مقالات مختارة

الفلسطينيون يخاطرون:روبي سيبال

 

اعلن مكتب المدعي العام في محكمة الجنايات الدولية ان في نيته تنفيذ تحقيق أولي في الشكاوى حول الوضع في «فلسطين». وخلفية ذلك هي انضمام «فلسطين» إلى ميثاق المحكمة في يوم 2 كانون الثاني/يناير 2015 واعلان «فلسطين» قبولها، باثر رجعي من يوم 13 حزيران/يونيو 2013، لصلاحيات المحكمة بشأن «الجرائم التي ارتكبت في الاراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها شرقي القدس».

وكانت المحكمة درجت على البدء تلقائيا بتحقيق أولي عندما ترفع دولة ما اعلانا عن قبولها باثر رجعي للصلاحيات بشأن حدث أو وضع معين. ومثل هذا التحقيق الاولي يجري دون دعوة شهود ودون تنفيذ تحقيقات من جانب المحكمة. مكتب المدعي العام، استنادا إلى المعلومات التي سلمت له، يفحص اذا كان هناك مجال لفحص عميق من المحكمة. لهذا الغرض فانه يفحص الشكوى استنادا إلى عدة معايير: هل الجرائم المنسوبة ارتكبت ظاهرا في ارض الدولة العضو؟ هل يدور الحديث عن جريمة حرب خطيرة أم جريمة ضد الانسانية؟ هل دولة المواطنين الذين ارتكبوا الجرائم تمتنع عن تقديمهم إلى المحاكمة أو التحقيق في الجرائم؟ وهل التحقيق او التقديم إلى المحاكمة كان ظاهرا فقط ولم يتم بنية طيبة؟

فضلا عن ذلك، فان مكتب المدعي العام ملزم بان يفحص اذا كان الحديث يدور عن جرائم ذات خطورة خاصة. في هذا السياق يمكن الاشارة إلى أن المحكمة ردت شكاوى دولة الكمرون (مجموع جزر شرقي شواطىء افريقيا ضد اسرائيل) على الاستيلاء على سفينة مرمرة، بعد أن توصل المدعي العام إلى الاستنتاج بان الحالة ليست خطيرة بما يكفي من أجل استخدام صلاحيات المحكمة. وفي النهاية يتعين على المدعي العام أن ينظر فيما اذا كان التحقيق «سيخدم العدالة». والتفسير المقبول لهذا المعيار هو أن المحكمة لن تحقق في حالة من شأن التحقيق فيها أن يحبط مسيرة سلام أو مسيرة مصالحة وطنية.

لقد أخذ الفلسطينيون على عاتقهم مخاطرة، كون سياسة المحكمة هي عدم التحقيق فقط في افعال طرف واحد في النزاع. بمعنى أنه اذا ما قررت المحكمة التحقيق فانها ستحقق ايضا في افعال المنظمات الفلسطينية، ولا شك أنه ستكون جهات تحرص على أن توفر لها تفاصيل عن جرائم حرب ارتكبوها.

ينبغي الافتراض بان الفلسطينيين سيرغبون في الاستناد إلى حقيقة أنه بين الجرائم التي في صلاحية المحكمة التحقيق فيها تندرج جريمة «نقل السكان إلى الاراضي المحتلة» كونه واضح ان دولة اسرائيل لم تقدم احدا إلى المحاكمة على نقل المستوطنين إلى اراضي يهودا والسامرة. ومن جهة اخرى، فان مثل هذا التحقيق سيلزم مكتب المدعي العام بان يقرر ما هي أرض دولة «فلسطين المحتلة» وهل شرقي القدس هي ضمن هذا التعريف. يدور الحديث عن قرارات سياسية صرفة. وسيتعين على المدعي العام ايضا ان يقرر اذا كان المشروع الاستيطانية الاسرائيلي يدخل في نطاق تعريف الجرائم التي هي «افعال فظيعة تهز ضمير العالم» على حد قول المقدمة لدستور المحكمة.

مهما يكن ممن أمر فان مثل هذه التحقيقات الاولية التي يجريها المدعي العام تستغرق أحيانا سنوات، وفي معظم الحالات لا يكون للمحكمة مصلحة في الانجرار إلى المواضيع السياسية. لو كان الحديث يدور عن شكوى مشابهة ضد دولة اخرى، فلا شك ان المدعي العام كان سيغلق الملف.

٭ خبير في القانون الدولي في كلية القانون في الجامعة العبرية في القدس

معاريف

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى