الحاضنة التركية للإرهاب محمد نورالدين
تحولت تركيا إلى مقر وممر للمقاتلين المنتمين إلى تنظيمات إرهابية . هذا ليس بجديد لكن الإعلام الغربي بات يركز عليه أكثر من قبل بعد حادثة الهجوم على مجلة “شارلي إيبدو” الأسبوعية التي رسمت كاريكاتورات مسيئة للرسول العربي ومهينة للدين الإسلامي .
التقارير الواردة من تركيا تعكس مدى العلاقة الوثيقة والوطيدة بين تركيا والجماعات الإرهابية في العالم .
تبين أن الأخوين كواشي اللذين نفذا هجوم “شارلي إيبدو” وقتلا 12 من رسامي وموظفي المجلة قد مرا بتركيا في أوقات سابقة . وتبين أن آميدي كوليبالي الرجل الذي احتجز بعد يوم من حادثة “شارلي إيبدو” رهائن ثم قتل أربعة منهم في أحد المتاجر الباريسية أيضاً كان من المارين في تركيا . وأن زوجته حياة بومدين قد غادرت فرنسا إلى إسبانيا ومنها إلى تركيا في الثاني من الشهر الجاري، أي قبل خمسة أيام من عملية باريس، ووفقاً للسلطات التركية فإنها بعد ذلك غادرت إلى سوريا .
ونشرت بعض التقارير أن ديانا رمضانوفا الشيشانية الأصل، التي تزوجت من نرويجي والتي نفذت عملية ضد الشرطة في منطقة السلطان أحمد في اسطنبول في 26 ديسمبر/ كانون الأول 2014 هي أيضاً قد دخلت إلى تركيا في يونيو/ حزيران من العام نفسه، وقاتلت في سوريا هي وزوجها وقد قتل زوجها في وقت سابق . ومن ثم عادت إلى تركيا وقامت لاحقاً بتنفيذ عملية السلطان أحمد . الأكثر إثارة أن رمضانوفا قد أقامت لفترة في الفندق نفسه الذي نزلت فيه حياة بومدين . وليس من معطيات مؤكدة بعد تشير إلى أنهما كانتا تنسقان معاً في شأن العمليات الإرهابية . لكن هذا غير مستبعد .
وعلى الحدود مع بلغاريا اعتقلت سلطات صوفيا شخصاً فرنسياً كان يريد العبور إلى تركيا وينتمي إلى تنظيم إرهابي ومعه ثلاثة من بينهم تركي . وفي ألمانيا اعتقلت السلطات الألمانية شخصين تركيين بتهم التخطيط لعمليات إرهابية . كما اعتقل تركي ضمن خلية في بلجيكا كانت أيضاً تخطط لعملية أمنية كبيرة .
في الداخل التركي نشرت صحيفة “أوزغور غونديم” الكردية الصادرة في تركيا باللغة التركية أنه بعد المشاهد التي تعكس حواراً حميمياً بين الجنود الأتراك ومقاتلين من “داعش” على الحدود مع سوريا، ظهرت صور جديدة تؤكد مرة أخرى الدعم التركي لتنظيم “داعش” .
المشاهد التي نشرتها الصحيفة كانت من مستشفى محمد عاكف اينان في أورفه . مقاتلان من “داعش” هما محمد كردوش ومهنا بدينجان يقيمان في الغرفة 723 من المستشفى . كما أن مقاتلين آخرين يعالجون من الجروح التي أصيبوا بها في سوريا في الغرفتين 726 و،727 وفي وقت سابق كانت قد نشرت صور لمقاتلين من “داعش” يركبون حافلة في اسطنبول .
في هذا الوقت كانت السلطات التركية تمنع نشر وثائق على أي صفحة من صفحات الإنترنت وتعكس شاحنات نقل خارجي تركية تنقل القذائف والصواريخ إلى تنظيم “داعش” . وكان حشد من الجماعات الدينية المتطرفة قد بايع “داعش” في عيد الفطر الماضي في نهاية يوليو/ تموز كما أقامت جماعة دينية في اسطنبول صلاة الغائب عن روح ما وصفته ب”الشهيدين” كواشي منفذي عملية باريس . وفي الحالتين لم تحرك السلطات التركية ساكناً .
ونقل تقرير للاستخبارات التركية أن نحو 3 آلاف تركي ينتمون إلى تنظيم “داعش” . علماً بأن التقارير تشير إلى أكثر من ذلك، من خمسة آلاف إلى 12 ألفاً .
ورأى نصف المنتمين إلى “حزب العدالة والتنمية” الحاكم في تركيا أن تنظيم “داعش” ليس تنظيماً إرهابياً .
وعندما طالبت الدول الأوروبية أنقرة بالتشدد في مرور المقاتلين عبر أراضيها، كان رد وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو أن المسؤولية تقع على عاتق هذه الدول التي لا تتشدد مع الشبان الذين يغادرونها، متنصلاً من أي مسؤولية تركية في هذا المجال . ومن قبل ذلك حمل تشاووش أوغلو أوروبا مسؤولية هجمات باريس بسبب الحساسية من الإسلام أي “الإسلاموفوبيا” التي تسود في أوروبا منكراً أيضاً أي مسؤولية تركية في هذا المجال .
هل بعد كل هذه الوقائع من يمكن له أن ينكر وجود بيئة رسمية واجتماعية في تركيا حاضنة معنوياً ومادياً ولوجستياً للإرهاب بكل مساراته وعناوينه؟
(الخليج)