المقاومة والسلطة ثريا عاصي
لا مغالاة في القول بأن الخلاف بين حزب الله من جهة وبين خصومه من جهة ثانية، ليس على الأساليب والوسائل في مقاومة المستعمرين الإٍسرائيليين وإنما هو على مبدأ المقاومة نفسه. بمعنى أن هؤلاء الخصوم يفضلون السعي إلى عقد إتفاقية مع المستعمرين. لا أعتقد أن هذا يحتاج إلى براهين. لم يحص الشامتون بحزب الله شهداء المقاومة أثناء إحتلال جنوب لبنان!
لأعد الآن، الى موضوع المقاومة «الشيعية». لا جدال في أن كفاح المستعمر الإسرائيلي ليس بالأمر السهل. لقد تطلب ذلك تضحيات هائلة من الجنوبيين خصوصا ومن الذين يـُحسبون في فهرس السياسة اللبنانية في خانة الشيعة عموما، على إختلاف أهوائهم السياسية وعقائدهم ومعتقداتهم الدينية. إلى حد أن ملامة «الشيعة» بما هم شيعة، تبدو من وجهة نظري عُسْفا وتعبيرا عن غريزية بدائية، لا تمت إلى هذا العصر إطلاقاً!
يحسن التوقف هنا وضعا للأمور في نصابها الصحيح، عند مفهوم مجتمع المقاومة. هذا يعني بصراحة واقتضاب وضع جميع مقومات المجتمع في خدمة المقاومة. أي أن لهذه الأخيرة الحرية المطلقة. تفعل ما تراه هي، ضروريا ولازماً ومناسباً. أقفلت المدارس الرسمية في الجنوب، إلى حد ما، لتأخذ مكانها مدارس مقاومة. الحيز العام، الطرقات، الساحات، أعمدة الكهرباء، المساجد، صارت جميعها ملكا للمقاومة. أمن المقاومة. في كل يوم إحياء مناسبة في النادي الحسيني. فرصة لمعاودة خطاب المقاومة وأدبياتها. مجتمع المقاومة متوتر على الدوام!
تلزم الإشارة في هذا السياق إلى أن المقاومة إستحوذت على حصة الشيعة في الدولة، كل الحصة. هذا يعني ضمنيا الفساد الإداري، والرشى والمحسوبية!. المقاومة هي صراع من أجل البقاء، من أجل الحفاظ على الوجود، بكافة الطرق والوسائل، ضمنيا هي هدر وبذل وتراجع ثقافي، بعكس الثورة كون هذه الأخيرة خطوة إلى الأمام إلى الأحسن إلى التنظيم.
إذن المقاومة هي رد فعل الفقراء الذين ليس لديهم وطن بديل، غير مخيمات اللاجئيين محطة يطول فيها تحت الخيم، إنتظار حليب الأطفال والديمقراطية والعودة!. غاية الحرب هي إخراج الفقراء من بيوتهم وتدميرها. حاولوا ذلك في لبنان سنة 2006 وفشلوا، يحاولون في قطاع غزة وفي سورية والعراق.
المقاومة ليست خيارا من بين خيارات. هي ضرورة وحاجة، كمثل الحاجة للوطن وللأمن. المشكلة هي في أن مجلس التعاون الخليجي ومعه جزء من اللبنانيين، ينكرون على الناس المعنيين حقهم في مقاومة المستعمرين الإسرائيليين. هم في الواقع يغلفون هذا الإنكار بحجة أن هؤلاء الناس يتبعون المذهب الشيعي. المقاومة تعني فيما تعنيه سلطة. هذا يعيدنا إلى منازعة تاريخية على السلطة. الشيعة من وجهة نظر أعداء المقاومة، أي المستعمرين في فلسطين المحتلة وفي الغرب، بالإضافة إلى مشايخ النفط وحكومة السلطان أردوغان، يتحملون مسؤولية إرتكاب «الشيعة» الأوائل خطيئتين مميتتين. الأولى، انهم أيدوا في المنازعة على السلطة الإمام علي بن أبي طالب ضد السيدة عائشة إحدى زوجات النبي. والخطيئة الثانية هي، أنهم مقتنعون بأنه دائما في إطار المنازعة على السلطة، بأن الحسين بن علي كان أفضل من يزيد بن معاوية!… هلا رأيتم كيف تصير معاونة المستعمرين وتخريب الأوطان والمجازر حِلٌ لطائفة من الناس والمقاومة مُحرمة بفتاوى؟!.
(الديار)