استراتيجية رعمسيس الثاني للامن القومي المصري الياس فرحات
اعدمت داعش 21 مصرياً من الطائفة القبطية المسيحية في ليبيا بعدما اختطفهم منذ اسابيع في مدينة سرت. ليسوا هم اول المصريين الذين يقتلون في ليبيا ولن يكونوا الاخرين. في ليبيا، يسود العنف والارهاب والفوضى. لا دولة ولا عشيرة ولا ضوابط. من المسؤول عن المصير الذي آلت اليه ليبيا؟ طبعاً سنسمع ان المسؤول هو القذافي او الدول الاوروبية او الولايات المتحدة او الامم المتحدة او الصهيونية العالمية. لكن المؤكد ان احد المسؤولين الاساسيين عن تدمير ليبيا هو مصر ممثلة بأمين عام جامعة الدول العربية السابق عمرو موسى الذي لا يبدو انه كانت لديه رؤية استراتيجية تتناسب مع وظيفته في معرفة مصلحة مصر. استجاب موسى لوزير خارجية قطر وقرر الطلب من مجلس الامن التدخل العسكري لـ “حماية المدنيين” في ليبيا من دون ان يدرك ابعاد هذا القرار واخطاره وعواقبه. تحولت هذه الحماية الى تنكيل وتشريد للمدنيين الليبيين وضرب لاستقرار ليبيا واشاعة الفوضى والارهاب. لم يراجع موسى وغيره في الجامعة العربية مجلس الامن فيما بعد لحماية المدنيين الليبيين مجدداً بعدما سيطرت “القاعدة” و”داعش” وتعرضوا لابشع انواع الارهاب .
عمرو موسى، ايضاً، اذعن لطلب حمد بن جاسم وقرر، خلافاً لمصلحة مصر، تعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية وقطع العلاقات الدبلوماسية معها، وفرض عقوبات اقتصادية وسياسية عليها واسهم بذلك بضرب استقرار سوريا وتعريض الامن القومي المصري للخطر.
عمرو موسى تفرج على السودان وهو على شفير الانقسام، ولم يتدخل بسبب عدم مزاجية حمد بن جاسم للتحرك.
هكذا تخلى عمرو موسى ممثل مصرعن الامن القومي المصري، وخلق صدعاً كبيرا في جدار حماية مصر من الجنوب والغرب. في سوريا، صدَّق موسى الفضائيات وانضم اليها في ترداد كذبة “الاسد يقتل شعبه” فيما المعارضة هي التي تقتل شعبها والا كيف قتل ثلاثون ألف جندي سوري ودمرت البنى التحتية السورية؟ الحقيقة التي كان على عمرو موسى ان يعرفها جيداً هي ان تنظيم “القاعدة” و”داعش” والمنظمات المشتقة هم المعارضة السورية.
في جولة على تلفزيونات مصر بعد ورود الخبر الصاعق، كانت ردة الفعل ملفتة. يشبه معلقون قتل المصريين بقتل معاذ الكساسبة الاردني وفقط. “القاعدة” و”داعش” قتلوا عشرات الالاف من عسكريين ومدنيين في سوريا، وغفل عنهم بعض المعلقين. احد المعلقين لفت ان “القاعدة” هي ضد “داعش” اي ان “القاعدة” في سيناء التي تقتل المصريين هي ضد ارهاب “داعش“!
ان اكبر سقوط للامن القومي المصري هو مشاركة مصر في ضرب امنها القومي في ليبيا وسوريا بواسطة ممثلها عمرو موسى.
رحم الله الفرعون رعمسيس الثاني الذي كان يدرك تماما الامن القومي المصري. فقد حارب الحثيين 15 سنة وهزمهم في قادش (قرب حمص) وعقد معهم معاهدة. هاجم رعمسيس الثاني الحبشة وانتصر عليها (من يتذكر اوبرا عايدة التي تحكي هذا الانتصار)، وأمن ساحل البحر المتوسط بسفن بحرية وقواعد على الساحل ضد الغزاة والقراصنة. دخل ليبيا وما تزال اثار فرعونية في ليبيا منذ زمانه.
هكذا كان رعمسيس الثاني رحمه الله. وعى تماماً الامن القومي المصري وليس كعمرو موسى يسهم في تدمير سوريا وليبيا ويضرب الامن القومي المصري.
اقترح على الرئيس السيسي اتباع استراتيجية رعمسيس الثاني للامن القومي المصري.