أمن أم اقتصاد: موشيه آرنس
المواجهات الاخيرة التي حدثت مع حزب الله لمن يفضلون النسيان هي تذكير لحقيقة أن حزب الله يمتلك أكثر من مئة الف صاروخ ومقذوف، موجهة نحو اسرائيل وتهدد سكانها من الشمال وحتى الجنوب – وهذا هو التهديد الذي يمكن ان يتحقق في كل لحظة. له يجب ان نضيف بضعة آلاف المقذوفات الموجودة لدى حماس.
هناك من يرغبون في الاعتقاد أن بوسع اسرائيل ردع حزب الله أوحماس، ولكن تجربة الماضي تظهر بأن الردع قضية إشكالية. وعلى الحكومة القادمة أن تتعامل مع هذا الوضع الشاذ.
تستثمر بعض الاحزاب جهودا كبيرة في الحملة الانتخابية هادفة إلى إقناع الجمهور بأن المشكلة الحقيقية لإسرائيل ليست المشكلة الأمنية، بل القضية الاقتصادية – الاجتماعية. وعليه، إسرائيل مثلها مثل أي دولة أخرى، لديها مشاكلها الاقتصادية والاجتماعية. ولكن، وعلى الرغم من تحقيقها لنجاحات كبيرة في هذين المجالين، فإنها في المجال الأمني – على عكس الدول الأخرى – تقف في مواجهة تهديدات صعبة جداً.
هل علينا أن نذكر، بأن اسرائيل كانت الأقل تضررا إبان الأزمة الإقتصادية العالمية من بين سائر الدول؟ وأنه خلال هذه الأزمة استمر النمو الاقتصادي هنا ولم يكن البنك المركزي مضطراً لصب النقود في الإقتصاد، كما حدث في الولايات المتحدة وبريطانيا ومؤخرا في الاتحاد الاوروبي؟ على النقيض من معظم دول الغرب تستمع اسرائيل منذ سنوات من انعدام بطالة تقريبا شبه كامل؟.
وبالطبع، هناك دائما مكان للتحسين، وأولئك الداعون إلى تطبق النموذج الاشتراكي الديمقراطي في اسرائيل – وليكن ذلك مهما يكون – يدَّعون أن بوسعهم تحقيق تحسينٍ كهذا، ولكن ربما أنهم لا يفهمون كيف يتم إدارة اقتصاد التكنولوجيا العليا. اقتصاد الهاي تك في العالم كله مرتبط بعمال مؤهلين ممن يتلقون اجوراً عالية. في اسرائيل قطاع الهاي تك هو الذي يقود الاقتصاد الاسرائيلي في السنوات الأخيرة وهو السبب الاساسي وراء انعدام المساواة الآخذ في الاتساع في الدولة. هذا ما حدث أيضاً في الولايات المتحدة. المهندسون والعلماء المحليون يتلقون أجورا شبيه بتلك التي يتلقاها نظراؤهم في الولايات المتحدة، وأصحاب العمل يحققون ارباحا بالملايين وربما بالمليارات، حول هؤلاء يعمل الكثير من المحامين، والمحاسبين والمصرفيين، والذين هم بدورهم يتلقون اجورا عملاقة. ان تقليص هذه الفجوات دون قتل الدجاجة التي تبيض ذهبا ليس أمرا يسيرا.
يجب علينا إذن أن نهتم بتوفير الحوافز التي تجعل المبادرين يتقبلون الاغراءات ولا يهربون بمبادراتهم إلى خارج البلاد والاستمرار في تطوير أعمالهم هنا، وبهذا نوفر العمل في كل مستويات التشغيل. «طيبع» و «تشيك – بوينت» هما نموذجان بارزان لشركات أديرت على هذا الشكل. ولشدة الأسف، هما الشركتان الشاذتان.
الرواتب المدفوعة لمدراء البنوك، للمحامين وللمحاسبين هي موضوع مختلف كليا، فقد سبق ان اتخذت خطوات لتخفيض رواتب الموظفين الكبار في الشركات الحكومية لمستويات اكثر معقولية. الفجوات الاقتصادية ستبدأ بالتقلص عندما يتاح لقطاعات واسعة استئجارمهارات مطلوبة في الشركات الحديثة. الجيش الاسرائيلي، وهو المؤسسة التربوية الكبرى في اسرائيل، يؤدي دورا مهما في مواجهة هذا التحدي من خلال التأهيل المهني للجنود في الخدمة النظامية.
القطاع المتدين والسكان العرب، والذين لديهم توجد جيوب الفقر الاساسية لأسباب عديدة، لا يستنفذون حتى النهاية الفرص المتاحة أمامهم من قبل مؤسسات التعليم في إسرائيل. يمكن ملاحظة تقدم في هذا المجال، لكن الطريق لا تزال طويلة. هناك بالطبع حاجة لمساعدة المحتاجين، لكن هذا ليس حلا للمدى الطويل – الأطفال الذين يكبرون في العائلات المحتاجة يجب عليهم ان يأخذوا فرصة اقتناء الادوات التي توصلهم إلى العالم المتقدم.
هآرتس