الإرهابيّون اقتنعوا أنّ تصفية العسكريين غير مُجدٍ والبديل الخربطة وإيقاظ الخلايا النائمة ابتسام شديد
كانت كل التقديرات والمؤشرات والمخاوف في ان تسبب عملية رومية التي نفذتها قوة من الفهود في الأمن الداخلي بمؤازرة ودعم من الجيش اللبناني في تعقيد ملف العسكريين وان ينعكس نجاح العملية التي لطالما بقيت محظورة وممنوعة سلباً وتصعيداً على قضية العسكريين المخطوفين، ومقابل العملية التي سجّلت انجازاً نوعياً للدولة والاجهزة الامنية بعما ظهرت وقائع وحقائق فضائحية في سجن الاسلاميين الذي تبين انه يحتوي على ما لا يوجد في اي سجن في العالم، كانت مخاوف اهل العسكريين والممسكين بالملف تتطلع الى ردود فعل الارهابيين الذين قد يلجأون الى تصفية العسكريين المحتجزين لديهم فتم تناقل شائعات عن اعدام الجندي جورج الخوري ليتبين فيما بعد ان الارهابيين لم يتعرضوا للعسكريين المحتجزين لديهم ، وبالعكس فان «النصرة» و«داعش» المحاصرين بالثلوج والصقيع اللذين جمدا عملياتهم العسكرية وشلاها الى حد كبير كما يقول العارفون بما يجري على الحدود الشرقية ، فان الارهابيين غيروا من تكتيك عملهم وتم تبديل الأهداف بدل استعمال ورقة العسكريين، بإيقاظ الخلايا النائمة التي تتم متابعتها ورصدها من قبل الاجهزة الامنية. وفي هذا السياق جرى التنفيس عن غضب الارهابيين وزنقتهم في موقع آخر ، من خلال عبوة مجدليا والسيارة المفخخة التي تعطلت في عرسال وبعد ان تم تمرير كلمة السر للارهابيين في الداخل للتحرك، جرى توقيف انتحاريين وضبط احزمة ناسفة واحداث امنية تم كشفه، بعضها اعلن عنه واخرى لم تعلن ، مما يعني ان الارهابيين استعاضوا عن ملف العسكريين المخطوفين بملفات اخرى واللجوء الى ضغوط والتلويح بمواضيع اخرى .
ولكن ذلك لا يعني بحسب العارفين ان الارهابيين تخلوا عن ملف العسكريين فلا شيىء يردعهم عن العودة الى الإعدامات او الى تصفية العسكريين فإرهابهم وبطشهم لا حدود لهما، ومشهد الإعدامات والعمليات الإجرامية من رجم بالحجارة او رمي من ارتفاعات عالية والقتل بالسيف يتكرر في كل المناطق التي يسيطر عليها الإرهابيون، وهم لا يملكون القواعد الأخلاقية والالتزامات التي تملكها عادة الجماعات الارهابية والمجرمة. ولكن الواضح كما يقول العارفون ان العودة الى مسلسل الإعدامات غير مطروحة حالياً في اجندات الإرهابيين لاعتبارات عديدة ومنها ان الارهابيين ذهلوا بتعنت الدولة وتمسكها بالمقايضة ضمن شروطها الخاصة التي لا تعني الافراج عن الارهابيين الخطيرين الذين تريدهم «النصرة» و«داعش». كما ان الارهابيين باتوا على يقين بان السلطة تمتلك الكثير من الاوراق لديها التي يمكن بعد تجربة رومية ان تستعملها ضدها، فبعد الإجراءات التي اتخذها الأمن العام لتنظيم الدخول السوري الى الاراضي اللبنانية، من يضمن مثلاً ان لا يتم التضييق على بعض المخيمات التي تحوي عائلات واقارب الارهابيين، وما الذي يمنع الدولة ان تكرر تجربة او سيناريو مبادلة حزب الله لأسيره لدى «النصرة» خصوصاً بعدما صار عدد الارهابيين الموقوفين مؤخراً يفوق التصور وبمن فيهم نساء الاسلاميين إضافة الى «كنوز» من الارهابيين قدموا معلومات بالغة الاهمية للدولة .
يدرك الارهابيون جيداً ان الدولة تمتلك في سجونها مئات وآلاف المعتقلين الخطيرين الذين يمكن مقايضتهم او معاملتهم بالمثل كما يحصل مع العسكريين، وان الدولة تعتمد التشدد في الملف بعد وقبل عملية رومية فجرى تضييق الخناق وقطع المعابر باحكام.
على ان الدولة كما تقول اوساط مطلعة على الملف تملك الكثير من الاوراق الرابحة فيه، لم يتم استخدامها بعد وكان يفترض ان يحصل ذلك في اعقاب قيام الارهابيين بتصفية العسكريين المخطوفين وعلى قاعدة «العين بالعين والسن بالسن» وبالتالي التلويح للارهابيين بان قياداتهم في خطر ايضاً لدى الدولة، اسوة بما فعل حزب الله الذي اختلفت ادارته لملف التفاوض بربط مصير اسير الحزب بالاسرى لديه وبالضغط الذي مارسه الحزب لمنع استغلال توقيف عياد واللعب على وتر مشاعر جمهور حزب الله ومقاتليه كما يحصل في قضية العسكريين حيث تعمد «النصرة» و«داعش» الى الاستغلال واللعب على وتر مشاعر اهالي المخطوفين بتصويرهم في احوال معنوية سيئة والتهديد باعدام المزيد من العسكريين. عدا ذلك فان لدى الدولة اوراقاً عديدة تمتلكها مثل عائلات الارهابيين القابعين في مخيمات النازحين واقاربهم ، واللجوء الى وقف كل ما يمكن ان يوفر عناصر الحياة لهؤلاء من امدادات لا تزال تصلهم من البوابة العرسالية وان كان لذلك ارتدادات سلبية على العسكريين المخطوفين .
(الديار)