بقلم غالب قنديل

خرافات اميركية مستمرة

syrin army

غالب قنديل

يكرر كتاب ومسؤولون أميركيون في تناولهم للوضع السوري التهرب من حقيقة ان النيل من الدولة الوطنية السورية بات هدفا مكشوف الاستحالة وهم يتهربون عمليا من الاعتراف بحقيقة ان تلك الدولة تخوض المواجهة الأكثر جدية والأشد حزما ضد التكفير الإرهابي في العالم وبدلا من الاعتراف والتصرف بواقعية يستخدم القادة والكتاب الأميركيون مجموعة من الخرافات التي يجترونها حول الوضع السوري..

أولا خرافة المعارضة المعتدلة المسلحة هي كذبة من اختراع الولايات المتحدة التي تقع مجددا في خطيئة تفريخ المزيد من جيوش المرتزقة والإرهابيين بدافع إضعاف الدولة الوطنية السورية دون جدوى وبذلك يرفع المسؤولون الأميركيون معدل خطر ارتداد الإرهاب نحو الغرب.

تم إلصاق هذا الوصف ( أي الاعتدال ) بتجمعات من المرتزقة تم حشدها تحت يافطة الجيش السوري الحر وبعض الجماعات الأخرى التي وصفت بالاعتدال من كتائب المرتزقة وقد تحولت تلك الكتل بمعظمها إلى شبكات لتجارة الأسلحة والمواد الغذائية في مناطق وجودها على الأرض السورية وكذلك في تركيا وخصوصا مدينة غازي عينتاب كما ذكرت مجلة نيويركر الأميركية في تحقيق مطول نشرته الشهر الماضي وتحدثت فيه عن قادة وضباط فارين شغلوا مناصب في الهيكل القيادي لمعتدلي اوباما قاموا بتنيظم شبكات لبيع المساعدات الغذائية كما باعوا أسلحة أميركية لجبهة النصرة وداعش وحصدوا ثروات ضخمة بل وإن التحقيق الصحافي المشار إليه يورد بعض الشكاوى من مقاتلي الكتائب التي يصفها اوباما بالمعارضة المعتدلة يتهمون قادتهم بسرقة رواتبهم التي صرفتها السعودية وقطر وبالتالي ففي احسن الأحوال يتحدث الأميركيون عن منظمات لصوصية إجرامية ليست لديها مشاريع سياسية يمكن وسمها بالاعتدال ولذلك كان من اليسير انتقال هذه البنى السلس إلى النصرة وداعش فرعي القاعدة المتصارعين في سورية.

ثانيا خرافة الأخوان المسلمين الذين بينت ورطة أردوغان في الحرب على سورية انطلاقا من اعتمادهم كعصب لواجهات المعارضة السياسية المنعوتة بالاعتدال وهو ( أي أردوغان زعيم الوهم العثماني ) طلب لهم حصة مسبقة في البرلمان والحكومة قبل ان يتورط في مخطط دموي لصوصي لتدمير سورية ونهبها واشتغل فيه على فبركة قضية الكيماوي لدفع الولايات المتحدة في مغامرة غزو سورية التي ارتدعت عنها بفعل توازن القوى ونتيجة مبادرة الاحتواء الروسية انطلاقا من ملف الكيماوي .

برهنت الوقائع في سورية ومصر وليبيا واليمن وبما لايقبل الجدل ان التنظيم العالمي للأخوان المسلمين هو البيئة الحاضنة لقوى التكفير ويكذب الأميركيون والبريطانيون خصوصا في إنكار هذه الحقيقة فهم يعلمون ان التكفير بجميع نسخه هو حصيلة الفتاوى التي أصدرها قادة ومشايخ اخوانيون تحت الطلب تجندوا بالأمر الأميركي في حملة الحشد إلى أفغانستان قبل قرابة أربعين عاما تحت شعار الجهاد ضد الشيوعية ومن تلك البؤرة اشتقت مذاهب التكفير التي عززتها المدارس الوهابية المتطرفة في باكستان بتمويل سعودي معروف وقادة الأخوان في سورية هم الرواد في اشتقاق المذاهب التكفيرية ومنهم أساتذة في المدارس الباكستانية والأفغانية وحتى في معاهد المملكة لتدريس التكفير والتطرف الديني والشعب العربي السوري بحسه السليم وبانتمائه الوطني المبني على قبول التنوع ورفض التطرف عازف بفطرته عن تنظيم الأخوان المكروه بين السوريين نظرا لسمعته الدموية السيئة منذ السبعينيات في القرن الماضي وبالذات منذ مجازره الإرهابية في حلب وقد برهنت التجربة ان خرافة الأخوان ساقطة في سورية بما لايقبل الجدل فلا مكان لهم عند غالبية السوريين لا في الحياة السياسية ولا في مؤسسات الدولة .

ثالثا  خرافة وجود قوة في الميدان تقاتل داعش والنصرة وتستطيع مقاتلة الدولة السورية في الوقت عينه التي يكررها اوباما ويرددها بعض مساطيل ائتلاف اسطنبول المغشي عليهم بالمال السعودي القطري هي فرضية مستقاة من أفلام الكرتون التي تنتجها والت ديزني عن أبطالها الافتراضيين لتعويض عقدة النقص الأميركية في العالم المتغير الذي يتكفل بتظهير حدود القوة أي قوة على وجه الأرض.

والخرافة الأشد خطلا وانفصالا عن الواقع السوري هي إمكانية إقلاع الحلول السياسية على قاعدة الانتقاص من المكانة القيادية للرئيس بشار الأسد وحيث يورد الأميركيون اعترافهم المنقوص بشرعية الرئيس الشعبية والدستورية على انه شيء من التساهل يتبرعون به والحقيقة ان رئيس الدولة الوطنية السورية هو نفسه الزعيم الشعبي والقائد الذي يحظى بولاء إجماعي في القوات المسلحة السورية وعلى مستوى الغالبية الساحقة من السوريين الذين بات الأسد في وجدانهم معادلا لهوية البلد كالعلم والنشيد الوطني وهذه هي الحقيقة الصعبة التي يخشى الغرب ازدرادها لكنه مرغم في المطاف الأخير.

الخرافات الأميركية أنتجتها آلة العدوان الاستعماري على سورية لغاية واحدة هي تغطية وتبرير التنصل الأميركي والغربي من مسؤولية تجفيف منابع الإرهاب وتسخير الطاقات والجهود لدعم الدولة الوطنية السورية في مسيرتها الكبرى لتحرير سورية ولإعادة البناء الوطني على قاعدة الاستقلال والسيادة.

القوة المزعومة غير موجودة ولا يمكن بناؤها في معسكرات تقودها المخابرات الأميركية في اي مكان من العالم فجيوش المرتزقة محكوم عليها بالهزيمة امام أي قوة تتصف بالحد الأدنى من العقائدية وحيث ينبغي الاعتراف للولايات المتحدة ان منتجها الأصلي أي القاعدة يستقطب مقاتلين مضللين من جميع انحاء العالم لديهم الاستعداد للموت في سبيل معتقدهم اما من يرسل إلى المعارك لقاء راتب مهما كان سخيا فالأكيد انه لن يقو على مقارعة القاعدة ولن يكون بجدارة النزال مع الجندي العربي السوري بعقيدته الوطنية القومية وباحتضان شعبه وأهله له كما بينت التجربة .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى