربية تخدر أو صار ينفر من المسلمين بصورة عامة ومن العرب على وجه الخصوص. هكذا تستطيع الطائرات الأميركية أن تقصف أينما تريد في طول بلاد العرب وعرضها. هكذا صارت يد المستعمرين الإسرائيلية طليقة في فلسطين المحتلة وفي بلدان الجوار.
(الديار)