بقلم غالب قنديل

ثورة اليمن ومسارها التقدمي

yamani

غالب قنديل

تتصدر أحداث اليمن الاهتمام وقد برزت في قلب المشهد العربي الراهن فوضعت بلدا مهما في منطقة الخليج على طريق التغيير ومعه التوازنات والمعادلات التي تتحكم بالواقع الخليجي وبالنظر إلى ثقل اليمن السكاني والاقتصادي وإلى أهمية مكانته الاستراتيجية والجغرافية فإن ما يدور في هذا البلد العربي المهم ستكون له آثار وانعكاسات كبيرة في أكثر من اتجاه وليس حصرا في المملكة السعودية والخليج وحوض البحر الأحمر وفي سواحل أفريقيا المقابلة للشواطيء اليمنية على باب المندب.

أولا يشهد اليمن سيرورة ثورية متصاعدة منذ أواخر أيلول سبتمبر الماضي وتبدي القوى الاستعمارية الغربية بقيادة الولايات المتحدة والرجعية العربية بقيادة المملكة السعودية تصميما على استمرار التدخل وتقديم الدعم للقوى الرافضة للتغيير والتي تعترض طريق التحولات الثورية التي رسمتها قيادة حكيمة مصممة على منطق الشراكة ومتمسكة ببرنامج إصلاحي شامل لمؤسسات الدولة يستند إلى مرجعية التفاهمات المعطلة التي جرى منع تحقيقها وتم تخريبها غير مرة خلال السنوات الأخيرة .

وحدة اليمن واستقلاله وحمايته من التدخلات الاستعمارية والرجعية وتطهيره من عصابات الإرهاب القاعدية تمثل أهدافا معلنة للحركة الثورية التي يقودها انصار الله تساندهم مجموعة من القوى الحية في المجتمع والكتل الرئيسية من الجيش اليمني وقوى الأمن التي شاركت مع اللجان الشعبية التي شكلتها قيادة الثورة في مطاردة الإرهابيين والجماعات الرجعية المسؤولة عن خراب البلاد .

ثانيا الاستنفار الذي أعلنته منظومة الهيمنة الاستعمارية الرجعية في المنطقة لعرقلة التغيير اليمني كان سياسيا وإعلاميا وأمنيا وهو يعكس حجم المصالح التي يهزها استقلال اليمن وبناء سلطة وطنية جديدة حازمة في الدفاع عن استقلال البلاد وفي محاربة الإرهاب القاعدي الذي استحضره الرجعيون ورعاه تنظيم الأخوان المسلمين وشبكة النافذين في العديد من المؤسسات ومواقع النفوذ الاجتماعي التقليدي التي تلقت ضربات موجعة على أيدي الشعب والثوار .

مشكلة منظومة الهيمنة الاستعمارية انها عاجزة عن التدخل المباشر وإن كان من الضروري إبقاء الاحتمال قائما وعدم إسقاط إمكانية ارتكاب الحماقات من الحساب لا إقليميا ولا دوليا فالصحيح ان المملكة السعودية غارقة في مواجهة المخاطر التي تحيط بها بعد تعاظم مظاهر ارتداد الإرهاب التفكيري وتحوله إلى تهديد داخلي في المملكة التي رعته ودعمته لتدمير سورية ولتخريب العراق ومع دخول المملكة مرحلة جديدة من تقاسم السلطة بينما الولايات المتحدة ليست قادرة على شن حروب تدخل جديدة وهي تلجأ إلى شن الحروب بالوكالة بواسطة العملاء والمرتزقة والإرهابيين الذين تحشدهم للنيل من الدول الحرة والاستقلالية كما يجري في سورية وفي اليمن كذلك .

ثالثا الحزم الذي تظهره قيادة الثورة الشعبية في اليمن يضمن ثبات توازن القوى على الأرض ويحاصر القوى الرجعية وعملاء الاستعمار ويمنعها من الارتداد تحت طائلة الحساب العسير في حين ان المرونة السياسية المتمثلة بنهج الحوار والشراكة تعطل التآمر الاستعماري وتفقد القوى المرتبطة بالخارج ذرائعها مما أتاح حتى الآن لقيادة الثورة الاحتفاظ بزمام المبادرة خصوصا من خلال الحضور المستمر والدائم للحراك الشعبي في الساحات والميادين .

اليمن يجتاز مخاضا ثوريا تاريخيا حاسما والبرنامج التغييري الذي طرحته قيادة حركة انصار الله يلبي مصالح الغالبية الشعبية الساحقة في البلاد ويحتوي على المطالب الرئيسية للشعب اليمني وهو يقوم على التوجه لبناء دولة وطنية مستقلة واقتصاد وطني متين من خلال فكرتي التنمية والعدالة الاجتماعية وعلى هذه القاعدة تنادي قيادة الثورة سائر القوى والأطراف السياسية في البلاد إلى الانخراط في مسيرة التغيير من خلال العملية الانتقالية التي يرعاها الإعلان الدستوري وصولا إلى الانتخابات النيابية والرئاسية كمقدمة لإحياء مؤسسات الدولة بعد إسقاط التقسيم والوصاية الأجنبية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى