أيها اليهود لا تهربوا من فرنسا: عودة بشارات
رفضت الأوبرا الاسرائيلية طلب الفائز فريدريك شازلان عزف «هتكفا» لذكرة ضحايا اعتداءات باريس في بداية الاحتفال الذي كان عليه الفوز به. وكرد على ذلك الغى شازلان ظهوره في الاحتفال. فهل كان شازلان محقا في طلبه؟ ام ان ادارة الاحتفال كانت محقه في رفضها ؟
لهذا السؤال اوجه كثيرة وبإمكاني التطرق للجانب السياسي منها. هل النشيد الوطني بكل ما يعنيه ويحتويه من معاني هو الرد الملائم على الإرهاب المجرم الذي تم تنفيذه ضد الفرنسيين، ومن بينهم يهود، واخرون؟ ان قادة داعش سيكون بإمكانهم التفاخر بذلك بأنهم ارعبوا «العدو الصهيوني» – وها هم اليهود الجبناء يحزمون حقائبهم ويهربون. هل هذه هي صورة اليهودي العقلاني؟ الذي تحاول حكومة اسرائيل رسمها امام العالم؟ ان نتنياهو واليمين الاسرائيلي يحاولون رسم صورة ترعب العدو وها هم في لحظة الحقيقة يرسمون صورة اليهودي على شكل لاجيء مسكين تخلى عنه الجميع؟
ان دعوة نتنياهو ليهود فرنسا تصور اليهودي الفرنسي، ابن الثقافة المفتخرة للثورة الفرنسية التي وضعت قواعد قوية لكرامة الانسان اياً كان، كيهودي يعيش في إيران او في الدول التي يسود بها ظلم القرون الوسطى. نعم ان نشيد «الامل» النشيد الوطني الاسرائيلي لم يعد ذا صلة بالواقع الاسرائيلي القائم في هذه الأيام. فهل هو ملائم للواقع الاوروبي. الذي يعيش به اليهود؟ ان هذا النشيد خلق يوم كان يهود اوروبا يلاحقون من قبل المواطنين الاشرار والحكومات العنيفة الذين كانت اللاسامية بالنسبة لهم تلعب دورا اساسيا في الحفاظ على سلطاتها، وفي مقابل الواقع الذي ساد في القرن الماضي فان يهود فرنسا اليوم جزء لا يتجزأ من الشعب الفرنسي، ومن الجمهور المتقدم، الذي يشمل المسلمين والعرب. وان التقدميين هم الغالبية المطلقة من سكان فرنسا اليوم وهم في جبهة واحدة ضد بربرية داعش والقاعدة.
وهكذا، فان جميع مؤسسات الدولة الفرنسية وجميع دول اوروبا تقف إلى جانبهم. وفي مثل هذا الوضع سيكون من الغريب جداً، ان يكون الرد الصهيوني هو دعوة يهود فرنسا إلى مغادرة دولتهم.
ان مغادرة يهود فرنسا، ان حصلت، ستكون ضربة لاوروبا الديمقراطية، ولليهود انفسهم. فاليهود كما هو معلوم اسهموا اسهاماً كبيراً في اوروبا الديمقراطية على مدى مئات السنين. وكما يذكر فان هجرة يهود البلاد العربية بسبب الملاحقات الحقت ضرراً كبيراً بهذه الدول.
ان العرب الذين يؤمنون بنظرية المؤامرة يرون في الاعتداءات في فرنسا أعمالا مشبوهة ضد التيار المتعاظم في اوروبا، الداعم لدولة الشعب الفلسطيني. ولقد صوتت فرنسا في الام المتحدة مع الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وحسب نظرية المؤامرة فان هذه العمليات قد تمت بهدف قيام رأي عام ضد العرب والفلسطينيين، في فرنسا وفي اوروبا بشكل عام. «لقد اساءت المجموعات الإرهابية المتطرفة للإسلام اكثر من الكاريكاتورات او الكتب او الافلام» كما قال حسن نصر الله، زعيم منظمة حزب الله. وفي نفس الوقت فان التحفظ من العمليات الإرهابية على مستوى العالمين العربي والإسلامي اخذ بالتعاظم وتتزايد الادانات لمثل هذه الاعتداءات.
واذا كان لا بد من استخلاص العبر من هذه الاعمال المثيرة للقشعريرة في باريس – فالعبرة الأكثر اهمية هي تعزيز التعاون بين جميع القوى التقدمية في العالم.
هآرتس