سلوك مشين اتجاه سورية
غالب قنديل
التعامل العقلاني مع جميع المشاكل التي يعيشها اللبنانيون ويعانون منها كتهديدات راهنة يقود إلى الاستنتاج الطبيعي ان التنسيق مع الدولة الوطنية السورية يوفر الكثير من المتاعب والأعباء على لبنان شعبا وحكومة وجيشا ولكن تيار المستقبل وحلفاءه مصممون على السير عكس الاتجاه بتعطيل أي اتصال جدي بين دمشق وبيروت.
أولا تريد الحكومة اللبنانية بجميع أطرافها من سورية حماية المصلحة اللبنانية باستمرار خط النقل التجاري للبضائع المصدرة من لبنان والمستوردة إليه عن طريق البر عبر الأراضي السورية وهي تريد من سورية المشاركة في تسهيل التبادل المنشود للإفراج عن الجنود والعسكريين الذي اختطفتهم عصابتا النصرة وداعش من عرسال ومحيطها بمؤامرة مدبرة تورط فيها تيار المستقبل عندما عطل فرض طوق عسكري يمنع انسحاب الإرهابيين المعتدين من عرسال قبل تحرير الجنود والعناصر الأمنية المختطفين ولا تريد الحكومة ان تطلب رسميا تلك المساهمة التي تطلبها من سورية وهي تفضل ان يقوم مديرعام الأمن العام اللواء عباس ابراهيم بمهمة الاتصال بالسلطات السورية من غير تكليف رسمي علني يصدر عن مجلس الوزراء او رئيس الحكومة والوزير المختص على الأقل .
تريد الحكومة اللبنانية من الحكومة السورية فتح أبواب تصريف المنتجات الزراعية اللبنانية وشراءها عند اللزوم دون أي اتصال بأي شكل كان بين وزير أكرم شهيب ونظيره السوري فجنبلاط وكتلته مصممون على مواصلة دعم جبهة النصرة ومساعدتها على تأمين المحروقات والأموال والتموين في جرود السلسلة الشرقية وهم مع شركاهم في المستقبل مصممون على ان ما يجري في سورية ثورة وليس إرهابا كما بات العالم كله يعترف في السر والعلن .
ثانيا تغطي السلطات اللبنانية البث الإذاعي اللبناني غير الشرعي المكرس للتحريض على الكراهية والإرهاب في سورية والذي يعمم خطاب التكفيريين على الرأي العام اللبناني ويستهدف تغطية مناطق داخل سورية انطلاقا من الأراضي اللبنانية المتاخمة او المطلة وهي تتغاضى عن جميع عمليات التعرض الإعلامية التحريضية المعادية للدولة السورية ورئيسها خلافا لقانوني الإعلام والمطبوعات وقانون العقوبات اللبناني وما تزال السلطات اللبنانية متغاضية عن انشطة إعلامية تجري على الأرض اللبنانية لصالح عصابات الإرهاب والتخريب داخل سورية ويتورط فيه العديد من المؤسسات اللبنانية الصحافية والإذاعية والتلفزيونية وتضرب السلطات اللبنانية عرض الحائط بمراسلات الحكومة السورية وبرأي المجلس الوطني للإعلام في لبنان في هذا المجال.
على الرغم من هذه السلوكيات اللبنانية المشينة التي تتوخى إلحاق الأذى بالمصالح الوطنية السورية يتبع فريق 14 آذار سلوكا مخاتلا يقوم على تغطية أي تسهيلات سورية بالواسطة ومن غير أي اتصال أو موقف حكومي رسمي لبناني معلن .
ثالثا يعرف المسؤولون اللبنانيون جميعا ان التنسيق بين الجيش اللبناني والجيش العربي السوري والعمل المشترك بين الأجهزة الأمنية في البلدين هو السبيل الأفضل لمطاردة عصابات الإرهاب العابرة للحدود ويمكن عبره تأمين أفضل الفرص لحماية لبنان من هذا الخطر الكبير ورغم ذلك فإن طريق التعامل مع الموضوع يتم من خلال التغاضي عن تواصل بعض الضباط مع نظرائهم السوريين او بزيادة الأثقال المحمولة في ملفات اللواء ابراهيم الذي تصرف كرجل دولة ممتاز في قضية ترتيبات العبور السوري إلى لبنان التي عوملت بطريقة مشينة ومؤذية من خلال التأشيرة التي كانت هي الغاية في القرار الوزاري الذي جرى التنصل منه .
في كل النماذج السابقة هناك من يبتز طول البال والحرص الشديد الذي تبديه الدولة الوطنية السورية إزاء العلاقات بين البلدين الشقيقين وبينما تبدي قوى 14 آذار وقاحة استثنائية في مضمون تصريحات العديد من رموزها ومتحدثيها يسود صمت ثقيل على جبهة الثامن آذار باستثناء حزب الله الذي يحمل جهارا تبعات وقوفه إلى جانب سورية ببطولات مقاوميه ودماء شهدائه بينما يصمت الآخرون ولا يتخذون الموقف المناسب في حده الأدنى وبمستطاعهم لو فعلوا ان يغيروا كثيرا .