مقالات مختارة

وليد جنبلاط: الرئاسة هنا لا في السعودية ولا في ايران: نقولا ناصيف

 

يمتنع النائب وليد جنبلاط عن الخوض في استقالته من البرلمان كي يخلفه نجله تيمور، ويترك موقفه منها «الى الوقت المناسب ريثما تحل بعض المسائل التقنية بالاتفاق مع الرئيس نبيه بري والوزير نهاد المشنوق»

اعتاد رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط استقبال الموفدين والزوار الاجانب في كليمنصو او المختارة. هذه المرة تغير التقليد. تبلغ من دوائر قصر بسترس برقية، مفادها انها هي ــــ للمرة الاولى ــــ تحدد مواعيد مدير دائرة الشرق الاوسط وشمال افريقيا في الخارجية الفرنسية جان فرنسوا جيرو في زيارته الحالية لبيروت. وكان ان دعي جنبلاط الى لقاء جيرو اليوم، في غداء الى مائدة السفير الفرنسي باتريس باولي.

ماذا يتوقع ان يحمل معه المسؤول الفرنسي؟

يقول: «لا فكرة لدي ماذا عند جيرو، الا اذا كان هناك من جديد من عبداللهيان! ربما يكون هو الآخر الى مائدة الغداء. اين الرئاسة اليوم؟ الملفت في الامر ان اللبناني لم يعد يشعر بوجود شغور فيها، ويا للاسف، من جراء الخلافات الداخلية بين الاقطاب المسيحيين. ما بات يهمّ اللبنانيين النفايات ومرفأ بيروت الذي نخسر فيه مليون دولار يومياً وازمة السير وحوادث السير».

ماذا ينتظر من القيادة الجديدة في السعودية ومن ايران، بالتزامن مع مهمة جيرو؟

يعقب: «نلقي المشكلة دائما على السعودية وايران. هل المطلوب وضع انتخابات الرئاسة في جدول اعمال الملف النووي؟ ربما في الرئاسة شيء من السلاح النووي! الرئاسة تحل هنا في لبنان. لا في السعودية ولا في ايران. الجميع يذكر انتخابات 1970 عندما اخفق كميل شمعون وبيار الجميل في الترشح، فرشحا سليمان فرنجيه. لماذا لا يقتدي سمير جعجع وميشال عون بكميل شمعون وبيار الجميل، ويسميان مرشحا ثالثا ويحلان المشكلة؟ ليذهبا الى مرشح ثالث».

لكن البعض يقول ان جيرو يسوّق لمرشح ثالث؟

يقول جنبلاط: «لا اعرف. لم اسمع بذلك. كل همي الشأن البيئي والحياتي والدين العام الذي هو اليوم 66 مليار دولار، وهو مرشح لأن يصير 70 مليارا. مَن سيلمّنا؟ ليس هناك باريس ـــ 2 ولا باريس ـــ 3، ولا احد من الخارج كالرئيس (جاك) شيراك. مشكلة الرئاسة ليست عندي، بل في عقلية بعض المسيحيين. ليطمئن الجميع، القاصي والداني، لن اتخلى عن ترشيح الاستاذ هنري حلو، ولا اللقاء الديموقراطي سيفعل. لا مواصفات عند اي كان افضل من مواصفات هنري حلو. يكفي عند هذا الحد، ولننته من الامر. المسألة قاطعة بالنسبة اليّ. انا مستمر في ترشيح هنري حلو، على الاقل من اجل الحد الادنى من صدقية اللقاء الديموقراطي وما تبقى من خط وسطي».

يقارب تدهور الوضع الامني في مزارع شبعا بعد الغارة الاسرائيلية على القنيطرة انطلاقا من الاحتمالات والخيارات المفتوحة: «يبشر العدوان الاسرائيلي على القنيطرة بأنه ليس الأخير، وقد تتبعه اعتداءات واعمال اغتيال. صحيح ان رد السيد (حسن نصرالله) كان في محله. لكن في المقابل يقتضي توقع الكثير من اسرائيل في ظل جنون نتنياهو الذي يفوق التصور في ذهابه الى الولايات المتحدة، ومخاطبته الكونغرس بدعوة من رئيسه من دون إذن البيت الابيض. فهمت ان الديموقراطيين برئاسة نانسي بيلوسي سيقاطعون الجلسة. هذا جيد، لكن نتنياهو يتحدى الاميركيين في عقر دارهم. الرجل مجنون، ويخوض معركة كسر عظم مع الادارة، وكان حاول اكثر من مرة توريط اوباما في حرب ضد ايران. كان عليه قبل التفكير في حرب ضد ايران ان ينتبه الى ما هو حوله، مزارع شبعا مثلا. صحيح انه سلوكه قبل كل انتخابات نيابية. لكنه الجنون الاسرائيلي».

هل يبصر تعقل حزب الله في مقابل الجنون الاسرائيلي؟

يقول: «هناك تعقل لحزب الله، وهو تعقل مدروس. قال الحزب لاسرائيل انه يضرب ويؤلم. تجربة العقود الاخيرة خير مثال منذ عام 1978 حتى عام 1982 حتى عام 2006. للاسرائيليين قوة هائلة في التدمير وقتل البشر، لكن قوة الصمود والاستمرار ليست اقل. الجيش الاسرائيلي لا يزال يعيش مراحل عام 1948 كما لو انه لا يزال متأثرا بالعزيمة والعقيدة حينذاك، لدى الرجال الاوائل للصهيونية، بالتمسك بالارض وكابوس الحروب».

هل يقلقه كلام الامين العام لحزب الله عن تغيير قواعد الاشتباك؟

يجيب جنبلاط: «افضل ان لا يكون هناك تأكيد على المسارين. يكفينا، ولله الحمد، مسارا عرسال والتدخل في سوريا والتدخل المضاد. افضل ان تبقى المقاومة للدفاع عن مزارع شبعا وتلال كفرشوبا. لكن لست انا مَن يقرر. لا معنى لرأيي ولا يغير في الامر شيئاً في ان تبقى المقاومة في سوريا او تعود. تأخرنا في هذا الموضوع. مبدأ النأي بالنفس انتهى. كذلك اعلان بعبدا بات مستحيل التطبيق، وهو مرتبط بظروف اصبحت اكبر من مقدرة لبنان. ربما في يوم ما نتمنى كما قلنا مرارا بكل هدوء ان يصبح في امكان الدولة اللبنانية استيعاب الحزب تدريجا تبعا للظروف».

كيف ينظر الى الحوار الدائر بين تيار المستقبل وحزب الله؟

يقول: «كنت والرئيس بري اول الداعين الى الحوار، واخيرا توصلنا اليه بعدما استغرق الامر وقتا. الحوار مفيد جدا في ذاته، وآمل في ان يتوصلا الى اجراءات عملية تخفف التشنج المذهبي وتترك المسائل الخلافية جانبا وتعالج المواضيع العالقة بينهما. نحن محكومون بالحوار ولا حل سواه».

لا يؤيد وجهة النظر القائلة بقدرة الحوار الداخلي على فك الاشتباك مع الحرب السورية: «كما فهمت من نادر الحريري سيضع الطرفان الخلافات جانبا كالمحكمة الدولية والتدخل في سوريا، وسيكتفيان بالمواضيع المحلية. لستُ مطلعا على جدول الاعمال في اي حال. ما يجري في المنطقة اكبر منا، فلنتواضع. ما يجري له حيثياته وجدول اعماله الاقليمي بين اميركا وايران مرورا باسرائيل. لنتواضع ونحل مشكلة الحوض الرابع والكهرباء…».

والمكبات؟

يعقب: «اخيرا نجحنا بمساعدة رئيس الحكومة والوزراء بوضع خطة عملانية بعدما استغرق الامر 16 سنة. نحن على طريق الحل. الاسبوع المقبل ستكون هناك دفاتر شروط التلزيم. سيتولى جبل لبنان الشمالي (جبيل وكسروان والمتن) معالجة نفاياته، وجبل لبنان الجنوبي (بعبدا وعاليه والشوف) الامر نفسه. اما في بيروت الكبرى فسيصار الى ايجاد مكان في الاوزاعي يصلح للردم كمكب، كما فعلت صيدا التي تنتج اليوم 2,5 ميغاوات كهرباء من خلال جبل النفايات الذي تحمّله اهلوها لسنوات. لا اعرف لماذا اتخذ موضوع الحوض الرابع بعدًا طائفياً. لا نردم بل نوسع المرفأ كي يستوعب المزيد من المستوعبات الكبيرة. كلمة ردم خاطئة. نحن في صدد توسيع قدرة الاستيعاب. يبقى لاحقا انشاء ما يسمى ادارة مرافىء لبنان من اجل تطوير مرفأ طرابلس. تاريخيا حُرمت طرابلس منذ ولادة لبنان الكبير، وراحت تتراجع لمصلحة تجار بيروت والبورجوازية البيروتية الاسلامية والمسيحية التي لا تعترف بأحد. لا بطرابلس ولا بسواها».

يعيد جنبلاط تأكيد موقفه الداعم للمقايضة بين العسكريين الاسرى والاسلاميين السجناء: «زارني اهالي العسكريين. معهم حق في التصعيد. فليُقايض بالاسلاميين الذين لا يشكلون خطرا على الامن اللبناني. فرنسا قايضت في التشاد ومالي. قد يقال اليوم مقايضة، وغدا يُخطف عسكريون آخرون لتكرار اللعبة. هنا يعود الى قيادة الجيش اتخاذ كل الاحتياطات اللازمة للحؤول دون ذلك، بربط المراكز والمواقع بعضها ببعض لمنع الاختراق. لا اريد ان ازيد اكثر، ولا اعطاء دروس للقيادة العسكرية».

يختم بالتمني على رئيس الحكومة «حفاظا على ما تبقى من مساحات خضر في بيروت، منع مشروع الرئيس السابق لبلدية بيروت بنقل الملعب البلدي الى حرج بيروت. حرام اقتلاع هذا الحرج الذي هو ما تبقى من تراث عثماني ــــ فرنسي في بيروت، وهو آخر المساحات الخضر فيها بعد نادي الغولف وقصر الصنوبر والجامعة الاميركية. كانت سوليدير وعدتنا بمساحات خضر في وسط بيروت تكون مثابة جنات تجري من تحتها الانهار، فأصبحت الان ناطحات سحاب تسرق الآثار».

(الأخبار)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى