النص الكامل لكلمة السيد حسن نصر الله في ذكرى القادة الشهداء 16-2-2015
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا خاتم النبيين أبي القاسم محمد بن عبد الله وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه الأخيارالمنتجبين وعلى جميع الأنبياء والمرسلين.
السلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته.
في البداية أرحب بكم جميعاً في هذه المناسبة العزيزة والجليلة والكريمة، في يوم القادة الشهداء.
ولكن اسمحوا لي في البداية: الأمر جلل في الحقيقة. يجب أن أعبّر باسمنا وباسمكم بقوّة عن إدانتنا الشديدة للجريمة النكراء والبشعة والوحشية التي ارتكبها تنظيم داعش التكفيري في ليبيا بحق العمال المصريين المظلومين، (الجريمة) التي لا يمكن أن يتحملها أو يطيقها عقل أو قلب أو ضمير أو دين أو اخلاق أو إنسانية. باسمكم جميعا أتقدم من عائلاتهم المظلومة والمستضعفة بالعزاء والمواساة، من الشعب المصري، من الحكومة المصرية ومن الكنيسة القبطية، ونعبّر عن مواساتنا وعزائنا وحزننا لهذه المصيبة التي لحقت بهم، والتي ـ في الحقيقة ـ أصابتنا جميعاً، أصابت الإسلام والمسيحية، والمسلمين والمسيحيين، وكل إنسان فيه عقل وضمير وفطرة، ولنا عودة إلى هذا الموضوع في سياق الخطاب.
أود أن أتحدث أولاً عن المناسبة وإحيائها، وثانياً نتحدث قليلا في موضوعات الشأن اللبناني، ومنه أدخل إلى إطلالة عامة وموقف عام حول الوضع في المنطقة.
في كل سنة، في مثل هذا اليوم، نحيي سنوياً ذكرى القادة الشهداء، العائلة القائدة، الشهيد السيد عباس الموسوي، أميننا العام وقائدنا وأستاذنا وحبيبنا وملهمنا وزوجته العالمة المجاهدة الشهيدة السيدة أم ياسر وطفله الصغير حسين، وسماحة شيخ شهداء المقاومة الاسلامية الشهيد الشيخ راغب حرب والقائد الجهادي الكبير الشهيد الحاج عماد مغنية، الذين هم عنوان ثباتنا وانتصارنا، ودائماً نحيي هذه الذكرى من أجلنا، من أجل أبنائنا وأحفادنا وأجيالنا وليس من أجلهم هم نحيي هذه الذكرى ليبقى الماضي القريب الذي عشناه وعايشناه بل شاركنا في صنعه سوياً، هذا الماضي القريب المتصل بالحاضر والمطل على المستقبل ليبقى في وعينا نحن الذين عايشنا المرحلة كلها وليسكن ويتمكن في وعي أبنائنا وأحفادنا والأجيال القادمة لأن هذه الحقبة الزمنية، خصوصا منذ قيام دولة اسرائيل منذ العام 1948، وما حصل بعدها من حروب 67 و73 وأحداث لبنان والمقاومة التي أعلنها الشعب الفلسطيني ولاحقاً المقاومة التي أعلنها سماحة السيد موسى الصدر أعاده الله بخير ورفيقيه، إلى كامب ديفيد إلى انتصار الثورة الاسلامية في إيران التي في مثل هذه الأيام كان انتصارها الإلهي والتاريخي المدوّي بقيادة سماحة الامام الخميني (قدس سره الشريف).
إلى الاجتياح الاسرائيلي عام 1982، وما بعد الاجتياح إلى اليوم من حروب ومواجهات وأحداث ومؤامرات، هذه مرحلة غنية جداً، ولا يمكن ـ لا نحن ولا أبناؤنا ولا الأجيال الآتية ـ أن تقارب الحاضر وتحديات الحاضر بشكل منطقي وموضوعي وعلمي وصحيح وسليم بمعزل عن كل هذا الماضي وعن كل تلك المرحلة بما تحمل من تجارب وتحديات وإخفاقات وانتصارات وما أنتجته من معادلات وانجازات وما فيها من حقائق وأوهام وعقل وجنون ورهانات بائسة وخيارات صحيحة وما فيها من انتظار لسراب لم يأتِ ولن يأتي، ومن انتظار لنصر يصنعه الرجال والنساء بإرادتهم وتصميمهم بما فيها من معنويات وتضحيات ودموع ودماء وآمال وآلام. هذه الحقبة الزمنية وما فيها تمثّل مدرسة إنسانية وثقافية وجهادية وإيمانية عظيمة لشعبنا وأمتنا، وقد كان هؤلاء القادة الشهداء من أبرز عناوينها وقادتها وهم شهودها الشهداء ثانياً لأننا نحن بحاجة دائماً وعلى مدى السنة أن نرجع إليهم، إلى السيد عباس، إلى أم ياسر، إلى الشيخ راغب وإلى الحاج عماد، كقدوة وأسوة لنا، نحتاج الى أن نتعلم منهم الزهد عندما تُقدم الدنيا علينا بجاهها ومالها وترفها وأن نتعلم منهم التواضع بل التذلل وخفض الجناح عندما نصبح أقوياء ونتعلم منهم الشجاعة عندما نواجه الزلازل والأعاصير ونتعلم منهم الحكمة عندما نقابل الفتن التي تضيع فيها العقول وتتيه البصائر.
نأخذ منهم ونستلهم منهم الهمة العالية عندما يتعب من يتعب، والإقدام عندما يتردد البعض حين يجب أن يقدم، ونستلهم منهم ونتعلم منهم التضحية بلا حدود عندما يتطلب الموقف ذلك ، نتعلم منهم أن نثق بالله وبأمتنا وبشعبنا وبأنفسنا وبمجاهدينا عندما يستيئس الناس وتحيط بهم الشدائد والصعوبات والتحديات من كل جانب، نأخذ منهم الأمل والثقة والبصيرة كما سمعتم قبل قليل عندما كانت إسرائيل تحتل أرضنا كان السيد عباس والشيخ راغب والحاج عماد سابقاً ولاحقاً لا يتحدثون عن رؤية تقول إن إسرائيل ستخرج من الجنوب بل عن رؤية تقول إن إسرائيل ستنتهي من الوجود وهم كانوا يحتلون أرضنا ويسجنون رجالنا ونساءنا، وكنا في ضعف وكانوا في قوة. هكذا نستمد الرؤية والبصيرة والثقة والأمل، والأهم أن نتعلم منهم الإخلاص والصدق وأن نتحمل وأن نكون بمستوى المسؤولية، مسؤولية الحفاظ على إنجازات الشهداء والمقاومين ومسؤولية مواجهة تحديات الحاضرالصعبة ومسؤولية صنع المستقبل العزيز والكريم واللائق لشعبنا ووطننا وأمتنا، ولذلك نحرص دائماً أن نتحدث عنهم وعن سيرتهم وسلوكهم وأخلاقهم وأعمالهم، عن جهادهم وتضحياتهم، لنتعلم ويتعلم الأبناء والأحفاد والأجيال. هذا ما يجب أن نحرص عليه مع كل الشهداء، عندما نعرض يومياً وعلى مدارالسنة في إعلامنا المقاوم صورهم وأسماءهم ونستعرض سيرهم ووصاياهم، لأنهم باتوا يمثّلون بحق مدرسة فكرية وجهادية كاملة يجب التعريف بها والتعرف عليها.
منذ 33 عاما وإلى اليوم تقدّم جيل من الشباب في ذلك الوقت، كانوا شباباً 18 19 20 23 25 حد أقصى من علماء ومجاهدين ورجال ونساء وحملوا المسؤولية وتقدموا، منهم من استشهد في مراحل الطريق ومنهم من كان له باع طويل في ميادين الجهاد وتحمّل المصاعب والجراح وتوفاه الله بعد معاناة المرض، عديد من كوادرنا الأوائل، وكان آخرهم قائد عزيز من قادة المقاومة الأوائل، المرحوم الحاج مصطفى شحادة رحمه الله، ومنهم من أُسر وعانى من قيود الاعتقال، ومنهم من جُرح وما زال يكابد جراحه، ومنهم من ما زال يواصل الطريق ويحمل دمه على كفّه. عنوان هذا الجيل الأول الذي كان السيد عباس والشيخ راغب والحاج عماد رمزه وعنوانه وأم ياسر هو “من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدّلوا تبديلا” .
من الشباب ومن أبناء الجيل الأول الذين عاهدوا وصدقوا وثبتوا وقضى كثير منهم شهداء، وآخرهم الذين قضوا في عملية القنيطرة في العدوان الإسرائيلي على القنيطرة.
كان أبناء الجيل الأول أيضا مساهمين كبار في صنع الإنتصارات. تأتي ذكرى القادة الشهداء هذا العام وفيها شاهد على ما أقول. من على هذا المنبر وقف نجل القائد الشهيد عماد مغنية، جهاد ليبايع ويعاهد ويعلن إنتماءه وهويته وخياره بملء إرادته، وهو الذي لم يلزمه أحد بذلك، كان يستطيع أن يكمل جامعته و(هو) شاب ولطيف ومستقبله أمامه والحياة أمامه والدنيا كلها أمامه، ولكن ابن الحاج عماد الذي يحمل في جنباته روح الحاج العماد وروحية الحاج عماد ومعرفة وعشق الحاج عماد، إبتعد عن هذا كله وذهب إلى أين؟ إلى الجولان، إلى القنيطرة، إلى هناك، ثم يُختم له بالشهادة، هكذا الشهداء من أبناء الشهداء. لقد أحيت دماء الشهيد جهاد مغنية قبل أيام وإخوانه في القنيطرة بقوة ذكرى شهادة القائد الحاج عماد مغنية، أحيته من جديد، نحن شعرنا بتلك اللحظة أنه من جديد استشهد الحاج عماد، هذا الإحساس الوجداني المعنوي الأخلاقي، الناس شعروا هكذا، الناس تعاطفوا هكذا، وأعادت هذا القائد الفذ والألمعي والتاريخي إلى صدارة الأحداث من جديد، وأكدت أن ذكره ما زال الأعلى وأن حضوره ما زال الأقوى في وجدان الصديق وفي وجدان العدو الذي ما زال يطارده دم عماد مغنية وسيبقى يطارده دم عماد مغنية.
أيها الإخوة والأخوات، في هذا اليوم العظيم والعزيز بالنسبة إلينا ومن موقع أمانة القادة الشهداء ومن موقع المسؤولية نطل على بعض المسائل التي تعنينا في لبنان وبعض المسائل التي تعنينا أيضاً في المنطقة.
أولاً: نتكلم لبنانياً بضع كلمات.
أولاً: وبمناسبة أيام هذا الشهر شهر شباط وما حصل فيه من أحداث خصوصاً في الرابع عشر من شباط أتوجه إلى عائلة الرئيس الشهيد رفيق الحريري وإلى محبيه وإلى تياره وإلى أنصاره بالتعبير أيضاً عن مشاعر المواساة والعزاء بسبب هذه الحادثة الأليمة التي هزّت لبنان والمنطقة وما زالت تداعياتها قائمة حتى الآن، وكذلك إلى عائلات ومحبي جميع الشهداء في ذلك اليوم من الرجال والنساء الذين قضَوا في تلك الحادثة المؤلمة والمؤسفة والخطيرة جداً.
ثانياً: أمام خطر الإرهاب الذي يتهدد لبنان والمنطقة، نحن في حزب الله، في هذا اليوم أيضاً، نؤيد الدعوة إلى وضع إستراتيجية وطنية لمكافحة الإرهاب، وأعتقد أن القوى السياسية اللبنانية والقيادات اللبنانية تستطيع أن تتفق، قد لا يكون صعباً بقدر الإستراتيجية الدفاعية في مواجهة إسرائيل، لأننا قد نتفق على عدو هو الإرهاب ونختلف للأسف على عدو هو إسرائيل، للأسف. بكل الأحوال، من دون “لكوِزة شمال ويمين”، نحن نؤيد الدعوة إلى وضع إستراتيجية وطنية لمكافحة الإرهاب.
الآن هذا الأمر كيف يمكن أن يُعمل به؟
إننا نأخذ نتيجة الرصاص لنرى حصل هناك رصاص أو لا، الآن المفترض أنتم في المجمع لم تسمعوا شيئاً، أنا يجب أن أتوجه بالشكر إلى كل الكرام إلى أهلنا في الضاحية وفي بيروت وفي الضواحي وفي كل المناطق الذين إلتزموا بالمناشدة وبالرجاء، ودائماً هذا هو المتوقع وهذا هو حسن الظن بكم دائماً ويجب أن نتعاون بين هلالين إن شاء الله أن ننتهي من هذه الظاهرة، يعني ليس بكل إحتفال يجب أن نصدر بياناً ونقيم الدنيا ونقعدها، حتى نقول أبقاكم الله لا تطلقوا الرصاص، هذا موضوع يجب أن نتعاون جميعاً فيه، بتشييع الشهداء، بمواكب الشهداء بالإحتفالات المختلفة، هذه عادة قديمة في لبنان يجب أن نتعاون إعلامياً ثقافياً سياسياً تعبوياً حتى ننتهي منها إن شاء الله، فالشكر لكل الذين لبّوا والتزموا، ممنون، ممنون كثيراً.
إذاً نحن مع وضع إستراتيجية وطنية لمكافحة الإرهاب، الآن هذا الأمر من يعمل به، تعمل به الحكومة، مجلس النواب يقدم مبادرة، يُعمل حوار وطني، المفترض أن يتابع، الآلية بحاجة لنقاش ، ولكن بالمبدأ نحن ندعو إلى ذلك ونؤيد ذلك.
النقطة الثالثة: موضوع الخطة الأمنية في البقاع، نجدد تأييدنا المطلق لها وبلا حدود، ونعتبر أنها جاءت متأخرة وندعو إلى تواصلها وإلى تفعيلها، ليس جمعة جمعتين، شهر شهرين وإنتهينا. منطقة البقاع عانت من اللصوص، من المجرمين، من المفسدين في الأرض، من جماعة الذين يخطفوا من أجل الفدية، من الذين يرهبون الناس. طبعاً هذه مرحلة إن شاء الله تكون قطعت. بين هلالين يمكن كان هناك مطالبات شعبية أن نأتي نحن ونتحمل المسؤولية، حزب الله وحركة أمل، القوى السياسية الموجودة في البقاع، هذا لم يكن صحيحاً، يعني أقول لأهلنا في البقاع لم يكن صحيحاً ولا في المستقبل صحيح، الصح هو أن الدولة هي الأقدر وهي الأكفأ، هذه مسؤوليتها، ونحن جميعاً يجب أن ندعم ونساند ونقف خلف الجيش والقوى الأمنية والحكومة لضبط الوضع الأمني. ولذلك الخطة الأمنية هي بحاجة إلى مواصلة، قيل إن المطلوبين هربوا، جيد، ليبقَ الجيش والقوى الأمنية فاتحين أعينهم وجديين حتى لا يرجعوا، طالما هم خارج المنطقة معنى ذلك أن المنطقة سوف ترتاح من اللصوص والمجرمين والمفسدين والقتلة. فلا يصبح هناك تساهل في المستقبل في هذا الأمر.
إلى جانب الخطة الأمنية في البقاع نحن نحتاج إلى أمرين، طبعاً أنا سأكتفي بعناوين حتى نلحق النقاط كلها. الأمر الأول، هو الخطة الإنمائية للبقاع، الدولة إذا كانت تريد أن تبسط سيطرتها وسلطتها لا يكفي أن تبعث الجيش وقوى الأمن يجب أن تبعث إنماء، مستشفى ومدرسة وطريق وماء وكهرباء وفرصة عمل، وكل شيء ممكن أن تقوم به حتى يعيش هؤلاء الناس الكرام والشرفاء بكرامة ويبقوا في أرضهم ويثبتوا. البقاع خصوصاً بعلبك الهرمل، الشمال خصوصاً عكار، بحاجة إلى العين الإنمائية والروح الإنمائية واليد الإنمائية وأن لا تكتفي الدولة بالعين واليد الأمنية.
والأمر الثاني هو حل مشكلة عشرات آلاف المطلوبين بمذكرات توقيف أو استنابات لأسباب تافهة أو بسيطة أو قديمة عفى عليها الزمن، وهذا الأمر لم يتم إيجاد حل له ويجب أن يحصل له حل، وليس صحيحاً أن عشرات الآلاف يصبحون مطلوبين ومطلوب توقيفهم على الحواجز لأسباب بسيطة جداً.
هناك أمر ثالث وهو استحقاق داهم وقادم، الآن لن أتكلم عنه في التفصيل، أتركه لوقت آخر، فقط أريد أن أشير إليه لأننا نتكلم عن البقاع، هذا الاستحقاق قادم عندما يذوب الثلج. اليوم على السلسلة الشرقية هناك في الطرف المقابل، في الجبال والتلال في جرود عرسال، يوجد داعش والنصرة، داعش الممتدة من ليبيا لتلف وتذهب إلى المكان التي تريده حتى تصل لجرود عرسال. حسناً الآن يوجد ثلج ويوجد طقس عاصف ويوجد ظروف مناخية حدّت أو منعت حصول مواجهات، لكن عندما يذوب الثلج، يوجد استحقاق، الدولة يجب أن تحزم أمرها والشعب اللبناني يجب أن يحزم أمره، كيف سيتعاطى مع هذا الخطر وهذا التهديد الموجود على التلال وعلى الجبال والذي يتهدد القرى والجميع؟ طبعاً، يستطيع الإنسان أن يكون له موقف وبكل بساطة، عندما نريد أن نتكلم عن المنطقة نرجع لهذا الموضوع، هؤلاء يمكن إلحاق الهزيمة بسهولة بهم، لكن الأمر يحتاج إلى قرار وإلى إرادة وطنية.
هذه المرحلة نحن مقبلون عليها، المطلوب أن نأخذ موقفاً فيها. بهذه المناسبة أيضاًً يجب أن نجدد التحية، اليوم نحن في شهر شباط كان هناك عواصف، وأسماء العواصف تكثر لم نعد نستطيع حفظها، في الثلج والبرد والصقيع كان الشباب في أعالي الجبال في القمم علو 2000 متر، 2500 متر، ضباط وجنود الجيش اللبناني والقوى الأمنية، رجال المقاومة، أيضا في الجانب الآخر ضباط وجنود الجيش العربي السوري ورجال المقاومة، هؤلاء الموجودون في هذه المنطقة، الذين يحولون دون الاعتداءات الإرهابية وإرسال السيارات المفخخة إلى مختلف المناطق اللبنانية، لهم في يوم القادة الشهداء كل التحايا والسلام والتقدير لصبرهم وثباتهم وصمودهم في وجه العواصف والثلوج والصقيع.
رابعاً: في الذكرى السنوية لتفاهم حزب الله والتيار الوطني الحر، لأنه أيضاً في شباط، تتضح يوماً بعد يوم أهمية هذا التفاهم وهذا الإنجاز الكبير، وآثاره أيضاً تتضح على الأوضاع السياسية في لبنان، بل على المنطقة، لأن من أهم آثار هذا التفاهم، هو انعكاس الموقف المرتبط بالمقاومة، التي هي جزء من كل تحديات ونتائج وانتصارات المنطقة. ندعو إلى تعميق هذه العلاقة بين حزب الله والتيار الوطني الحر، وترسيخ هذا التفاهم، وندعو إلى عقد تفاهمات مشابهة على المستوى الوطني، نحن كنا نحلم في ذاك الوقت أن نفس هذا التفاهم يتوسع وينضم إليه آخرون، الآن يمكن بعض البنود قد تثير بعض الحساسيات أو هناك بعض القضايا الشكلية البروتوكلية، لنبقِها جانباً. أي جهتين، تيارين، مكوّنين، ثلاثة، “يعملوا بين بعضهم” تفاهمات مثل هذا التفاهم الوطني، قد يطرح تفاهم جديد ننضم إليه جميعا، ولا يسمى لحزب الله وللتيار الوطني، وإنما نكون نحن من جملة الذين يشاركون في صنعه وفي توقيعه، هذا كله جيد، كل ما يمكن أن يجمع وأن يقرب ويكثّر نقاط التلاقي، ونبحث عن مخارج لنقاط الحوار، يوجد (فيه) مصلحة وطنية كبيرة وأكيدة.
خامساً: بالنسبة إلى الاستحقاق الرئاسي، ندعو ـ ليس إلى مواصلة الجهد الداخلي، أصلا لا يوجد جهد داخلي ـ العالم “قاعدة” وكل واحد يراوح مكانه، ولا يقوم أحد بأي جهد داخلي، “إلا من بعيد لبعيد”، ندعو إلى معاودة الجهد الداخلي الوطني ومفهوم أين وكيف ومع من. يعني لا يوجد داع “نغمّق” ونفصّل، مفهوم، أصحاب العلاقة كلهم يعرفون، ومجدداً لكل الحريصين على منع الفراغ وعلى إعادة إنتاج المؤسسات في لبنان، أقول لهم لا تنتظروا المتغيرات في المنطقة والمتغيرات في الخارج، لا تنتظروا لا ملف نوي إيراني لا حوار أميركي إيراني، ولا حوار إيراني سعودي، ولا تنتظروا أي شيء في المنطقة، بالعكس، المنطقة، وسنتكلم عن المنطقة بعد قليل، والمنطقة ذاهبة إلى المزيد من الأزمات والمزيد من المواجهات، يوجد جبهات جديدة تفتح.
إذاً في السابق كنا نقول إنه في مكان (ما حدا فاضي لحدا) وإلى الأمام (لن يكون أحد فاضي لأحد) ولذلك حتى لا يطول هذا الفراغ وإذا كنا جادين وكل واحد منا يدعي أنه استقلالي، وهو سيادي وصاحب القرار وهو يأخذ القرار في كتلته وهو يصوّت لمن يشاء، تفضلوا لنعاود الجهد الداخلي الوطني لننهي هذه المسألة وننجز هذا الاستحقاق.
سادساً: بالنسبة إلى الحكومة، نحن مع دعمها ومع مواصلة عملها، وهذه حاجة وطنية، بل لا يوجد خيار أمام اللبنانيين سوى هذا. البديل هو الفراغ، البديل هو الضياع، وأنا لا أعتقد أن أحداً يوافق أو يناسبه هذا البديل. هناك إشكالات تعترض طريقها، يجب التعاون لحل هذا الاشكالات، موضوع آلية اتخاذ القرار، نحن سنتعامل بإيجابية مع هذه الحلول، مع بعض الحلول المطروحة، وبعضها معقول ومناسب، وندعو إلى التعاطي الايجابي من قبل القوى المشاركة في الحكومة لتجاوز هذه المشكلة. لتنعقد الحكومة من جديد، وتعمل وتتحمل مسؤولياتها.
سابعاً: إن شاء الله سنواصل الحوار مع تيار المستقبل، والذي نرى أنه أوصل إلى نتائج جيدة وإيجابية حتى الآن ضمن سقف التوقعات منذ البداية. يعني من البداية نحن وهم قلنا إن حجم هذه التوقعات هو بهذا المقدار، والآن دعكم من الذي يُحكى على المنابر، توقعات واضحة، جدول الاعمال متفق عليه وواضح وضمن التوقعات، وضمن جدول الأعمال النتائج جيدة ونحن نأمل إن شاء الله بالجدية الموجودة من الطرفين أن نصل إلى خاتمة جيدة ومعقولة لمصلحة لبنان واللبنانيين جميعاً في هذا الحوار. نحن مستمرون به، الآن ازعاجات من هناك، أناس مزعوجون، يوجد أناس يتكلمون كلاماً خارج المناسب، هذا كله جميعاً، مع جمهورنا وأناسنا، يجب أن نتحمله ونتجاوزه، لأجل مصلحة البلد.
بالنقطة الاخيرة محلياُ: كما نجدد تسجيعنا وتأييدنا لأي حوار بين أي مكوّنات سياسية لبنانية، مهما كان عنوان الحوار، ومهما كانت نتائجه، ولو كانت متواضعة، فهو أفضل السبل المتاحة أمامنا كلبنانيين.
حسناً، هذا محليا، فلندخل قليلاً إلى المنطقة ولكن من مدخل لبناني، هنا يوجد نقطة حساسة مفصلية، يعني أتمنى أن نقف عندها قليلاً. يعني منذ عقود من الزمن، والآن بالمرحلة التي عايشناها وواكبناها، إلى اليوم، يوجد خلاف، يوجد منطقان في لبنان، وأنتم تسمعونهم في الاحتفالات والمناسبات:
يوجد منطق يقول: نحن نريد لبنان بمعزل عن المنطقة، بمعزل عن أحداث المنطقة، النأي بالنفس عما يجري في كل المنطقة، عدم التدخل في شؤون المنطقة. هذا منطق، طبعاً كلام جميل، وبمعزل عن أن من يقول هذا الكلام هل هو ملتزم به أم لا، ونحن نتكلم نظرياً، نظريا يوجد منطق يقول لك عدم التدخل لا سياسياً ولا إعلامياً ولا عسكرياً، النأي بالنفس، لبنان لا يتحمل، وظروف لبنان معقدة وصعبة، وتعقيداته لا أدري كيف هي، فيجب أن يكون لبنان بمنأى ويجب أن لا نزج بلبنان بأي محور من المحاور، وهذا منطق آخر، وأعود لأقول إنه عمليا هو أو أصحاب هذا المنطق، هو يعني من يقول هذا المنطق، كائناً من كان، لأن كثيرين في البلد هم جزء من محور أو ليسوا كذلك، هم يتدخلون في شؤون المنطقة أو لا يتدخلون، هذا بحث آخر.
المنطق الآخر نظرياً يقول: لا يمكن، يعني هذا المنطق الذي تتفضلون به جميل، كلام جميل ولكن (لا تواخذوني) هذا إنشاء عربي لأنه جميل وأدبي، لكن هذا غير واقعي. الواقع لا يقول هذا، الأرض، الميدان، التاريخ والجغرافيا والديموغرافيا والأمن والسلام والعيش وكله، تماما مثل مسائل الطبيعة، في أثناء قدوم العاصفة وهي تحمل الثلوج لا يمكنك أن تقول لها نحن اللبنانيين نقف ونقول لها على مهلك نحن بمنأى عن العواصف وبمنأى عن الثلوج وبمنأى عن الأمطار، لنا ثلوجنا ولنا أمطارنا ولنا مناخنا ونحن قطعة من الجنة وليس لنا دخل بأحد. حسنا هذا أين يُصرف، يعني هذا الشيء واقعي وصحيح ؟
دائما كان لبنان ـ شاء اللبنانيون أم أبوا ـ يتأثر بما يجري في المنطقة، قيام دولة إسرائيل واغتصاب فلسطين ترك آثاراً عظيمة على لبنان وعلى المنطقة، وكل ما حصل في المنطقة ينعكس على لبنان. لا يستطيع أحد أن يقول: ابتعد، نحن لا نستطيع ولا نريد أن نتاثر بانعكاساتك، لا يستطيع، يعني هنا نريد ان نتكلم وهنا يحضر العقل والجنون، أن ما هي الحقيقة ؟ وما هو الواقع؟ هذا هو الواقع.
بالعكس، اليوم المنطقة، اليوم لبنان متأثر بما يجري في المنطقة أكثر من أي وقت مضى، اليوم مصير لبنان لا يُصنع في لبنان فقط، الآن مصير لبنان وسورية والعراق، الأردن ومصر وليبيا والسعودية والبحرين واليمن ووو… كله يصنع في المنطقة كمنطقة، لا يوجد الآن مصير يُصنع في بلد لوحده، يوجد منطقة جُبلت من جديد خضّت “خلينا نحكي بالعامّي، انخضّت، تخربطت، صار عاليها سافلها، انعجنت وعم تنخبز من جديد”. من يريد أن يقرر مصير لبنان يجب أن يكون حاضراً في مصير المنطقة، ومن يغيب عن مصير المنطقة يقول للآخرين اصنعوا مصيرنا، نحن لا نستطيع أن نفعل شيئاً، نحن لا نستطيع ذلك، اليوم مصير دول المنطقة يُصنع في المنطقة، بل أكثر من ذلك، مصير العالم الآن يُصنع في المنطقة.
الآن نصل إلى داعش وليبيا وإيطاليا وأوروبا، حسنا المنطقة الآن، على ضوء هذا المخاض، ستُحدد كيانات، تبقى هذه الكيانات أو تذهب على ضوء هذا المخاض تبقى هذه الشعوب أو تذهب، ستبقى هذه الأمور هكذا أو سيصبح هناك ضم وفرز أو ذاهبون إلى دمار لسنوات أو لعقود من السنين، ما هو المستقبل، هذا كله يصنع في المنطقة، لدول وكيانات وشعوب المنطقة، والعالم كله يتأثر بذلك. لا يستطيع أحد أن يأتي ويقول أنا لبناني ونحن أبصر ماذا، هذا لا يصح. هنا ليس موضوع ترف فكري وترف سياسي. يوجد مصير شعبنا ومستقبل بلدنا، هناك كرامتنا ومستقبل أجيالنا في هذا الموضوع.
في السابق ـ على سبيل المزاح ـ كان يوجد لدينا مشكلة، انه عندما كنا نتناقش مع بعضنا كلبنانيين، نريد أن نقنع بعض اللبنانيين أنه يا أخي لبنان جزء من المنطقة العربية ومن بلاد الشام ومن الشرق الأوسط ومن الصراع العربي الإسرائلي ويقول لك كلا، نحن ـ لبنان ـ جزيرة في المحيط الهادي، نعيش على مهلنا ولا نتأثر بأي شيء، وليس “على بالنا شيء. الآن الموقف تطور سلبياً أكثر، أصبحنا نريد أن نقنع بعض اللبنانيين أن لبنان جزء من الكرة الأرضية وليس جزءاً من المريخ، اليوم كل الكرة الأرضية تتأثر بما يجري في منطقتنا، كل الكرة الأرضية. هذا المنطق هو حقيقة كان دائماً نقطة خلاف ويؤدي إلى خلافات، نحن نقارب الموضوع بهذه الذهنية، لأننا نعتبر أن هذا مصير، ما يجري في المنطقة مصير لبنان، مصير شعب لبنان. مستقبل لبنان، إرادة لبنان، وأمن لبنان، ولقمة خبز لبنان، واقتصاد لبنان لا يمكن عزله عن الأحداث والتطورات التي تحصل في المنطقة.
قبل أن أتكلم عن المنطقة، سأقارب المنطقة بالمجمل وليس بشكل تفصيلي. أريد فقط أن أٌعلق تعليقاً صغيراً وأنا أرى أنه من المناسب أنه يجب أن أعلّق عليه، هو أن من ينتقد مثلاً موقفنا من البحرين ويعتبر أن هذا الموقف يسيء إلى علاقات لبنان مع دولة شقيقة وعزيزة اسمها البحرين، طبعاً هي دولة عزيزة وشقيقة والبحرين مثلها مثل أي بلد عربي بالنسبة إلينا كبلد عربي.
أنا أقبل أن ينتقد موقفنا وله حق أن ينتقد موقفنا من يلتزم بهذه السياسة، وهي سياسة عدم التدخل، أما مثلاً من يتدخل في بلد عربي آخر علاقته مع لبنان أهم وأخطر من علاقة البحرين مع لبنان والتي هي سوريا،أمننا، اقتصادنا، طريقنا، سماؤنا، بحرنا، مياهنا، وشعبنا، وعائلاتنا ما بين لبنان وسوريا. معروف منذ بداية الأحداث في سوريا وإلى الآن، هناك من تدخل وكان جزءاً من المعركة على سوريا، وعلى حكومتها، وعلى نظامها، وعلى جيشها، وعلى خيار جزء كبير من شعبها، إعلامياً، وسياسياً، وأدخل السلاح، ودفع المال، وما زال. من يفعل هذا في سوريا لا يحق له أن ينتقد موقفنا من البحرين.
وما الذي فعلناه نحن في البحرين؟ أخذنا موقفاً سياسياً. لم نقم بإرسال السلاح إلى البحرين ، ولم نحرّض على العنف في البحرين، ولم ندعُ إلى إسقاط النظام في البحرين. بالعكس كنا دوماً نساند دعاة الحركة السلمية وندعو إلى الحوار وإلى الإصلاح في البحرين، وإلى نبذ العنف وإلى عدم الانفعال بالعنف والقمع الخاص بالنظام.
هذا الموقف الخاص بنا الذي يجب أن تشكره حكومة البحرين العمياء الصمياء، وأن يشكره كل حريص على بلد عربي. لأنه عندما تخرج أي جهة سياسية في أي بلد وتخاطب في بلد عربي آخر وتقول لهم:
مطالبكم محقة، استخدموا الوسائل السلمية، لا تذهبوا إلى العنف، اذهبوا إلى الحوار، اقبلوا بالتسوية.
هذا الموقف يجب أن يقدَّر، لكن لأنه يوجد في البحرين حكومة مرعوبة وتخاف من أي كلمة حق وتحسب كل صيحة عليها، فهي تتوتر وتبدأ بتهديدك، بماذا؟ بطرد اللبنانيين من البحرين. هذه وسيلة السلطات الضعيفة الوضيعة الهزيلة، تتصرف بهذه الطريقة، أي أنه يوجد لبنانيين أريد أن أطردهم من البحرين إذا استمر فلان بالكلام.
على كل حال، وإن كنا الآن في أيام شباط في الذكرى السنوية للانتفاضة السلمية المدنية الحضارية لشعب البحرين الذين نوجه إليهم أيضاً في هذا اليوم تحية إكبار وإجلال وإعزاز على صبرهم وثباتهم ووعيهم وحكمتهم.
ولذلك من يوجه النصائح والمواعظ عليه أولاً أن يلتزم بها، بعدها نستطيع أن نأتي ونتكلم مع بعضنا إذا كان المطلوب منا أن نلتزم بها أو لا، وإذا كان الذي نفعله صح أو خطأ.
أدخل إلى وضع المنطقة في كلمتين، وضع المنطقة الآن إلى جانب التهديد الإسرائيلي ـ نتكلم بالجديد ولا نريد أن نعيد القديم ـ برز بقوة وفي ساحات جديدة وميادين جديدة الخطر والتهديد الذي يمثله التيار التكفيري الذي أصبح عنوانه الأبرز “داعش“.
تكلمنا في السابق أن هذا التهديد هو ليس تهديداً لبعض الحكومات بل هو لكل الحكومات، هو ليس تهديداً لبعض الأنظمة بل هو لكل الأنظمة، لكل الكيانات، لكل الشعوب، لكل الجيوش، هذا ليس تهديداً للأقليات الدينية أو المذهبية أو العرقية، هذا تهديد للكل.
بل وقلنا ذلك مبكراً، هذا تهديد للإسلام، الإسلام كـ “دين”، الاسلام كـ “رسالة“.
من يومها إلى اليوم، كل الوقائع التي حصلت تؤكد هذا الفهم الذي تكلمنا به مبكراً كلنا سوية.
اليوم كل العالم قد سلّم أنه نعم، هذا التيار التكفيري وعنوانه داعش بات يشكل تهديداً لأمن المنطقة ولأمن العالم، هل يوجد أي شخص في هذا العالم يناقش هذا الأمر؟
يوجد إسرائيل فقط التي لا تعتبره خطراً ولا تهديداً، رأيتم قبل عدة أيام وزير الحرب الاسرائيلي يعالون وقد جاء إلى الجولان ليتفقد الأوضاع هناك وقال إن داعش لا تشكل تهديداً، لا تشكل خطراً. النصرة؟ لا تشكل تهديداً ولا تشكل خطراً. ممتاز.
يوجد إسرائيل فقط الآن تعتبر أن داعش والنصرة لا تشكل خطراً ولكن دول العالم الآن ـ ولو بحسب الظاهر ـ تعتبر داعش، ونعود فيما بعد لموضوع النصرة، تشكل خطراً وتهديداً على أمن المنطقة وعلى أمن العالم.
ومن حق إسرائيل أن تعتبر أن داعش لا تشكل خطراً لأن كل الذي فعلته داعش حتى الآن وكل ما تفعله داعش يخدم مئة بالمئة مصالح إسرائيل، علمت داعش أم لم تعلم.
ما الذي يحصل؟ جبهات جديدة تفتح، أشكال جديدة من الوحشية والإجرام ـ جلبوها من هوليوود أو من مكان آخرـ الطريقة التي أُحرق فيها الطيار الأردني الأسير معاذ الكساسبة هي أمر مفجع، الطريقة التي ذُبح بها العمال المصريون المستضعفون المظلومون وقد رأيناها على التلفزيونات هذا امر مخزي ومرعب، ذبح الرهائن بهذا الشكل الذي يحصل ثم فتح جبهات جديدة ووضع أهداف جديدة…
ليس لداعش أي عمل في فلسطين وليس لديها أي عمل في بيت المقدس، لذلك يقول يعالون إنه لا توجد مشكلة. هدف داعش الحقيقي هو مكة والمدينة، أدعو الأخوة في المملكة العربية السعودية ليهدأوا قليلاً. الهدف هو مكة والمدينة، واليوم أنا قد شاهدت في الأخبار، ولأكون دقيق لست متأكداً بأن يكون اليوم قد قام بتعيين ولاة جدد م أنهم يتكلمون عن تقرير قديم ـ لأحتاط ـ الذي سمعته أن أبا بكر البغدادي خليفة داعش عيّن أميراً لمكة وأميراً للمدينة.
الهدف مكة والهدف المدينة، وليس الهدف بيت المقدس، لماذا؟ لأن خليفة داعش “لا تظبط” خلافته بدون الحرمين الشريفين. هذه هي المعركة التي نحن ذاهبون إليها.
ماذا قال الذين ذبحوا العمال المصريين “الأقباط” في ليبيا؟ هدفهم روما! خياراتهم بعيدة كثيراً.
تظل مكة والمدينة أقرب نسبياً من روما، ويستطيعون أن يقولوا نذهب إلى مكة والمدينة، ومن هناك نأتي من الأردن ونذهب إلى فلسطين. يا أخي أنت ذاهب إلى روما! إلى روما؟
ما هي الحروب والجبهات؟ من يخدم هؤلاء؟ لمصلحة من يقاتل هؤلاء؟ وهنا ولأول مرة أجرؤ بقوة أن أقول: ابحثوا عن الموساد الإسرائيلي، فتشوا عن ال CIA، ابحثوا عن المخابرات البريطانية، لم نرِد أن نتكلم سابقاً عن نظرية المؤامرة ولكن الآن أقول ابحثوا.
كل شيء يخدم قوة إسرائيل وهيمنة إسرائيل على المنطقة، كل شيء يخدم قوة وهيمنة اميركا على المنطقة تفعله داعش، ويفعله التيار التكفيري.
بالإضافة إلى استفزاز أوروبا، تصوروا مثلاً، إيطاليا منذ يومين، قالت وزيرة الدفاع الايطالية: نحن جاهزون لأن نقود ائتلافاً دولياً لمواجهة الإرهاب في ليبيا.
هنا نفتح “بين هلالين لبناني” لماذا يا سيدة تريدين أن تقومي بهجوم دولي لمحاربة الإرهاب في ليبيا؟
تقول وزيرة الدفاع ـ إن شاء الله أن لا أكون مخطئاَ وتكون وزيرة دفاع عن جد، ولا تكون وزير دفاع ـ تقول: لأن الإرهاب ـ اسمعوا جيداً واتمنى بأن يسمع فريق 14 اذار جيداً ـ بات على بعد 350 كلم من الحدود الإيطالية. فقط 350 كلم.
والسيدة وإيطاليا الدولة الحضارية والإتحاد الأوروبي يفكرون كيف سيقومون بعمل عسكري في ليبيا لأن الإرهاب بات على بعد 350 كلم، و”نحن الارهاب وين؟ بالجرود فوق”! وبالقصير وبالقلمون وبالتلال وبالسيارات المفخخة. وبعدها تتكلم معي بالحق وبالواجب وبالصح وبالخطأ. الدنيا هكذا، كل الدنيا هكذا.
أمام هذا الواقع الذي في الحقيقة لا يوجد فيه تضخيم، هناك حقيقة اسمها أنه يوجد خطر جدي حقيقي.
كنا بسوريا، بتنا بسوريا والعراق، الآن ليبيا، أيضاً في سيناء يقولون إن أنصار بيت المقدس قد بايعوا داعش وشيء من هذا القبيل، وفي أماكن أخرى، اليوم في تونس يوجد استنفار طويل عريض، في اليمن القاعدة وجزء منها الذي بايع داعش وبايع خليفة داعش يتقدم ويحتل معسكرات في المحافظات الجنوبية في اليمن.
يوجد تهديد حقيقي ويوجد ذبح ويوجد قتل، يا أخي هذه ليست أفلام. هؤلاء يقومون بأفلام الواقع. الأكيد الأكيد أن هؤلاء الأناس قد قدموا من هوليوود بعقلهم وبروحيتهم وبوحشيتهم، هذه ثقافة هوليوود.
ما هي ثقافة هوليوود؟ هل يوجد شيء آخر عن الذبح والقتل؟ هل هذه منّا؟ من الشرق، من الاسلام؟ من المسيحية؟ من الأنبياء؟ من الخلفاء من الصحابة من أهل البيت (ع)؟. أعوذ بالله.
واضح أين هو المنشأ. أين صنع هذا الذي نراه الآن على الشاشات أمام أعيننا.
أمام هذا الخطر الذي يتهدد الجميع، نحن ندعو شعوب وحكومات المنطقة إلى العمل سوياً في مواجهة هذا التهديد الإرهابي التكفيري الخطير والكبير.
ومجدداً نقول إننا جميعاً قادرون على إلحاق الهزيمة به وبمن يقف وراءه سواءً كان الذي يقف وراءه الموساد الإسرائيليون أم الأمريكان أم الإنجليز.
أيها الأخوة والأخوات: الاستراتيجيات المتّبعة حتى الآن من التحالف الدولي ومن المجتمع الدولي هي استراتيجيات قاصرة، هذا إذا أحسنّا الظن، وإذا أسأنا الظن نقول من قال هم يريدون أن يخلصوا من داعش. لنتكلم جدياً، هذه أعود إليها ببند لوحدها. لذلك الأمة، شعوب الأمة، دول المنطقة، الحكومات، العلماء، الأحزاب السياسية، قوى المقاومة، الجيوش، كلها معنية بهذا التهديد الذي هو أخطر وأكبر من أي تهديد باستثناء التهديد الإسرائيلي.
لذلك أنا أريد أن أقول بندين ثلاثة بسرعة.
البند الأول: اعتبار أن المواجهة الفكرية والسياسية والإعلامية والميدانية مع هذا التيار التكفيري هي دفاع، اعتبارها دفاعاً عن الإسلام، لم تعد دفاعاً عن محور أو نظام أو دولة أو طائفة أو مذهب أو أقليات. هؤلاء يتهددون الجميع، ويتهددون الإسلام بالدرجة الأولى.
أي سلوك ـ أتمنى على الجميع وعلى كل من يسمع ـ أي سلوك يبادر إليه إنسان مسلم يدّعي الإسلام إذا كان يتناقض مع الفطرة الإنسانية، لا يمكن أن يكون من الإسلام، محال أن يكون من الإسلام. الله تعالى يقول “فأقم وجهك للدين حنيفاً فطرة الله التي فطر الناس عليها” منذ بدأ الخلق لا تبديل لخلق الله.
من الأول للآخر يوجد فطرة إنسانية واحدة، “ذلك الدين القيّم”، الدين القيّم هو الدين المنسجم المتطابق مع هذه الفطرة الإنسانية. لا يمكن أن يكون عملاً إسلامياً أو دينياً، العمل الذي تشمئز منه العقول والقلوب والأرواح والبشرية كلها مهما اختلفت أفكارها وآراؤها واتجاهاتها العقائدية والسياسية.
إذاً، هذه المعركة هي دفاع عن الإسلام وأنا أقول لكم اليوم بكل إعتزاز وبكل افتخار: نحن الذين نشكّل أو نعتبر أنفسنا جزءاً من هذه المعركة في وجه التيار التكفيري نعتبر أنفسنا أننا ندافع عن إسلام محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم، لا ندافع عن الشيعة أو عن السنة أو عن هذه الطائفة أو تلك الطائفة.
والكل يعرف أنه عندما تصبح المعركة هي معركة دفاع عن دين الله وعن مقدسات الله سبحانه وتعالى حينئذ يكون عطاؤنا بلا حدود وصبرنا بلا حدود وتحملنا بلا حدود، وإستعدادنا للذهاب إلى النهاية بلا حدود، كما فعل إمامنا وسيدنا أبو عبد الله الحسين في كربلاء.
ثانياً: وطبعاً أنا أقول نحن نفعل ذلك ولكن أنا أدعو الجميع، كل المسلمين مدعوون إلى أن يدافعوا عن دينهم، العلماء، المراجع، الإعلام، الكتّاب، ليس شرطاً بالسلاح، يا أخي أقبح تشويه في تاريخ البشرية لدين إلهي هو الذي تفعله داعش الآن، لا يوجد هكذا شيء في التاريخ.
ثانياً: يجب أن يقول العالم، وإذا لم يقول العالم، دول المنطقة في الحد الأدنى والذين يشعرون بهذا التهديد وبهذا الخطر، يجب أن يقولوا لبعض الدول الإقليمية التي ما زالت تدعم داعش، بالسلاح والمال والتسهيلات وحتى بالإعلام، في الظاهر ترى هذه الفضائية لا تدعم داعش، لكن إذا استمعت جيدا (تجدها) تدعم داعش، الآن ليس وقت أن أشرح هذا الموضوع. يجب أن يقال لهؤلاء: اللعبة إنتهت، المنطقة، شعوب المنطقة، حكومات المنطقة لن تعود قادرة على احتمال هذا المستوى من الإجرام والوحشية الذي يتم باسم الإسلام وعلى حساب كل شعوب المنطقة.
ثالثاً: وهذه نقطة مهمة جداً، سأتكلم فيها بصراحة وبالأسماء، يجب أن لا نخدع أنفسنا وأن لا نسمح لأحد أن يخدعنا بالتفريق بين داعش وجبهة النصرة، وطالما تكلمنا في السابق، لا أريد أن أعيد، هم جوهر واحد، حقيقة واحدة، فكر واحد، ثقافة واحدة، روح واحدة، أهداف واحدة، سلوك واحد، وأنا أتمنى أن يبرز أحد من اللبنانيين أو من العرب ليشرح لنا الفرق بين جبهة النصرة وداعش، وكيف تكون داعش إرهابية وتكون جبهة النصرة ثوار. يعني هذا نتمنى أن أجد أحداً خصوصاً في لبنان، يشرح لنا هذا الموضوع، على التلفاز أو عندما يجلس هو وأخواننا.
لا ننخدع بهذا الموضوع، هذا تيار واحد، خلافهم كان خلافاً تنظيمياً على الزعامة، ولكن المحصلة هي محصلة واحدة. ولذلك اليوم نعم، يوجد دعوات أنه يجب مواجهة التيارات التكفيرية بدون تمييز، هذا صحيح، هذا الموقف هو السليم. الأردن، الحكومة الأردنية لا تستطيع أن تقاتل داعش في العراق وتدعم جبهة النصرة في سوريا، بعض الدول الخليجية لا تستطيع أن تشارك في التحالف الدولي لقتال داعش في العراق، وتقدم المال والسلاح والإمكانات والتسهيلات لجبهة النصرة، يعني أخ وأخت داعش التي هي جبهة النصرة، كيف، بأي منطق؟ يجب أن نأخذ هذا التيار بكله وكلكله الذي يشكل فعلاً هذا التهديد.
رابعاً: أن تعمل الحكومات في المنطقة والدول في المنطقة على تجميد ومعالجة الصراعات القائمة، كم يمكننا أن نساعد، يجب أن يبادر أحد، الآن يمكن أن تقول سيدنا أنت تنظّر زيادة عن اللزوم، لكن في النهاية، هذه مرحلة يجب أن نتكلم فيها بمسؤولية، الآن ماذا “يطلع بإيدنا بإيد غيرنا”، لا أعرف.
اليوم يوجد أولويتان يجب أن تكونا: أولوية مواجهة المشروع الصهيوني “المكمّل” في فلسطين بهدم البيوت وبالمستوطنات وإلخ.. وتهديد غزة وتهديد المنطقة، والمشروع التكفيري الذي يهدد الكل. حسناً، هذا معناه أنه يجب أن نعمل له أولوية، معناه يجب أن نكون واقعيين بالملفات الأخرى.
المطلوب من بعض الدول العربية، وبالخصوص الدول الخليجية، أن تقارب ملفات المنطقة قليلاً بطريقة مختلفة، لأنه يا جماعة أنتم في دائرة تهديد، يعني أن لا تأخذكم العزة بالإثم والإنفعال والغضب والحقد، دعوا هذا يهدأ قليلاً واجلسوا وتأملوا. بالنهاية اليوم في العراق مثلاً، عندما قام الشعب العراقي والقوات العراقية والحشد الشعبي والقوات الكردية والعشائر الشيعية والسنية وقاتلوا داعش وأوقفوا داعش، هم منعوا داعش من أن تصل إلى الكويت، ومنعوا داعش من أن تصل إلى السعودية، وإلا عينها ليس فقط على بغداد، كما تكلمنا قبل قليل، عينها على مكة والمدينة، لذلك تعالوا وقاربوا موضوع العراق بطريقة مختلفة. اليوم في العراق يوجد عملية سياسية، عاد الشيعة والسنة والأكراد والتقوا بشكل أو بآخر، أحياناً يحصل بعض الخلل، أحيانا تحصل بعض الجرائم، بدل النفخ في الفتنة الطائفية والمذهبية في العراق من خلال فضائياتكم، تعالوا ساعدوا ليبقى العراقيين مجموعين وموحدين، حتى يستطيعوا منع داعش من التمدد مجددا حتى يستطيعوا مواجهة داعش ويقضوا عليها، وهم يدافعون عنكم، عن عروشكم وعن نفطكم.
في العراق قوموا بمقاربة مختلفة قليلاً واخرجوا من حقد شيعي وسني وطائفي وما طائفي.
باليمن أيضا اجلسوا، أنتم فشلتم في اليمن، اذهبوا وأبحثوا عن أسباب فشلكم بعدما دفعتم مليارات الدولارات، لأنه لا يُبنى نفوذ على الفساد المالي وعلى شراء الذمم وعلى وعلى وعلى وعلى.
لكن مع ذلك أجروا مقاربة مختلفة لليمن، اليوم في اليمن هناك ثورة شعبية حقيقية لا يمكنكم تجاهلها، وهذه الثورة هي التي تقف حقيقة في وجه القاعدة وفي وجه داعش التي تتهددكم جميعاً، وهذه الوثائق كلها تتحدث أن مشروع القاعدة الأصلي كان السيطرة على اليمن والسيطرة على سورية والانطلاق من اليمن وسورية إلى مكة والمدينة.لا تريدون أن تقرأوا يا جماعة الخليج، يا حكام الخليج، ليس لديكم من يقرأ لكم، أقروا قليلا.
مقاربة اليمن ليست في دفع اليمن إلى الانفجار الداخلي ولا في تحريض اليمنيين على بعضهم ولا في الاستنجاد بمجلس الأمن الدولي على الشعب اليمني أو على جزء كبير من الشعب اليمني وإنما مقاربة هادئة سلسة، وأنصار الله وقيادة أنصار الله لهم من الشجاعة والحكمة والوعي والمسؤولية الوطنية ما يمكّنهم من التفاهم والتحاور، ويتم استيعاب هذا الوضع كله. وإلا فالانفعال والغضب سيأخذ باليمن إلى ما لا تحمد عقباه والذي سيدفع الثمن هو دول الخليج لأنها ستحول اليمن في جوارها إلى بركان وستعطي مساحة واسعة للقاعدة ولداعش.
في البحرين اذهبوا وتحدثوا مع هؤلاء الجماعة، آل خليفة، ليهدأوا قليلاً ويتعقلوا قليلاً ويوقفوا القمع ويفتحوا باب الحوار ويخرجوا المعتقلين. الناس تريد تسوية بالبحرين، تريد إصلاحاً بالبحرين. طبعاً ربما بعض الإخوة في البحرين لا يقبلون بهذا الكلام لكن عموماً…
تعالوا في سورية، انتهت اللعبة في سورية، استمرار القتال في سورية كأن أحدهم “يدق رأسه بالجبل بس هيك عناد” أنه والله نحن قلنا كلمة ويجب أن تنفذ كلمتنا ولو دُمّرت سورية، ويزداد عدد القتلى والجرحى في سورية.
هناك واقع في سورية، أنظروا إليه بعين الواقع، يُفتح باب الحل السياسي، يسمح للمعارضة ـ غير التكفيرية الممنوعة من الدخول في تسوية ـ يُسمح لها بأن تدخل في تسوية. النظام جاهز للدخول في تسوية. لنرَ إذا كان هناك إمكانية أن يجلس الناس ويهدأوا قليلاً، وتعالج شؤون المنطقة. نعم نستطيع أن نقوم بنوع من الوضع الذي يساعد الكل على مواجهة الخطر الذي يتهدد الكل.
وحتى في لبنان، إرفعوا الفيتو بالموضوع الرئاسي، أنتم ـ بعض دول الخليج المعروفين من هم ـ ارفعوا الفيتو واسمحوا للبنانيين بالجلوس والتفاوض فيتفاهموا لإبرام تسوية على قضية الرئاسة وكل التركيبة بالبلد، ما المشكلة (في ذلك)؟
يعني بتعبير آخر بهذا البند “اعملوا معروف دعوا الناس تعيد أولوية وتتصرف على أساسها“.
خامساً: أن لا تنتظر شعوب المنطقة وحكومات المنطقة استراتيجية دولية ولا تنتظر استراتيجية حلف أطلسي ولا استراتيجية أمريكية ولا شيء.
يجب أن نبادر كما بادرنا بالفعل في سورية، في لبنان، في العراق، في أماكن أخرى، كما تحصل مبادرات في أكثر من بلد عربي، يجب أن نبادر لمواجهة هذا التيار وعدم السماح له بالتمدد وبالاستقواء وبالتثبيت وبالتمكين وما شاكل.
ننتظر من أمريكا، أول الكلام أن أمريكا تود أنهاء داعش هذا فيه نقاش، من قال إن أمريكا تود أن تنتهي من داعش؟ انظروا للوضع الحالي، كيف أن أمريكا مستفيدة، تنهب النفط تحت عنوان أن أمريكا تحمي دول المنطقة، (تأمر الأنظمة) خفضوا لي سعر النفط، فخفضوا سعر النفط، أطلقوا النار على أنفسهم وعلى كل أحبائهم وأصدقائهم وأخصامهم.
تنهب المنطقة بالنفط وتنهب أموال المنطقة، مئات مليارات الدولارات تحت عنوان العبء الحربي لقوات التحالف الدولية. فقط من خلال داعش أمريكا تنهب النفط وتنهب الدولارات وأمريكا تستنزفنا وجيوشنا وشعوبنا ودولنا وأعصابنا.
أمريكا تؤسس من خلال داعش لأحقاد وعداوات ليس معلوماً إن كانت تنتهي بعقود من الزمن، تدمر المنطقة كلها لمصلحة همينتها ولمصلحة قوة إسرائيل وثبات إسرائيل وحماية إسرائيل.
على ماذا تستعجل أمريكا؟ وفي أحسن الأحوال إذا تبيّن مع الأمريكينن أنهم يريدون إنهاء الموضوع، فعلى مهلهم، للانتخابات الرئاسية الأمريكية، لماذا الآن؟ يأتون قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية، يقومون ببعض الأمور، يضربون داعش كي يفوز الحزب الديمقراطي. إذا نحن ـ العراقيين والسوريين واللبنانيين ـ الذين تقف داعش على حدودهم بالقلمون وفي جرود عرسال، والمصريين والليبيين والتونسيين واليمنيين وكل شعوب المنطقة يجب أن يبقى سكين داعش على رقابنا من الآن وحتى الانتخابات الرئاسية الأمريكية لنرى الأمريكيين إذا كانوا يودون القيام بشيء.
أيها الإخوة والأخوات: من يراهن على الأمريكيين يراهن على سراب، يا أخي تراهن أنت على من ينهبك ومن يتآمر عليك ومن صنع لك هؤلاء وأرسلهم إليك؟
لا يجوز أن ننتظر لا الأمريكيين ولا المجتمع الدولي كما فعلت المقاومة، مقاومة الإمام موسى الصدر ومقاومة اللبنانيين، المقاومة اللبنانية والمقاومة الوطنية والمقاومة الإسلامية، مقاومة السيد عباس والشيخ راغب والحاج عماد، كما صنعت المقاومة في لبنان والمقاومة في غزة والمقاومة في فلسطين، لم تنتظرلا استراتيجية عربية موحدة ولا استراتيجية دولية موحدة، وانتصرت.
لننتظر الأمريكيين؟ لن ننتظر الأمريكيين ولن ننتظر حلف أطلسي. في العراق لم ينتظروا، في العراق المرجعية الدينية وعلماء الدين والحكومة والجيش وقوى الأمن وحشد شعبي شيعة، وسنة، وأكراد وعشائر حملوا السلاح ونزلوا وقاتلوا، وحتى الآن الأمريكيون لا يعطونهم السلاح المدفوع ثمنه، ولا يوجد أموال. السلاح والذخيرة كله يأتي من إيران ومن هنا ومن هنا ومن هنا.
لم ينتظروا أحد، هزموا داعش في محافظة ديالى، وهزموها في أغلب محافظة صلاح الدين، وهزموها في جرف الصخر ويهزمونها الآن في الأنبار، وسيهزمونها في الموصل. لمَ لا؟
في سورية أيضا حصل هذا الأمر ويحصل في كل يوم مع “داعش المنيحة وداعش المش منيحة” لأن الاثنين داعش، وفي القصير والقلمون وفي جرود عرسال.
إذاً لا يجوز أن ننتظر أحداً، يجب أن نبادر، يجب أن نتحمل المسؤولية، ولذلك أقول ـ ستستغربون قليلا النتيجة ـ من خلال هذه النظرة لوضع المنطقة أقول لمن يدعونا للانسحاب من سورية: أدعوكم لنذهب سويا إلى سورية.
بل أدعوكم ـ نحن لم نتحدث عن العراق سابقا ولو الآن لدينا حضور متواضع في المرحلة الأولى المرحلة الحساسة في العراق ـ وأقول أيضاً تعالوا لنذهب إلى العراق.
بل تعالوا ـ سيقولون السيد ذهب بعيدا ـ تعالوا لنذهب لأي مكان نواجه فيه هذا التهديد الذي يتهدد أمتنا ومنطقتنا لأننا هكذا ندافع عن لبنان وهكذا ندافع عن شعب لبنان وهكذا تتصرف القوى الكبرى في العالم والدول المحترمة في العالم والجيوش القوية في العالم،لكن لن نأخذكم إلى أوكرانيا.
لذلك أنا أقول: على ضوء الوضع في المنطقة نعيد النظر، نعم تعالوا لنناقش منطقكم ومنطقنا، دليلنا ودليلكم، لا يخافنّ أحد من قصة أنه أذا انتهى الوضع في سورية إلى تسوية، ستعود الإدارة السورية والوصاية السورية، هذا بات من الماضي، وأنتم تعرفون كل ظروف هذا الماضي، أنتم ادرى منا فيه.لا داعي لنضع هذا النوع من المخاوف أمام أخطار حقيقية وجدية تتهدد الجميع.
أنا أدعو قبل أن يذوب الثلج على حدود السلسلة الشرقية إلى تنسيق بين الجيش اللبناني والجيش العربي السوري، وأنا أدعو الحكومة اللبنانية إلى التنسيق مع الحكومة السورية في ملف اللاجئين أو المهجرين وفي الملف الأمني.
اليوم الخطر أكبر بكثير من كل الحسابات الحزبية والمذهبية والطائفية ونحن أيضا ندعو إلى نظرة شاملة على هذا الصعيد.
نحن كتب علينا أن نقاتل دفاعاً عن لبنان والأمة منذ عام 1982، منذ أن كنا شباباً صغاراً، حتى لحانا لم تكن ظاهرة، ولكننا تحملنا هذه المسؤولية وتقدمنا وقضى منا شهداء وأكملنا الطريق من ال82 لل2000 ولل2006.
اليوم على طريق القادة الشهداء، عنوان ثباتنا وانتصارنا، قوافل شهدائنا تمضي وتصنع بدمائها النصر، وبقيت المقاومة وستبقى هي الرد، وسنبقى نحمل المسؤولية ونصنع الانتصارات بثباتنا وبدمائنا وباستلهام قادتنا السيد عباس والشيخ راغب والحاج عماد وأم ياسر وكل الشهداء حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين، والسلام عيكم ورحمة الله وبركاته.