مقالات مختارة

جنرال طهران كان هناك: عاموس هرئيل

 

من المعقول الافتراض أن من أمروا بتصفية الشخصية الكبيرة في حزب الله، جهاد مغنية، في عملية الاغتيال في الجانب السوري من هضبة الجولان في يوم الاحد، عرفوا عند اتخاذهم القرار عن وجود جنرال ايراني في احدى السيارات التي تمت مهاجمتها.

إن اعلان وكالة الانباء «رويتر» أول أمس، استنادا إلى مصدر أمني اسرائيلي ادعى أن اسرائيل لم تعرف بوجود الجنرال الايراني في القافلة وهي تأسف على ذلك، هذا الاعلان يبدو غير موثوق. فبعد وقت قصير من النشر في «رويتر» صدر توضيحا رسميا من جهاز الأمن وتم الادعاء فيه أن التقرير الوارد في «رويتر» غير موثوق.

وحسب المعلومات التي نشرت في بداية الاسبوع في وسائل الاعلام، فان جهاد مغنية قد تم وضعه في هضبة الجولان في ربيع 2014 بناءً على قرار مشترك لحرس الثورة الايراني وقيادة حزب الله. ومغنية (25 سنة) يعتبر أحد النشطاء التنفيذيين البارزين في المنظمة.

وحسب ما نشر في «هآرتس» في الشهر الماضي فان المخرب الشيعي اللبناني، سمير قنطار، الذي أُطلق سراحه من السجن الاسرائيلي وتجند لحزب الله بعد ذلك، قد وُضع ايضا على رأس وحدة اخرى للمنظمة في الجولان. وهذه الوحدات نفذت سلسلة من العمليات في النصف الاول من عام 2014 ومنها وضع عبوات ناسفة في المنطقة الاسرائيلية واطلاق صواريخ مضادة للدبابات. ولكن المستوى التنفيذي لهذه العمليات ليس عاليا. وحسب التقارير في وسائل الاعلام العربية فان أحد قادة هذه الوحدات قُتل في عملية سرية في سوريا قبل بضعة أشهر.

يبدو أن مغنية الذي قتل والده عماد مغنية في عملية سابقة نُسبت إلى اسرائيل في 2008، تم تعيينه لتنسيق الجهود الايرانية وحزب الله في لبنان كجزء من نشاطات عدوانية هجومية ضد اسرائيل أشار اليها الرئيس السوري بشار الاسد وسكرتير عام حزب الله حسن نصر الله. والهدف هو فتح جبهة مقاومة اخرى ضد اسرائيل تعمل بشكل منفصل نسبيا عن الحدود اللبنانية وتقلص من مخاطرة الرد الاسرائيلي الصعب على لبنان – هذه الخطوة كانت ستزيد من النقد الداخلي اللبناني تجاه حزب الله. إن وضع بنية تحتية أساسية مؤهلة للتدريب والتوجيه من قبل خبراء ومراقبين من الأعلى كان من المتوقع أن تقوم لاحقا بتنفيذ سلسلة من العمليات النوعية.

لقد وقف مغنية على رأس قوة من عشرات المقاتلين الذين تجندوا وتم تأهيلهم بشكل منفرد على شكل وحدة تحت قيادته، ومن ثم مروا بتدريبات مكثفة على أيدي مدربين ايرانيين ولبنانيين وتخصصوا في تفعيل العبوات الناسفة واطلاق الصواريخ والقذائف المضادة للدبابات وعمليات التسلل إلى المستوطنات في الجانب الاسرائيلي.

هذه الشبكة الجديدة لحزب الله كانت مسؤولة عن اربع حالات اطلاق صواريخ من سوريا إلى الجانب الاسرائيلي خلال الحرب على غزة في الصيف الماضي. ولكن بسبب كونها كانت آنذاك في بداياتها فان تلك العمليات لم تثمر نتائج حقيقية.

وحسب معلومات موثوقة لدى اجهزة استخبارات غربية فان مغنية قد عمل منذ زمن على اجراء استعدادات متقدمة لتنفيذ عمليات اضافية. على هذه الخلفية يمكن فهم أغراض الدورية التي أجراها قادة اضافيين على طول الحدود مع اسرائيل في هضبة الجولان يوم الاحد الماضي.

وحسب تقارير وسائل الاعلام الغربية فان هذه المجموعة كانت تسافر في سيارتي جيب. ومن بيان حزب الله المتأخر حول هذا الموضوع تبين أنه قد سافر في هاتين السيارتين قائد الشبكة مغنية ونائبه ونشطاء آخرين من الشبكة، واحدى الشخصيات الكبيرة من حزب الله باسم أبو عيسى (الذي كان في الماضي مسؤولا عن القوة المنتخبة «رضوان»، وقائد منطقة الخيام عن حزب الله)، وهو يعمل اليوم في منطقة درعا، والجنرال الايراني محمد علي الله، ومساعده، وهو مواطن لبناني.

وهناك تقديرات متناقضة حول الرتبة الحقيقية لهذا الجنرال الايراني. ويبدو أن الحديث يدور عن مهمة تُعطى لشخص برتبة ميجر جنرال أو جنرال؛ وحسب التقارير الواردة في وسائل الاعلام الاجنبية فان علي داده كان رئيسا لأحد الفروع الخارجية لحرس الثورة، «جُند القدس»، المرتبطة بالجنرال قاسم سليماني. وقد عمل كعنصر اتصال ومرشد ومرافق من حرس الثورة لهذا التنظيم الجديد.

وقد شارك في هذا الحدث سبعة نشطاء جاءوا من دمشق إلى هضبة الجولان، وشاركوا في هذه الجولة على طول المنطقة التي تقع تحت سيطرة نظام الاسد في الجزء الشمالي من هضبة الجولان (اغلبية الحدود مع اسرائيل من القنيطرة جنوبا موجودة في الاشهر الاخيرة تحت سيطرة المتمردين).

يبدو أن الهدف الحقيقي من الزيارة كان بلورة خطط تنفيذية للقيام بعمليات في المستقبل. وليس هناك أي دلائل على أن مغنية ورجاله قد اقتربوا من الحدود الاسرائيلية في الماضي.

وحسب وسائل الاعلام اللبنانية فان النشطاء السبعة المذكورين قد سافروا شرقا وأصيبوا بالقرب من قرية مزرعة الأمل التي تقع على بعد 5 كيلومترات شرق الحدود. وقد أبلغ مراقبو الامم المتحدة في وقت متأخر أن طائرتين بدون طيار لوحظت وهي تجتاز الحدود الاسرائيلية شرقا باتجاه سوريا في منطقة قرية مسعدة في شمال هضبة الجولان. وبعد ساعة ظهر دخان من منطقة الحدث، ثم لوحظ عودة هذه الطائرات غربا إلى المنطقة الاسرائيلية.

وبسبب أن المجموعة التي أصيبت كانت تسافر في سيارة على طول المنطقة، يمكن التقدير أن المأزق الذي وُجد فيه متخذو القرار تعلق بتوفر نافذة فرص تنفيذية محددة، ولو أنه كانت لديهم معلومات موثوقة حول نوايا هذا التنظيم وأن رئيس الشبكة وشخصيات رفيعة اخرى مُعرضة للاصابة، فان مثل هذه العملية بامكانها احباط مخططات هذه الشبكة لاشهر قادمة.

ومن جهة اخرى يمكن الافتراض أنه كان على متخذي القرار أن يأخذوا في الحسبان عوامل اخرى منها وجود الشخصية الايرانية ـ الامر الذي سيعقد الوضع المتوتر بين اسرائيل وايران، التي تتهم اسرائيل الآن بالمسؤولية عن الهجوم ـ وسؤال آخر يطرح نفسه وهو هل هذه العملية قد جاءت بعد ثلاثة ايام من خطاب نصر الله الذي هدد فيه بشكل واضح بضرب اسرائيل بسبب نشاطاتها في سوريا ولبنان. لكن هذه العملية لم تدفع حزب الله إلى وضع يرى نفسه فيه ملزما بالعمل.

وعلى خلفية التجارب في الماضي، اذا كانت اسرائيل تقف من وراء هذا الهجوم فان القرار النهائي في حالات كهذه هو في يد وزير الدفاع وبموافقة رئيس الحكومة.

والحكومة المصغرة تعطي بشكل عام موافقتها على الهجمات في منطقة معينة وتُبقي القرار النهائي والتوقيت لرئيس الحكومة ووزير الدفاع، واحيانا تكون الاستعدادات للعملية قد استمرت لبضعة ايام، ولكن الحسم يتم اتخاذه خلال دقائق.

وكما جاء في «هآرتس» في حالات عديدة في الماضي، فان عملية اتخاذ القرارات في حالات كهذه كان موضع خلاف لدى الوسط المهني.

هآرتس

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى