تقارير ووثائق

التقرير الأسبوعي لمراكز الابحاث الاميركية 17 – كانون الثاني – 2015

 

المقدمة      

فرط اهتمام المراكز والمعاهد الاميركية بهجمات باريس كان متوقعا، دل عليه تعدد الاصدارات من مختلف مراكز الابحاث .

         سيستعرض قسم التحليل تجدد الهاجس الأمني في اميركا، لا سيما مع بروز نفوذ قادة الحزب الجمهوري المتشددين؛ والمرور على جذر القلق الحقيقي المتمثل بالبعد السياسي والممارسات السياسية، لا سيما في ظل شبه انهيار تام لسياسة الرئيس اوباما في سورية واقراره الصارخ بفشل استراتيجية الحرب على الارهاب.

ملخص دراسات ونشاطات مراكز الابحاث

هجوم باريس

         شكلت هجمات باريس حافزا اضافيا لانصار الحرب واعادة تصويب البوصلة السياسية نحو الخيار الأمني والعسكري. وطالبت مؤسسة هاريتاج صناع القرار الالتفات الى اولوية معالجة الأمن الاوروبي، اذ “الفرصة مؤاتية لواشنطن للتركيز وتعزيز علاقاتها مع الحلفاء في اوروبا الشرقية والغربية على السواء.” واوضحت ان القلق الأمني الراهن ناجم عن انخراط “نحو 3000 مواطن من اسلاميي اوروبا للقتال في العراق وسورية في صفوف الدولة الاسلامية، وبعضهم عاد لمقر اقامته الاوروبي للتخطيط لهجمات ارهابية على الاراضي الاوروبية.”

         سلط صندوق مارشال الالماني الاضواء على هويات “الارهابيين المتورطين في احداث” باريس والذين يفرض حضورهم “تحديات ليس على فرنسا فحسب، بل للجهود الاوروبية (المشتركة) لمحاربة الارهاب.” واوضح ان احد العوامل المشتركة للارهابيين انه تم “استقطابهم للفكر المتطرف خلال قضائهم فترة السجن،” حاثاً كافة الدول على “تخصيص الموارد الكافية للاجهزة الأمنية لتعقب ومراقبة كافة العناصر المتشددة.” واضاف انه استنادا لما رشح من معلومات لدى الاجهزة الأمنية الاميركية بأن احد المنفذين “سعيد كواشي تلقى تدريبه في اليمن .. مما يعزز الحاجة لتطوير التعاون الامني الاميركي الاوروبي .. وتنسيق استراتيجيات التصدي للارهابيين.”

         اصدر معهد بروكينغز دراسة مفصلة حول دوافع وحوافز استقطاب “الجهاديين،” قائلا ان هناك اسباب عدة منها “الرغبة في خوض تجربة المغامرة والتحول الى التطرف الديني.” واستدرك بالقول ان التدخل الغربي في المنطقة “يتصدر القائمة .. لكن ان قررت الولايات المتحدة تعزيز تدخلها فسينجم عنه استقطاب مزيد من المقاتلين الاجانب (الطامعين) في محاربة قوة عظمى غازية ..”

         جدير بالذكر في هذا الصدد ما جاء في بحث مطول مشترك لخبير اميركي في شؤون الأمن العالمي، روبرت بابي، وزميله الخبير الاقتصادي، جيمس فيلدمان، سعى “لتحليل ازيد من 2100 حادثة موثقة من التفجيرات الانتحارية بين اعوام 1980 و 2009،” دلت على ان الدافع الرئيس “لمرتكبي تلك الحوادث كان رد فعل على تدخل الولايات المتحدة في الشرق الاوسط، وليس بدافع ديني او ايديولوجي.”

         في ذات السياق، بثت شبكة (سي ان ان) الاميركية للتلفزة نبأً من باريس خلال الهجمات نقل عن احد المهاجمين، شريف كواشي، قوله “ان تطرفه بدأ عام 2007 .. عند مشاهدة مناظر تلفزيونية مأساوية لما كان يدور في العراق واجراءات التعذيب التي مارسها الاميركيون ضد العراقيين.”

المقاتلون الاجانب مصدر تهديد

         تناول معهد بروكينغز تنامي تهديد “المقاتلين الاجانب في سورية،” مناشدا صناع القرار السياسي “تطوير التدابير الراهنة لكبح التهديدات الارهابية، بل الأهم تخصيص الموارد اللازمة لذلك.” وحذر من تراخي الجهود في هذا الصدد سيما وان “الافراط في ردود الفعل يبدد الموارد ويتسبب بارتكاب اخطاء سياسية خطيرة.”

لبنان

         لفت معهد كارنيغي الانظار الى “معضلة اللاجئين” السوريين التي يواجهها لبنان، ومساعيه للحد من تدفق المزيد عبر فرضه قيود مشددة لمن يقصد اراضيه، وهاجس خشية بعض الساسة اللبنانيين من “امكانية رفع السوريين السلاح بوجه الدولة” اللبنانية. واوضح ان تلك الاجراءات “احادية الجانب .. ليست سوى تدبير مؤقت على الرغم من انها اوسع نطاقا” من التدابير المعتمدة، مما سيؤدي لتفاقم “دخول نحو 300 ألف سوري غير مدرجين في السجلات” اللبنانية “وقد يعرضون الدولة للخطر.”

العراق

         تدني اسعار النفط في الاسواق العالمية وتداعياته على جهود الحكومة العراقية بسط الأمن في البلاد كان محور اهتمام معهد ابحاث السياسة الخارجية. وقال ان تنامي تهديد الدولة الاسلامية للعراق يرافقه تقليص الايرادات والموارد المطلوبة من الحكومة لتعزيز سيطرتها على اراضيها. واعتبر المعهد الجهود المشتركة “للولايات المتحدة والسعودية لاغراق اسواق النفط وابقاء اسعاره متدنية .. سيؤدي بالعراق لمواجهة بضع سنين عجاف” تخل بالتوازنات الداخلية، خلافا “للدول الثرية التي باستطاعتها تحمل تبعات اتخاذها قرارات حمقاء.”

السلطة الفلسطينية

         اعتبرت مؤسسة هاريتاج توجه السلطة الفلسطينية للهيئة الدولية خطأً اذ لم تأخذ بعين الاعتبار ان سعيها للحصول على “مقعد في الامم المتحدة والهيئات الدولية الاخرى ينبغي ان يتم عبر المفاوضات،” ليس الا. واضافت ان السلطة كررت “خطأها” بالذهاب لمحمكة الجنايات الدولية في سياق “استمرارها باتباع التكتيكات ذاتها واستغلال منبر الهيئة الدولية ومنظماتها الاخرى لتعزيز زعمها بالحصول على دولة في جهد مقصود لعزل ونزع الشرعية عن اسرائيل (تفاديا) لتقديم التنازلات” المطلوبة. ونبهت المؤسسة الولايات المتحدة لمساعي السلطة التي “تناهض السياسة والمصالح الاميركية مما يستدعي رد حازم، يتضمن وقف التمويل الاميركي للسلطة وللمنظمات الدولية التي تمنح الفلسطينيين عضويتها ..”

مصر

         طرح معهد واشنطن تساؤلات لصناع القرار تتناول الحكمة من استمرار “التمويل الاميركي للمشتريات العسكرية المصرية” في ظل السياسات الراهنة للحكومة والتي دفعت الادارة الاميركية التزام “التحفظ لاصدار اجراءات استثنائية والمضي بتقديم الدعم العسكري .. سيما وان عدد من السياسيين الاميركيين يناشدون (الرئيس) حجب تمويل المشتريات العسكرية الى حين تلمس تطورات حقيقية في السياسة المصرية نحو الحقوق الانسانية.” وحذر المعهد من مغبة الذهاب لقطع المساعدات الاميركية بالكامل “في ظل تنامي وجود المسلحين في سيناء .. بل سيؤدي لمفاقمة وليس تليين اسوأ تجليات السياسات المصرية.”

         في السياق عينه، اعتبر معهد كارنيغي آفة الفساد الاداري والمالي “العامل الرئيسي وراء غياب التنمية وتردي الاوضاع الاقتصادية.” واستشهد المعهد باصدار البنك الدولي حول مؤشر “الحكم الرشيد .. الذي يجمع اغلب المؤشرات الاخرى” عن الفساد وغيره كمعيار لدى استشراء الآفة. وجاء في دراسة البنك ان مصر سجلت نسبة متدنية من مساعي السيطرة على الفساد، نحو 40%، في الفترة الزمنية بين اعوام 1996 و 2013، تليها في مرتبة افضل تركيا، 51%، وتونس 55%؛ اي ان تلك الدول “اقل فسادا من مصر.”

تونس

         تناول معهد كارنيغي آفاق المرحلة المقبلة في تونس بعد تشكيل الحكومة الجديدة، والتوازن في سياساتها الساعية “لترميم الوضع الاقتصادي .. وترويض الحراك (الشعبي) دون اجراء اصلاحات جذرية (الهادفة) لاعادة توزيع الثروة؛” مما يستدعي لجوءها “للخيار الأمني لحل التناقضات الاقتصادية.” واعتبر المعهد ان اختيار الحبيب الصيد، القادم بخلفية وزارة الداخلية، أتى “في ظل هذا الاطار.” واوضح ان فوز “حركة نداء تونس” بالانتخابات جاء بدافع “التصدي لمشروع هيمنة الاسلام السياسي وأخونة تونس،” وتحليها بالواقعية سيدفعها لاشراك خصومها في حركة النهضة طمعا في ترسيخ استقرار البلاد. واستدرك بالقول ان “امكانية عودة تونس الى مرحلة الاستبداد امر مستبعد.”

المملكة السعودية

         خفف مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية من قلق الدوائر المختلفة لصراع اجنحة متعددة داخل العائلة المالكة على العرش، معتبرا “وقوع الخيار على العاهل السعودي المقبل من المرجح الا يؤدي لازمة.” ودعم توجهه استنادا الى تطور السعودية الى “دولة حديثة وفق معظم المعايير” الدولية. اما وجهة “السياسات الملكية .. فمن غير المرجح ان تشكل مصدرا لعدم الاستقرار او ان تؤدي لتحولات حادة في دور (السعودية) الاستراتيجي وشراكتها مع الولايات المتحدة.”

ايران

         استبشر معهد المشروع الاميركي خيرا باستئناف جولة المفاوضات النووية، وضرورة التيقن من “مسلك المفاوض الايراني كمؤشر على وجهة تفكير المرشد الاعلى.” واوضح انه ان استطاع الرئيس حسن روحاني الفوز بدعم المرشد فان ذلك “سينعكس على توجه وزير الخارجية جواد ظريف وتمتعه بحيز مناورة اوسع، خاصة في مسألة عدد اجهزة الطرد المركزي.”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى