فرنجية.. «والفرصة التي قد لا تتكرر للمسيحيين» نبيل هيثم
الأجواء التي سادت في الآونة الأخيرة وتناولت اسم سليمان فرنجية كمرشح رئاسي محتمل، لم تأخذ رئيس تيار «المردة» بعيدا عن الواقع، كما يردد المقربون منه.
وبرغم ان الكلام الايجابي يريح ولا يسيء، فإن فرنجية تعاطى مع طرح اسمه، وفق القاعدة التي يقارب فيها الاستحقاق الرئاسي: «ملتزمون بدعم الجنرال ميشال عون، وما دام مرشحاً نحن معه، أما اذا كان الجنرال خارج دائرة الترشيح، فساعتئذ تُدرس كل الخيارات والاحتمالات، وحينذاك لكل حادث حديث».
وقد بقيت محاولة رفع أسهم فرنجية في حدودها: كلام إعلامي، مادة صالونات سياسية، ولكن بنشعي، كما يؤكد أهلها، لم يبلغها أي شيء ملموس بهذا السياق.
هناك من قرأ في ذلك سلبيات لتوتير العلاقة بين عون وفرنجية وزرع الشكوك بينهما، لكن «بنشعي» لها ثوابتها: أي كلام إيجابي نقاربه بإيجابية، ولا نستطيع أن نمنع أحدا يريد أن يتناولنا بإيجابية، وفي المقابل، لا نضع هذا الكلام في خانة محاولة الحرق أو التوتير مع «الجنرال»، لأن لا أحد يستطيع مس العلاقة أو دق إسفين بيننا وبينه».
وبعيدا عن الروايات الرئاسية الخيالية التي تنسج في الصالونات السياسية، ليس في يد فرنجية أي معطى يؤشر إلى انتخابات رئاسية في المدى المنظور «ربما صار المطلوب تسوية كبرى، ذلك أن الوضع الداخلي مقفل، والخارج لا يملك مبادرات جاهزة، الأميركيون يراقبون وينصحون ولم يظهروا لأحد أنهم يملكون مبادرة ما، والفرنسيون يتحركون بين حين وآخر لعلهم يعثرون على مخرج ما ينتج رئيسا لكنهم يصطدمون بصعوبات».
لا يعني هذا الواقع، برأي فرنجية، أن يستسلم اللبنانيون، والمسيحيون تحديدا الذين عليهم أن يدركوا أنهم أمام فرصة قد لا تتكرر لكي يغيّروا قواعد اللعبة المعمول بها في كل العهود السابقة ويتفقوا على رئيس قوي يستعيدون من خلاله دورهم وحضورهم ووجودهم كمكوّن أساسي في البلد وشراكتهم الحقيقية في الحكم والقرار. وبالتالي فإن القبول برئيس وسطي معناه القبول بإحباط المسيحيين من جديد.
وثمة ما يوجب على كل المسيحيين من دون استثناء أن يتعظوا به ويأخذوا العبرة منه، وهو الخطر الداعشي على تخوم بعض القرى اللبنانية الحدودية، الإسلامية والمسيحية. في رأي فرنجية «الوضع مقلق جدا، وخطير جدا، وليس بالسهولة التي يتصورها البعض. علينا أن ننظر الى الوضع بموضوعية وواقعية».
ينقل عن فرنجية أن «هناك من يقلل من حجم هذا الخطر، وهذا خطير بعينه، وهناك من يتعاطى مع هذا الخطر التكفيري بسطحية وكأنه على كوكب آخر ومحصور فقط بحزب الله. ربما هؤلاء لم يسمعوا بمقولة: أُكلت يوم أُكل الثور الأبيض. نحن نرى أن هذا الخطر داهم. الحذر مطلوب وكذلك التنبه الدائم، والواجب هو الوقوف خلف الجيش ودعمه، نحن نثق بالجيش ونثق بالمقاومة. فمجرّد دخول هذا الخطر الى لبنان معناه تذويب كل اللبنانيين وإلغاؤهم عن الخريطة الوجودية».
وكما يرى فرنجية، فإن «كل الأقليات اللبنانية مهددة، الخطر الداعشي نراه داهما وكبيرا ويمكن ان يتفاقم سريعا، وفي أي لحظة يمكن ان يفكروا باجتياحات ومغامرات. الهدف إحراق لبنان وضرب التنوع فيه كما ضربه في الشرق، وها هي الأمثلة لا تحصى في العراق وسوريا. لذلك نحن لا نرى في ذلك خطرا على المسيحيين فقط بل على الطوائف الاخرى، الشيعة، وكذلك السنّة الذين قد يكونون أكثر من يحدق بهم هذا الخطر».
ينظر فرنجية الى الحوار المرتقب بين ميشال عون وسمير جعجع بإيجابية كبرى «الحوار من حيث المبدأ مرحب به ومطلوب، ونحن نشجعه لأنه يريح الوضع الداخلي، فلا خيار لنا سوى الجلوس على طاولة الحوار وتنفيس الاحتقانات ونزع فتائل التوترات التي قد يسعى المتضررون الى إشعالها. المهم نحن مع كل حوار يريح الساحة المسيحية، وأما بالنسبة الى النتائج فإن المهم هو ألا نستبق الوقائع. يجب أن نرى الى أين يمكن أن يصل هذا الحوار وأي حدود يمكن ان يبلغها، علما ان تبريد الأجواء الذي حصل بين الفريقين مؤشر إيجابي يُبنى عليه».
وبالايجابية ذاتها ينظر فرنجية الى الحوار بين «حزب الله» و «المستقبل»، لأنه «ينفّس الأجواء السياسية ويخلق مناخا هادئا، ويوقف الخطاب الطائفي التحريضي ويخلق دينامية جديدة في الحياة السياسية».
لا يتفق فرنجية مع القائلين ان المسيحيين يجب أن يقلقوا من حوار السنة والشيعة لأنهم يرسمون هوية الرئيس الماروني، «لا أعتقد أن ثمة ما يوجب القلق ولا أرى سببا يجعلنا نثير الهواجس والشكوك، نحن نثق بحزب الله، هو يمارس الصدق في السياسة ولا نرى أنه قد يذهب الى التوافق على رئيس للجمهورية بمعزل عن حلفائه المسيحيين، لا فوق الطاولة ولا تحتها، وفي المقابل لا يذهب سعد الحريري الى التوافق الرئاسي بمعزل عن المسيحيين».
(السفير)