البلاغ رقم واحد : اللعبة انتهت
غالب قنديل
أطلق خطاب السيد حسن نصرالله انقلابا استراتيجيا في المنطقة سوف تظهر فصوله المقبلة تباعا وهو انطلق من تثبيت قواعد الردع بعد عملية مزارع شبعا ليؤسس وضعا جديدا زالت معه قواعد الاشتباك وتلاشت حدود الساحات والميادين في حركة المقاومة واشتباكها المفتوح مع العدو الصهيوني وقد أسس قائد المقاومة بذلك لمشهد عربي جديد.
أولا انطلق سماحة السيد حسن نصرالله في التأسيس الفكري والثقافي لأطروحته الاستراتيجية المستندة إلى قوة المقاومة ودورها المتنامي إقليميا وجدارتها الثابتة في الميدان من تأكيد حقيقتين حاسمتين هما :
– التناقض الرئيسي كان وسيبقى بين الأمة العربية والكيان الصهيوني وقضية فلسطين هي القضية المركزية (بدكن تنسوا إسرائيل انسوها أما نحن فلا ) وفي يقين قائد المقاومة أن كل ما تشهده المنطقة من مؤامرات وحروب اميركية وغربية ومن تحركات للحكومات التابعة العربية والإقليمية مكرس لحماية إسرائيل ولمصلحتها قبل أي شيء آخر ولذلك فالمقاومة تطلق عهدها القومي بإسقاط الحدود جهارا في الكفاح ضد العدو وتقيم قواعد عملها في فلسطين ولبنان وسورية معا دون اعتبار لأي عائق وهي تستند إلى شركائها في محور المقاومة : سورية والمقاومة الفلسطينية وإيران دفاعا عن الشرق وشعوبه.
– عصابات التكفير الإرهابية ترتبط بالعدو وتنفذ خططه ومشاريعه والإثبات الدامغ في جبهة الجولان بالدعم الإسرائيلي المباشر لآلاف إرهابيي النصرة الذين يقاتلون ضد الجيش العربي السوري تحت الغطاء العسكري والأمني الصهيوني وبالإسناد اللوجستي الصريح القادم عبر خط الفصل وبالتالي فما هو قائم جيش لحد سوري حتى لو رفع راية إسلامية.
ثانيا أعلن السيد نصرالله نهاية العربدة الصهيونية التي صاحبت ما سمي بالربيع العربي والتي انطلقت من وهم إسرائيلي كبير عمر أربع سنوات افترضت معه تل أبيب منذ انطلاق العدوان على سورية ان البيئة الاستراتيجية التي أورثتها الهزائم والفشل بصورة متلاحقة منذ حرب تموز 2006 قد تغيرت وباتت تتيح لها استعادة زمام المبادرة وهذه الفرضية استندت إلى حقائق ولدتها الخطة الأميركية التركية الخليجية المكرسة لحماية إسرائيل عبر السعي لضرب الدول والمجتمعات وأصلا وأساسا النيل من محور المقاومة عبر استهداف الدولة الوطنية السورية واستمالة حركة حماس خارج هذا المحور من بوابة التورط في سورية وقد سخرت في هذه الخطة الجهنمية جهود عملاقة مالية وسياسية وأمنية لشل الرأي العام وتضليله وإلهائه ولضرب جميع مواقع مناهضي الهيمنة في البلاد العربية وهكذا بدت إسرائيل في السنوات الأربع المنصرمة وحشا ضاريا يحاول التفلت من قيد التوازنات التي فرضها محور المقاومة في حصيلة تراكم تاريخي للقدرات يمتد إلى ما قبل العام 1982 حيث تلاقى جهد كل من إيران وسورية على احتضان المقاومة الفلسطينية واللبنانية ضد الكيان الصهيوني وأثمر طرد الاحتلال من معظم الأراضي اللبنانية ومن بعده هروب المحتلين من قطاع غزة وتبلور توازن الردع بسقوط الهيبة الإسرائيلية كما جاء في تقرير فينوغراد بعد حرب تموز.
ثالثا أسقطت عملية مزارع شبعا جميع الحسابات الافتراضية الصهيونية المتعلقة بانشغال حزب الله في سورية وباسترجاع هيبة الردع الإسرائيلية ولذلك ركز السيد نصرالله على فكرة ان المقاومة ليست مردوعة كما يزعم مسؤولون وقادة وكتاب في كيان العدو خلال السنوات الأخيرة وقد رسم امام العدو ثلاثة مستويات لخيارات الردع التي تملكها المقاومة وقررتفعيلها في الرد على أي عدوان :
كل عدوان عسكري أيا كان حجمه سترد عليه المقاومة دون اعتبار للحدود والقواعد وكل اغتيال أو عمل أمني صهيوني ضد المقاومة سيعامل بالطريقة نفسها واما الحرب التي لا تريدها المقاومة فهي جاهزة لها ولديها كل ما تحتاجه في الجو والبحر والبر وهي مستعدة لبلوغ مرحلة تحرير الجليل وما بعد الجليل في عمق فلسطين المحتلة وفقا لما كشفه السيد نصرالله في حوره مع قناة الميادين وقد اكد على ذلك ان المقاومة كانت مستعدة كليا لخيار الحرب الكبرى لو لم يرتدع العدو بعد عملية مزارع شبعا التي كشف السيد ان المقاومين نفذوها من داخل المزارع المحتلة والصواريخ على أكتافهم أطلقوها وجها لوجه ( بوز لبوز ).
حزب الله الذي طرد الاحتلال من أرض لبنان وحقق ردعا دفاعيا لحماية السيادة الوطنية يؤدي واجبا قوميا شريفا في مشاركته في الدفاع عن سورية وهو يبذل التضحيات بأجيال من الشهداء ويقف اليوم كطليعة قومية مناضلة ضد الهيمنة الاستعمارية والغطرسة الصهيونية والإرهاب التكفيري ليبقى السؤال برسم القوى والنخب الوطنية والقومية التي ترفع شعارات التحرر من الاستعمار والتخلف وتنادي بتحرير فلسطين وبالوحدة القومية وبمقاومة عصابات التكفير الإرهابية والتخلص من تهديدها الوجودي : ألم يحن أوان النفير إلى خطة قومية للمقاومة خلف هذه القيادة التاريخية المبادرة والمجربة ؟