كيف نقوي ميرتس؟: شلومو أفنيري
لم يحدث أبدا أن اعطيت صوتي لميرتس، ولست مستعدا للتصويت لها، على الرغم من أن موقفها كثيرا ما يتوافق مع موقفي. ويعود السبب في ذلك إلى أن ميرتس غالبا ما تظهر كحركة تمرد أكثر من كونها حزبا سياسيا يشارك في النضال لحيازة السلطة، ورؤساؤها يفضلون التمسك بمواقفهم التطهرية بدلا من التأثير على ما يحدث في الدولة والمجتمع.
ومن الواضح أنه إذا شكلت حكومة مركز يسار بعد الانتخابات القادمة، ستكون ميرتس أحد مركباتها. لذلك من المهم أن لا يصيبها الضعف، وبالتأكيد من المهم أن تجتاز نسبة الحسم.
هذا ما يدركه أيضا زعماء الحزب الذين قرروا مؤخرا الخروج في حملة عدوانية موجهة لسحب الأصوات من المعسكر الصهيوني. في دعايتها التي أعلنت مؤخرا ادعت ميرتس بأن الفرق بين الليكود والمعسكر الصهيوني هو فارق هامشي. وجزء من ناخبيها يفترضون بأنه ربما كان من الأفضل أن يشكل الليكود الحكومة القادمة وليس المعسكر الصهيوني بناء على الموقف العدمي الذي يفترض بأنه «كلما كان أسوء سيكون أفضل». حتى مع الوضوح التام بأن إسرائيل ليست شبيهة تماما بجمهورية فايمر (النازية). هذا الموقف يعيد إلى الأذهان إلى حد ما موقف الشيوعيين الألمان بداية سنوات الثلاثينيات: في كثير من المرات أطلق الشيوعيون على الاشتراكيين الديمقراطيين إسم الاشتراكين الفاشستيين، وأعلنوا بأنه لا فرق بين اليسار المعتدل والنازيين.
هذه استراجية مغلوطة، ليست فقط من الجانب الأخلاقي ولكن من الجانب التكتيكي، حتى لو تمكنت ميرتس من الحصول على بعض الأصوات من المعسكر الصهيوني فهذا سيشكل عبورا من جهة إلى أخرى داخل كتلة المركز ـ يسار، تقليص عدد النواب التي سيحصل عليها المعسكر الصهيويني من شأنه أن يؤدي إلى أن الليكود سيفوز في الانتخابات باعتباره الحزب الأكبر، هذا الأمر سيضاعف من فرص نتنياهو لتشكيل الحكومة الجديدة. من المهم لميرتس أن تزيد عدد مصوتيها ولتحقيق ذلك هناك مخزون كبير من الاصوات العائمة والتي من شأنها أن تدعم حصتها بها: هذا المخزن موجود في وسط الناخبين المحتملين لحزبي كولينو ويش عتيد، هنا يكمن التناقض الفظ وفي ذات الوقت فرصة مهمة لميرتس كي تزيد من قوتها، وبالتالي زيادة قوة معسكر المركز ـ يسار: والحقيقة أن موشي كحلون وكذلك يائير لبيد ـ على الرغم من تصريحاتهما اللفظية فهما ينتميان جوهريا إلى معسكر اليمين وهما مرشحان جديان للمشاركة بحكومة نتنياهو، وذلك على الرغم من أنهما يبذلان الكثير من الجهد لإخفاء هذه الحقيقة.
كحلون هو رجل يمين: في مواقفه السياسة كان وما زال رجل الليكود، وفعليا لم يحدث أبدا أن نفى ذلك، ولكن شخصيته التي شكلها كمرشح ذو نهج اجتماعي أدى إلى أن ناخبين كثر يريدون أن يروا تغييرا جديا في السياسات الاجتماعية ـ الاقتصادية قد يتحولون لصالحه. نحو هؤلاء يجب على ميرتس أن توجه حملتها الانتخابية.
لبيد هو أيضا كذلك يصعب علي أن أفهم كيف أن الناخبين المثقفين ذوي التوجهات السياسة المعتدلة وممن لديهم توجهات لايجاد حلول وسط بعيدة المدى مع الفلسطينيين، لا يدركون انه يضللهم. لبيد هو رجل يمين سواء في مواقفه السياسية أو في توجهاته الاقتصاديه للتذكير: هو الذي افتتح برنامجه الانتخابي للكنيست التاسعة عشر في جامعة مستوطنة أريئيل، على اعتبار انها أحد الأماكن إثارة للخلاف في وسط الجمهور كون وجودها بذاته يمثل واحدا من الأوجه الأكثر بشاعة في السيطرة الإسرائيلية على الضفة، لقد صرح أيضا بأن القدس هي فكرة وليست مجرد مكان وهي ليست قابلة للتقسيم، كما أنه اعلن في واحد من خطاباته الأكثر عنصرية الذي سمع على الاطلاق في السياسة الإسرائيلية بأنه لن يجلس في حكومة تضم «الزعبيز.. تحقير لحنين زعبي».
رؤيته الاقتصادية شبيه برؤية نتنياهو المحافظة الجديدة، ودعمه للرأسمالية في منشوراته الأكثر تكرراً لا تترك مجالاً للشك. فكرة ضريبة قيمة صفرية على الشقق للأزواج الشابة هي مناورة انتخابية مكشوفة، فهو لم يتطرق للأسباب العميقة للضائقة الإجتماعية التي تعاني منها طبقات عديدة في إسرائيل.
خلال فترة تعيينه في الحكومة والتي كان سيبقى فيها لولا أن طُرد من قبل نتنياهو بطريقة مخجلة ـ أدلى مرة تلو الأخرى بتصريحات بدت وكأنها معتدلة، أما في الواقع فقد دعم سياسات نتنياهو اتجاه الفلسطينيين، وايد إستمرار المشروع الاستيطاني في المناطق وتمويله بكل الطرق الممكنة. لو أنه أظهر موقفا غير ذلك لكان عليه مغادرة الحكومة. لكن لبيد لن يفعل ذلك أبداً.
مؤخراً قال لبيد بأنه لن يجلس في حكومة يرأسها نتنياهو. هل يعني ذلك بأنه سوف يجلس في حكومة مركز ـ يسار؟ أي هل سيجلس مع الزعبز!؟ اذا حقق لبيد وضعا يشكل به بيضة القبان هل كان سيختار نتنياهو ام سيختار الزعبز؟ في المعسكر الصهيوني يفكرون الآن بأن دعم لبيد لهم مضمون: أنا أقترح عليهم أن لا يركنوا إلى ذلك اكثر مما يجب. اذا ضمن له نتنياهو في الحكومة القادمة وزارة التعليم (فمن الواضح بأنه لن يعود إلى وزارة المالية) هل سيرفض؟ إذ بإمكانه دائماً ان يعين شاي فيرون نائباً له. انه لمن المذهل في الاستطلاعات الرسمية بأن كحلون ويش عتيد سوف يحصلان على 15- 20 نائبا: هنا يوجد احتمال كبير أمام ميرتس اذا تمكنت بأن تمرر لصالحها فقط 5 نواب من هاتين القائمتين، في هذه الحالة قوة معسكر المركز – يسار سوف تزيد بشكل ملحوظ، وتزيد من احتمالاته بتشكيل الحكومة القادمة.
هذا هو مخزن الاصوات الضخم والذي يشكل إلى حد ما المفتاح لحسم المعركة في الانتخابات القادمة. سترتكب ميرتس خطأ فادحا اذا تجاهلته.
مخزون الاصوات الآخر ـ وهو اصغر بكثير ـ موجود في وسط الناخبين اليهود اللذين احتاروا في السابق بين ميرتس وحداش، مع إنضمام حداش إلى القائمة العربية الموحدة فإن هؤلاء المصوتين سيجدون أنفسهم في مواجهة مشكلة. هل سيصوتون لصالح قائمة عدد من مكوناتها يرون إسرائيل ككيان كلونيالي مصيرها محتوم أن تختفي من العالم؟ ابراهام بورغ على سبيل المثال أعلن بأنه سيصوت لحداش، ولكنه لن يفعل ذلك اذا انضمت حداش للقائمة العربية الموحدة. من المهم أن نعرف ما هو موقفه حالياً. هنا أيضاً يوجد مخزون للمصوتين المحتملين لصالح ميرتس.
باختصار لميرتس يوجد مخزون جاد وهام من الاصوات خصوصاً في وسط ناخبين محتملين لصالح كولينو ويش عتيد، لهؤلاء وليس لناخبي المعسكر الصهيوني يتوجب على ميرتس ان توجه جهودها. اذا فعلت ذلك تستطيع أن ترجح كفة الميزان في الانتخابات القادمة.
هآرتس