خطوة جريئة أو مغامرة خطرة: يوسي ملمان
هل التصفية الموضعية أمس في الجولان والتي صُفي فيها قادة ميدانيون كبار من حزب الله ومن بينهم جهاد إبن عماد مغنية كانت في الحقيقة واجبة، باعتبارها «قنبلة موقوتة» قبل أن يتم اطلاق الصواريخ، أو أن ما وقف وراء القرار هو اعتبارات انتخابية للمستوى السياسي، أي رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع موشيه (بوجي) يعلون، كما يزعم حزب الله.
من المشكوك فيه أن نعرف لذلك جوابا، بالتأكيد حتى الانتخابات القادمة التي ستجرى بعد أقل من ستين يوما. موضوع آخر ليس هناك شك حوله تقريبا: العملية لم تترك الكثير من الخيارات لحزب الله. المنظمة الشيعية اللبنانية ستضطر كما يبدو إلى الرد، للحفاظ على شرفها، بسبب ما يبدو في نظرها خرقا لقواعد اللعب مع اسرائيل. والسؤال هو هل سيكون الرد عالي المستوى على الحدود الاسرائيلية اللبنانية، الامر الذي من شأنه أن يُصعد الامر إلى درجة الاشتعال الشامل؛ أم ستكتفي المنظمة برد غير مباشر بمستوى منخفض في هضبة الجولان، كما اعتادت في عدة مناسبات في السنة الاخيرة.
قبل عام تمت تصفية حسن اللقيس في بيروت، وهو قائد كبير في حزب الله. وتولى مسؤولية ضابط التكنولوجيا وتطوير الوسائل القتالية للمنظمة. وقد تم اتهام الموساد بتصفيته، لكن هذه كانت عملية «نظيفة»، لم تترك أي أثر خلفها. حزب الله، رغم شكه في أن اسرائيل تقف من وراء العملية، لم يكن في استطاعته إبراز دلائل لتبرير الرد من قبله. في هذه المرة الامر مختلف، إن التصفية من الجو هي عملية «بتوقيع عالٍ» لم تترك مساحة للتنصل.
لهذا فانه في هذه المرة، وفي أعقاب العملية، فان خطر الاشتعال قد زاد، وذلك رغم أنه حسب كل التقديرات في اسرائيل لا يوجد لحزب الله ولا لاسرائيل رغبة في حرب شاملة، ولا حتى جولة محدودة.
المتحدثون الرسميون في اسرائيل يرفضون الرد. لكن الحقائق كما تظهر في التقارير من لبنان واضحة. مروحية من سلاح الجو أطلقت الصواريخ باتجاه قافلة لقادة ميدانيين كبار من حزب الله، كانت تحلق في منطقة تحت سيطرة الجيش السوري، ليست بعيدة عن القنيطرة، وقتلت عشرة اشخاص. في تلك القافلة كان ايضا ضباط من حرس الثورة الايراني. ومن بين القتلى كان أبو علي طبطبائي، وهو حسب احدى الروايات، قائد الوحدة العسكرية الخاصة لحزب الله، «قوات التدخل»، والتي وظيفتها في الأساس الاستعداد للمرحلة القادمة ضد اسرائيل، ومحاولة احتلال مستوطنات أو السيطرة على مناطق في الجليل.
وحسب رواية اخرى فان طبطبائي هو ضابط ايراني يشرف على نفس الوحدة.
كما قُتل معه ايضا جهاد، إبن من كان وزير الدفاع لحزب الله، عماد مغنية. الذي تمت تصفيته في دمشق في شباط 2008، في عملية اتُهم فيها الموساد. جهاد مغنية، في العشرينيات من عمره، لم يكن قائدا كبيرا وهاما في الجهاز العسكري لحزب الله. لقد تم تعيينه فعليا في السنة الاخيرة كقائد لحزب الله في هضبة الجولان. ولكن لمكانته في المنظمة ولتصفيته يوجد مغزى رمزيا أكثر بسبب علاقته العائلية، وأهمية أقل لقدراته العسكرية.
يبدو أنه كان لدى منفذ الهجوم معلومات استخبارية دقيقة عن القافلة، وقرر من قرر أنه يتوجب استغلال الفرصة وأخذ المخاطرة. من هذه الناحية فان هذه التصفية تُذكر بقرار تصفية السكرتير العام لحزب الله عباس موسوي في 1992 باطلاق صواريخ من مروحيات في جنوب لبنان. ايضا في حينه كان هناك معلومات استخبارية، جهاز أمن برئاسة وزير الدفاع موشيه آرنس ورئيس الحكومة اسحق شمير، وقد قررا بأن هناك فرصة للتنفيذ، وتم استغلالها. النتيجة كانت كارثية. فحزب الله، بمساعدة المخابرات الايرانية، رد خلال عدة اسابيع بتفجير السفارة الاسرائيلية في بيونس آيريس، وبعد سنتين بتفجير بناية للجالية اليهودية في نفس المدينة. ومنذ ذلك الحين فانه في اسرائيل يندمون على ذلك الخطأ ويعترفون بالخطأ الذي جلب تعيين حسن نصر الله لهذا المنصب، ذلك العدو العنيد والاكثر شراسة من موسوي.
نرجو ألا يندم من اتخذ قرار التصفية على أن خرق قواعد اللعب كما يبدو من جانب اسرائيل، هو خطوة جريئة وليس قرارا مغامرا تؤدي إلى حريق كبير في الحدود الشمالية.
معاريف