تشجيع المهاجرين إلينا: يوسي بيلين
هل من الصحيح الآن أن ندعو يهود فرنسا إلى الهجرة إلى إسرائيل؟ هل هذا وقوف على الدم، كما قال رئيس الوكالة اليهودية نتان شيرانسكي؟ هل حادث الإرهاب الصعب يمكنه أن يتحول إلى فرصة؟.
إن الصهيونية الهرتسلية قد ولدت من اللاسامية. فهي لم تكن النضال اليهودي لتقرير المصير، ولم تكن حركة تحرر وطني، وهي بالتأكيد لم تكن جزءاً من الروح الامبريالية والكولنيالية للقرن التاسع عشر. إن ثيودور هرتسل الذي خشي أن تؤدي الكراهية إلى العنف اقترح الهرب من اوروبا بشكل منظم.
وفي كتابه الضخم «الدولة اليهودية»، يشرح هرتسل بأن اللاسامية هي التي انشأت الشعب اليهودي («نحن شعب. والعدو بدون رغبة منا جعلنا كذلك، كما هو الامر دائما في التاريخ. ففي الازمات نقف معا ونكتشف فجأة قوتنا»). وهو يشرح أن اقتراحه لن يمس باولئك الذين انخرطوا في الشعوب الاخرى («اذا جاء يهود فرنسا، جميعا أو جزء منهم، للاحتجاج على هذه الخطة، بسبب أنهم قد انخرطوا في الشعب الفرنسي، فان ردي عليهم بسيط: كل هذا الامر لا يتعلق بهم، فهم فرنسيون مثاليون وهذا شيء ممتاز! وهذه قضية داخلية يهودية»). ولكن مثلما يخرج المنخرطون من اليهود الفرنسيين من اوساطنا، فهو ايضا يثير الشك حول قدرتهم على النجاح في ذلك الانخراط: «ربما كان بامكاننا الانخراط في الشعوب المحيطة بنا، لو سمحوا لنا بذلك على الاقل لمدة جيلين. ولكنهم لم يسمحوا لنا. وبعد فترات قصيرة من المعاناة استيقظ مرة بعد اخرى العداء ضدنا… وفقط الضغط هو الذي يدفعنا إلى الالتصاق بجذورنا القديمة، إن الكراهية المحيطة بنا هي التي تحولنا مرة اخرى إلى غرباء».
وعندما قامت دولة إسرائيل نشأ الخوف في اوساط يهود دول الغرب من أن يتم اتهامهم بالولاء المزدوج، وأن قيام دولة اليهود سيشجع اللاساميين المحليين لدعوة اليهود إلى حزم أمتعتهم والانتقال إلى الدولة الجديدة. وقد مورس ضغط كبير جدا على رئيس الحكومة دافيد بن غوريون ولا سيما من قبل يعقوب بلاوشتاين، رئيس اتحاد يهود الولايات المتحدة، الذي أعلن أن إسرائيل تمثل مواطنيها فقط، وهي غير مهيأة للتحدث باسم اليهود من مواطني الدول الاخرى. وعلى مدى السنين نشأ وضع دقيق جدا: أرسلنا مندوبين لتشجيع الهجرة من جميع دول العالم إلى إسرائيل، ولكن حاولنا أن نشرح لهذه الدول بأن الحديث يدور فقط عن تسهيل اجراءات الهجرة لمن قرر ذلك وليس محاولة الاقناع بالمغادرة.
وعن هذا الحبل الدقيق ممنوع التنازل. والجميع يعرفون الحقيقة: إن الاسباب الرئيسة لهجرة اليهود إلى إسرائيل هي الازمة الاقتصادية في بلاد منشأهم أو تفاقم ظواهر اللاسامية. إن لإسرائيل صلاحية استغلال اوضاع كهذه والسماح بتجسيد الرغبة بالهجرة الممكنة من خلال الأمل في أن تكون اغلبية القادمين قد جاءوا بسبب مشاكل شخصية معينة وأن يبقوا معنا.
لقد صدق شيرانسكي في أنه يجب أن نكون حذرين جدا في عدم الاعلان عن دعوة اليهود إلى الهجرة. فرغبتنا في إحضار اليهود إلى البلاد لا تنسجم مع المصالح الجيدة لصداقاتنا في العالم. واذا أردنا مواصلة الاحتفاظ بالهيئات العاملة في العالم على تشجيع الهجرة فمن المفضل ألا ندخل في مواجهات لا داعي لها في هذا الموضوع مع حكومات صديقة.
إسرائيل اليوم