مُفارقات في كيفيّة تعاطي الحكومتين اللبنانيّة والأردنيّة مع حرق الكساسبة والعسكريين المخطوفين في جرود عرسال رضوان الذيب
بعد الجريمة البشعة التي هزت العالم عبر حرق الطيار الاردني من قبل «داعش» في الرقة والتي لا تختلف في بشاعتها عن ذبح العسكريين المخطوفين من قبل «النصرة» في جرود عرسال كون «داعش» و«النصرة» وجهان لعملة واحدة في القتل والحرق والذبح في لبنان وسوريا والعراق واليمن وليبيا ومصر وفي كل مكان حسب مصادر سياسية مطلعة على الملف والذي قارنت بين تعامل الحكومة الاردنية مع حرق الطيار الاردني وتعامل الحكومة اللبنانية مع ذبح العسكريين.
وتقول المصادر السياسية «ان جريمة حرق الطيار الاردني وحدت كل الاردنيين وتجلت الوحدة الوطنية بأبهى صورها وتحركت السلطات الاردنية بشكل سريع وقطع الملك الاردني زيارته لواشنطن، كما نفذت الحكومة اجراءات سياسية وميدانية حاسمة تمثلت باعدام اثنين من «الداعشيين» المحكوم عليهما بالاعدام، قبل «طلوع الضو» رداً على جريمة «داعش» الاجرامية».
وتضيف المصادر السياسية «هذا لاجراء الاردني الجريء والحاسم فرض اجراء مقارنة بين ما قامت به الحكومة الاردنية وما قامت به السلطات اللبنانية بعد اختطاف الجنود اللبنانيين في عرسال ونقلهم الى الجرود».
وتتابع المصادر السياسية «لقد عملت السلطات الاردنية على رص صفوف الشعب الاردني وضرب محاولات الارهابيين زرع الشقاق في صفوف الشعب الذي نزل الى الساحات مطالباً الحكومة باتخاذ اقسى الاجراءات، وبالتالي ظهرت الحكومة الاردنية وكأنها تلبي مطالب الشعب الاردني باعدام الريشاوي والكربولي، وعمدت الحكومة الاردنية الى تحقيق حاضنة شعبية لاهل الطيار الشهيد، وظهر وكأن الكساسبة رمز لوحدة الاردنيين، كما تحركت الدولة الملك الاردني اي رأس الهرم الى اصغر مسؤول في الدولة من اجل الاهتمام بالقضية والتعاطف مع اهل الكساسبة وهذا ما حرم الارهابيين الاستفادة من جريمتهم وخلخلة الصفوف وخلق «القلاقل» والاتهامات بينهم وظهر «الشقاق» بين الاسلاميين المؤيدين للمتطرفين في الاردن نتيجة نجاح الحكومة بخلق حالة وطنية جامعة منددة بهذا العمل الاجرامي.
اما في لبنان وحسب المصادر السياسية، فان اجراءات الحكومة اللبنانية بكل مسؤوليها كانت هزيلة، مع اختلاف في آراء اقطابها والتهاون في التعاطي مع القضية، بدءاً من السماح للارهابيين بالفرار ومعهم الجنود من عرسال الى الجرود، وصولاً الى التخلي عن اهالي المخطوفين لفترة طويلة وتسلميهم كرهائن معنويين للخاطفين. كل هذا ادى الى اعطاء الخاطفين اليد العليا وباتوا يتحكمون بهؤلاء الاهالي، ومن ثم بالساحة اللبنانية كلها.
وتضيف المصادر السياسية المتابعة للقضية «الحكومة الاردنية نفذت حكم الاعدام بالمحكومين من «داعش»، فيما اطراف في الحكومة اللبنانية ضغطت على القضاء لتخفيض حكم المجلس العدلي باعدامه 5 من «فتح الاسلام» الى المؤبد، وذلك نزولاً عند اوامر الارهابيين ودون اي ثمن، كالافراج عن مخطوف او التعهد بعدم قتل احد من الرهائن، كذلك وحسب المصادر المطلعة، فان بعض الاطراف في الحكومة عمل على خط تنفيذ مطالب الارهابيين المتمثلة في الافراج عن ارهابيين مسجونين ومحكومين او هم قيد المحاكمة وبينهم ارهابيون موصوفون اعترفوا باعداد وتنفيذ تفجيرات في الضاحية وغيرها من المناطق اللبنانية.
هذا التعاطي وحسب المصادر السياسية المطلعة من قبل الحكومة اللبنانية مع ملف المفاوضات في مواجهة «جبهة النصرة» جعلت اميرها ابو مالك التلي كأنه هو الذي يأمر وينهي، ووزراء في الحكومة يستجيبون لاوامره، والانكى على هامش هذا الموضوع محاولات بعض المسؤولين التمييز بين جماعتي «النصرة» و«داعش» الارهابيتين برمي كل الارتكابات الاجرامية على «داعش» وتصوير «النصرة»، وكأنها منظمة معتدلة لا ترتكب الفظائع. وهذا امر يناقض الواقع وخصوصاً مع الاشارة الى ان «النصرة» هي الممثل الفعلي لتنظيم «القاعدة» في سوريا ومن ثم لبنان. وهي تتماهى في الاجرام والارهاب مع «داعش». وتعترف بكل وقاحة بجرائمها، في حين يخرج بعض الوزراء لنفي اعترافها الصريح وتحويل جرائمها الى حساب «داعش» كما حصل في بعض التفجيرات.
هذه المقارنة تؤكد على وجود مفارقات على حدّ قول المصادر، في تعاطي الحكومتين اللبنانية والاردنية مع قضية حرق الطيار الكساسبة وخطف الجنود العسكريين، فقضية الكساسبة وحدت الاردنيين بينما اهالي العسكريين اللبنانيين «متروكين» لربهم ولاوجاعهم وعذاباتهم وعذابات الجنود اللبنانيين في جرود عرسال.
تعاطي الحكومة اللبنانية «يدمي» القلوب وتعاطي الحكومة الاردنية يعبر عن دولة مركزية وقوية كما تقول المصادر السياسية وهل من يتعظ؟ خصوصاً ان «داعش» ستفكر مليون مرة قبل الاقدام على اي عمل جديد ضد الاردن فيما تلعب في لبنان بمصير البلد الى اجل طويل الا اذا بدلت الحكومة من طريقه التعاطي و«تقمصت» اجراءات الحكومة الاردنية وعندها يمكن ان يبدأ مسار مختلف من قبل «داعش» و«النصرة» مع ملف العسكريين اللبنانيين.
(الديار)